وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

60 يوما على تأخر الرواتب -البؤس والجوع يحاصران الموظفين الحكوميين

نشر بتاريخ: 07/01/2013 ( آخر تحديث: 08/01/2013 الساعة: 07:57 )
جنين – تقرير معا - أدى استمرار انقطاع الرواتب عن الموظفين الحكوميين لاكثر من شهرين على التوالي بسبب الازمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية الى حالة من البؤس في صفوف الموظفين، حتى وصل بهم الحال الى عدم القدرة على توفير اجار مواصلات للوصول الى اماكن عملهم او حتى قوتا لاطفالهم.

عصام نصار معلم في احدى مدارس جنين يعيش حالة قلق وضغط نفسي بسبب تأخر الرواتب وعدم انتظامها ، ديونه تراكمت واحتياجات اطفاله اثقلت كاهله فمنذ ستين يوما لم يتقاض سوى نصف راتب.

وقال نصار لمراسل معا في جنين " ان نصف الراتب الذي استلمته لم يسد سوى الاقساط المتراكمة علي، ولم استطع ان البي احتياجات منزلي ".

وأضاف "في الحقيقة اصبحت محرجا من ابنائي الذين يطالبوني بأمور يريدونها ولا استطع تلبية ما يريدون، حتى ان ابني الصغير مرض قبل اسبوع، وعجزت عن نقله الى الطبيب، واضطررت لعالاجه بالطب البديل "الاعشاب"".

وعلل نصار عجزه عن توفير العلاج لابنه المريض قال "لقد استدنت بما فيه الكفاية من الاصدقاء والأقارب وصلت الديون الى 7000 شيكل حتى، ان علاقاتي الاجتماعية انقطعت ولا اخرج من المنزل إلا الى المدرسة، وأعود ادراجي اجلس على فراشي افكر كيف اوفر اللازم لعائلتي وديون الـ 7000 شيكل تراكمت منذ خمسة اشهر لاننا ومنذ تلك الفترة لم نستلم الراتب كاملا وأنصاف الرواتب او اشباه انصاف الرواتب تذهب الى امور اساسية جدا لا يمكن تأجيلها".

حال نصار كحال الكثير من المعلمين الذين اصبحوا في وضع لا يحسدون عليه فهم يعتمدون على الراتب الشهري الذي انقطع بسبب ما تعانيه السلطة الفلسطينية من ازمة مالية سابقة وزاد من ذلك منذ ان اعلن الاحتلال عن وقف تحويل اموال عائدات الضرائب.

كثير من المعلمين حاولوا العمل خارج اطار التعليم في ايام الاضراب والعطل الرسمية من اجل توفير بعض المستلزمات الرئيسية لعائلاتهم يقول ابو الهيثم "اراد ان يطلق عليه هذا الاسم :"انا اسكن في بيت للإيجار ومنذ ثلاثة اشهر لم ادفع والحمد لله ان صاحب الشقة متفهم امري ولكن الى متى سيصبر؟ فقد قام ببناء الشقة من اجل ان يسترزق لا ان يفتح شقته ملجأ لأمثالي حتى انني اخجل من ملاقاة صاحب الشقة".

اعيل ثلاثة جامعيين لا يملكون الا مصروف المواصلات

بينما المعلم جمال محمود قال غاضبا "اعيل ثلاثة طلاب في الجامعات فالوضع بات سيئا للغاية فانا لم أعد أملك اجار مواصلات للوصول الى مكان عملي حتى مصروف ابنائي الجامعيين، اقتصر فقط على مواصلاتهم الذي اقترضته من معارفي، فلم يبق محل تجاري او صيدلية إلا وله علينا دين ولكن الى متى يمكن ان يستمر الامر لا احد يعرف؟".

يبكي على حاله

احد المعلمين في الخمسينات من عمره عند سؤالي عن وضعه المالي بعد انقطاع منذ ستين يوما التفت الي وصمت قليلا وانفجر بالبكاء يقول "انا وحيد اهلي وبقيت امي حتى اللحظة على قيد الحياة ولي ابن مصاب بمرض مزمن ".

وأضاف يقول " والدتي وابني وحدهما يحتاجان الى علاج شهري ما يقارب 700 شيكل عدا عن الدواء وأنا الان عاجز عن تقديم العلاج لهما، اتناول وعائلتي الاعشاب كالخبيزة والعلك والزيت والزيتون ومحلات بيع التموين تريد مني مبلغا ما يقارب 1000 شيكل فكيف برأيك سيكون وضعي المالي والنفسي ؟".

نحو 80 الف موظف حكومي في حالة يؤس كبير

ولم تقتصر الشكاوى على المعلمين فقط، بل ان هناك أكثر من 80 ألف موظف في أجهزة ودوائر ووزارات السلطة الفلسطينية دخلوا مرحلة اليأس والإفلاس لعدم استلام رواتبهم كاملة منذ خمسة اشهر.

يوسف يعمل في احدى الوزارات في جنين يقول "ان الاحساس بالعجر في تلبية متطلبات الحياة الاساسية هو السائد في نفوس معظم الموظفين الحكوميين وتدور في مخيلتهم تساؤلات عن نهاية هذه الزوبعة التي تسمى صرف الراتب".

اتوجه الى عملي سيرا على الاقدام

موظف اخر يقول "لم اقم بزيارة خطيبتي منذ 30 يوما لعجزي عن شراء هدية بسيطة، فأنا لا اتنقل إلا للضرورة القصوى وأتوجه الى مكان عملي مشيا والذي يبعد ستة كيلومترات تقريبا، فأنا اقطن في منطقة الجابريات وعملي في شارع حيفا ولا املك المواصلات، واحمد الله انني لست متزوجا حاليا ولا ادخن ".

الحكومة تتحمل المسؤولية

من جانبه قال محمود عرقاوي رئيس الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين في جنين ان الحالة النفسية التي يعيشها المعلم والموظف الحكومي اصبحت لا تطاق ولا يمكن الوصف فهم اصبحوا في قلق مستمر وتفكير دائم وضغط نفسي بسبب الديون المتراكمة وهذا الاحساس يتولد على اعتاب كل شهر بسبب تأخر الرواتب".

وأضاف على الحكومة ان تتحمل مسؤوليتها وان تجد فورا خطة او حلا لهذه المعضلة فالموظف يعلم ان الحكومة في مأزق بسبب الضغوطات السياسية والاقتصادية على الحكومة الفلسطينية ولكن لا ذنب لهذا المعلم او الموظف فهو له مقدار من التحمل ".

بدوره اعرب طارق الشيخ عضو هيئة ادارية في نقابة الموظفين العموميين عن استغرابه من صمت الحكومة الفلسطينية الى الان وعدم اتخاذها خطوات من اجل ايجاد بديل او حل من اجل التخفيف على الموظف اقل تقدير .

وأضاف لذلك نقابة الموظفين العموميين تسير بخطة اطلقت عليها "برنامج الصمود" وهو تعطيل يومين في الاسبوع ودوام ثلاثة ايام في كافة المؤسسات الحكومية الفلسطينية وذلك من اجل تخفيف التبعات المالية والضغوط على كاهل الموظف بالإضافة الى ضرورة تقديم الخدمات خلال الاسبوع الى الجمهور الفلسطيني".

وكانت نقابة الموظفين قد اعلنت برنامج الصمود خلال الاسبوع الحالي والقادم حيث قال بسام زكارنة رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية ان مجلس النقابة اجتمع بكامل اعضائه وناقش الوضع الخطير الذي وصل اليه الموظف، حيث تجاوز الخطوط الحمراء، حيث ان البعض لا يجد قوت ابنائه ولا مواصلاته للوصول لعمله جراء سياسة القرصنة الاسرائيلية على اموال الشعب الفلسطيني وصمت عالمي فاضح على سياسة العقاب الجماعي.

وناشد المجلس القطاع الخاص الفلسطيني بعدم استغلال المواطن والتكاتف وتخفيض الاسعار والاكتفاء بالربح القليل ودعوة كل الفصائل للوحدة.

وبين زكارنه ان المجلس قرر استمرار برنامج الصمود لمدة اسبوعين وذلك باقرار الفعاليات التالية:

1- تعطيل الدوام يومي الاربعاء الموافق 9-1-2013 والخميس الموافق 10-1-2013 وذلك بعدم توجه الموظفين لعملهم.

2- اعتصام حاشد امام مجلس الوزراء وامام المحافظات في كل المدن الفلسطينية يوم الثلاثاء الموافق 15-1-2013 من الساعة 11- 1 والعودة للدوام بعد انتهاء الاعتصام.

3- تعطيل الدوام للاسبوع القادم يومي الاربعاء الموافق 16-1-2013 والخميس الموافق 17-1-2013 وذلك بشكل شامل بحيث لا يذهب الموظف لعمله.

وبين زكارنه ان في هذه الفعاليات رسائل واضحة اولا: للاحتلال الاسرائيلي ان الشعب الفلسطيني لا يخير بين الجوع والركوع ويرفع شعاره الواضح بوجههم لا للجوع ولا للركوع.

وثانيا : للعالم مستنكرا صمته على سياسة العقاب الجماعي وتجويع مليون فلسطيني من خلال حرمان 165 الف موظف من رواتبهم.

والثالثة: للامة العربية والمطالبة بوقفة سريعة وجادة مع الشعب الفلسطيني وانقاذه من خلال شبكة الامان المقره اصلا.

والرابعة : للحكومة نرفض عجزكم وعدم وجود خطة مسبقة لكم لمواجهة هذه الازمة المتكرره وعدم دفع المتوفر لديكم من ضرائب ومساعدات بعض الدول العربية وغياب اي جهد لاستقطاب الاموال من الدول خارج المحور الامريكي ورفض استمرار الخضوع لسياسات البنك الدولي.

واكد زكارنه ان النقابة تعتذر لابناء الشعب الفلسطيني عن عدم قدرة الموظفين للاستمرار بتقديم الخدمة مؤكدين انهم سيبقوا راس الحربة بمواجهة سياسات التركيع الامريكية والاسرائيلية.

تذمر واستياء في صفوف الموظفين بشكل عام وصل بهم الحال الى اسوء الامور حتى اصبحوا عاجزين عن تلبية متطلباتهم المعيشية الاساسية فموظفو القطاع العام يعيشون الان بين مطرقة تلبية الاحتياجات المعيشية وسندان مساندة القيادة الفلسطينية فيما تتعرض لها من ضغوطات سياسية واقتصادية بعد التوجه الى الامم المتحدة .