وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مركز الدراسات العالمية يصدر تقرير "حركة فتح.. أسئلة ما بعد الانطلاقة"

نشر بتاريخ: 17/01/2013 ( آخر تحديث: 17/01/2013 الساعة: 14:56 )
رام الله- معا- أصدر مركز الدراسات العالمية تقريرا جديدا يستشرف فيه آفاق التحديات التي تواجهها حركة فتح خلال المرحلة القادمة، ويعرض لأهم الأسئلة التي تواجه مسيرة الحركة عقب مهرجانها الأخير في ذكرى انطلاقتها الثامنة والأربعين.

وأوضح التقرير أن الحشد الكبير الذي شهدته الانطلاقة الثمانية والأربعين لحركة فتح أثار أسئلة بالغة الأهمية حول البنى القيادية للحركة، وبرنامجها السياسي الذي يفترض أن يحكم مسار عملها خلال المرحلة القادمة، فضلا عن توجهات الحركة نحو المصالحة الفلسطينية الداخلية، وطبيعة علاقتها بالاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية في ضوء المتغيرات الأخيرة التي طرأت على الساحة الفلسطينية.

سؤال القيادة
وأضاف التقرير أن الاستقراء الدقيق لمسار الاحتفال الجماهيري لحركة فتح يكشف أن المهرجان لم يتأسس على أرضية منظمة تعمل بتوجيه قيادي مركّز، وأن الترتيبات الخاصة بالمهرجان كانت ذات نسق أقرب إلى العشوائية، وأن كلمة الرئيس عباس بما تمثله من رمزية كبرى لحركة فتح لم تكن على مستوى الحدث، وأن جزءا لا يستهان من مفردات الخطاب الإعلامي لحركة فتح المصاحب لاحتفاليتها لم يراعي السياقات الوحدوية والتوافقية على المستوى الداخلي.

ولفت إلى أن أزمة القيادة الخاصة بترتيبات احتفالية فتح في ذكرى انطلاقتها الأخيرة تشكل تعبيرا جليا عن الأزمة القيادية الكبرى التي عصفت -ولا تزال- بالحركة طيلة المراحل الزمنية الماضية، والتي تبدو تجلياته في الانقسام الداخلي و الصراع العلني والمكشوف بين أنصار الرئيس عباس والقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، والاستئثار القيادي داخل حركة فتح الذي يعبر عنه احتكار الرئيس عباس لمفاصل السياسة والقرار داخل الحركة، وحالة الانفصام الواسعة وغياب التواصل الجاد والفعالية المثمرة في إطار العلاقة القائمة بين القيادة العليا لفتح وقاعدتها الحزبية العريضة.

سؤال المصالحة
وأكد التقرير أن ثانية الأسئلة الملحة التي تواجهها حركة فتح تكمن في مدى قدرة الحركة على تلبية آمال جمهورها الخاص والجماهير الفلسطينية بشكل عام حول المصالحة الفلسطينية الداخلية، مضيفا أنه منذ أحداث الانقسام الفلسطيني السياسي والجغرافي الذي ألقى بظلاله السلبية على حياة الفلسطينيين رانت طبقة كثيفة من الشك على موقف حركة فتح من قضية المصالحة مع حركة حماس، وذلك في ضوء المواقف والرؤى السلبية التي اجترحتها قيادة الحركة إزاء إمكانية الحوار والتفاهم مع حركة حماس، وإصرارها على إدخال حركة حماس نفق الالتزام بمجموعة من الشروط الصعبة التي أعلنت حماس رفضها الدائم لها دون أي تردد.

وتابع: "من خلال المتابعة اللصيقة لمجرى الحوارات الدائرة في القاهرة حاليا يمكن القول أن المفهوم الضيق الذي تحمله حركة فتح للمصالحة يشكل الخطر الأكبر على مساعي التوافق الفلسطيني الداخلي، وقد يطيل أمد الأزمة الفلسطينية الداخلية أو يحرم الفلسطينيين من تذوق ثمار المصالحة الحقيقية على أقل تقدير، ويمنحهم فتات مصالحة لا يسمن ولا يغني من جوع".

وشدد التقرير على أن حركة فتح أمام اختبار بالغ الصعوبة خلال الأيام والأسابيع القادمة لجهة الاستجابة لتحدي المصالحة والإجابة على التساؤل الأهم الذي يشغل بال ويؤرق مضجع المجتمع الفلسطيني في هذه المرحلة، مؤكدا أن فشل فتح في معالجة هذا الملف الهام من شأنه أن يرتد سلبا على مشروع الحركة ككل وبقية مناحي الحياة الوطنية.

سؤال البرنامج السياسي
وذكر التقرير أن السؤال الثالث الذي تواجه حركة فتح استحقاقات الإجابة عليه خلال المرحلة القادمة هو سؤال البرنامج السياسي الذي يشكل عنوان عملها وتحركها على الساحة الوطنية الفلسطينية.

وتساءل التقرير: "هل يمكن للحركة أن تعيد صياغة برنامجها السياسي ومشروعها الوطني الذي سقطت ركائزه بفعل سياسة إغلاق الخيارات والارتهان للخارج وربط مصير السلطة بمصير الاحتلال؟".

وأكد أن فرحة الانطلاقة يجب ألا تُنسي قيادة فتح أن برنامجها الراهن لم يعد يصلح تماما لمسايرة المرحلة، وأن برنامج الحقوق والثوابت الوطنية غير القابل للخدش أو التجاوزات الشخصية أو الحزبية، والذي يقع حق العودة والقدس والحق في مقاومة الاحتلال بكل ا?شكال المتاحة، في القلب منه، هو البرنامج ا?صيل الذي يحظى بدعم والتفاف الجماهير، وهو الذي سيتولى قيادة الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية خلال المرحلة المقبلة حسب رأي مختلف المراقبين والمتابعين.

وأشار التقرير إلى أن متابعة الخطاب السياسي الصادر عن قيادة السلطة وفتح تكشف عن انعدام الرغبة في إجراء أي مراجعة حقيقية للبرنامج السياسي الراهن الذي تبنته ونافحت عنه الحركة طيلة العقدين الماضيين، وعدم وجود ما يشير إلى إمكانية النظر في الحال والمسار السياسي الراهن للحركة، ما يعني أن الرهان على إحياء مسيرة التسوية والمفاوضات، وسياسة إغلاق الخيارات، ونبذ المقاومة المسلحة، سوف يبقى عنوان عمل وأداء حركة فتح خلال المرحلة القادمة.

سؤال العلاقة مع الاحتلال والإدارة الأمريكية
واعتبر التقرير أن سؤال العلاقة الفتحاوية مع الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية لا يبدو أقل أهمية مما سواه من أسئلة كونها تشكل العمود الفقري للسلطة الفلسطينية التي ترتبط بعلاقات دونية مع الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية.

ودعا التقرير حركة فتح إلى مراجعة مواقفها من الاحتلال والإدارة الأمريكية، وعدم استنساخ ذات المواقف والسياسات التي تعتمد خفض الهامات وطأطأة الرؤوس والحفاظ على حال التبعية السياسية الفعلية مع الإدارة الأمريكية والتعاون الأمني مع إسرائيل.

وشدد على أن قيادة فتح مطالبة بأن تدرك أن التحولات العميقة التي تعتري البنى الفكرية والسياسية في المجتمع الفلسطيني لم تعد تعطي قيادة الحركة كثير وقت كي تبلور رؤيتها السياسية الخاصة بترتيب العلاقة مع إسرائيل والإدارة الأمريكية، والقائمة على قاعدة الاستفادة من أخطاء وخطايا المرحلة السابقة، وضرورة تحرير الإرادة الوطنية الفلسطينية من تأثيرات الأجندة الإسرائيلية والأمريكية الضارة، وإعادة صياغة العلاقات المتبادلة معهما على أساس وطني صرف غير قابل للهيمنة والإملاء أو المسخ والاستصغار.

واختتم التقرير بالتأكيد على أن قدرة فتح على الإجابة على أسئلة التحديات أو بعضها تشكل تعبيرا عن مدى قدرتها على تجديد ذاتها وبناها ومشروعها الوطني والاستمرار في قيادة الشعب الفلسطيني نحو إنجاز أهداف الحرية والتحرير والاستقلال الوطني، فيما يدفع بها الفشل للغوص أكثر فأكثر في شراك وأوحال ومستنقعات المرحلة الراهنة، ويفاقم أكثر فأكثر من أزمتها الداخلية والوطنية العاصفة، مع ما يترتب على ذلك من آثار وتداعيات، ويحرمها من استثمار الفرصة الكبرى التي ولدتها الحشود التي شاركت في في ذكرى انطلاقتها الأخيرة.