وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

تقرير: منذ نشأة السلطة...معابر مغلقة واقتصاد مدمر ونسبة الفقر بلغت 88% في قطاع غزة

نشر بتاريخ: 14/03/2007 ( آخر تحديث: 14/03/2007 الساعة: 19:37 )
غزة - معا -أكد التقرير السنوي الصادر عن معهد دراسات التنمية IDS بأن العام الماضي كان الأكثر سوء" في حياة المواطنين الغزيين الاقتصادية والاجتماعية بسبب إجراءات الحصار والإغلاق، رغم الانسحاب الأحادي الجانب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في سبتمبر 2005 .

ويعد هذا التقرير باكورة سلسلة من التقارير الهادفة إلى رصد التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة وذلك من خلال تناول التطورات في قضايا الإغلاق، التجارة، أسواق العمل والأجور، الأسعار وظروف المعيشة إضافة إلى قضايا اقتصادية واجتماعية أخرى .

إغلاق المعابر

وتطرق التقرير إلى تأثير إغلاق معبر رفح الحدودي على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية حيث بلغت نسبة إغلاق المعبر 44% من أيام السنة، فيما أغلق معبر ايرز" بيت حانون " بنسبة 86% أمام العمال، وكذلك أُغلقت المعابر التجارية: كارني بنسبة 41% وصوفا بنسبة 43% وأوقف العمل نهائيا على معبر رفح التجاري.

سوق العمل

وأوضح التقرير أنه نتيجة للحصار والإغلاق، فقد انخفض حجم التجارة في قطاع غزة إلى أدنى مستوياتها منذ قدوم السلطة الفلسطينية، كما انخفضت قيمة الصادرات بنسبة 9% والواردات بنسبة 29% عن مثيلاتها في العام 2005 فيما استمر سوق العمل في التدهور، حيث ارتفعت نسبة البطالة من 30.9% في عام 2005 إلى 34.8% في عام 2006. ومن المتوقع أن يزداد عدد العاطلين عن العمل ليصل إلى حوالي 126,000 في 2007 وذلك في حالة ثبات نسب البطالة كما هي عليه في نهاية العام 2006.

كما أُغلق سوق العمل الإسرائيلي أمام العمال الفلسطينيين وفقد جزء من العاملين في القطاع الخاص أعمالهم مصحوبا ذلك بزيادة في التوظيف في القطاع العام والذي بلغ ذروته (42% من مجموع العاملين) في قطاع غزة في العام 2006. إضافة لذلك، فقد استمرت مشاركة المرأة بالانخفاض في سوق العمل، حيث بلغت نسبة مشاركتها حوالي 8.1%.

وأضح التقرير أن المجتمع الدولي استجاب للازمة المتفاقمة والمؤشرات السابقة وبشكل خاص الاونروا والاتحاد الأوروبي حيث قاما بتقديم مساعدات على حوالي 56% من السكان شكل فيها الغذاء نسبة 87%. كما استمر السكان باتخاذ إستراتيجيات جديدة للتكيف مع الأزمة الحالية، تمثلت في تخفيض النفقات، تأجيل دفع الفواتير والاستدانة من الأهل والأقارب. وقد انعكس تخفيض النفقات على الطعام إلى زيادة نسبة سوء التغذية بين سكان القطاع.

انخفاض مستوي المعيشة

كما انخفضت مستويات المعيشة بسبب التذبذب في تلقى الأجور في القطاع العام، كما ارتفع مؤشر غلاء المعيشة بنسبة 5.1%، مما أدي إلى زيادة نسبة السكان الذين يقعون تحت خط الفقر إلى 87.7% و حوالي 69.9% يعانون من فقر مدقع.

وبين التقرير أن العام الماضي كان الأشد صرامة وعنفا في الإغلاق والحصار لسكان قطاع غزة، حيث فرض المجتمع الدولي حصارا علي الحكومة الفلسطينية لأنها لم تعترف بشروط اللجنة الرباعية الدولي فيما قامت إسرائيل بتجميد عائدات ضرائب القيمة المضافة (حوالي 650 مليون دولارفي العام 2006وذلك حسب وزارة المالية الفلسطينية ) والتي تجمعها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية حسب بروتوكول باريس الاقتصادي الموقع بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1994.
وتعرض التقرير إلى تبعات الإغلاق والإجراءات الإسرائيلية على سكان القطاع منذ بداية انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000.والتي تمثلت بمجموعات من القيود والإجراءات بمنع سكان قطاع غزة من التحرك إلى الضفة الغربية، السفر عبر مطار تل أبيب، السفر للأردن بواسطة معبر الكرامة، وكذلك السفر إلى الخارج عبر مطار غزة الدولي والذي أغلق منذ عام 2001.

وأشار التقرير أنه بالرغم من الانسحاب الإسرائيلي في سبتمبر 2005 إلا أن إسرائيل لازالت تسيطر على حركة المعابر بطريقة مباشرة كما في معبري كارني ٌوإيرز أو بطريقة غير مباشرة كما هو الحال في معبر رفح الحدودي .علماً بأن اتفاقية المعابر المبرمة في نوفمبر2005 تهدف إلى تسهيل تنقل السلع والأفراد داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وفتح معبر دولي على حدود غزة ومصر ليمنح الفلسطينيين سلطة التحكم بحركة الدخول والخروج، مما كان سيعزز من فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
*
نتيجة لزيادة القيود والإغلاق على حركة الأفراد والبضائع فإن حجم وقيمة الوردات والصادرات شهد انخفاضاً شديداً مما انعكس سلباً على الاقتصاد الفلسطيني وتأثرت الصادرات بشكل كبير من إغلاق عام 2006، الأمر الذي أضعف من إمكانية حصول أي تطور اقتصادي، و حد من تدفق البضائع من قطاع غزة إلى الضفة الغربية أو إلى العالم الخارجي وبالتالي أدى إلى انخفاض الإنفاقات الاستهلاكية من قبل هذه العائلات، الأمر الذي أدي إلي انخفاض مستوى الواردات.

وتقلص عدد الشاحنات القادمة والخارجة من قطاع غزة ً في العام 2006 مقارنة مع 2005 فيما انخفض حجم الواردات من %38إلى 21%، كذلك الصادرات من 71% إلى 41% مقارنة مع نفس المستويات لعام 1998 . هذا وقد بلغ المعدل الشهري للشاحنات الصادرة حوالي 441 والواردة 2,917 خلال معبر كارني في العام 2006

الصادرات و الواردات :

وشهد الميزان التجاري (الصادرات والواردات) خللا لصالح الواردات في قطاع غزة. فحسب إحصاءات وزارة الاقتصاد الوطني، فإن قيمة الصادرات عام 2006 تعادل عشر أضعاف قيمة الواردات : حوالي %52 من الواردات يأتي من إسرائيل أما الصادرات فحوالي %37يذهب إلي إسرائيل. بالمقارنة مع 2005، فإن قيمة الصادرات قد انخفضت بحوالي 29% و الواردات بحوالي %9 .

وأوضح التقرير أن مجموع سكان قطاع غزة شهد زيادة في العام الماضي بنسبة تقدر بحوالي 3.9 % مقارنة بالعام 2005 ،حيث قدر عدد السكان بحوالي 1,445 مليون نسمة . كذلك ارتفعت نسبة السكان في سن العمل (ممن ينتمون للفئة العمرية 15-64) بحوالي 4.5% بحيث بلغ حوالي 38,900 نسمة. ويعود المعدل المرتفع للسكان في سن العمل إالي ارتفاع نسبة الشباب في سكان قطاع غزة.

بينما إنخفض معدل القوى العاملة المشاركة ممن هم في سن العمل أو يعملون أو يبحثون عن عمل من 36.7% في عام 2005 إلي 36.1% في عام 2006. وبأرقام مطلقة، إرتفعت نسبة القوى العاملة بحوالي 2.5% في عام 2006 من حوالي 259,250 شخص في عام 2005 إلى 266,650 في العام 2006، و يعزى الارتفاع في أعداد القوى العاملة إلي الزيادة السكانية في سن العمل. أما الانخفاض النسبي في القوى العاملة فربما يعود إلي الزيادة في عدد المحبطين من البحث عن العمل ،التى نتجت عن الارتفاع المتواصل في معدل البطالة في قطاع غزة خلال السنة الماضية.

ولفت التقرير أن ظروف العمالة في العام 2006 كانت أسوأ مما كانت عليه في العام 2005، فقد انخفض معدل العمالة التامة - النسبة من القوى العاملة التي تعمل 35 ساعة على الأقل أسبوعيا - من 67.3% إلى 60.7%. ونجم هذا نتيجة للحصار المشدد على قطاع غزة وكذلك عن إغلاق السوق الإسرائيلي كلياً أمام العمالة الفلسطينية. وقد انعكس هذا التدهور على تضاعف العمالة المحددة - نسبة القوى العاملة التي تضطر إلى أن تعمل اقل من 35 ساعة أسبوعيا- والتي ارتفعت من 2.3% إلى 4.5%. وبأرقام مطلقة، فقد ارتفعت من حوالي 6,000 عامل في 2005 إلي 12,255 في عام 2006، وذلك يعود إلى غياب فرص العمل وتوجه السكان إلى أعمال

البطالة:

وتوقع التقرير في ظل المعطيات السابقة أنه في حالة استمرار الإغلاق والحصار ستستمر حالة الاعتماد على المساعدات الخارجية وكذلك المساعدات الغذائية لتفادي حدوث مجاعة في العام2007. إلا أنه لايمكن خلق تنمية اقتصادية مستدامة بدون تحرير حركة البضائع والأفراد وتحرير الاقتصاد الفلسطيني وذلك عبر إعادة النظر في الاتفاقيات التجارية الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل. وكذلك إعادة النظر في سياسيات المساعدات الدولية بطريقة تستطيع بها الخروج تدريجياً من حالة الإغاثة إلى حالة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وفي الوقت ذاته لا يعفي السلطة الفلسطينية من مسئولياتها تجاه السكان من حيث توفير الأمن وتوفير الاحتياجات الإنسانية. إذ من المتوقع أن يستمر الفلسطينيين في مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الإغلاق والحصار أذا لم تتمكن الحكومة الفلسطينية من ترتيب أمورها الداخلية والسيطرة على حالة الفلتان الأمني التي شلت عمل معظم مؤسسات السلطة الفلسطينية. وكذلك علي السلطة الفلسطينية دوراً هاماً في توفير بيئة آمنه ومشجعة لنمو وتطور القطاع الخاص وإعادة العافية للقطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة والإنشاءات وذلك عبر أعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

وتقدم معهد دراسات التنمية بالشكر للعديد من المؤسسات التي قدمت المعلومات والمساعدة في انجاز هذا التقرير وخصوصاً مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة )الاونسكو) UNSCO والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وكذلك لمزودي البيانات في وزارة الاقتصاد الوطني، الأمن الوطني الفلسطيني ووزارتي الداخلية المالية