وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الهيئة المستقلة تصدر تقريراً خاصاً بعنوان الانتخابات المحلية 2012

نشر بتاريخ: 16/02/2013 ( آخر تحديث: 16/02/2013 الساعة: 15:15 )
رام الله -معا - صدر مؤخراً عن الهيئة المستقلة لحقوق الانسان "ديوان المظالم" ضمن سلسلة تقارير خاصة، تقريرهاً بعنوان (الانتخابات المحلية في عام 2012). وتناول التقرير مبحثين رئيسين الأول تناول وصفاً عاماً لعملية الانتخابات المحلية التي جرت في عام 2012، حيث عالج هذا المبحث الإرهاصات التي سبقت الإعلان عن موعد إجراء الانتخابات المحلية، ووصفاً موجزاً لتشريعات انتخابات مجالس الهيئات المحلية، ومن ثم وصفاً عاماً لعملية الانتخابات المحلية التي جرت بتاريخ 20 تشرين الأول 2012 والانتخابات المحلية التكميلية التي جرت بتاريخ 22 كانون الأول 2012، اضافة إلى عرض موجز عن الطعون الانتخابية المقدمة في المراحل المختلفة لعملية الانتخابات. أما المبحث الثاني فقد عالج المشكلات التي برزت في عملية الانتخابات سواء المتعلقة بقانون انتخاب الهيئات المحلية وطريقة تعامل المحاكم معه، أو المشكلات العملية التي وقعت في مراحل العملية الانتخابية المختلفة والحقوق التي تم المساس بها.

وفي إطار تمكين الموطن من حقه في الاطلاع على المعلومات كمقدمة لتمكينه من مراجعة هذه المعلومات والتعليق عليها تضمن التقرير بعض الوثائق الهامة المتعلقة بالانتخابات المحلية ولا سيما قانون انتخاب الهيئات المحلية لعام 2005 والتعديلات التي طرأت عليه، كما أرفق بالتقرير قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بالانتخابات المحلية الصادرة في الأعوام من 2010-2012، بالاضافة إلى بعض قرارات المحاكم ذات العلاقة بالانتخابات المحلية الصادرة عن المحكمة العليا بشقيها (محكمة العدل العليا ومحكمة النقض).

وخلص التقرير الذي أعده المحامي معن شحدة دعيس إلى جملة استنتاجات تمثلت في أن الانتخابات المحلية التي جرت في عام 2012 قد رافقها إرهاصات كثيرة ولا سيما الإعلانات الكثيرة لمجلس الوزراء التي حدّدت موعدا لإجرائها ثم تأجيلها ثم تحديد موعدها ثانية، وتأجيلها ثانية حتى بلغ عدد المواعيد التي حُدّدت لإجرائها ثم تأجيلها الستة مواعيد خلال الأعوام 2010-2012. ثم أنه وبموجب القانون المعدل لقانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية لعام 2012، فقد أعلن مجلس الوزراء في شهر تموز 2012 عن عقد الانتخابات المحلية للهيئات المحلية الكائنة في الضفة الغربية فقط، وأجّل انتخاب مجالس الهيئات المحلية الواقعة في قطاع غزة إلى إشعار آخر، حيث ساهم الانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة في حرمان عدد كبير من المواطنين من ممارسة حقهم في الترشح والانتخاب.

وبرز من النتائج النهائية للانتخابات المحلية التي جرت في الضفة الغربية عام 2012 أن هناك ارتفاعا في عدد الهيئات المحلية الفائزة بالتزكية، حيث إن أكثر من نصف عدد الهيئات المحلية لم يترشح فيها سوى قائمة واحدة فقط وبالتالي أُعلن عن فوزها بالتزكية، حيث بلغ عدد الهيئات المحلية التي فازت بالتزكية في المرحلة الأولى للانتخابات المحلية التي جرت بتاريخ 20 تشرين الأول 2012 الـ179 هيئة محلية، وبلغ عدد الهيئات المحلية الفائزة بالتزكية في الانتخابات التكميلية التي جرت في شهر كانون أول من ذات العام 23 هيئة محلية، أي بما مجموعه 202 هيئة محلية بواقع 57% من العدد الإجمالي للهيئات المحلية في الضفة الغربية البالغ عددها 354 هيئة محلية.

ولم تجر الانتخابات المحلية سوى في 93 هيئة محلية فقط بتاريخ 20 تشرين الأول 2012، و24 هيئة محلية بتاريخ 22 كانون الأول 2012، بما مجموعه 117 هيئة محلية بواقع 33% من العدد الإجمالي للهيئات المحلية المذكورة (354 هيئة محلية). كما انخفضت نسبة الاقتراع المعلنة في هذه الانتخابات (أقل من 50% من نسبة من يحق لهم الاقتراع) عن نسبة الاقتراع التي تسجلت في الانتخابات المحلية الأولى التي تجري في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية في الأعوام 2004-2005 (ما يزيد عن 70% من نسبة من لهم حق الاقتراع).

إن ارتفاع عدد الهيئات المحلية الفائزة بالتزكية، فضلا عن ضعف نسبة المشاركة في عملية الاقتراع، وارتفاع عدد الهيئات المحلية التي لم تترشح فيها أية قوائم انتخابية أو لم تجرِ فيها الانتخابات لأسباب أخرى عن 10% من العدد الإجمالي للهيئات المحلية، إنما قد يؤشر إلى أن هناك مشكلة حقيقية في هذه الانتخابات سوف تحد من قدرة مجالس الهيئات المحلية المنتخبة (بالانتخاب أو بالتزكية) أو المعينة على تقديم خدماتها العامة للجمهور، فضلا عن أنها قد تشير إلى أن هناك مساسا حقيقيا بحق المواطن في ممارسة حقه في الترشح وفي الانتخاب.

وبالنظر إلى الأحكام القانونية المتعلقة بحق المواطنين في اللجوء إلى القضاء فقد ظهر اتفاق قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية ومحاكم البداية بصفتها محاكم طعون انتخابية أيضا في كل المحافظات الفلسطينية على حرمان المواطن من حقه الدستوري في اللجوء إلى القضاء عندما لم تراعِ في حساب مدد الطعن أيام العطل الرسمية التي تخللت مدة الطعن، وعندما احتُسبت مدة الطعن من تاريخ صدور القرار من لجنة الانتخابات، وليس من تاريخ تبلّغ صاحب المصلحة به، حيث تم الالتزام بحذافير النص القانوني المعيب الذي نص على سريان مدد الطعون من تاريخ صدور القرارات عن لجنة الانتخابات المركزية، ودون أن يوازيه إلزام المحاكم بفتح أبوابها أيام العطل الرسمية. وكذلك انتهاك حق المواطن الدستوري في المساواة أمام القانون والقضاء، عندما اختلفت أحكام محاكم البداية بصفتها محاكم طعون انتخابية في الحقوق التي منحتها للمواطنين، وتعزز هذا الانتهاك عندما لم يكن هناك محكمة أعلى درجة تراقب قرارات هذه المحاكم، حيث اعتبر القانون أحكام محكمة البداية في حكم الأحكام النهائية التي لا يجوز الطعن فيها بأي طريقة من طرق الطعن القضائية، إلى جانب أن القانون لم يعيّن محكمة مركزية واحدة للنظر في الطعون الانتخابية.

ومن مجمل الملاحظات التي سجلها مراقبو الهيئة خلال مراحل العملية الانتخابية المختلفة، بما في ذلك مراحل التسجيل والترشح والاقتراع والفرز وإعلان النتائج، يلاحظ أنه لم تقع مخالفات جسيمة في عملية الانتخابات تبرر المطالبة بإبطالها أو الطعن في نزاهتها وشفافيتها، وكافة الملاحظات التي سجلت في هذا اليوم، لم تصل إلى الحد الذي يمكن معه القول بأن المواطن حُرم من حقه في الاقتراع أو أن قيودا قد فُرضت على ممارسته لهذا الحق، دون التقليل من أهمية بعض المخالفات التي يمكن أن تُعتبر في حكم الجرائم الانتخابية، ولا سيما تجريح بعض المرشحين في غيرهم من المرشحين سواء بالتصريح أو بالتلميح أثناء الدعاية الانتخابية، أو في حكم المخالفات المهمة التي يجب أن تعالج.

وأشار التقرير إلى وجود مشكلة عملية وحقيقية في موضوع الدعاية الانتخابية التي تقوم بها القوائم المترشحة، فرغم أن للدعاية الانتخابية فترة قانونية يتم الإعلان عن بدايتها ونهايتها، ورغم أن القوائم الانتخابية تدفع مبلغ خمسمائة دينار أردني كتأمين لضمان التزامها بأحكام الدعاية الانتخابية ولا يعاد لها إلا إذا التزمت بإزالة مظاهر الدعاية الانتخابية المختلفة التي استخدمتها، إلا أن مظاهر الدعاية الانتخابية والإعلانات التي وضعتها هذه القوائم تظل قائمة ولا تتم إزالتها لا من قبل القوائم المترشحة ولا من قبل لجنة الانتخابات التي احتجزت مبلغ الخمسمائة دينار.

وجاء في التوصيات بأنه إذا أردنا بالفعل أن يمارس المواطنون حقهم في الترشح والانتخاب وفي اختيار أعضاء مجالس هيئاتهم المحلية، وأن يُمكّنوا من ممارسة حقهم في اللجوء إلى القضاء وحقهم في المساواة أمام القضاء وحقهم في بيئة نظيفة متوازنة، فإنه لا بد من اتخاذ الإجراءات التالية: ضرورة إتمام إجراء مصالحة حقيقية وفاعلة وصادقة تُمكّن الجميع من ممارسة حقهم في اختيار من يمثلونهم في إدارة شؤونهم المحلية، دون إعاقات مرئية أو ملموسة، ودون الوصول إلى فوز غير حقيقي لقائمة هنا أو قائمة هناك بالتزكية أو أن يتم تعيين أعضاء المجلس المحلي من قبل الجهات التنفيذية، ولا سيما في الهيئات المحلية في قطاع غزة والهيئات التي لم يجرِ فيها انتخابات في الضفة الغربية. ضرورة أن تنطلق كافة الجهات الرسمية في تعاملها مع أية موضوعات تخص الانتخابات من روح قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية، وليس من القراءة السطحية لنصوصه القانونية، ذلك أن الفكرة الأساسية التي جاء من أجلها قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية هي تنظيم كيفية ممارسة المواطنين لحقهم الدستوري في الترشح والانتخاب، وإن أي تفسير لنصوص القانون يجب ألا يؤدي إلى حرمان المواطنين من هذا الحق الدستوري. ضرورة العمل على مراجعة التعديل الذي تم على قانون الهيئات المحلية في عام 2008 والذي تدخل في الحق الدستوري للمواطنين في الترشح والانتخاب وسمح لمجلس الوزراء بحل مجلس الهيئة المحلية الذي تجاوز القانون أو انتهت مدته، وسمح لوزير الحكم المحلي بإقالة رئيس المجلس المحلي من رئاسة الهيئة المحلية.

بالإضافة إلى ضرورة العمل الجاد على تعديل أحكام قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية بالشكل الذي يضمن احترام حقوق الإنسان الدستورية التي نص عليها القانون الأساسي كحقه في الترشح والانتخاب وحقه في اللجوء إلى القضاء وحقه في المساواة أمام القضاء، وحقه في بيئة نظيفة ومتوازنة. وكذلك مراجعة الأحكام القانونية المتعلقة بتقسيم فئات المجالس المحلية، وضرورة خفض عدد أعضائها إلى ما دون التسعة أعضاء. إضافة إلى ضرورة إعادة دراسة النظام الانتخابي المعمول به في القوانين النافذة بشأن الهيئات المحلية على ضوء ما تم في الانتخابات المحلية التي جرت في عام 2012، واختيار النظام الانتخابي الأمثل في هذا الشأن.

قال:"انطلاقاً من حق المواطنين في المساواة أمام القضاء، فإنه من الضروري أن يصار إلى تخصيص محكمة واحدة للنظر في كافة الطعون الانتخابية المقدمة خلال مراحل العملية الانتخابية المختلفة. انطلاقا من حق الإنسان في بيئة متوازنة ونظيفة والحفاظ على البيئة الفلسطينية كما كفلها القانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية لعام 2002، فإنه من الضروري أن تقوم لجنة الانتخابات المركزية بإزالة كل مظاهر الدعاية الانتخابية التي استخدمت من قبل القوائم الانتخابية وعلى نفقة تلك القوائم، وعدم إعادة أية مبالغ للقوائم التي لم تلتزم بهذا الواجب القانوني والدستوري. وطالب التقرير كافة الجهات التي تطبق قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية ألا تساهم بأي شكل من الأشكال في تقويض الحق الدستوري للمواطنين في الترشح والانتخاب والمساهمة في إدارة هيئاتهم المحلية، وأن تقرأ نصوص القانون بطريقة تحفظ للانسان ممارسة هذا الحق الدستوري.