وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

رسالة من الاسيرين قعدان وعزالدّين في اليوم الـ90 لاضرابهما عن الطعام

نشر بتاريخ: 24/02/2013 ( آخر تحديث: 24/02/2013 الساعة: 18:48 )
جنين - معا - أكد الأسيران المضربان عن الطعام لليوم الـ 90 على التوالي طارق قعدان وجعفر عزالدين مواصلة إضرابهما عن الطعام حتى الحرية أو الارتقاء شهداء ليلحقوا برفاق دربهم الذين سبقوهم شهداء.

وجاء في الرسالة التي وصلت لذويهم عبر المحامي على لسان الشيخ طارق قعدان يقول فيها: " أسماء قليلة تلك التي تعرّف نفسها على ذاكرتك فتملؤها بمعاني العزة والكبرياء، ولا تفتأ تتذكرها رغماً عنك، ليس لأنك لا تريد أو ترفض تذكرها ولكنه عِظمُ الابتلاء الذي نعيش لحظة بلحظة. بيدَ أن تذكرها يمنحك شعوراً بالسعادة وبقيمة إنسانيتك وتحقق آدميتك، حتى وإن كان تذكرها أحياناً يلقي عليك مسؤوليات جسيمة واستشعاراً لثقل المسئولية الملقاة على عاتقك وواجبِ نقلها لمن سيأتي من بعدك على هذا الطريق في هذا الدرب الشائك. ولكن بالرغم من ذلك فإن تذكرها والعيش مع طيفها ومع ظلال أرواحها الزكية يمنحك فرصة للنجاة والخلاص لترفرف في عوالمَ غير معتادة ويعطيك خشبة النجاة للقفزعن واقع مرير تفوح منه رائحة تزكم الأنوف وتملأ المكان نفاقاً ورياءً ونرجسية واستغراقاً في حب الذات".

ويتابع قعدان قائلاً: " بقلب متلهف للماضي الجميل نشطح بعيداً، بنفحاتٍ تسعينية، بدأت منذ باكورة التسعينيات تبعُد أكثر فأكثر لنتذكر درساً رائعاً في النحو العربي اسمه "الممنوعات من الصرف" وله فروع متعددة ولكن يستوقفني دائماً فرعٌ واحد منها يقول: إن الأعلام والأسماء التي تنتهي بألف ونون على شكل المثنى هي دائماً ممنوعة من الصرف، وهذا يحيرني أكثر ويدعوني للتفكر والتدبر والتذكر، يدفعني هذا الموضوع إلى التفكير بعمق أكبر في إسقاط مبدأ "الممنوع من الصرف" على واقعنا الذي نعيش، فأتذكر جيداً أن عظماءنا وشهداءنا هم رأس مالنا باقون فينا شئنا أم أبينا، فهم "الممنوعون من الصرف" في منهجنا المقدس الذي نؤمن به ونضحي من أجله".

ويضيف قعدان:" في "مسلخ" سجن الرملة، نعيش مع أطياف الشهداء وأرواحهم النبيلة، فنشعُرُ حينها بمعنى السعادة الحقيقية وننعُمَ بنعمٍ غير مألوفة لمن آثر القعود على الجهاد. نعيش في ذكرى نعمان وسفيان والحمران والحردان وقائمة الأبرار تطول وتطول، لنتزود من معين عطائهم، ونقتات ونعتاش من حنين الذكرى إليهم، وإن ابتعد عنا طيف محياهم الطاهر وجميل ملقاهم، لأستحضر من ذاكرتي المتعبة قول الشاعر:

وأحبة عشت الحياة بظلهم ... إن الحياة بدونهم لا تذكر

ما أقبح سخف الحياة بدون رؤية هؤلاء الأقمار، فنحن رغم البلاء الذي يحيط بنا من كل جانب نهتز من أعماق أعماقنا حين تمرون على شريط ذكرياتنا، وما أشد وأحب هذا الشريط في هذه الأيام العصيبة من أيام إضرابنا وما أوضحه، ولي وليس لغيري أن أتخيل وأن أتصور ماذا لو كنا في حضرتكم، مكرّمين مختارِين ومصطفِين شهداءً أبراراً، لنعيش سويةً لحظات غياب الشهداء الموعود والمرقوب".

وفي جملة تدلّ على ثقتهم بالنصر القريب، يختم الشيخ قعدان رسالته بقوله مخاطباً رفاقه الشهداء: " إني أرى طيفكم يتراءى لي من بعيد، أرقبُ تشجيعكم لنا، همسكم، وابتسامتكم الصامتة. إنّي أسمع صوتكم القادم إلينا من بعيد يردد في آذاننا وأسماعنا أن لن تسقُط الراية وسيكبُر الزرع ولتبلغنّ المُنى مداركها الأخيرة".