وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

منطقة المواصي محاصرة بأربعة عشر مستوطنة وساعة الصفر تقترب من مستوطنيها الغاضبين من الانسحاب

نشر بتاريخ: 12/08/2005 ( آخر تحديث: 12/08/2005 الساعة: 21:01 )
غزة - معاً- المواصي منطقة أجبر أهلها السكان الأصليون إما على مغادرتها او البقاء فيها محاصرين بأربعة عشرة مستوطنة إسرائيلية، فخروجهم منها بتصريح وعودتهم إلى منازلهم بتصريح .. ومن لم يرجع بالموعد المحدد لإغلاق بوابتها أو عطل في أجهزة الحاسوب الاحتلالية فعليه السلام، ولينتظر لمزيد من الأيام حتى تفتح البوابة مرة اخرى.

مواطنون يزيد عددهم عن سبعة آلاف نسمة حرموا من التمتع بمئات الدونمات الزراعية الممتدة امامهم لأنها وبشكل بسيط احتلت بوضع اليد وبالقوة لعدد لا يزيد عن 5000مستوطناً إسرائيلياً يقطنون في مجمع مستوطنات غوش قطيف الأربعة عشر الممتدة من ساحل دير البلح شمالاً حتى ساحل رفح جنوبي القطاع بما يعادل إثني عشر كيلومترا وبعرض ثلاثة كيلومترات وتقدر مساحتها الإجمالية بحوالي 11 ألف دونم، وللوهلة الأولى يكاد الرائي يتعجب من بون الثراء بين السكان الأصليين الذين حرموا من حق التنقل في أراضيهم وبين أولئك الذين بسطوا اليد على ممتلكات لا تعود لهم وفرشوها بالورد واحتلوا مرافئها الشاطئية وساحلها الأخضر وشقوا بين المزروعات شوارع كشرايين الدماء تمتد لتسهل حركتهم ولتربطهم بالمزيد من الأراضي التي احتلتها إسرائيل داخل الخط الأخضر.

ويمكن الفصل بين منطقتين يطلق عليهما المواصي فهناك مواصي خانيونس يقطنها 5000 نسمة، وتقسم إلى ثلاث تجمعات سكانية وهي "حي الملالحة، منطقة تل جنان، مواصي القرارة المعروفة بتل ريدان"، ويفصلها عن المدينة حاجز التفاح وعليه فإن أشكال المعاناة تتعدد وتتنوع حسب ما تتفتق عنه العقلية الإسرائيلية، فلا يسمح لهم الدخول إلى منازلهم إلا في ساعة محددة ومن لم يلحق بهم يفته النصيب، كما تمنع قوات الاحتلال دخول أية مواد معدنية أو كهربائية، وفي كثير من الأحيان تمنع دخول المواد الغذائية، ولا يوجد في هذه المنطقة سوى عيادة واحدة تتعرض بين الحين والآخر للإغلاق والحصار من قبل المستوطنين، وعليه فإن العديد من الحالات المرضية لا يتم علاجها وقد يلقى أحدهم منيته على حاجز من الحواجز حتى تلك التي تفصل أحياء المواصي عن بعضها البعض، عدا عن حاجز التفاح، وقد استشهد المواطن كفاح زعرب "17" عاماً على الحاجز أثناء توجهه للمستشفى لتلقي العلاج، كما استشهد المواطن سامي بصلة"58" عاماً على ذات الحاجز وهو مريض، وكذلك حدث مع المواطن عمر قنن"18" عاماً.

وهناك مواصي رفح التي يقطنها ما يزيد عن 2000 نسمة ويفصلها عن المدينة حاجز يسمى تل السلطان، ولا يفتح إلا ساعة واحدة فقط في الصباح الباكر، ويشترط أن تتم العودة عن طريق حاجز التفاح، غربي خان يونس! اما مواصي رفح فتقطنها تجمعات سكانية القرية السويدية، عزبة الشلالفة، عزبة الندى.ويفصل المنطقتين عن بعضهما بعض المستوطنات.

اما المستوطنات الأربعة عشر التي تحيط المواصي فهي من الشمال" تل قطيف، شيرات هيم، كفار يم، نفيه ديكاليم، فئات سديه، شليف، رفيح يام"، ومن الشرق الشمالي" نتسر حزاني، قطيف، جني طالي، جديد، جان أور، بدولح، وعتصمونا".

وتعتبر منطقة المواصي منطقة صفراء وتخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية في ظل صلاحيات مدنية تتمتع بها السلطة الوطنية الفلسطينية، وقد وضعت إسرائيل العديد من الشروط التي تقيد الحياة المدنية للسكان خاصة في مجال التخطيط والبناء، وذلك للحيلولة دون تطوير هذه المناطق والإبقاء عليها بأقل كثافة ممكنة حسب ما يذهب له تحليل المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

ويعتبر إغلاق وحصار منطقة المواصي الأشهر بين سلسلة الإغلاقات والتضييق التي اتبعتها قوات الاحتلال ضد المواطنين فحددت يوم الثلاثاء من كل أسبوع لدخول المواد المعدنية عبر حاجز التفاح، فيما تم تحديد يومي الجمعة والسبت لإدخال المواد التموينية، حيث يتم إدخالها عن طريق شاحنات تصل إلى نقطة أسفل الحاجز، وتصل شاحنات من جهة المواصي ويتم نقل الأغراض إليها من الخلف للخلف أو ما يعرف من الباب للباب. وبذلك يضطر السكان لدفع مبالغ باهظة مقابل نقل أغراضهم مهما صغر حجمها.

ولعلها من اخطر المناطق ومن يقترب من هناك على مدار خمسة أعوام يضرب بالرصاص، وغالباً حرم الأهالي في المواصي وعلى قرب من المستوطنات الإسرائيلية من تربية" الحمام" فوق أسطح منازلهم، او حتى نشر الغسيل، ويصر الآباء يومياً على عودة أبنائهم قبل حلول الظلام حتى لا يمكثون خارج المنزل ويقعون تحت رحمة امزجة الجنود الاسرائيليين الذيي يتحكمون في إغلاق البوابة، عدا عن إغلاق حظر التجول معظم ساعات الليل ، كما يخاف الأهالي الاقتراب من المناطق التي يقطنها المستوطنون الذين يقومون في كثير من الاوقات بضرب النساء والأطفال والصبية حتى الموت احياناً، ولا ينس العالم ما رصدته عدسة الكاميرا عندما أقدم مستوطنون على ضرب شاب اعتصم داخل إحدى المنازل التي حاول المستوطنون حرقها وتدميرها احتجاجاً على خطة الانسحاب بحيث باتوا على شفا بضعة أسابيع من خروجهم من غزة والذين احتلوها حوالي ثلاثين عاماً على حساب مليون ونصف مواطن سجنوا في كامل قطاع غزة الذي يعتبره اسماعيل هنية احد قادة حركة حماس" ان مساحته أصغر من مساحة سجن النقب الصحراوي جنوبي فلسطين المحتلة".

يقول فايز شعت مدير جمعية المواصي الخيرية في حديث خاص لـ معاً- " أن قوات الاحتلال أقدمت وبكل الأشكال على إفزاع السكان وإخافتهم لحضهم على الرحيل من بيوتهم، عدا عن ترويعها للأطفال بالإضافة إلى اعتداءات المستوطنين الذين يدعمهم ويحميهم الجيش ، مؤكداً ان المستوطنين صادروا أراضي عائلات الفرا والشاعر والنجار، كما جرفت قوات الاحتلال لصالح المستوطنات في العام 2001 ، 650 دونماً من الأراضي الزراعية والتي تعود لعائلة العبادلة ."

وتعتبر منطقة المواصي المنطقة الأكثر اخضراراً في قطاع غزة، والأوفر حظاً ونصيباً في المياه العذبة والتربة الزراعية الخصبة، فالمواصي حسب تعبير فايز شعث "هي سلة خضار القطاع، حيث تضم عددا من الآبار الجوفية وتعتبر رمالها مصيدة لتخزين مياه الأمطار مرتفعة المنسوب في هذه المنطقة سنوياً"، وعليه فقد اختار الاحتلال اخصب المناطق في القطاع وأسكن مستوطنوه مكان الفلسطينيين، ليحكم السيطرة على منابع المياه والرمال الشاطئية التي سرقها بمقطورات متتالية إلى الطريق الفاصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة شرقي المجدل المحتلة.

ويؤكد في هذا الإطار د. يوسف أبو صفية رئيس سلطة جودة البيئة أن المنطقة أصبحت فقيرة بالرمال حيث تمت سرقته بالكامل إلى داخل إسرائيل، وذلك نظراً لأهمية العناصر المكونة للرمل كعنصر الكوارتز في الصناعات الإلكترونية الحديثة عدا عن استعمال الرمل في صناعة الزجاج، مؤكداً أن قوات الاحتلال صادرت منذ العام 1994 ، 25 مليون متر مكعب من رمال القطاع وخاصة في مواصي خانيونس ورفح.