وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

نابلس- ندوة في الذكرى السنوية لرحيل جورج حبش

نشر بتاريخ: 17/03/2013 ( آخر تحديث: 17/03/2013 الساعة: 09:21 )
نابلس- معا- نظّم اتحاد لجان المراة الفلسطينية بالمشاركة مع المنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني " تنوير " ندوة ثقافية في الذكرى السنوية لرحيل حكيم الثورة د. جورج حبش تحت عنوان " الحكيم انسان وفكر ونضال " تحدث فيها كوكبة من محبي ومريدي الحكيم الذين توافدوا من مناطق مختلفة لينالوا شرف المشاركة لاحياء ذكرى قائد مّثل مدرسة فكرية وثورية، ورسم تاريخ مشرق مع قادة تعملقوا نجوما في سماء الوطن، عشقوا فلسطين الوطن والانتماء، وترفعوا عن ثقافة التعصب والحقد، وزرعوا أشجار الوطنية لتنبت في صحاري قاحلة قوافل الشهداء.

رئيس مجلس الادارة في التنوير م. زياد عميرة أدار الحوار قائلا " اليوم، في ذكرى استشهاد الحكيم آثرنا كسر تابو الندوات التقليدية لنطلق العنان لكل الحاضرين التحدث عن الانسان الذي جمعنا سويا والذي جوهر الانسان فيه هو الحب: حب الآخرين، حب الغير. مضيفا : " ( هو ليس الانسان السياسي والمناضل والمفكر فقط، بل الانسان الذي صبغ السياسي والمناضل والمفكر بصبغة خاصة من الانسانية، أو الأنسنة الخاصة، التي يتميز بها عن زملائه من السياسيين والمناضلين والمفكرين والقادة ) ولفرط انسانيته التي انعكست على أصدقائه من قادة ومناضلي الامة العربية والعالم قال عنه الشهيد كمال جنبلاط: " يصعب أن تثق بقائد ثورة ثقة مطلقة في هذا العصر، وتعيش معه الرفاقية مثلما هي مع الحكيم جورج حبش ".

معظم المتحدثين في الندوة أجمعوا على أن الحكيم لا يمكن أن يوجز في أي نص، وأوجزوا، وكثفوا، وكبسلوا رسائلهم على شكل برقيات قصيرة، لضيق الوقت، وافساحا المجال للاخرين ليدلوا بآرائهم، علما أن معظمهم جايل وتواصل معه شخصيا، ولكل واحد منهم تجربته الخاصة لا يمكن أن يتسعها كتاب.

وقد استهل الحديث رئيس تحرير مجلة الهدف عمر شحادة قائلا : ( رسالة الحكيم لنا " تمسكوا بالمقاومة واستعيدوا الوحدة " ) معتبرا المقاومة حق مشروع للشعب الفلسطيني وأن الوحدة هي صمام أمان المقاومة والثورة " ثم اوجز المتحدث شحادة فكرته قائلا: " لا نريد لفكر الحكيم ان يتحول لطقوس جامدة، وانما لمنهج وفكر نضالي يحول رؤاه الى طاقة تمدنا بالعطاء والعمل والامل والنضال الوطني وربطه بالقومي والانساني لهزيمة المشروع الصهيوني ".

المتحدث الثاني كان احمد مصلح ( أبو مشهور ) من جنين القسام الذي رأى أن للحكيم قدرة عجيبة ومبكرة على قراءة الواقع لدرء مخاطر المستقبل مستشهدا بقول الشهيد ابو ماهر اليماني: " كان الحكيم وقت اشتداد الصراع في فلسطين مع الاستعمار البريطاني يرى من خلاله الخطر الصهيوني ليس على فلسطين فقط وانما على الامة العربية برمتها."

وشارك عضو اللجنة المركزية لابناء البلد قدري ابو واصف الذي رأى أن د. جورج حبش لم يكن يخيف الصهيونية ويؤرق مضاجعها وهو حي يرزق، بل يخيفها أيضا حتى في مماته، لذا رفضوا بيعنا بيت عائلته باللد لئلا يصبح مربدا لثقافة المقاومة والحرية أو مزارا فلسطينيا وعالميا شاهدا على الجريمة الصهيونية وزيف ادعائها التاريخي في فلسطين.

وشارك طاهر سيف عضو المكتب السياسي لحركة أبناء البلد، وقد جاء في كلمته: " أن الحكيم كان لنا قائداً ومدرسة اعطانا نفس للعمل في احلك الظروف، لم يناور بل كان انسانا استراتيجيا. كان لفلسطين 1948 مكانه خاصة في نفسه فعندما كنا نلتقيه ونتكلم عن فلسطين كان يذرف الدمع كطفل، ثم يترك الكلام للشهيد ابو علي مصطفى،. واضاف : "هكذا عرفت الحكيم متواضعا، شفافا، ايثاريا يصغي لنا متالما بكل احساس " .

الاب يوسف سعادة أشار في مداخلته أنه عندما نتذكر الحكيم نتذكر مضمون بعض المفاهيم المهمة ( الحق، والعدالة الاجتماعية، والسلام ) حيث شرح هذه المفاهيم بفحواها التقدمي القائم على الحرية والمساوة والعدل. ثم أضاف الاب سعادة " أن الحكيم ليس طبيبا فقط للجسد وانما حكيما للمجتمع وللنخبة الواعية التي رباها على الفكر التنويري المتطلع للمستقبل الباحث عن السلام المبني على الحق والعدل والحرية مما استوجب الثورة منحه لقب " حكيم الثورة " .

الاستاذة عصمت الشخشير المحاضرة في جامعة النجاح الوطنية ركزت في حديثها على الجانب النظري للمرأة الفلسطينية فأشارت( لقد اولى الحكيم الجانب النسوي جانبا مهما في فكره وكان يعتبر معيار تقدمية أي رفيق أو ثوري، وخاصة اليساري، مرهون بنظرته الى حرية المراة ومساوتها بالرجل، ليس قولا فقط وانما في الممارسة، وكان بنظره الثاقب يرى قشرة عفنة تحت جلد معظم الرفاق في نظرتهم الدونية للمراة. وتساءلت الشخشير ما معنى أن يكون الانسان تقدميا في الجانب السياسي ومتخلفا في الجانب الاجتماعي وخاصة الموقف من المرأة، أليس في ذلك انفصاما في الشخصية بحاجة الى علاج؟

الاقتصادي د. نبهان عثمان رئيس اتحاد الاقتصاديين الفلسطينيين ذكر تجربته مع د. حبش في اجتماعات المجالس الوطنية قائلا: " كنا نشعر بأننا تلاميذ أمام عملاق نرتعب منه، وما يميز الحكيم لماحيته واستشفافه لانحراف ما في الموقف السياسي الفلسطيني الرسمي من خلال الاحاديث الجانبية الغير معلنة، ومن هنا تكمن عظمة الحكيم بانه كان صمام امان الثورة بحيث كان يحذر مباشرة من أي انحراف أو تسوية على حساب الحقوق، وارى أن قوته ليس في قوة السلاح وانما في قوة المبدأ ووضوح الموقف.

الاسير والمبعد سابقا مسعود زعيتر ( أبو عثمان ) عضو المجلس الوطني قال: دائما نتذكر قضايا تبدو للوهلة الاولى بسيطة عن سجايا الحكيم، لكنها كبيرة وذات مغزى نفتقد لها في قيادات اليوم،ألا وهي؛ التواضع، والثقافة، القراءة والاطلاع ، والايثار، والاهتمام والاخلاق . فهذه سمات القادة العظام التي تجسدت فيهم سمات أمة أو شعب. ثم أضاف المتحدث زعيتر: " لم انس وزوجتي واولادي وكل أفراد عائلتي وقت ابعدت الى دمشق ونزلنا في الدور الخامس في عمارة لم نكن نعلم أن الحكيم يقيم في الدور الاول، لم أنس وعائلتي فضل زيارته لنا لشد ازرنا في تلك الظروف، وقد زارنا بخطواته المثقلة على عكازيه، وكان في قمة مرضه وهزال جسمه، مما ترك اثرا عميقا في نفسي وزوجتيي وافراد عائلتي!

أما د. يوسف عبد الحق منسق العمل الثقافي في المنتدى التنويري أفصح عن أن الحكيم هو اول من أدخل الى الفكر القومي العربي المفهوم الماركسي الجدلي محوله بذلك من فكر قومي شوفيني عنصري الى فكر انساني . وأردف عبد الحق أن الحكيم لم يكن مثلا يحتذى في الساحة الفلسطينية فحسب، بل قمة المثل الذي لا يوازيه فيه الا الرئيس المصري جمال عبد الناصر وزملائه في النضال كل من وديع حداد وأبو ماهر اليماني .

ثم تحدث تباعا كل من؛ زاهر الششتري الناطق الاعلامي للجبهة الشعبية، ونضال دروزة ومحمد الشطناوي، الناشطين المجتمعيين، وماجد دغلس عضو مجلس ادارة المنتدى التنويري، وميسر الفقيه عضوة اتحاد لجان المراة الفلسطينية، ومتحدثين آخرين بحيث كلهم أجمعوا على فضائل ومناقب القائد د. جورج حبش. مطالبين بأن نكون شيبا وشبابا رجالا ونساءا صانعين للحدث وليس متلقين له. وفي هذه الذكرى العظيمة طالبوا الجميع النزول عن أبراجهم العاجية والانخراط والمشاركة في المسيرات ضد الجدار والتطبيع ومن أجل الاسرى .. الخ مقتدين بذكرى القائد الذي كان يتخفى وينتقل من خندق الى خندق ومن مخيم الى مخيم دفاعا عن فلسطين والثورة.

وختم عمر شحاده الندوة باقتراح اجمع عليه الحضور ( بتأسيس صندوق منحة جورج حبش للشباب لاستكمال الدراسة ) تطلق باسم المنتدى التنويري وبعض المؤسسات المعنية بالشباب.