|
مؤتمر مدار- خطاب "اللا حل" بدل "اللا شريك".. المستوطنات "تضم" إسرائيل
نشر بتاريخ: 25/03/2013 ( آخر تحديث: 25/03/2013 الساعة: 10:47 )
رام الله- معا - نظم المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية "مدار" في رام الله، أمس، مؤتمره السنوي الثامن، حيث أطلق تقريره الاستراتيجي للعام 2013، والذي يتناول بالتحليل أهم مستجدات المشهد الإسرائيلي عام 2012، ويلقي الضوء على خلفياتها السياسية والمجتمعية وبيئتها الإقليمية والدولية، وما يمكن أن يترتب عليها من تطورات وسياسات.
وعبرت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، د. حنان عشراوي، في تعقيبها على التقرير، عن أهمية ما يطرحه التقرير من معطيات شاملة واستنتاجات قائمة على المعلومة الدقيقة، في صياغة استخلاصات تفيد صانع القرار السياسي الفلسطيني من أجل صياغة برنامج العمل المتناسب مع حجم التحديات. ونبهت عشراوي إلى ما يشخصه التقرير من كون إسرائيل مشروعًا قيد التنفيذ، إذ إنه لا يعرف الحدود بعد لا على المستوى الجغرافي ولا السكاني ولا الأخلاقي، مضيفة أن الاشكالية المستجدة والخطرة تكمن في حصول المفاهيم الصهيونية التي طالما وصفت بالعنصرية على شرعية دولية متزايدة، الأمر الذي تجسد أخيرًا في اللغة التي استخدمها أوباما في زيارته الى المنطقة، إذ تبنى المفاهيم الصهيونية بالكامل وتعامل مع يهودية الدولة وكأنها بديهية، كما أنه لم يتطرق لا إلى الاستيطان، ولا إلى حدود 67. وختمت عشراوي باستخلاص مفاده ان لا خيار فلسطينيا غير رفع كلفة الاحتلال على المستويات كافة، بهدف وضعه على جدول الاعمال الدولي، عبر المقاومة الشعبية الواسعة، وتوظيف الاعتراف بفلسطين عبر تجسيد حضورها في المؤسسات والوكالات الدولية بما يسند هذه الاستراتيجية. وكانت مديرة "مدار" هنيدة غانم، أجملت في افتتاح المؤتمر، استنتاجات التقرير حول المتغيرات المهمة التي تأثرت بها إسرائيل، والملفات الساخنة التي حكمت مشهدها، في ثلاثة دوائر: إقليمية ودولية ومحلية. على المستوى الإقليمي أشارت غانم أنه وعلى الرغم من إفلات إسرائيل من تغيير حقيقي في مكانتها الجيو- سياسية، في مجالات مثل السلام مع مصر والأردن، وثمن الاحتلال، والهدوء على الجبهة الجنوبية بوساطة مصرية، فإن إسرائيل لا تزال تضع على الطاولة قائمة مخاوف طويلة من التغيرات في المحيط الإقليمي. |209719| وأوضحت غانم أن المخاوف الاسرائيلية تتركز في احتمال تحول سورية إلى ساحة حرب جاذبة للحركات الجهادية والتكفيرية، وإقامة إيران لمليشيات موالية لها في سورية يتم تفعيلها في حال سقوط النظام، وأيضًا نقل سلاح يخل بالتوازن الاستراتيجي بين إسرائيل وحزب الله. وتخشى إسرائيل على الصعيد المصري، من أن تتحول مصر وتحت ضغط ظروف معينة إلى دولة معادية، فيما تشدد مصادر إسرائيل الأمنية على "التهديدات الآتية من سيناء"، في الوقت الذي واصلت فيه وضع "التهديد الإيراني" على رأس سلم التهديدات الاستراتيجية الوجودية التي تواجهها. وركزت غانم في استعراضها الدائرة الدولية على تباين التقديرات بشأن الدور الأميركي المرتقب في ولاية أوباما الثانية، وما سيشهده من تغيرات، موضحة أن اتباع أوباما المفترض لسياسة الإنطواء في حال حصوله، يعني فتح المجال أمام الاتحاد الاوربي للعب دور أكبر، حيث يتوقع أن يقوم الاتحاد بتصعيد محاولاته للتأثير والضغط على إسرائيل، وبخاصة في ظل تزايد الدعم الشعبي الأوروبي للفلسطينيين، وإن كان من غير المتوقع أن يترجم هذا التصعيد إلى اتخاذ خطوات "استراتيجية". وأشارت غانم إلى أن التصويت من قبل أكثرية دول الاتحاد لصالح رفع مكانة فلسطين إلى دولة مراقب في الأمم المتحدة، وتصاعد"التذمر الأوروبي" من السلوك الإسرائيلي، ربما يسهم في إنتاج مناخ دولي ملائم لعمل فلسطيني دبلوماسي نشط. على الصعيد الإسرائيلي الداخلي، خلص التقرير إلى أن الانتخابات شكلت حدثًا مهمًا في إعادة ترتيب الساحة السياسية، حيث أفرزت قوى سياسية جديدة، وأسدلت الستار على أخرى، وأعادت بناء الهيمنة الاشكنازية على أسس عابرة للأيديولوجيات، الأمر الذي يعكسه تحالف بينت- لابيد، كل هذا الى جانب تحول المستوطنين لأول مرة إلى جزء أساسي من الإجماع الإسرائيلي. واستعرض المشاركون في إعداد التقرير، خلال المؤتمر، خلاصة أبحاثهم التي غطت كافية مكونات المشهد. العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية على صعيد العلاقات الفلسطينية الاسرائيلة، بين امطانس شحادة وعاطف أبو سيف ان الحكومة الإسرائيلية استمرت عام2012 في سياستها الهادفة إلى إدارة الصراع، فيما كانت السمة الأهم التي هيمنت على الخطاب السياسي هي التحول من خطاب "اللا شريك" إلى خطاب "اللا حل"، حيث اسهمت مجموعة من العوامل في هذا التحول، علمًا أن 2012 شهد تراجعًا واضحًا في التدخل الدولي في العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية. ووسط هذا الواقع الميداني، وبخاصة الاستيطاني وما يتركه من أثر على فرص حل الدولتين، شكل التصويت لرفع مكانة دولة فلسطين إلى عضو مراقب في الأمم المتحدة مؤشرا على تدهور مكانة إسرائيل الدولية، وتعبيرًا عن لجوء الطرف الفلسطيني بسبب التعنت الإسرائيلي إلى أدوات خارج دائرة التفاوض بغرض التصدي للأمر الواقع الاحتلالي، وتحقيق مكاسب سياسية. المشهد السياسي الداخلي وفي سياق المشهد الداخلي استعرض الباحث انطوان شلحت احداثيات الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، وما شكلته من صفعة مدوية لتحالف "الليكود- بيتنا" من جمهور الناخبين، ممثلة بخسارة هذين الحزبين ربع قوتهما، وفوزهما بكتلة تشكل ربع الكنيست. وقد اسفرت الانتخابات عن تشكيل نتنياهو حكومة هي الثالثة برئاسته، مستندا إلى ائتلاف لا يشكل أغلبية مريحة، هذا الى جانب ما تحويه الحكومة من تناقضات تهدد استقرارها. وأشار شلحت إلى أن حزب "يش عتيد" برئاسة الإعلامي يئير لبيد، كان "نجم" هذه الانتخابات و"مفاجأتها" من دون منازع، في إثر تمكنه من الفوز بمكانة الحزب الثاني، الأمر الذي يسهم في تفسيره فشل الحملات الانتخابية التي دارت حول جدول أعمال حمل اسم "العملية السياسية" التي تنطوي على انسحابات من المناطق المحتلة، وتفكيك مستوطنات. إن ما يمكن استنتاجه من ذلك، وفق التقرير، هو أن تصاعد مكانة المستوطنين ونفوذهم في سياق الانتخابات، وبالتالي في المرحلة اللاحقة لها. مشهد العلاقات الخارجية على مستوى العلاقات الخارجية، أوضح مهند مصطفى أن اسرائيل واجهت عام 2012 أزمة في علاقتها الخارجية بلغت أوجها في التصويت على رفع مكانة فلسطين إلى مكانة دولة مراقبة في الأمم المتحدة. وعلى الرغم من ما بدا من مؤشرات على تزايد عزلتها الدولية وتزايد الانتقادات الموجهة لها من قبل دول صديقة كالاتحاد الأوروبي إلا أن هذه الأزمة لم تصل إلى "مرحلة جدية" تدفع إسرائيل إلى تغيير سياستها ، تحديدا تلك التي تقلص فرص حلّ الدولتين من جهة أخرى. وتتخذ إسرائيل في مواجهة الانتقادات، من موضوع "التهديد الوجودي" الذي يمثله برنامج إيران النووي من جهة، ومساعي "نزع الشرعية" عنها من جهة أخرى، محاور عمل أساسية لسياساتها الخارجية. وتنتظر إسرائيل بترقب تحرك السياسة الخارجية الأميركية التي سيتبناها أوباما في ولايته الثانية، وبخاصة فيما يتعلق بالملف الإيراني والمسألة الفلسطينية. وتحاول إسرائيل أن تستفيد من الواقع الإقليمي، من خلال استغلال انشغال العالم العربي بأموره الداخلية وتحقيق مكاسب لتفادي انعكاسات الربيع العربي مستقبلاً. المشهد العسكري وفي استعراضه للمشهد العسكري، ركز فادي نحاس على تصدر النووي الايراني أولويات اسرائيل الأمنية إلى جانب مخاوفها من تراجع عوامل الاستقرار في المنطقة، وتحول الشعوب إلى عامل مركزي في تحديد مستقبل المنطقة. وفلسطينيا، أوضح نحاس ان إسرائيل شنت حربًا على قطاع غزة (وهي سياسية في جوهرها) بناء على افتراضها أنه لا توجد مصلحة لإسرائيل وحماس في تكرار شكل عملية "الرصاص المصبوب"، وأسفرت عن استنتاج اعتبرته مهما، مفاده ان العدوان على غزة ليس بالضرورة عدوانًا على مصر التي يرئسها محمد مرسي، فيما تبنت على صعيد الجبهة الشمالية- اللبنانية، استراتيجية الحفاظ على حالة "التهدئة القسرية" مع حزب الله و العمل على منع الحزب من الحصول على أسلحة "كاسرة للتوازن". المشهد الاجتماعي واستعرض نبيل الصالح في المؤتمر ملامح المشهد الاجتماعي منبها إلى تراجع حركة الاحتجاج الاجتماعي من الشارع، على الرغم من أنّ مطالبها الأساسية لم تتحقق بشكلٍ يُرضي جمهور المحتجين، لكن خطاب حركة الاحتجاج تحول بالمقابل إلى جزء أساسي من برامج عدد كبير من الأحزاب الإسرائيلية التي خاضت الانتخابات الأخيرة. وأضاف الصالح ان المطالب تركزت على مصالح الطبقة الوسطى وليس مصالح الطبقة الدنيا والفقراء. ويبدو وفق التقرير أن السنة الحاليّة سوف تشهد موجات جديدة من الاحتجاج في ضوء العجز الكبير في ميزانية إسرائيل والذي وصل إلى 39 مليار شيكل، وتوقع محاولات سدّه من خلال تقليص الإنفاق الاجتماعيّ وتخفيض الأجور وزيادة الضرائب ورفع أسعار السلع، إضافة إلى توقّعات قيام الحكومة بإلغاء أو تعليق بعض المشاريع التي اضطرت إلى المبادرة إليها استجابة لحركة الاحتجاج. الفلسطينيون في إسرائيل لم تؤد الانتخابات إلى تغير مهم على الخارطة الحزبية للفلسطينيين في إسرائيل، وفق رائف زريق، فقد حصلت كل من الجبهة والقائمة الموحّدة على أربعة مقاعد، في حين حصل التجمع على 3 مقاعد، وبهذا حصلت القوائم العربية معًا على 11 مقعدًا. وقد كان لافتًا في هذه المعركة الانتخابية الحضور النسائي، وبرز وجود 3 مرشحات في مواقع مرئية. على صعيد العلاقة مع الدولة، نبه زريق إلى ان اسرائيل هي التي تحدد شكل المواطنة الفلسطينية وتوقيتها ومكانها، وفي هذا الاطار استمر تشديد الخناق على الفلسطينيين في إسرائيل ، حيث تم اتخاذ عدة قرارات مهمة من جهة تأثيرها على مستقبله، أهمها القرار المتعلّق بتعديل قانون المواطنة، وأيضا القرار المتعلق بقانون النكبة، إذ تمّ رفض الالتماس الذي قدم من قبل جمعية عدالة وجمعية حقوق المواطن للمحكمة العليا لإلغاء قانون النكبة باعتباره قانونًا غير دستوري. أما على الصعيد الداخلي، فقد أضاء التقرير على نحو خاص قضيتين مصيريتين لمستقبل الفلسطينيين في اسرائيل، هما تزايد مستويات العنف ووصوله إلى درجات غير مسبوقة، وتردي مستوى التعليم، الأمر المرتبط إلى حدّ بعيد بالواقع الاقتصادي وبتردي الظروف المجتمعية وسياسات الإهمال من طرف الدولة، إضافة إلى الآثار البنيوية التي تركتها الظروف التاريخية وتحولات المجتمع بعد النكبة وسيطرة الدولة على مفاصل المجتمع. |