|
مها.. نيران من المعاناة والأمل
نشر بتاريخ: 03/04/2013 ( آخر تحديث: 03/04/2013 الساعة: 10:58 )
غزة- معا - في الحياة، يبدو الكثير من الناس سعداء وأحيانا نحسدهم على روحهم المرحة وبشاشة وجوههم وابتسامتهم العريضة وعلى تفوقهم, لكننا أحيانا نكون مخطئين في حكمنا على المظاهر، فكثير منهم أشد حزنا وتعاسة مما يبدو، فبرغم مرارتهم إلا أنهم يصرون على تناسي تلك الهموم والإحزان والإصرار على النجاح والتفوق، متحدين نظرة الشفقة التي قد ترمقهم.
فرغم أنها لم تتجاوز الخمسة عشر عاما لم تكن معفية بحكم الأقدار من أن تكون ضمن من يجلس على ذلك الكرسي لأزالة السموم المتراكمة في جسدها لتجد نفسها ضمن قائمة معينة يتطلب جلوسها كل يومين إلى ثلاثة أيام على تلك الآلة وذلك بعد رحلة طويلة من الألم والأطباء والتشخيص والتحاليل، حيث أظهرت النتائج أنها ولدت بكلية تعاني من ضمور تسببت في توقف عمل الكلية الأخرى لتدخل في معاناة طويلة. تقول والدة مها حميد "أم حسام" والتي تجاوزت الخمسة والأربعين عاما "عانيت كثيرا خاصة أن زوجي مريض نفسيا، فكنت اخرج من ضائقة لأدخل بضائقة أخرى، وما كان يخفف عني هو تفوق بناتي وأبنائي الذين تأملت فيهم خيرا وأتمنى أن يعوضني الله بهم عن كل ما عانيته". المرارة بدأت تتسلل إلى حديثها لتتابع "بعد ما حدث لابنتي اشعر أن ما مر علي في حياتي لا يصل إلى المصيبة التي ابتليت بها بابنتي, فكانت من اكبر المصائب ولم أكن أتوقع بيوم من الأيام أن تصاب بأي مرض فهي تعيش بحيوية ومن المتفوقات بالمدرسة وحاصلة على العديد من شهادات التفوق". |211227| تفاخرت أمامنا "أم حسام" بشهادات ابنتها حيث عرضتها علينا جميعها فلم تتغير نسبتها عن 98% خلال مراحل دراستها فشهاداتها وجوائزها كانت شاهده على تفوق وإبداع مها. وعن بداية اكتشاف المرض قالت "أم حسام": "قبل سنتين تغير حال ابنتي وأصبحت ذات لون شاحب وترهق بشكل كبير من اقل مجهود وعيناها مائلتان للسواد وأصبحت أكثر نحافة وكلما طلبت منها أن تجري فحصا كانت ترفض وتقول إنها مجرد مرهقة من الدراسة، وبعد تكرار المحاولة أخذت لها عينه للفحص". ولعدم قبول ابنتها مها بالذهاب إلى العيادة اضطرت أم حسام أن تسجل العينة باسمها لتخرج النتيجة بشيء مخيف وليكرر الطبيب السؤال لام حسام لمن هذه العينة وخاصة انه لا يظهر عليها أي مشكلة فكشفت له بأنها لابنتها وذكرت قصتها ووضعها فطلب منها تكرار التحليل. لتؤكد التحاليل الأخرى أنها مصابة ببعض القصور في الكلى وليصرف لها دواء لمدة شهر وتكرر التحليل بعد انتهاء الدواء, فكانت النتيجة صادمة لام حسام لم تتغير نتيجة التحليل عن قبل استخدمها للدواء لتدخل في دوامة العلاج والمتابعة بشكل دوري ليطلب منها الطبيب أن تنتقل لمرحلة الغسيل ولكن أم حسام لم ترغب أن تجرب ابنتها معاناة الغسيل. وتبين أم حسام أنها توجهت إلى العلاج بالاعشاب ليؤكد لها "العطار" أن ابنتها لا تعاني من أي قصور ويمكن أن تتعالج بكل سهوله إذا داومت على تناول وشرب خلطة من الأعشاب, وتضيف "خلال السنة التي تداوت بها عند العطار أصبحت ابنتي بصحة جيدة وعادت لها الحيوية وكنت أخاف من أن اجراء بأي فحص لها بل اكتفيت بالنظر لها كيف عادت الحياة لوجهها". لم تدم هذه الحالة كثيرا عند مها ففي يوم وبعد عودتها من امتحان حصلت على الدرجة الكاملة فيه أخبرت والدتها أنها وخلال عودتها مشيا ارتاحت ثلاث مرات مع أنها بالعادة لا ترتاح لان المشوار لا يبعد أكثر من 10 دقائق عن منزلها لتشك والدتها وتأخذها لعيادة الوكالة للفحص. بعد أن وضعت عينه خرج العاملون في المختبر يبحثون عن مها حيث كانت نتيجة التحليل لدمها هي 3 ونصف فقد كانت صدمة للجميع ليكرر التحليل مرة أخرى وتكون النتيجة واحدة, الغريب أن مها كانت تتحرك بشكل عادي مع شعورها بالإرهاق ليتم تحويلها إلى المستشفى. في المستشفى لم يصدق أحد نتائج التحليل لتكرر التحليل ثلاث مرات وتدخل بذلك مها المستشفى لرفع مستوى الدم وتجلس ثلاثة أيام متتالية وتبدأ مشوار الغسيل والبحث عن متبرع يتناسب مع أنسجتها. والدتها ستكون هي المتبرع لابنتها بعد أن تناسب الدم ولم يبق لها الا أن تقوم بتحليل الأنسجة وتقول أم حسام "ابنتي من المتفوقات في المدرسة وأتوقع لها أن تكون من أوائل الثانوية في قطاع غزة فرغم مرضها لكنها ما زالت تحافظ على نفسيتها في المدرسة ولم يتغير مستواها الدراسي". وتضيف "ابنتي اغلى ما لدي ولن اقبل أن تبقي هكذا لذلك سأتبرع لها بكليتي وحتى لو اضطررت أن أعطيها الاثنتين فلن اقصر معها ولكن سوء الأحوال المادية يقف عائقا أمام أن أكمل رحلة العلاج فانا احتاج إلى أن يكون معي تكلفة جلوسي في مصر لمدة 3 شهور وابنتي بعد العملية يجب أن تكون في غرفة معقمة لمدة 30 يوما واحتاج إلى ما يزيد عن 4 آلاف دولار لأكمل علاجها, ولا اعرف كيف يمكن أن أدبر هذا المبلغ". الوضع المادي السيئ لعائلة أم حسام جعلها تأخر إجراء العملية فلو كان لديها المبلغ لكانت قد أجرتها قبل عدة شهور ولكنا ما زالت تنتظر تجميع كامل المبلغ لتقوم بالسفر والتوجه إلى المصر هي وابنتها, فلا يوجد معيل للأسرة فكل ما تحصل عليه هو 1500 شيكل كل ثلاثة شهور من الشؤون الاجتماعية وهي مخصصة للصرف على 3 أبناء و3 بنات مع الوالدين ولديهم ابنه تدرس بالجامعة. عائلة حميد فقدت أكثر من خمسة من أفرادها بعد أن أصيبوا بهذا المرض, وما زال يعاني خمسة آخرين بنفس المرض وحتى أبنة عمها صابرين في العشرين من عمرها تعاني ولم تجد من يتبرع لها ولا تملك تكلفة شراء كلية متبرع, فهل ستجد مها من يقف إلى جانبها ويساندها لتكمل مرحلة العلاج وتعود كأي فتاة في عمرها ولتحقق حلما بان تكون في المرحلة الثانوية من أوائل الطلبة على مستوي فلسطين كما تتمنى؟؟؟. |