وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ملك رومانيا المهووس بكرة القدم

نشر بتاريخ: 04/04/2013 ( آخر تحديث: 04/04/2013 الساعة: 19:19 )
زيورخ - معا - موقع الاتحاد الدولي - ما هو أول شيء يفعله ملك بعد جلوسه على العرش؟ إذا كنا نتحدث عن الملك كارول الثاني بعد توليه الحكم في رومانيا في العقد الرابع من القرن العشرين، فإن الإجابة ستكون غاية في الغرابة: إذ أعلن الملك أن أهم أولوياته هي لحاق بلاده بالنسخة القادمة لكأس العالم .

لكنه اصطدم بعقبة كبيرة تمثلت في أنه تولى سلطة البلاد قبل 35 يوماً فقط من انطلاق النسخة الأولي للنهائيات العالمية. إلا أن الملك المعروف بانفتاحه والبالغ من العمر 37 عاماً آنذاك لم يثنيه ضيق الوقت أو حقيقة أن رومانيا خاضت أول مباراة دولية في تاريخها منذ ثمانية أعوام فقط.

فبعد سعي حثيث، تمكن كارول الثاني من حجز مقعد لبلاده في نهائيات أوروجواي 1930 قبل موعد انتهاء التقدم بالطلبات الذي وضعه FIFA بثلاثة أيام فقط ليمنح الملك على الفور عفواً عاماً لجميع لاعبي الكرة الموقوفين بسبب أي تهم متعلقة بكرة القدم. وبدلاً من أن يضع ثقته في المدرب كوستيل رادوليسكو ويتركه يختار القائمة، اختارها هو بنفسه.

لكنه واجه مشكلة أخرى؛ فمجموعة من أفضل لاعبيه كانت تعمل لدى شركة نفط إنجليزية والتي بدورها رفضت منحهم إجازة مدفوعة الأجر لمدة ثلاثة أشهر للمشاركة في البطولة حتى أنها قررت أن من يسافر إلى أوروجواي سيخسر وظيفته. لكن كارول الثاني كان له رأي آخر؛ ففي استعراض قوي للعضلات، اتصل الملك بمدير الشركة وأصر على غلقها ما لم تتراجع عن قرارها لتمتثل لأوامره في النهاية.

وفي 21 حزيران 1930 استقل المنتخب الروماني السفينة كونت فيرد من جنوة وبعد محطة قصيرة في فيلفرانش-سور-مير، انضم إليه نظيره الفرنسي ورئيس الفيفا جول ريميه الذي كان يحمل كأس البطولة في حقيبته، ثم لحقت بهم الكتيبة البلجيكية في برشلونة قبل أن تتوقف السفينة الإيطالية الفاخرة في ريو دي جانيرو لتصطحب منتخب السامبا.

وخلال الرحلة العابرة للأطلنطي والتي استمرت 16 يوماً، أخضع راديلسيكو قائمته التي ضمت 19 لاعباً لتدريبات لياقة بدنية على أحد الظهور العشرة للسفينة الفسيحة. وحين تدربوا بالكرة، كان على المدرب الروماني، الإشراف على 20 لاعباً، إذ لم يستطع الملك كارول الثاني أن يقف موقف المتفرج لينضم للتدريبات!

وأوقعت القرعة رومانيا في المجموعة الثالثة التي ضمت ثلاثة منتخبات فقط يتأهل عنها صاحب الصدارة إلى الدور قبل النهائي. وفي مباراتهم الأولى، انتظر أدالبرت ديسو البالغ من العمر 22 عاماً آنذاك 50 ثانية فقط ليحرز هدف التقدم أمام بيرو (ولم تشهد كأس العالم FIFA في 19نسخة سوى 8 أهداف فقط أسرع من هذا الهدف سجلها هاكان شوكور وفاكلاف ماسيك وإيرنست لهنر وبريان رويسون وبرنارد لاكومب وإيميلي فينانتيه وأرني نيبر)، ورغم نجاح ممثل أمريكا الجنوبية في إحراز هدف التعادل في الدقيقة 15 إلا أن المنتخب الروماني، متغلباً على آثار رحلته المضنية، تمكن من هز الشباك مرتين عن طريق كونستانتين ستانسيو ونيكولاي كوفاكس لينتزع الفوز بنتيجة 3-1.

بعدها اصطدمت رومانيا بمنتخب أوروجواي الذي كان يضم بين صفوفه لاعبين من أمثال خوسيه أندرادي وخوسيه ناسازي وبيدرو سي وهيكتور سكاروني. ورغم خسارة رومانيا برباعية أمام الفريق الذي توج باللقب، إلا أن ذلك لم يكن أمراً مخزياً للمنتخب القادم من جنوب شرق القارة العجوز.

بعدها قفزت شعبية كرة القدم بصورة هائلة في رومانيا حيث تحولت إلى مصدر هوس جماهيري.

و في هذا الصدد يعلق جورج هاجي أحد أشهر لاعبي الدولة الواقعة في منطقة البلقان قائلاً: "الشعب الروماني مهووس بكرة القدم بصورة لا يمكن وصفها."

تنازل كارول الثاني عن العرش في 1940 ورحل إلى البرتغال بعد 13 عاماً – في مثل هذا اليوم الخميس منذ 60 عاماً. ومع ذلك فإن الرجل الذي ولد أبوه في ألمانيا وأمه في إنجلترا سيعيش في أحشاء تاريخ كرة القدم الرومانية إلى الأبد بصفته ملهم العلاقة الغرامية الأبدية بين الشعب الروماني والساحرة المستديرة، لتبقى أسطورة الملك المهووس بكرة القدم خالدة في التاريخ .