|
الهاكرز .... والهندسة الوراثية
نشر بتاريخ: 10/04/2013 ( آخر تحديث: 13/04/2013 الساعة: 23:16 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
غضب مني المهندس المسؤول عن الشبكة العنكبوتية في وكالة معا ، وعاتبني كيف اكتب على صفحتي على الفيسبوك ان الهاكرز الاسرائيلي اخترقوا صفحتنا وانزلوها عن العمل !!! واوضح لي ان الامر عبارة عن توقف للعمل بسبب الازدحام وانهم لم ينجحوا في اختراقنا . وكان ردي ان الامر لا يدعو للخجل فهذا راعي الغنم اسامة بن لادن كسر انف الولايات المتحدة وحطّم طائراتها فوق بناياتها في غزوة نيويورك ، وها هم اطفال الانترنت نجحوا في تعطيل صفحة الموساد ووزارة الدفاع الاسرائيلية ، كما ان اي طفل من دبي او غلام من الهند يستطيع ان يدّوخ العالم ويخترق اي موقع .
ولا يزال الامر يشغل بالنا . هل نجح العرب في توجيه صفعة لاسرائيل ؟ ام اننا نطيش على شبر ماء ؟ البعض منا انتشى بهجوم الهاكرز العربي على اسرائيل واعتبرها ام المعارك وقمة الانتصارات وذروة الخزي لاسرائيل التي طالما باهت انها افضل من العرب واجمل من العرب واكثر حضارة وتكنولوجيا من العرب . فجاء اولاد العرب و " مرمطوها " وعطّلوا صفحاتها ، حتى غنّى قاسم النجار متشفيا على لسانهم ( الحقونا الحقونا الهاكر لعن ابونا ) . والبعض سخر من ذلك وكتب ان اسرائيل دولة عظمى وامريكا مثلها دولة عظمى ونحن مجموعة من المتخلفين والمتسولين على ابواب الحضارة ولا يجوز ان نعتبر ذلك انتصارا لنا لان اسرائيل قادرة فورا على قطع الانترنت عن كل فلسطين بكبسة زر . ومهما يكن الامر ... لا يجوز ان نحاكم المستقبل بعقلية الماضي ومن اجل ان ننتصر علينا ان نعطي اي قائد يرى ان اسرائيل افضل منا ، ان نعطيه تقاعد مبكر وان نعفيه من القيادة فورا ، والهندسة الورائية تؤكد ان اولادنا اكثر ذكاء منا وان كل جيل من الاجيال يحمل بين ظهرانيه تراكم معرفي غير متوقع وطفرات ذكاء مستفيضة يمكن ان تخلق الابداعات الحقيقية ايجابا او سلبا . واسمحوا لي ان اسجّل بعض الاعتبارات التي ارى انها قابلة للتفكير والتأمل : ان قوة امريكا ليست ابدية وانها مثل اية امبراطورية لها نقاط ضعف ووهن ظاهرة ومخفية ولا يجوز فلسفيا او سياسيا ان نتعامل مع امريكا انها قدر للعرب وانه لا يوجد خيار اخر امامهم سوى الركوع والاستسلام لحضارتها ، وامريكا اللاتينية اذ تحررت نموذجا ناجحا يمكن التفكير به . كما ان اسرائيل دولة احتلال غاشمة ، ومجرد نجاح الهاكر العربي في تعطيل مواقع السيادة فيها مثل الوزارات ووزارة الدفاع وموقع الصناعات العسكرية والموساد ودائرة الهجرة والاراضي يعتبر نصرا كبيرا للشباب العربي وصفعة كبيرة للاحتلال المغرور . ان اسرائيل حاولت جاهدة وبكل السبل تحقير وتسخيف ما قام به الهاكرز باعتبار انها محاولة يائسة وذليلة للنيل من قامة الدولة العبرية تكنولوجيا ، لكن هذا التسخيف وهذا الغرور ليس حتميا .ويقول روني بخر، مدير مجال الهجمات و"السايبر" في شركة "افنت لحماية المعلومات في اسرائيل "، انا قلق ولا أشارك في الاستهزاء الكلي بهذه الهجمة. لقد شاهدنا نشاطا مركزا للغاية وواسعا جداً" لكنه تحفظ على أقواله وأضاف "جل المساس كان في مواقع لم تقم بإجراء الحد الأدنى المطلوب لحماية المعلومات وبأناس عاديين تجاهلوا ببساطة التحذيرات لزيادة اليقظة، وتبديل رمز الدخول، وتجنب استقبال ملفات وروابط من مصادر مجهولة". ومن ناحية اخرى لا يحق للمستسلمين لقوة امريكا واسرائيل ان يمنعوا الجيل القادم من محاولة التحدي ، وحتى لو كانوا على حق وان اسرائيل اقوى من كل الدول العربية . فليس من حق الجيل الحالي ان يمنع الاجيال القادمة من شرف المحاولة . وبدلا من الاستهزاء بمحاولة 700 هاكر عربي التضامن مع فلسطين واهلها وحقوقها ، كان يمكنهم ان يجلسوا ويشاهدوا . لم يطلب احد منهم التأييد والتشجيع ولكن على الاقل ان يشاهدوا . اخطر ما في حملة الهاكرز هي الفكرة . والفكرة لا تقدر باموال الدنيا . لان كل طفل وكل شاب وفتاة في اندونيسيا والجزائر وماليزيا والهند والصين وروسيا وايران لبنان وسوريا وكوريا يستطيع الان ان يعبّر عن غضبه تجاه جرائم الاحتلال من خلال الانترنت ومن دون اي نقطة دم وان يقول لاسرائيل كفى كفرا وكفى فجورا وكفى احتلال . اي ان فكرة المشاركة في معركة التضامن مع الشعب الفلسطيني باتت متاحة ولا يحدها الجغرافيا ولا يمنعها الجدار ، وليس شرطا ايقاع الاذى باسرائيل وانما مجرّد التعبير عن الرأي وارسال صورة للاسير سامر العيساوي من خلال البريد الالكتروني العادي يفي بالغرض . يؤكد الصحافيون الاسرائيليون ان نتانياهو متخلف تكنولوجيا ولا يعرف كيف يشغّل اللاب توب ، ولكنه هو الذي دعا وبقرار حكومي عام 1996 الى تحويل اسرائيل الى دولة عظمة تكنولوجيا ... ونحن نعرف ان قيادات العرب متخلفة تكنولوجيا ، ولكن ليسمحوا للجيل القادم ان يفكّر وان يبدع . واخيرا يستطيع الاسرائيليون ان يخترقوا مواقعنا بالهاكرز ، ولكن الاهم اننا اصبحنا نحن نستطيع ايضا ... وتستطيع امريكا ان تحتل اية دولة عربية وان تعتقل الزعيم كما فعلت برئيس بنما اورييغا وزجّته في السجن ، ولكن على امريكا تدرك من الان فصاعدا ان العرب يستطيعون .. وان كل كف يضربه جندي اسرائيلي من حرس الحدود لعامل فلسطيني على الجدار سيولّد حقدا وكراهية لاسرائيل في كل ارجاء العالم . هي فكرة ... مجرد فكرة ، وانما الغبطة فكرة . |