وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

محمد يتهم أمن مصر بسلبه ذاكرته

نشر بتاريخ: 18/04/2013 ( آخر تحديث: 18/04/2013 الساعة: 13:42 )
غزة- خاص معا - رغم مرور أسبوع على عودته إلا انه لم يستوعب انه في عام 2013م فكل ما شعر بأنه مر من حياته هي شهرين إلى أربعة شهور كأقصى مرحلة عشها داخل غرفة مساحتها لا تتجاوز المتر في نصف متر يشاركه أيضا دورة مياه مع اختفاء أي مصدر للنور.

الشاب محمد لوقا ( 27 عاما) من سكان رفح جنوب قطاع غزة خرج عن طريق احد الإنفاق في أواخر شهر ابريل/ نيسان عام 2011م ليعود إلى قطاع غزة أواخر مارس عام 2013م، سنتين مرت من عمره وهو لم يشعر بها وليس فقط هذا ما حدث له، بل انه أيضا يعاني من شبة فقدان للذاكرة.

وتعود والدته أم علاء في أواخر الخمسينات من العمر بذاكرتها إلى شهر ابريل حيث عادت إلى البيت وسئلت عن محمد وتقول "اخبروني أبنائي بأنه ذهب إلى مصر لتجارة فهو يتنقل كثيرا ما بين مصر والقطاع بحثا عن عمل العيش هو وزوجته وأبنت أخوه فهو يشتري بضاعة ليبيعها في غزة والعكس مع مصر".

وتبين أنها كانت قلقة علية كثيرا ولكن تأكيد أخته لها بأنه طلب منها أن تجهز حفله لعيد ميلاده في 1 مايو وانه سيشاركهم الاحتفال وسيجلب لهم معه هدايا وينتظر هدايا عائلته، جعلتها تشعر ببعض الراحة.
|213604|
بعد مرور أسبوع وانقطاع الاتصال معه بدا الخوف يتسلل إلى أفراد العائلة فكثر السؤال عنه وتم تبليغ الجهات المختصة باختفائه ولكن بدون أي جدوى، بدا الأخ الأكبر علاء بمهمة البحث عنه فلم يترك صاحب نفق أو مسافر من غزة إلى مصر إلا وسأله عنه كما أرسل آخرين للبحث والسؤال في أقسام الشرطة والمستشفيات ولم يكن يجد أي رد عن مكان أخيه.

في تلك الفترة كثرت الإشاعات والتأويلات عن مكان تواجد محمد، ليرن جوال علاء بعد مرور سنتين فإذا برقم جارهم ليسمع صوت محمد ويقول له خلال يومين سأكون على معبر رفح وليسكت الأخ الأكبر ولا يخبر أحدا خوفا من أن تفرح العائلة ويصدمون بعد ذلك إذا لم يأت.

بعد يومين تلقى علاء اتصالا من داخلية رفح بوجود محمد لديها فذهب مسرعا ليحضره، المفاجأة كانت عندما وقف محمد هزيل الجسد فاقدا أكثر من نصف وزنه ولا يستطيع أن يحدد اتجاه منزله ليقوم أخاه بتعريفة بالطريق كذلك لم يستطع التعرف على منزله أو الحارة التي يسكن بها وكان يمشي بصعوبة قليل التحدث وعلامات التعذيب شاهدة على جسده.

ذاكرة مفقودة

بصعوبة بالغة تحدث محمد لوكالة معا حاولنا تنشيط ذاكرته التي فقدها كنا نكرر عليه السؤال بصيغ مختلفة لنتأكد من كل معلومة يصرح بها طول فترة المقابلة لم يرفع يده عن رأسه وهي حركة لمحاولة التذكر.

عن سبب ذهابه إلى مصر قال محمد "لا أتذكر سبب ذهابي ولكن عند عودتي حضر احد الأشخاص واخبرني أنني ذهبت لجلب سيارة اشتراها من ليبيا حيث بعثت له الأوراق وانقطع الاتصال معي بعد ذلك، ولا أتذكر كيف تم القبض علي".

ما يتذكره محمد هو انه عاش فترة ثلاثة إلى أربعة شهور في غرفة لا تتعدى المتر في نصف متر مع وجود دورة للمياه وكان مجرد من جميع ملابسة ولا تحتوي على نور فالظلام كان هو المسيطر على المكان، ويتناول في اليوم قطعة جبنة صغيرة أو قطعة من الحلوى مع نصف رغيف.

ويضيف "كان كل يوم يمر علي شخص ويناديني برقمي وهو 4620 ويسألني دور ماذا اليوم في الطعام فإذا قلت الخطأ احرم من الوجبة، فكان جل تفكيري خلال تواجدي بالسجن ماذا تناولت في آخر وجبة وما يجب أن أتناوله في الوجبة التالية وكان رقمي هو ما أتذكرة بشكل كبير فكلما حضر المحقق كان ينادي علي بهذا الرقم".

وعن التعذيب لا يتذكر أي شيء حتى عن العلامات التي تمتلأ جسده، لا يتذكر كيف حدثت ولكن تذكر انه تم صعقة بالكهرباء وذلك في أثناء تعرضه لصعقة كهربائية وهو يساعد أخاه في تشغيل متور المياه، فشعر بأنه قد مر عليه هذا الموقف ولكن بشكل اكبر من هذه الصعقة.

كما انه سمع من أصدقاء عن قتل الجنود المصريين في رمضان فتذكر انه تم استجوابه من قبل أشخاص ملثمين عن مهمته في هذه العملية وكيف تم التخطيط لها واسئله كثيرة متداخلة في عقل محمد.

التعذيب للخوف

الخوف تراه في عيني محمد وكذلك في رعشة يديه ويغيب كثيرا، أثناء الحديث مع وكالة معا ، وتقول والدته التي لم تفارق دمعتها عينيها "أيام صعبة كثيرا مرت علينا والان أنا احترق ألما على ابني ما زال صغيرا ليتعرض لكل ما حدث له ما أصعب أن تجد ابنك لا يعرف أقاربه لا يتذكر أي شيء عنهم الخوف في عينه لا يستطيع الحركة بشكل جيد".

وتبين أنها بكت كثيرا عندما لم يتذكر ما كان يعشق أن يأكله كل فترة عند خالته وهي أكلة سمك، ولم يتعرف على بعض الثمار كالافوكادو، ويقول محمد "اشعر اني اعرف ما يقولونه ولكن لا أتذكره بشكل واضح، حتى الوجوه أتذكر أنها مرت علي ولكن لا أتذكرها احتاج في كل مرة أن يذكر اسمه ويذكرني بشي من الماضي فأتذكره".

يعود الشاب ليتذكر انه تم عرضة قبل شهر على السفارة الفلسطينية في ميدان التحرير بمصر مرتين المرة الأولي وكان تعاملهم جدا قاس معه حيث التقطوا له صورة وسألوه عن اسمه وسبب اعتقاله وإذا تم اعتقاله قبل ذلك ولكن لم يتذكر غير أسمة فقط.

أما في المرة الثانية تم تعريفة عن نفسه والمنطقة التي يسكن فيها ولكن لم يخبره احد عن سبب اعتقاله ليتم حجزه في تلك الفترة أي الشهر في سجن القناطر مع مجرمين جنائيين فكان الوضع أفضل من قبل حتى تم ترحيله مع عدد من الفلسطينيين إلى سجن العريش وبعد ذلك معبر رفح وهناك وقبل دخوله كان يفكر كيف سيعود إلى بيته وهو لا يتذكر غير أمه وأبنة أخيه نور.

الصدفة ساعدت محمد حيث تعرف عليه اثنان من جيرانه فألقوا عليه التحية وسألهم إذا كانوا يعرفون أي طريقة للتواصل مع عائلته حيث تكلم مع أخيه علاء فمكث يومين في سجن العريش ليعود إلى غزة مع قرار في نفسه بعدم العودة نهائيا إلى مصر.

صدم وسكت لأكثر من ساعتين عندما علم انه في عام 2013 فلم يكن يتوقع انه عاش سنتين تقريبا في ذلك السجن المعزول عن العالم والذي لا يعلم ماذا فعل به سجانوه خلال تلك الفترة، الشاب محمد لوقا يحتاج إلى فترة من العلاج النفسي والجسدي طويل الأمد ليعود إلى حياته الطبيعة ويتذكر كل ما مر به خلال العامين وكذلك ليسترجع ذاكرته القديمة.

وتتساءل أم علام لماذا يترك أبناؤنا يتعرضون لمثل هذا التعذيب ولا يسأل احد عنهم رغم أننا بلغنا عن اختفائه ولماذا تعاملت السفارة الفلسطينية بشكل قاس مع شخص يظهر عليه علامات التعذيب النفسي والجسدي؟ ولم تفكر حتى بسؤاله بماذا مررت خلال فترت سجنك؟.

يشار إلى أن قوات الأمن المصرية تشن حملة في شمال سيناء لضبط الفلسطينيين المتسللين والذين يتواجدون في سيناء بطريقة غير مشروعة وذلك بتسللهم عبر الأنفاق المنتشرة بين مصر وغزة.