وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

نحب برشلونة ونكره الاحتلال

نشر بتاريخ: 17/04/2013 ( آخر تحديث: 17/04/2013 الساعة: 18:06 )
بقلم: المحرر الرياضي عمر الجعفري

بعد 6 سنوات من نكبة عام 1948 جئت الى الحياة، سكنت في مخيم الدهيشة، حيث اهلي كانوا يسكنون، كان والدي رحمه الله يتحدث لي كل مساء عن الارض التي هجرنا منها قسرا، كان يتحدث عن الارض التي تركوها خلفهم بعد ان اقتلعتهم العصابات الاسرائيلية منها، وأصبحنا لاجئين فوق جزء من ارضنا فلسطين.

عشنا في خيام، وكان وضعنا مأساويا، وكم مرة اقتلعت الثلوج أوتاد خيمتنا، ليصبح غطائنا السماء وفراشنا الارض، وكم مرة غرق فراشنا الذي ننام عليه من مطر السماء الغزير.

لم تتركنا اسرائيل في حالنا بالرغم من احتلالها ارضنا، وبقيت في كل فرصة تنهش لحمنا، وتضربنا بجيشها وطائراتها، حتى اصبح شعبنا شعب النكبات. جاءت حرب حزيران عام 1967 واستولت اسرائيل على ما تبقى من ارض فلسطين.

وبعد هذا الاستيلاء خضعنا لوجبة اسرائيلية اخرى من التنكيل والعذاب، وهجرت اعداد كبيرة من المواطنين الفلسطينيين الى الدول العربية المجاورة، وعاش شعبنا منذ ذلك الوقت حتى يومنا فترات صعبة، شاهد فيها صنوف العذاب الذي يعجز الانسان عن وصفه.

فتلت اسرائيل "الدولة المحتلة" العديد من اطفالنا، وقطعت الالاف الاشجار، وأطلقت النار في العديد من المناسبات، وانشات العديد من المستوطنات على ارضنا، وسكنها الاغراب، الذين تفننوا بالتنكيل بأصحاب الارض والمزارعين الفلسطينيين، حتى اصبح الناس لا يجرؤون على الدخول الى ارضهم، وعاش اطفالنا في خوف، وعاشت امهاتنا على وجع ابنائهن الجرحى، وهدمت البيوت على رؤوس ساكنيها.

وما هذا إلا القليل من صنوف العذاب الذي مارسه الاحتلال ضد ابناء شعبنا، ومن هنا كرهنا الاحتلال وقاومناه ولم ولن نلتقي به في يوم من الايام.

وبالرغم من كل ما نعانيه وبالرغم من عتمة السجن وآلم السجان إلا اننا كنا ننظر الى النور القادم من النفق، احبينا الحياة، فرقصنا وغنينا في اعراسنا ، وفي مناسباتنا، بالرغم من الالم الذي يعتصر قلوبنا.

لعب اطفالنا كرة القدم، كما لعبت بناتنا كرة السلة، وانشأنا العديد من الاندية، وأقمنا العديد من البطولات في مناسباتنا الوطنية، واعتبرنا الرياضة وسيلة من الوسائل السلمية التي نقاوم بها الاحتلال، لعبنا على ملاعب ترابية، ولم نعرف الملاعب المعشبة إلا حديثا، حيث قفزت الرياضة قفزة نوعية بالرغم من ان عمرها في بلدي كبير.

ومارس شبابنا لعبة كرة القدم، كما مارستها بناتنا، بعيدين عن التعصب والتشنج، وأصبح لنا منتخبات نتباهى بها بالرغم من عمرها الزمني القصير، وانتشر لاعبونا في مختلف انحاء العالم، شجعنا الاهلي المصري كما شجعنا الزمالك، وشجعنا برشلونة كما شجعنا ريال مديريد، وشجعنا مانشستر كما شجعنا أي فريق انجليزي اخر، بالرغم من ان الانجليز هم من سلموا ارضنا للمحتل وأصدروا وعد بلفور سيء الصيت.

احببنا التنس الارضي وأحبينا شتيفي غراف والجميلة الروسية شارابوفا، زينا جدران بيوتنا بصور ميسي كما زيناها من قبل بصور مارادونا ومن قبلهم عشقنا بليه وبلاتيني وكرويف وزيكو وعتاولة الكرة البرازيلية.

شجعنا برشلونة لان لعبهم جميل ويتحفونا بأدائهم كما شجعنا ريال مدريد لانهم كذلك، شكلنا روابط للمشجعين للناديين، ويصرف شعبنا الالاف الدولارات بالإطلاق الالعاب النارية عندما تفوز برشلونة على الريال او العكس، وأصبحت بناتنا يحفظن اسماء لاعبي برشلونة اكثر من حفظهم لدروسهم ويتابعون مباريات الكلاسيكو اكثر من متابعتهم لواجباتهم المدرسية.

هذه حكايتنا، حكاية شعب يرزح تحت الاحتلال، سرقوا منه ماءه وغذاءه، سرقوا منه ارضه، قتلوا اطفاله ونساءه، فكيف لنا ان نحبهم ونلعب كرة القدم معهم !!!
لذلك كرهنا الاحتلال ولن نلتقي معه.
ولأننا نحب برشلونة ولا نريد احدا ان يقاسمنا حبنا بها، فهذه دعوة من فقراء شعبنا لكم بالتفضل للعب على ارضنا، فأهلا بكم للعب هنا حيث الناس يحبونكم، لأنكم الاجمل، لأنكم الاروع ، لأنكم الأفضل، فنحن نعشقكم ونريد ان نحتفل بكم على طريقتنا الفلسطينية الخاصة، وعاش برشلونة وليسقط الاحتلال.