وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فياض: فلسطين أكبر من الجميع

نشر بتاريخ: 17/04/2013 ( آخر تحديث: 18/04/2013 الساعة: 12:57 )
رام الله- معا - ركَّز رئيس الوزراء د. سلام فياض حديثه الأسبوعي، والذي قال أنه الأخير كرئيس للوزراء، على التحديات الداخلية، وضرورة استنهاض الطاقات، وتوحيد الجهود في مواجهة الاحتلال ومخططاته التي تستهدف حق الشعب الفلسطيني في الحياة والبقاء على أرضه، وما يتطلبه ذلك من ضرورة تحقيق الانسجام بين مختلف مكونات النظام السياسي.

ودعا فياض إلى العودة للشعب وإجراء الانتخابات العامة، مؤكداً على أن ذلك يشكل المدخل الوحيد لإعادة بناء النظام السياسي وتحقيق أهداف شعبنا الوطنية. وأشار إلى أهمية احترام وعي المواطن ودوره في إنهاء الانقسام، مؤكداً على أن إعادة الوحدة للوطن ومؤسساته هي حجر الزاوية لإمكانية تجسيد دولة فلسطين على الأرض، ومعتبراً أنه كما لا دولة دون القدس عاصمة لها، فإنه لا دولة دون قطاع غزة جزءاً أساسياً منها.

وأشاد رئيس الوزراء خلال حديثه الإذاعي بالدور الحاسم للمواطنين في الانجازات التي حققتها الحكومة، وخاصة في القضاء على الفوضى التي كانت مستشرية بصورة مدمرة للمشروع الوطني. كما أشاد بدورهم في بلورة الأولويات التي استندت إليها رؤية الحكومة وبرنامج عملها لإعادة بناء المؤسسات، والنهوض بدورها في تعزيز صمود المواطنين وقدرتهم على مواجهة الاحتلال، ومواصلة معركة التحرر الوطني والبناء الديمقراطي.

وشدد فياض على الوظيفة الجوهرية لمؤسسات دولة فلسطين في رعاية مصالح المواطنين وتقديم الخدمات لهم على أساس تكريس مبادئ المواطنة القائمة على العدل والإنصاف، واحترام الحقوق وصون الحريات.

واعتبر رئيس الوزراء أن تواصله مع المواطنين انطلق من قناعته بروح الشراكة للنهوض بالمشروع الوطني، مشيداً بمشاركة وإسهام كل مواطن فيما تحقق من بناء لركائز وتعزيز لمقومات دولة فلسطين، والتي أقرت بها المؤسسات الدولية المختصة واحتضنتها الأمم المتحدة.

وهذا النص الكامل للحديث الإذاعي الذي بثته الإذاعات المحلية صباح اليوم:

إرتأيتُ أن يتركزَ حديثي الأسبوعيّ لهذا اليوم، وهو الأخير الذي أخاطبُكم فيه كرئيسٍ للوزراء، حول التحديات الكبيرة التي تواجهُنا، وخاصةً الأوضاع الداخلية، وضرورة استنهاض طاقاتنا في إطار يكفل تحقيق الإنسجام المطلوب بين مكونات نظامنا السياسيّ كافة، وبما يُساهمُ في توحيد كل الجهود في مواجهة الاحتلال ومخططاته المُستمرة في استهداف وجود شعبنا وحقه في الحياة والبقاء على أرض وطنه.

لقد تشرفتُ، أيها الأخوات والأخوة، قبل حواليّ ست سنوات، بأن مُنحت الفرصة لخدمتكم عندما عُهدت لي مهمة تشكيل حكومة أتت لشديد الأسف، في ظلِ ظروفٍ ربما كانت الأكثر تعقيداً منذ إنشاء أول سلطةٍ وطنيةٍ فلسطينيةٍ على أرض فلسطين .

وقد كان لالتفاف كل مواطن منكم حول برنامج عملنا، والذي استمد أولوياتِه أساساً من احتياجاتِكم، الفضلَ الأكبر والركيزةَ الأهم في تمكيننا من إعادة بناء مؤسساتنا الوطنية والنهوض بدورها وقدرتها على القضاء على حالة الفوضى التي كانت مُستشريةً ومدمرةً لمشروعنا الوطنيّ، وفي رعاية مصالح جميع المواطنين وتقديم الخدمات الأساسية الكفيلة بتعزيز صمودهم وقدرتهم على مواجهة الاحتلال في إطار رؤيةٍ واضحة للتحرر الوطنيّ والبناء الديموقراطيّ، حيث أدى هذا الالتفاف إلى إعادة بناء الأمل والثقة بالقدرة على الإنجاز والتقدم بخطى ثابتة نحو ترسيخ مؤسسات دولة فلسطين العتيدة، ووظيفتها الجوهرية في خدمة مواطنيها على أساس تكريس مبادئ المواطنة القائمة على العدل والإنصاف واحترام الحقوق وصون الحريات. وقد ظل معيارُنا الاساسيّ للنجاح مُتمثلاً في مدى التقدم نحو إعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، والذي للأسف ما زال يتطلبُ منا جميعاً المزيدَ من الجهد والإخلاص لضمان تحقيقه. فهذا الأمر يُشكلُ حجرَ الزاوية لإمكانية تجسيد دولة فلسطين المُستقلة على الأرض، حيث أنه كما لا دولةَ دون القدس عاصمةً أبديةً لها، فإنه لا دولةَ دون قطاع غزة جزءاً أساسياً لا يتجزءُ منها. ولعل احترام وعي المواطن ودوره في إنجاز هذا الأمر، يتطلبُ العودةَ للشعب، وإجراء الانتخابات العامة باعتبارها المدخل الوحيد لإعادة بناء نظامنا السياسيّ وتحقيق أهدافنا الوطنية.

واليوم، أيها الأخوات والأخوة، وبعد أن تقدمتُ باستقالتي للأخ الرئيس "أبو مازن"، شاكراً له الفرصة التي مُنحتُها لخدمتكم، فإن واجبي يفرضُ علي مخاطبتَكم بكل الشفافية ومن منطلق روح الشراكة التي عملنا معاً على أساسها طوال الفترة الماضية. فما نحنُ بأمس الحاجة له في هذه المرحلة يتركزُ على تمتين جبهتنا الداخلية، وإزاحة كل مظاهر الضعف في بنية نظامنا السياسيّ، وبما يُحققُ المزيد من الالتفاف حول مشروعنا الوطنيّ وتحصينه من كل الأخطار المُحدقة به، ويضاعف الجهود لتقريب لحظة الخلاص والانعتاق من الاحتلال وطغيانه وإرهاب مستوطنيه، وبما يُفضي إلى تجسيد سيادتنا الوطنية على أرض دولة فلسطين التي احتضنتها الأسرةُ الدولية في تشرين ثاني الماضي، بعد أن ساهمَ كل فلسطينيّ وفلسطينية في بناء ركائزها وتعزيز مقوماتِها، لتكون دولة حرة لشعبٍ من الأحرار مُجللة بعذابات الأسرى والمشردين وبعظمة تضحيات الشهداء، وعلى رأسهم زعيمنا الخالد أبو عمار، وإنني على ثقة بقدرة شعبنا على تحقيق هذه الأهداف.

في هذه اللحظة، أخواتي وإخوتي، أشعرُ بالعرفان لكل الذين ساندونا ووقفوا معنا، كما أشعرُ بعميق الامتنان والعرفان لكل رأيٍ أو موقفٍ انتقدَ مسيرةَ عملنا وحاول تصويبها لما فيه خير شعبنا وقضيته الوطنية. وأما من لازموا هذه المسيرة بمواقفَ مُسبقة، أو امتهنوا إطلاق الأحكام المُسبقة، فأقول لهم، سامحكُم الله. فلسطين أكبر من الجميع.

لقد تركزت مهمتُنا الأساسية خلال السنوات الماضية، على توفير كل ما من شأنه تعزيز قدرة شعبنا على الصمود، وتمكينه من البقاء على أرضه، وتوفير المناخ الكفيل باستنهاض طاقاته في معركة التحرر الوطنيّ والبناء الديموقراطيّ في مواجهة مخططات الاحتلال وسياساته في استهداف حق شعبنا الطبيعيّ في البقاء على أرضه والعيش حراً كريماً عزيزاً أبياً عليها. وكان شعبُنا دوماً هو المعلم والمُلهم، والحاضنة الأهم التي سلحتنا بالأمل وبالثقة في القدرة على الانجاز ومراكمته، وعلى تصويب ما يعتري مسيرةَ عملِنا من نواقصَ أو ثغرات. وكان هذا الأمل الذي يربيه شعبُنا يومياً، يتعاظمُ ويعززُ ارادتَنا وحتمية انتصار قضيتنا، بالقدر الذي يتمكنُ فيه طفلٌ من الوصول إلى مدرسته، أو فلاحٌ من البقاء على أرضه، أو مواطنٌ في الصمود ليومٍ آخر، ولليوم الذي يليه حتى نحقق أهداف مشروعنا الوطنيّ كافة.

وهنا فإنني آمل أن تتمكن الحكومة الجديدة من البناء على ما تم إنجازه، ومواصلة حشد كل الطاقات واستثمار أقصى الإمكانات لتعزيز صمود شعبنا وقدرته على المزيد من الإسهام في معركة التحرر الوطنيّ والبناء الديموقراطيّ.

وقبل أن أختم حديثي، أود أن أؤكد لكم أن التنحي عن هذه المهمة لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن الفعل والإسهام، كما هو حال كل واحد منكم في دور الكل الفلسطينيّ في الدفاع عن قضية شعبنا وحقوقه الأساسية في الحرية والكرامة، وتوفير كل ما من شأنه تقريب لحظة انتصارها.

وفي نهاية حديثي، أشكركُم من أعماق قلبي على كل فكرةٍ ورأي، ومبادرة ساعدتنا في العمل. كما أشكركُم على كلِ لحظةٍ احتضنتمونا فيها في بيوتكم وخيامكم، في خربكم ومضاربكم... في كل زُقاقٍ وحي من مدن وقرى ومخيمات وطننا المنتصر بإذن الله وبإرادتكم. وسيظل رهاننا أولاً وأخيراً على شعبنا وصموده وإصراره على نيل حقوقه كافة.

دوماً سنظل معاً، ولشعبنا موعد مع الحرية قريب بإذن الله،
شكراً لكم والسلام عليكم

الفيديو