وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الرئيس: حرية الأسرى مقياس جدية إسرائيل في التعاطي مع عملية السلام

نشر بتاريخ: 27/04/2013 ( آخر تحديث: 27/04/2013 الساعة: 23:12 )
رام الله- معا - قال الرئيس محمود عباس، اليوم السبت، إن حرية الأسرى هي المقياس الذي يتم من خلال تقييم جدية الجانب الإسرائيلي في التعاطي مع العملية السلمية، مؤكداً أن لا حل إلا بتحرير الأسرى، وعودتهم إلى أهلهم وأحبائهم، وهذه الطريق إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.

جاءت أقوال الرئيس هذه، في كلمة مسجلة للمشاركين في مؤتمر "الحرية والكرامة"، والذي عقد في فندق جراند بارك في مدينة رام الله، وهو مؤتمر أقيم لتحشيد الدعم والمناصرة لقضية الأسرى لمناسبة الذكرى الـ11 لاعتقال الأسير مروان البرغوثي، والذي يشارك فيه 100 ضيف دولي من البرلمان الأوروبي ووفد من جنوب إفريقيا.

وشدد الرئيس عباس على أن جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني لن تمر، وقال: لن تمر جرائم الاحتلال التي ارتكبت بحق شعبنا طال الزمان أو قصر، وإن سلطات الاحتلال انتهكت كل القوانين والاتفاقيات الدولية، ففلسطين اليوم ليست فلسطين الأمس، فهي اليوم دولة مراقب في الأمم المتحدة، وأضاف: لنا حرية ما يتمتع به موقفنا القانوني بأن نلجأ إلى ما يحق لنا، فصبرنا له حدود وبالعقل والحكمة نقيس الأمور.

وأكد الرئيس على أن قضية الأسرى على سلم أولويات القيادة الفلسطينية واهتماماتها، وقال: نستذكر الأسرى الذين قضوا زهرة شبابهم في سجون الاحتلال بعضهم ارتقى شهيدا، كان آخرهم الشهيد ميسرة أبو حمدية، وبعضهم خاض الإضراب عن الطعام لفترة طويلة مثل الأسير سامر العيساوي.

وتابع الرئيس: في خضم إحياء شعبنا لذكرى يوم الأسير تأتي اليوم الذكرى الـ11 لاعتقال الأسير مروان البرغوثي الذي عانى ويعاني من الأحكام الجائرة والعزل طيلة السنوات السابقة في الأسر.

وأردف الرئيس عباس قائلاً: من واجبنا الاستمرار بالفعاليات الوطنية مع أسرانا طيلة العام ضد ممارسات سلطات الاحتلال وانتهاكها للقانون الدولي بحق الأسرى.

وحيا الرئيس عباس الأسيرات والأسرى الأبطال في سجون الاحتلال الصامدين، وخص بالذكر النواب المنتخبين المعتقلين في سجون الاحتلال، الأطفال، والنساء، والمرضى، وقال: نجدد العهد لهم بأننا لن نتوانى ولن نترك بابا إلا سنطرقه لتحقيق آمال أسرانا وأحبائهم بالحرية.

من ناحيته، قال رئيس حكومة تسيير الأعمال د. سلام فياض إنه لم يعد ممكناً السماح باستمرار إسرائيل في القفز عن قواعد القانون الدولي وعن المكانة القانونية لدولة فلسطين كأرض محتلة، ولا الاستمرار في انتهاك المكانة القانونية للأسرى الفلسطينيين.

وأضاف د. فياض: كدت فتوى لاهاي ضرورة تطبيق اتفاقية جنيف على الأرض الفلسطينية المحتلة، وبما يعني مسؤولية إسرائيل كقوة احتلال، الأمر الذي يشمل الأسرى الفلسطينيين في سجونها ومعتقلاتها، كما أن قبول دولة فلسطين بصفة مراقب في الأمم المتحدة يعزز من المكانة القانونية لأسرانا، حيث أن ذلك يفتح الباب لتكون فلسطين واحدة من الدول الموقعة على اتفاقية جنيف، بكل ما يترتب على ذلك كله من حقوق، في مقدمتها حق الأسرى في الحرية، كما حق شعبنا في الخلاص من الاحتلال، وتقرير مصيره، وتجسيد سيادته في كنف دولة مستقلة وكاملة السيادة على كامل أرضنا المحتلة منذ عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف.

وأضاف د. فياض: لا ينبغي أن يغيب عن بال أحد أن لكل أسير قصته الإنسانية فهم ليسوا مجرد أرقام كما تسعى إسرائيل إلى تحويلهم، بل إنهم بشر طبيعيون لهم أحلامهم وتطلعاتهم الإنسانية للعيش مع عائلاتهم، والمساهمة في ازدهار مجتمعهم، لهم آباء وأمهات وأزواج وأبناء وبنات وإخوة وأخوات، ولهم ذكريات جميلة عن سهول وجبال ووديان بلادنا.

وتابع د. فياض: لعلني أجزم أن ما سجلته ذاكرة الأسرى من إنتاج ثقافي وأدبي وإنساني رفيع، وثق تجربتهم ومعاناتهم، لم يكن معزولا عن أحلامهم الجميلة ليس فقط بالحرية، بل وبذكريات أجمل عاشها كل منهم مع أحبته، وتطلعات مشروعة لكل منهم للمشاركة في بناء مستقبل أفضل لعائلاتهم ولشعبهم، فمروان وكل الأسرى لهم الحق، كل الحق، في أن يجسدوا حلمهم بالعيش أحراراً في وطن ح ومع شعب من الأحرار.

وأشار د. فياض إلى أنه لا يزال 4900 أسيراً يقبعون في سجون الاحتلال، واصفاً إياهم أسرى الحرية، منهم 106 أسرى معتقلين منذ ما قبل عام 1994، أي قبل توقيع اتفاق أوسلو، وأقلهم مضى على اعتقاله حوالي 19 عاما، و27 منهم أمضوا أكثر من ربع قرن في سجون الاحتلال، إضافة إلى الأطفال دون سن الثامنة عشر، والمرضى، حيث العديد منهم في حالة خطيرة، ويعانون من أمراض القلب والسرطان والفشل الكلوي وغيرها من الأمراض الصعبة والمزمنة، ولا يتلقون العلاج المناسب.

وأكد د. فياض أن استشهاد أكثر من 200 أسير بعد الاعتقال داخل السجون والمعتقلات جراء الإهمال الطبي أو التعذيب أو القتل العمد، وأخرهم الأسير ميسرة أبو حمدية، وقبله الأسير عرفات جرادات، يؤكد ضرورة الوقوف على الواقع الصحي والإنساني للأسرى، وفي هذا المجال، هناك أهمية قصوى لتنفيذ قرار البرلمان الأوروبي بإرساله بعثة تقصي حقائق برلمانية حول ظروف الأسرى الفلسطينيين، وكذلك قرار منظمة الصحة العالمية بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول الأوضاع الصحية للأسرى.

وخاطب د.فياض المؤتمرين بالقول: مشاركتكم في هذا اللقاء الدولي الهام، تشكل بالنسبة لنا حدثاً هاماً ونوعياً لتأكيد التضامن مع شعبنا وأسراه، في وقت نسير فيه بثبات، نحو الحرية بمعناها الواسع، وخاصة الحرية التي يسعى شعبنا لنيلها في وطن له، كحق طبيعي كباقي شعوب الأرض.

وأردف د. فياض: أتوجه إلى كل أسرانا القابعين في سجون الاحتلال، وفي القلب منهم أسرى القدس المحتلة، إلى الأطفال منهم والمرضى والنساء، وإلى الإداريين والمحكومين والموقوفين، وإلى أعضاء المجلس التشريعي مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وجمال الطيرواي، وحسن يوسف، ومحمد طوطح، وأحمد مبارك، ومحمود الرمحي، وفتحي قرعاوي، وباسم الزعارير، وعماد نوفل، وياسر منصور، ومحمد الطل، وحاتم قفيشه، وأحمد عطوّن، لأقول لهم جميعاً 'لستم وحدكم فشعبكم يقف موحدا خلف قضيتكم، وهذا اللقاء هو رسالة أخرى تؤكد أنكم لستم وحدكم في معركة الحرية فكل مناضلي العدل والسلام في العالم يقفون معكم ومع نضال شعبكم من أجل حريتكم وحرية فلسطين وشعبها'.

وأشار د. فياض إلى أن المأساة الإنسانية التي يعيشها شعب فلسطين من جراء الاحتلال وإرهاب مستوطنيه تستصرخ ضمائر كل أحرار العالم، للوقوف مع شعب فلسطين وحقه الطبيعي في الحياة والحرية والكرامة، ووقف كل ما يتعرض له من ظلم وطغيان، وتمكينه من الخلاص من الاحتلال ومعاناته، بما يتطلبه ذلك أيضاً من ضرورة حشد الدعم الدولي للوقوف مع حق أسرانا في الحرية، والإقرار بحقوقهم ومكانتهم التي تؤكدها كافة المعاهدات والمواثيق الدولية، وفي مقدمتها اتفاقيتا جنيف الثالثة والرابعة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى اتفاقية لاهاي، واتفاقية مناهضة التعذيب.

وشكر د. فياض الوفود الأوروبية على حضورهم هذا اللقاء الذي ينظم بمناسبة مرور أحد عشر عاماً على استمرار اعتقال المناضل من أجل الحرية، النائب مروان البرغوثي، وقال: مشاركتكم تشكل بالنسبة لنا وقفة تضامن مع جميع أسرى شعبنا وحقهم في الحرية، وهي تحمل دلالات كبيرة، تتجاوز البعد الإنساني، وحتى القانوني، رغم ما لذلك من أهمية، لتعبر عن وقفة الضمير الإنساني.

من جانبها، قالت نائب رئيس البرلمان الأوروبي، ايزابيل دورون إن البرلمان الأوروبي يقوم بكل ما يستطيع ليحصل الأسرى على حريتهم وكرامتهم، وأنه يتابع هذه القضية بشكل كبير، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي يرى أنها قضايا قانون وانتهاك إسرائيلي، يجب أن يحاكم عليها ويقاضون، خاصة عندما يعتقل الفلسطينيون بلا محاكمة، وكل ذلك يعتبر قضايا حقوق إنسان؟

وأكدت دورون أن تحرير البرغوثي شرط واضح لاحترام حقوق الإنسان، ويعطي الأمل على احترام حرية وحقوق الإنسان، مثنية على دور زوجة الأسير البرغوثي المحامية فدوى البرغوثي بعزمها وإصرارا على حمل رسالة زوجها والأسرى الفلسطينيين في المحافل الدولية.

وأشارت دورون إلى أن الاتحاد الأوروبي تم إنشائه وفقا لمبادئ الحرية وحقوق الإنسان، وتلك القضايا الفلسطينية تتمحور على مستوى الاتحاد الأوروبي.

وقالت دورون إن صوت المرأة الفلسطينية وعائلة كل أسير فلسطيني، أحد أفرادها في الأسر، تأكد صمودها اللامحدود في العطاء والصبر، رغم وجود أبنائهم في الأسر في ظل ما يعانون حتى يصل أحيانا حد الموت جراء إضرابهم عن الطعام أو من التعذيب كما حدث مع الأسير عرفات جرادات الذي قتل في التحقيق إلا أن هناك إصرار على الاستمرار في الحياة.

من ناحيته، قال المتضامن الجنوب إفريقي والنائب في المجلس الوطني في جنوب إفريقيا أحمد ديدات "كان حلما لي القدوم لفلسطين، وحلمت كثيرا أن آتي لفلسطين وهي حرة، وأنا اليوم على ثقة بأننا سنزورها مرة أخرى وهي محررة.

وأضاف ديدات أن الشعب الفلسطيني عانى كثيرا من القتل والأسر، وناضل بشجاعة من أجل دولته وقضيته العادلة، مؤكدا أن الحرية لا تهبط من السماء بل يجب المقاتلة من أجلها، والشعب الفلسطيني عرف ذلك ودفع ثمنها غاليا.

وشدد ديدات على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني باستمرار، لأن التضامن الدولي مع جنوب إفريقيا أثناء الأبرتهايد لعب دورا كبيرا وساهم في نضال شعبهم، مستشهدا بمقولة الرئيس الأسبق لجنوب إفريقيا مانديلا الحرية في جنوب إفريقيا ليست كاملة من دون الشعب الفلسطيني.

وقال ديدات: إن مؤيدي النظام الإسرائيلي غير مرحب بهم في جنوب إفريقيا، وكل صلواتنا ودعواتنا اليوم لرفيقنا وصديقنا مروان البرغوثي الذي يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي، مشيدا بالشعب الفلسطيني الذي لم يهزم ولن يهزم.

بدوره، قال رئيس الولايات المتحدة الأميركية الأسبق جيمي كارتر إن حل قضية الأسرى خطوة باتجاه السلام وحل الأزمة في المنطقة، وهنالك 'ضرورة ملحة لوقف التوسع الاستيطاني في فلسطين، وإزالة كافة المستوطنات في المناطق الفلسطينية لأنها غير شرعية'.

ودعا كارتر خلال كلمة مسجلة له، إلى وقف انتهاك حرية المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، والعمل على بناء دولة فلسطين عبر انتخابات نزيهة، وإيجاد حكومة موحدة لدولة فلسطينية مستقلة.


وبعث الأسير مروان البرغوثي كلمة له، ألقتها زوجته فدوى البرغوثي، قائلا "أنا على ثقة بأن شعبنا المعذب على مدى عقود طويلة سيظفر بالنصر والحرية، وسينتصر بإرادته الوطنية، وبدعم ومساندة الأشقاء العرب والأصدقاء والأحرار ومحبي العدل والسلام والحرية في العالم، على أبشع وأطول احتلال في التاريخ المعاصر".

وأضاف البرغوثي أن هذا اللقاء ينعقد في ظل تصاعد وتيرة الاحتلال والاستيطان والعدوان ونهب الأرض والمياه والموارد الطبيعية وتهويد مدينة القدس، التي تتعرض لبشع أنواع التطهير والتمييز العنصري، وبعد اختيار الإسرائيليين حكومة جديدة قديمة تصر على مواصلة الاحتلال والاستيطان وترفض السلام والشرعية الدولية والاعتراف بحقوقنا الوطنية.

وأشار البرغوثي إلى أن الحكومة الإسرائيلية معادية للسلام، وتتمتع بدعم أميركي لا محدود، شجعها على مواصلة الاحتلال والاستيطان واضطهاد الفلسطينيين، لهذا ليس أمام شعبنا سوى مواصلة الجهد للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، والانضمام لكافة المواثيق والاتفاقات والمعاهدات الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية.

وقال البرغوثي: هذا اللقاء ينعقد في وقت زادت فيه وتيرة تصعيد الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال في السجون الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين، من خلال التعذيب المستمر والمتواصل في زنازين التحقيق، والذي أدى إلى مقتل عشرات الأسرى في التحقيق خلال سنوات الاحتلال.

وأضاف البرغوثي أن تحرير الأسرى كافة دون استثناء ودون قيد أو شرط أو تمييز هو المؤشر الأول على جدية إسرائيل في إنهاء الاحتلال والاستيطان، وعلى إسرائيل وقف حملات الاعتقال في صفوف الفلسطينيين.

وأعرب عن شكره لكل المتضامنين الأجانب لحضورهم وتضامنهم معه، مؤكدا أن التضامن مع نضال شعبنا العادل هو أبلغ وأصدق تعبير عن إيمانكم بقيم الإنسانية، وفي مقدمتها العدل والحرية والمساواة والسلام.

وشهد المؤتمر ورش عمل وندوات على هامشه بمشاركة أعضاء المجلس التشريعي والوزراء والمؤسسات المعنية بموضوع الأسرى وحقوق الإنسان، مع الوفود الدولية المشاركة.