|
الشرق الأوسط بين الخطوط الحمراء واحتمالات الهجوم الإسرائيلي
نشر بتاريخ: 04/05/2013 ( آخر تحديث: 06/05/2013 الساعة: 08:48 )
بيت لحم- معا - عاش الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين على وقع خطين أحمرين، الأول وضعه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مستعينا برسم توضيحي لقنبلة نووية ليتحول بعد فترة إلى فيلم تناولته النخبة فقط قال فيه "يتوجب وضع قيود على كميات اليورانيوم المخصب بنسبة 20% التي تمتلكها إيران فيما وضع الرئيس الأمريكي باراك اوباما الخط الأحمر، الثاني والمتعلق مباشرة بإمكانية استخدام الجيش السوري للأسلحة الكيماوية موضحا بان هذا الاستخدام سيغير قواعد اللعبة وهي كلمات قوية وواضحة وملزمة للرئيس الأمريكي حسب تعبير محرر الاخبار الخارجية في القناة العاشرة الاسرائيلية والمحرر السياسي فيها " نداف ايل " .
وضع نتنياهو خطه الأحمر عام 2012 في فترة كان للإيرانيين القدرة التقنية والتكنولوجية للوصول إلى كمية اليورانيوم التي حددها نتنياهو كسبب لشن الحرب بكل سهولة وهي 250 كلغم حيث يمتلك الإيرانيون حاليا 170 كغم تقريبا إضافة لكميات أخرى يحولونها كل فترة إلى قضبان وقود نووي في محاولة منهم لعدم الوصول للكمية التي حددتها إسرائيل التي تقدر بان الأمريكيين سيتقبلون وصول إيران إلى 200 كغم، اضاف نداف ايل". أما الخط الأحمر الأمريكي فقد تم طرحه عدة مرات كان أقواها وأشدها وضوحا خلال مؤتمر صحفي عقده اوباما نهاية آذار الماضي حيث أعلن بشكل واضح بان بلاده سترد بطريقة استثنائية على استخدام سوريا للأسلحة الكيماوية ملقيا بالكثير من الشكوك حول إمكانية استخدام هذه الأسلحة من قبل المعارضة السورية أو حتى قدرتهم على استخدامها لكن يبدو أن استخدام للأسلحة الكيماوية قد تم فعلا قبل وبعد رسم الخط الأحمر الأمريكي. وعاد الرئيس الأمريكي الأسبوع الحالي وكرر رسم خطه الأحمر بعد الإرباك الشديد الذي عاشها نتيجة التصريحات التي أدلى بها رئيس قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال " ايتي رون " والتي أكد فيها استخدام سوريا للأسلحة الكيماوية فيما تدعي إسرائيل بان تصريحات الجنرال المذكور لم تنسق مع المستوى السياسي فيما استغرب بعض ساسة إسرائيل حديث جنرال بهذا المستوى عن الصمت الدولي فيما قال آخرون بقولهم بان الجيش الإسرائيلي ليس منظمة لحقوق الإنسان والاستخبارات ليست جهازا دبلوماسيا. ورغم " التحفظات" على تصريحات الجنرال الإسرائيلي فقد خرج المارد من القمقم وطرحت " الحقائق" القائلة بان الخط الأحمر الذي رسمه اوباما قد تم اجتيازه أمام الجميع وهناك بعض المراقبين في العاصمة الأمريكية يعتقدون بان الرئيس الأمريكي لن يتسرع بعملية عسكرية وهي عبارة كناية عن القول بان الإدارة الأمريكية ستبذل كل جهد ممكن لمنع تورطها في صراع جديد بالمنطقة خاصة في هذا الصراع الأكثر دموية لهذا يرغب الأمريكيون كما يبدو بوضع خط احمر جديد يقول للسوريين ربما حدث استخدام للأسلحة الكيماوية ولكن هذه المرة تكفي "، حسب تعبير المحلل الإسرائيلي. فاعلية الانذارات: في هذه الحيثية ليس هناك الكثير من المتسع للتحليل حيث اظهر الإنذار الإسرائيلي فعالية نسبية فإما قرر الإيرانيون تخفيض وتيرة تخصيب اليورانيوم وباتوا يعملون بوتيرة اقل مما كان عليه الحال سابقا خشية التعرض لهجوم إسرائيلي أو أنهم أوقفوا التخصيب نهائيا نتيجة الضغوط الدولية المنطلقة أساس من خشية تفجر حرب إقليمية يكون الهجوم الإسرائيلي المفاجئ شرارتها الأولى وفي كل الأحوال يبدو أن الإنذار الإسرائيلي وجد طريقه للأذان وعقول الإيرانيين حتى الان على الأقل وفي المقابل وكما قال الأسبوع الماضي عاموس يدلين وسع الإيرانيون من بنيتهم التحتية الخاصة بتخصيب اليورانيوم ما يعني ان قدرتهم على تحقيق اختراق " BREAK OUT" باتجاه انتاج قنبلة نووية باتت اكبر مع تركيب مزيدا من أجهزة الطرد المركزي التي تعمل بشكل أسرع من الأجهزة القديمة ما حسن كثيرا من سرعة سير الإيرانيين نحو القنبلة النووية بمجرد أن يتخذ المرشد الروحي علي خامينئي قرار بذلك. ومقابل النجاح النسبي للإنذار الإسرائيلي تم تهشيم وتحطيم الإنذار الأمريكي ليشاهد الشرق الأوسط برمته الإدارة الأمريكية وهي تحاول التملص والهرب من تبعات إنذارها ورؤيتها وهي تضع لنفسها خطوطا ومعايير جديدة مثل استخدام منتظم ومنهجي للأسلحة الكيماوية او الحصول على إثباتات قاطعة بان الأسد شخصيا هو من اصدر أمر الاستخدام فيما يواصل الجمهوريون ضغوطهم على اوباما للقيام بعمل ما فيما تدرس الإدارة الأمريكية إمكانية الخضوع لهذه الضغوط والهرب عبر بوابة تسليح المعارضة السورية رغم الكثير من التحقيقات التي بينت كيف تسربت الأسلحة التي زودتها دول أوروبية كثيرة لجهات مرتبطة بالقاعدة والمنظمات الجهادية الكثيرة التي نبتت في ارض سوريا. نتيجة كل ما سبق بان الإيرانيين يراقبون بشكل جيد جدا ما يقوله ويفعله الأمريكان حيث قال مصدر إسرائيلي رفيع " على جبهة مواجهة المشروع النووي الإيراني يجتهد الإيرانيون لعدم اجتياز الخط الأحمر الإسرائيلي لكن نظام الأسد اجتاز الخط الأمريكي فيما تصل ثقة العالم بالإنذارات الأمريكية تأكلها وتراجعها". تخدير الإيرانيين: من يعتقد بان إمكانية شن هجوم إسرائيل على إيران قد استبعد عن الطاولة يرتكب خطأ كبيرا وإسرائيل تنتظر قرار المرشد علي خامنئي والشعور بان إيران أخذت تلقي بأحمالها وأصبحت تتصرف بشكل مسعور بما في ذلك توجيه تعليمات لحزب الله بتنفيذ عمليات " إرهابية" في أوروبا شعورا غير منطقي وإذا نجح خامينئي بالتوصل إلى صفقة دبلوماسية مع أمريكا حتى وان لم تقبلها إسرائيل فان الأخيرة ستجد نفسها مضطرة على كز أسنانها فقط لكن إذا اتضح بعد الانتخابات الإيرانية بان خامنئي يواصل دعمه لسياسية زيادة عدد أجهزة الطرد المركزي وتوسيع البنية التحتية النووية ويوال تقدمه نحو الخط الأحمر " دون ان يجتازه " سيجد متخذو القرار في إسرائيل أنفسهم أمام معضلة شن الهجوم وهذا الأمر لا يزال على الطاولة وسيواصل حضوره ومن شانه ان يعدو للأجندة الإقليمية إذا لم تقع تطورات ايجابية خلال الأشهر القليلة القادمة. إن شخصا مثل نتنياهو قاد الاتجاه نحو لجم المشروع النووي الإيراني لا ينوي ترك المنطقة بما يشبه " 20-50% من الحالة الكورية الشمالية كما لا ينتاب متخذو القرار في إسرائيل أية مشاعر تشير إلى نية الرئيس اوباما مهاجمة إيران وضربها قريبا وبكلمات أخرى جميع الأساطير القائلة بوجود اتفاق إسرائيلي أمريكي هي وبكل بساطة مجرد أساطير لكن يبقى السؤال المتعلق بالشعور بتآكل وتهشم التهديد العسكري الإسرائيلي؟ والجواب يكمن بعدم وجود مشكلة لدى اسرائيل باعتقاد وقناعة الايرانيين بان الخيار العسكري لم يعد قائما بل على العكس هذه الاعتقاد يعتبر امرا جيدا جدا بالنسبة لاسرائيل لان هذا الخيار فعلا وواقعا لا يزال على الطاولة. وقت قصير قبل زيارة اوباما لإسرائيل سألت السفير الأمريكي لدى إسرائيل "دن شبيرو" وذلك خلال مؤتمر هرتسيليا عن الخلافات الأساسية بين إسرائيل وأمريكا والفرق بين إعلان اوباما بان إيران لن تكون قوة نووية وقول إسرائيل بان الوضع الحالي في الشرق الأوسط لا يمكن أن يستمر "قال المحلل " نداف ايل" " فرد قائلا " الفرق بين الموقفين الموضوع الاساسي للحوار بينهم صحيح ان اوباما قال انه لن يسمح لإيران بامتلاك قنبلة نووية لكن بالنسبة لإسرائيل سير طهران على حافة الهاوية النووية امر خطير " رسميا ووفقا للتقارير الأجنبية تعتبر إسرائيل بانها دولة تسير على الحافة النووية لا يفصلها عن انتاج القنبلة النووية سوى عملية شد برغي واحد او قضية فنية غير جدية " . واختتم " نداف ايل " تقريره بالقول" لكن جواب السفير الأمريكي مليئا بالدبلوماسية والعبارات التي تنم عن الصداقة وبشكل أو بأخر أوضح عدم وجود فجوة في مواقف الطرفين ولسوء الحظ دائما يوجد شيئ غير مكتمل حيث لم يقتنع الإسرائيليون بالموقف الأمريكي خاصة وان تصرف الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالموضوع السوري لا تشجع على ذلك". |