وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الزواج.. "الشرارة" الأولى لتراكم الديون

نشر بتاريخ: 06/05/2013 ( آخر تحديث: 06/05/2013 الساعة: 13:52 )
غزة- معا - يجلس الشاب الغزيّ يفكر مليا قبل أن يُقدم على الزواج وهو يضع نصب عينيه تكاليف ومصروفات لأمور يرى بعضها ضروريا فيما البعض الآخر يجد نفسه مرغما على فعله، خضوعا للعادات والتقاليد التي باتت لا ترحم ولا تعذر في ظل ظروف اقتصادية صعبة يفرضها الحصار وارتفاع نسبة البطالة في قطاع غزة.

ومن أبرز العقبات التي تقف اليوم حائلا بين الشباب والزواج ارتفاع اسعار الذهب وغلاء المهور، إضافة إلى عدم قدرة الكثيرين على توفير السكن المناسب في ظل ارتفاع الايجارات لعدم توفر العدد المطلوب من الشقق.

الشاب محمد جميل (25 عاماً) يرى أن من المستحيل الزواج في ظل الظروف الحالية والمصاعب التي تواجه الشاب المقبل على الزواج.

جميل خريج كلية الحقوق ويعمل محاميا متطوعا في أحد مكاتب المحاماة، يقول: "ظروفي المالية صعبة للغاية ولا املك شيئا من تكاليف الزواج وذلك لعدم توفر عمل ثابت يمكنني من توفير مطالب الزواج".

وأشار جميل إلى تكاليف الزواج من مهر وشبكة، بالإضافة إلى تكاليف الفرح من صالة أفراح وسيارات وتوابعها التي لا تنتهي، على حد قوله.

أما الشاب محمد أبو شميس (27 عاماً) فحاله لا يختلف عن كثير من اغلب شباب القطاع، إذ يقول: "لا املك سكنا ولا حتى المهر وتكاليف زواجي سيكون ثمنها خروجي مديونا لسنوات".
|217102|
وأضاف أبو شميس "إذا اعتمدت على نفسي فقط في توفير تكاليف الزواج فسيتجاوز عمري الثلاثين عاما، هذا في حال حصولي على غرفة صغيرة في منزل العائلة".

أما الشاب رأفت الغندور (28 عاماً) فقد اقتصر زواجه على إقامة حفل الزفاف في فناء منزل عائلته، دون سهرة للشباب ولا وليمة غداء، بعد أن اتفق مع عمه "والد عروسه" على اختصار الزفاف إلى الحد الأدنى من التكاليف مراعاة لأوضاعه المادية.

وأعرب الغندور عن امتنانه وتقديره لعمه الذي لم يطلب منه أكثر من كسوة العروس فقط، حيث لم يطلب منه مهرا كبيرا كالعادة.

ورغم سعادة الغندور العامل في محل للمثلجات بإتمام عرسه بأقل الإمكانات بعد خطوبة دامت لاكثر من عام ونصف، إلا أنه كان يتمنى لو تمكن من إقامة سهرة ووليمة غداء لاسعاد الآخرين.

وإذا كان بعض الشباب يتمكنون من إتمام الزواج بأي شكل كان، فغيرهم من الشباب لا يستطيعون حتى التفوه بنيتهم الزواج، رغم كبر أعمارهم على غير عادة المجتمع الغزي، كما هو الحال مع الشاب محمد سلامة الذي تجاوز سن الثلاثين، دون أن يجرؤ على طلب الزواج من ذويه بسبب أوضاعهم المادية الصعبة.

ورغم عمله المتواصل في بيع الأكياس البلاستيكية للمحلات والبقالات بمخيم النصيرات بالمحافظة الوسطى منذ نحو عام، إلا أنه فشل حتى الآن في ادخار دينار واحد، وذلك لكبر حجم عائلته وعدم وجود معيل آخر لها غيره.

ولا يتوقع سلامة الذي يتألم كثيراً عندما يجد معظم أبناء جيله أن ينهي رحلة العزوبية خلال السنة الحالية أو القادمة في ظل وضع عائلته المادي السيئ.

أما والده المسن فيجوب الأرض طولاً وعرضاً بحثاً عن مخرج أو مساعدة تنهي معاناة ابنه الذي تعرض للكثير من الحوادث والأمراض نتيجة عمله الشاق والمتعب وغير العائد بالنفع الجيد.

واشتكى سلامة الذي لم يكمل تعليمه بسبب ظروف والده المادية الصعبة، من ارتفاع تكاليف الزواج، مبينا أن الأمر ازداد صعوبة مع ارتفاع أسعار غرف النوم والمهور وغيرها من تكاليف البناء.

بدوره قال محمد أبو عميرة أخصائي اجتماعي: "أصبحت تكاليف الزواج الباهظة في قطاع غزة تنهك الشاب المقبل على الزواج، وهَمّ يُحسب له ألف حساب قبل الإقبال على هذه الخطوة والمرحلة الحياتية الجديدة في عمر أي شاب".

وأضاف أبو عميرة "العريس ملزم بالبدء إذا أراد الزواج بالتفكير في سن مبكرة بكيفية تأمين عش الزوجية من بناء وتصليح وفرش، بالإضافة لمصاريف الزفاف من مهر ومقدم ومؤخر للعروس، وتكاليف الحفل نفسه والتي تكلفه الكثير".

وأبرز أبو عميرة أهم المشاكل في القطاع، والتي تنحصر على حد قوله في المغالاة في المهور حيث بات الأهل يتنافسون على المهر الأكثر لابنتهم وهذا ما يجعل الزواج هما كبيرا يقع على عاتق الشاب، وهذا لا يعني أنه لا يجب على الشاب إعطاء الفتاة حقها الشرعي، إلا أنه يجب المراعاة من قبل الفتيات وعدم المغالاة في طلب المهر.

ويعاني قطاع غزة من نسبة فقر عالية بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب.