وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

محمد الخطيب مقعد بسبب الاحتلال أمنيته كرسي

نشر بتاريخ: 06/05/2013 ( آخر تحديث: 06/05/2013 الساعة: 14:01 )
سلفيت - معا - يصحو الشاب محمد الخطيب من بلدة دير استيا غرب سلفيت مبكرا ليجهز نفسه ...يجلس جانبا على كرسيه بين جدران بيته بهدوء وصمت متنتظرا... تدور عيناه في كل الاتجاهات... يراقب عقارب الساعة... يمل الإنتظار أخيرا يرن جهازه النقال ... يأتيه خبر الإعتذار عن مؤانسته وإصطحابه الى مكان عمله اليوم ..يبقى جالسا على كرسيه ليبدأ بحصي عشرات التفاصيل المؤلمة التي تجتثم فوق صدره المجتمعة في ذاكرته المتعبه، وسببها جندي إسرائيلي حاقد... يتلذذ بحزنه وإحباطه... الى ان يغفو جالسا ...يتدلى رأسه على صدره فتأتيه الصحوة متأخرة بألم جسدي... يسير بعجلة عربته الى غرفته يتكوم في زاويته المعتادة على سريره...يمسك سيجارة ويبدأ بنفث دخانها ..ينتظر اليوم التالي يتكرر نفس المشهد معظم الأيام ... ليبقى لدى محمد الخطيب من بلدة دير استيا شمال سلفيت أملا عله يتحقق بعد نشر قصته.

كان شابا ينعم بحيوية الماضي فيأتيه القدر لتفجع روحه ببلادة الحاضر..أصبح أسير غرفته وكرسيه التي تؤنس وحدته.. إقتحمنا عالمه ليكون معنا بتفاصيل حادثته التي آلمت به وجعلته إنسانا عاجزا، دخلنا الى غرفته ، كان مستلقيا على سريره وكيس البول يتدلى منه ، ليخبر من لم يعرفه بأنه عاجزا ،وتجلس أمامه كرسيه المهترءة التي عاشت معه تفاصيل 12 عاما من حياته.
|217115|
جلسنا جانبا لتستقبلنا نظراته ولكننا لم نسطيع فهمها، ممزوجة ما بين فرحته بقدومنا وما بين توتره ولومه ، ربما يريد أن يوجه لنا رسالته والتي أخذ بالحديث عنها بصعوبة ، وبكلمات متقطعة تسبقها تنهيدات يقول": تعرضت لإصابة من قبل الجيش الإسرائيلي أثناء إقتحام البلدة بتاريخ 1/6/2001 ، في ذلك اليوم خرج أهالي البلدة بمسيرة حاشدة إحتجاجا على ممارسات الاحتلال وخصوصا المستوطنين ضد سكان البلدة ، وكنت من بين االمشاركين وكنت بالمرحلة الثانوية نحضر لتقديم امتحان الوزارة، ووصلت المسيرة بإتجاه المفرق الغربي من البلدة وحدث إشتباك بيننا وبين الجنود"

يصمت ليخيم سكون الحزن على المكان ...يبلع ريقه المتحطب.. يتنهد ويزفر بأسى مستجمعا قواه ليعود الى مواصلة حديثه إشتد الإشتباك بيننا وأصبح جنود الاحتلال يمطروننا بالأعيرة النارية من كل الاتجاهات ودون رحمة ، الى ان جائتني رصاصة من بندقية جندي حاقد، فوقعت أرضا، صمت وكأنه يسترجع شريط حادثة ذلك اليوم، مستطردا ":نكلوا الجنود بجسدي أثناء إصابتي وعددهم 6 جنود ، ضربوني بقوة والدماء تنزف مني ،ركلوني بأقدامهم من كل أنحاء جسدي لمدة ربع ساعة ، حاولوا إعتقالي ولكنني لم أستطيع الوقوف على قدماي، فتركوني ،بعد ان منعوا سيارة الاسعاف من الوصول الي من أجل إنقاذي،

تنهد بحرقة شعرنا بلهيبها المحرق ليكمل بصوت خافت قائلا": وبعد أن تركني الجنود قمت بالمناداة بأعلى صوت أملكه على أحد لإنقاذي ،الى أن جاءوا وتم نقلي الى المستشفى بعد مشقة وعناء بسبب اغلاق الحواجز ، وبقيت أنزف لمدة ست ساعات والالم يتقلني وكأني روحي تخرج من جسدي رويدا رويدا، وعند وصولي كنت أعاني من نزيف داخلي وخارجي واستقرت رصاصتين إحداهما في بطني من نوع الدمدم وتم إزالتها بصعوبة ،ورصاصة أخرى بقيت في ظهري تستقر في العمود الفقري ولم يستطيع الاطباء تقديم العلاج لي فتم تحويلي الى مستشفى أردني ، ولكن ما فائدة إزالتها وأنا أصبحت مشلولا عاجزا،

ما أصعب أن يكون الإنسان بحاجة لشخص معين يكون له كل شيء لدرجة أن حياته بدونه لم تعد تسوي شيئا، ولن تكمل مسيرته بالحياة الا بمن يضحي من أجل مساعدتة في تخطى عقبات الحياة وخصوصا اذا كان الإنسان عاجزا ، حاول حبس دموعه ولكنها خانته ليكمل حديثه وسط أجواء من الحزن قائلا للزميلة عهود الخفش": الآن عمري 30 عاما ، أصبحت عاجزا منذ ان كان عمري 18 عاما ، 12 عام وانا لا استطيع عمل شيئا بدون مساعدة أحد من أهلي، بداية كان والدي وإخواني يساعدونني ، وبعد أن توفي والدي أصبحت والدتي ولكن القدر أخذها العام الماضي، وإخواني لهم عائلات ، ليبقي لي في هذه الحياة أختين رفضن الزواج من أجلي ، أجهش بالبكاء يرافقه شهيق بصوت عالي ليصمت ،

يضيق صدره ويختنق، ترتعد وتتقلص اصابع يديه من شدة توتره ، حاول لملمة اعصابه...التقط انفاسه ،تناول كأسا من الماء . إستغر الله بصوت عالي قائلا للزميلة عهود الخفش": الحمد لله أنا راضي بقضاء الله وقدره ، بداية لم أكن بوضع نفسي جيد وأصبح النوم بعيدا عني، وتفكيري يبقى في حالة دوران ماذا سيكون مصيري وكيف سأتخطى حياتي ، وبعد تفكير خرجت بنتيجة انه يجب علي التقدم في الحياة وان استفيد من وقت فراغي بدلا من مكوثي في الغرفة طوال اليوم فقررت تعليم اصلاح اجهزة الموبايل، وقمت بفتح محل تصليح في البلدة بمساعدة رئيس بلدية ديراستيا السابق نظمي سلمان ليون لي دخلا اضافيا الى راتبي الذي اتلقاه من قبل مؤسسة أسر الشهداء والجرحى، ويقدر ب 1400 شيقل وهو مبلغ قليل بالنسبة لاحتياجاتي، وللدواء الذي استخدمه لتقرحات الجلد،.

وبصوت متحشرج يواصل الخطيب حديثه قائلا": ليست كل الاطعمة اتناولها فأنا اشتهي الكثير من المأكولات وخصوصا الملوخية وهي تعتبر اكلتي المفضلة، ومنذ اعاقتي لم اتذوقها،لانها تسبب مشاكل معوية"

ولم تقف معاناة الخطيب عند هذا الحد من الحرمان لتكون معاناته اثناء تنقله الى مكان عمله ليحدثنا بحسرة وألم قائلا": كل يوم أعاني من مشكلة وصولي الى مكان عملي، يوم أتصل على أخي وفي اليوم التالي أتصل على ابن خالي او ابن الجيران ...الخ ولكن في كثير من الأحيان يكون الإعتذار سيد الموقف أنهم لم يستطيعوا المجيء الي ، ولم أذهب الى مكان عملي لأن الكرسي لن تساعدني على الذهاب أينما أريد، لأنها بحاجة الى من يدفعها لكي تسير بي أينما أريد ،فأنا بحاجة الى كرسي كهربائي لكي تساعدني دون مساعدة احد ".

يواصل الخطيب حديثه قائلا": توجهت من خلال بلدية ديراستيا قبل عام بطلب الى مكتب محافظة سلفيت من أجل مساعدتي في توفير كرسي كهربائي ولغاية الأن أنتظر، بالرغم من مراجعتهم أكثر من مرة وكان الرد بوعدهم انهم سيساعدونني بتوفير الكرسي،هناك تقصير من قبل السلطة بوضعي كمصاب إنتفاضة ، فقبل عام ونصف العام تقدمت من اجل اعفاء جمركي ولكن كان الرفض من حليفي دون أسباب تذكر،لذلك أناشد مؤسسات السلطة بشكل عام والمسؤولين بشكل خاص بتوفير كرسي كهربائي بأسرع وقت ممكن من أجل مواصلة مسيرتي في الحياة دون الاجة لأحد "

وينهي الخطيب حديثه بمناشدته عل ان يكون هناك من يساعده في توفير كرسي كهربائي ، فهل من مجيب يلبي نداءه ؟؟؟