وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

بشارة: على حكومة الوحدة التصدي لحدوث فلتان سياسي.. واللعب على وتر الطائفية بالمنطقة سيفشل

نشر بتاريخ: 08/04/2007 ( آخر تحديث: 08/04/2007 الساعة: 08:07 )
بيت لحم- معا- قال العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي عزمي بشارة إن حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية مطالبة بالتصدي لأي انزلاق نحو "فلتان سياسي" أو تسوية غير عادلة، مقللاً من قدرة التحركات السياسية الأخيرة في المنطقة رغم أهميتها على التوصل إلى تسوية سلمية بسبب الموقف الإسرائيلي.

وقال بشارة إن القضية الفلسطينية تحولت إلى علاقات عامة من دون أهداف، ولم يستبعد نشوب حرب إقليمية تشمل، في حال وقوعها، سورية ولبنان وإيران، معتبراً أن اللعب على وتر الطائفية في المنطقة سيفشل من دون أن يحقق أهدافه.

وشدد بشارة في حديث مع "الغد" الاردنية على أهمية خطوة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، للقيام بمنع حدوث فلتان سياسي يكون الوجه الآخر للفلتان الأمني، والحيلولة دون تمرير تسوية غير عادلة، وضبط الفوضى الحاصلة من دون الانزلاق إلى محاذير منع المقاومة، مع السعي لتوفير حياة اقتصادية اجتماعية تعليمية تمكن الشعب الفلسطيني من الصمود والنضال.

وقال "يجب تمكين الشعب من النشاط الاقتصادي، فالفلسطيني قادر على الإنتاج والبناء حالما يعطى الفرصة لذلك، وحينما تتوقف بعض النخب الفلسطينية عن طفيليتها في العمل العام"، وتابع القول "لسنا شعباً متسولاً، وقد سئمنا صورة السلطة الوطنية المتستجدية دوماً"، مستبعداً التوصل إلى تسوية سلمية بين الحكومة الحالية وبين إسرائيل.

وحذر من انزلاق حركة حماس نحو تقديم تنازلات جوهرية لتحظى بالقبول الدولي، كما سبق وفعلت حركة التحرر الوطني في سبعينيات القرن الماضي وكما حدث لاحقاً في مدريد وأوسلو.

وقال إن "إصرار الحركة على إدارة حكم في ظل الاحتلال وتقديم تنازلات للتمكن من الاستمرار فيه قد أضر بهم"، وأضاف مستدركاً بأن "لديهم الوقت لتصحيح هذا الخطأ وليس الاستمرار فيه، خاصة وأنهم يفتقرون إلى الخبرة والممارسة السياسية الكافية، فحماس كانت دوماً حركة إسلامية تحولت إلى مقاومة ولم تكن يوماً حركة تحرر وطني بالمعنى المتعارف عليه".

وقال إن الأحداث الأخيرة التي وقعت في المنطقة كاتفاق مكة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية وتفعيل مبادرة السلام خلال القمة العربية (التي اختتمت أعمالها الشهر الماضي في السعودية) من شأنها أن تحدث تحريكاً في العملية "السياسية" ولكنها لن تؤول إلى شيء.

وتابع "لقد أصبحت الحركة هدفاً بحد ذاته فيما توظف عملية السلام كنوع من التخدير أو "أفيون شعوب المنطقة"، موضحاً بأنه كلما نشبت أزمة أو طرأ مستجد في المنطقة لصالح الولايات المتحدة أو نتيجة لفشلها، تبدأ التحركات من زيارات وجولات متلاحقة إلى المنطقة وذلك للتغطية على الفشل الأميركي في العراق وعلى الانهيار المجتمعي الشامل الحاصل هناك، ولإشغال الشعوب وخلق انطباع باهتمام الولايات المتحدة وحلفائها بحل قضية الفلسطينية.

وبحسب بشارة فإن العرب وصلوا إلى مرحلة باتوا يقدمون فيها تنازلات من أجل الإيحاء بأن عملية سلام ما تزال قائمة، رغم عدم وجود أية ترجمة حقيقية على الأرض.

واعتبر أن تحويل القضية الفلسطينية عموماً إلى قضية دولة وتمثيل دبلوماسي وإلى لعبة أمم وليس إلى قضية شعب وحركة تحرر وطني لها قواعدها وأصولها قد أضر بها، وهو أمر يعود إلى بداية السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي حينما انطلقت مطالبات بالدولة وليس الأرض أو حق العودة، وحينما انبعثت دعاوى بالتعامل مع منظمة التحرير بشكل من التكافؤ غير الحقيقي، فأصبح الحديث يدور عن طرفين وليس عدو محتل وشعب واقع تحت الاحتلال.

وأشار إلى أن اجتياح الكويت وأحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 وغياب نظام التوازن الدولي، قللت من قدرة العرب على فرض تصور عادل للحل أو التعامل مع الولايات المتحدة بشكل أفضل، لافتاً إلى أن هذا الحال يخلق رأياً عاماً وعلاقات عامة، بينما الطرف الآخر غير آبه باعتراف أحد به ويمضي قدماً في تغيير الحقائق على الأرض.

وقال إن الدول العربية التقليدية الحليفة للإدارة الأميركية لديها مصلحة بحل القضية الفلسطينية لكونها مفتاح الاستقرار في المنطقة، ولكنها تريد حلاً (ما) تستطيع أن تقنع به أميركا وإسرائيل من دون الضغط عليهما ولا تصر على الحل العادل، لاعتقادها بأن واشنطن وحدها تملك مفاتيح هذا الحل.

وقال إن العودة مجدداً إلى المبادرة العربية بعد أن رفضتها إسرائيل حولها إلى موقف عربي جديد وليس مبادرة سلام، محذراً من خطورة تقديم التنازلات، في الوقت الذي تطالب فيه إسرائيل بالتطبيع وشطب حق العودة.

وحذر من خطورة المناقشات التي تدور حالياً حول حق العودة، وقال "حتى لو انتزع أحد لنفسه حق التنازل غير الشرعي عن قضية اللاجئين، فإن إسرائيل لن تكتفي بذلك بل ستطالب بالمزيد".

وأوضح بأن المبادرة العربية ولدت من رحم أحداث 11 أيلول في محاولة لتحسين صورة العرب في الولايات وفي العالم، وبالتالي نجمت عن ديناميكية ضعف ومحاولة لإرضاء الآخر وليس عن استراتيجية.

وأخذ بشارة على البعض الحديث بأن العرب لا يستطيعون التوصل إلى وضع بأفضل مما هو متاح حالياً، واصفاً ذلك بالشعاراتية الفارغة ولا تعبر عن قراءة واقعية للأوضاع والمستجدات الراهنة، معتبراً بأن من يتحدث عن المبادرة يعاني من فجوة بين الممارسة والكلام.

وحول الدور السعودي الأخير قال بشارة إن "العرب جاهزون لعقد صفقة سلام تاريخية مع إسرائيل، غير أن الأخيرة غير مستعدة لذلك".

وأضاف "رغم أن هناك استعادة سعودية للثقة بالنفس، غير أن المملكة ليست دولة خليجية صغيرة وبالتالي فإن استعادة الدور القيادي لا يتطلب فقط الالتفات إلى الرأي العام الداخلي وهو أمر مهم لأنه يرفض التطبيع، وإنما لا بد من الحديث بلغة مقبولة للعرب جميعا، إذ لا يمكن أن تكون قائداً بمعنى "الشقيقة الكبرى" بدلاً من مصر من ناحية وان تقود محوراً من ناحية أخرى".

وتابع القول "لا بد من إجراء تعديل على النبرة واللهجة باتجاه أخذ مسافة من الولايات المتحدة ولا بد من النقد الذاتي، مع الأخذ بالاعتبار الوضع العربي بما فيه شمال افريقيا التي كانت غائبة عن القمة والمهمومة بمشاكل أخرى والرافضة للتطبيع في ذات الوقت".

وحول الداخل الإسرائيلي، قال بشارة إن ما يحدث راهناً داخل المجتمع الإسرائيلي يعبر عن حالة تجمع بين "زعزعة" وضع الأحزاب التقليدية (العمل والليكود)، وبين أزمة نخب تاريخية تجسدت مع الجيل الجديد من باراك ونتنياهو وأولمرت، بسبب تحول المجتمع الإسرائيلي إلى مجتمع استهلاكي وتزعزع وضع الأحزاب الأيديولوجية الكبيرة والتغير في نمط السياسيين الذين أصبحوا أكثر حباً للشهرة والمال من أمور أخرى غير هموم العمل الاستيطاني الطلائعي.

ووصف الحالة السياسية والمعنوية في إسرائيل "بالسيئة"، رغم وضعها الاقتصادي الجيد، وذلك بسبب غياب قيادة قادرة على شن الحرب أو اتخاذ قرار بالسلم، متوقعاً عودة الليكود مجدداً إلى الساحة السياسية.

وحول وجود أي تحرك داخلي باتجاه شن حرب مجددا على لبنان، قال إن المجتمع الإسرائيلي غير جاهز حالياً لمغامرة جديدة من هذا النوع.

وقال إذا شنت إسرائيل حرباً فستكون إقليمية، وذلك بعد فشل الحروب الجزئية بسبب المقاومة كما حدث في لبنان أخيراً، موضحاً بأن الحرب المقبلة إذا وقعت لن تقتصر على لبنان وحدها وإنما ستشمل سورية وإيران أيضاً.

وقال إن هذا القرار أميركي وليس إسرائيليا، مستبعداً قيام الولايات المتحدة لتشكيل تحالف دولي لاجتياح إيران، في الوقت الذي لا تؤدي فيه الضربات الجوية إلى نتائج حقيقية مع وجود احتمال بالرد، بينما لا يسفر القصف عن انهيار الأنظمة ومن السهل تجاوزه.

وقال إن حماس سنية وحزب الله شيعي والمقاومة العراقية سنية وهم جميعاً في نفس المعسكر ضد الولايات المتحدة، فيما توجد حكومة غالبية شيعية في العراق وحكومات سنية وهم في نفس المعسكر معها.

وأضاف "لقد اكتشف العرب فجأة الهوية العربية وباتوا يحذرون من دور إيران في المنطقة وتناسوا المحتل الإسرائيلي"، موضحاً بأن الوقوف في وجه المشروع الإيراني يكون بمشروع عربي يمهد لحوار بين الجانبين وليس الصرا