وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حي امبابة اكثر ديمومة من اسرائيل - لم تكن نكبة بل مؤامرة

نشر بتاريخ: 13/05/2013 ( آخر تحديث: 17/05/2013 الساعة: 13:46 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كان الاحتلال البريطاني يفرض حكما باالاعدام على كل عربي فلسطيني يحمل السلاح قبل العام 1948 ، وكان سعر البندقية باهظا لدرجة لا يمكن للفلاح او المواطن العادي ان يبتاعه من السوق السوداء ، وكان الحبس ثلاث سنوات هو الحكم على حيازة رصاصة واحدة ، وكان الاعدام هو الحكم الذي تنفّذه بريطانيا بحق كل فلسطيني يقاوم العصابات الصهيونية . ومع ذلك ورغم هذه الظروف والاحكام الوحشية كان رجال فلسطين يقفون شامخين بعد صلاة الفجر في طوابير طويلة امام منصات الاعدام والشنق في سجن عكا . وكانت بريطانيا تنفذ الاعدام فيهم فتعب الجزّار ولم تتعب رقابنا ،ونذكر عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي الذين سطّروا صفحات الخلود والبطولة لالف عام قادمة . وندعو المؤرخين للبحث في الارشيف البريطاني لنشر اسماء المقاتلين الذين اعدمتهم بريطانيا في سجن عكا ولتعرف الاجيال الحقيقة .

ويستطيع كل فلسطيني تسري دماء الاباء والاجداد في شرايينه ان يرفع رأسه عاليا ، لان الشعب الفلسطيني اجترح المعجزات وقاوم بكل قوة حتى اخر رصاصة ... وقبل نحو شهرين اجرينا لقاء مع احد شيوخ الدروز في الجليل فقال " ان سكان فلسطين الذين هاجروا الى الاردن ولبنان والعراق ودول العالم انسحبوا بشكل مؤقت لان ذخيرتهم نفذت " وأقسم قائلا وهو في التسعينيات من العمر " والله لو كان لدى الرجال ذخيرة ولو ان العرب مدّوهم بالسلاح لحاربوا اسرائيل حتى يومنا هذا " .

بريطانيا اعدمت الرجال ، واعطت كل اسلحتها للعصابات الصهيونية مثل اتسيل وهاجاناة وليحي . وقطعت الطرق على الفلسطينيين وعزلت يافا وأغلقت البحر وزوّدت الصهاينة بحمولة سفن وبواخر كاملة من الذخيرة والسلاح وحتى الطائرات واجهزة اللاسلكي ، ونقلت جميع ذخائر الحرب العالمية الثانية الى فلسطين مع المقاتلين والعتاد واللباس العسكري ، ومع ذلك حارب ابو صالح وابو محمد وابو يوسف والحاج عبد الرحيم محمود وعبد القادر الحسيني والقسام وابو الوليد وسكبوا دماءهم في شوارع القسطل والقدس وحيفا والناصرة والرملة واللد . ورغم نذالة الاحتلال البريطاني والمندوب السامي ورغم دناءة عصبة الامم دافع الفلسطينيون عن منازلهم حتى الموت الى ان اصبحت بنادقهم بلا ذخيرة فزحفوا يطلبون العون والمدد من لبنان ومن الدول العربية فاطلق العالم عليهم اسم " لاجئون هاربون من الحروب " بينما هم في الحقيقة " محاربون من اجل الحرية " . ولو حفر الحفّارون تحت بنايات تل ابيب وحيفا لوجدوا اّبارا من دماء الاباء والاجداد تحتها .

وبعد 65 عاما على النكبة، لا تزال قصص اللجوء حاضرة . الموت هروبا من الذبح في دير ياسين والدوايمة ، أو الفناء في مواجهات بين الحقول في دير طريف وقرى عكا ، الحسرة وفقدان الأهل في عسقلان ، جرائم منظمة اتسيل وهاجاناة و إشعال النار في كبار السن والمكفوفين وهم احياء ، او دفن العائلة خشية أن تنهش الكلاب لحم الأموات.

هناك ظلم تاريخي لا يوصف وقع على شعب بسيط في ارض صغيرة وجميلة اهلها مسالمون لكن قوى عظمى وجبارة اجبرتهم على القتال . ولان العذاب لا يمكن أن يصبح عادة مقبولة بالتقادم فاننا نتألم كل سنة . فوراء كل سيدة مستوطنة شقراء تلبس سروالا قصيرا على باب مستوطنة في فلسطين، هناك المئات من الفلاحات العربيات اللواتي أصبحن أرامل أو ثكالى وسلبت منهن أراضيهن على مرأى ومسمع من كل العالم الذي يدّعي الحضارة.

قصصنا لا تنتهي، لأن جرحنا راعف ولا يزال أخضر، ولن ينتهي؛ لأن العالم أصابه الطرش والعمى ولا يسمع أنين جراحنا ولا يرى ما يفعله المستوطنون بنا في العام 2013 وكيف تنفّذ اسرائيل تطهيرا عرقيا بكل معنى الكلمة ، فيما لا نزال نعض قلوبنا شفقة على اولادهم ولا نريد أن نفقد إنسانيتنا.

واكرر مرة اخرى واخرى ان شارع فيصل في القاهرة او حي امبابة او شارع ابو النواس في بغداد او شارع العباسيين في دمشق يملك من مقومات البقاء اكثر من اسرائيل .. وحتى الرئيس اوباما قال لزعماء اسرائيل في مطار اللد ان القبة الحديدية والصواريخ والطائرات لا تصنع حضارة ولا امنا .

ونحن نقول ان فلسطين هي وطن وليست دولة تسعى لقبول اسمها في الامم المتحدة ، وان عذابنا مؤقت لانه قصة إنسانية تشبه حقبة العبودية، وقصة ملحمية تشبه الإلياذة، وقصة أسطورية - تاريخية تشبه جلجامش، وان اسرائيل قصة خيالية تشبه افلام هوليوود مهما طال العرض في دور السينما .