وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مؤسسات إسرائيلية تتجند لتكثيف الاستيطان والعرب يتشاجرون

نشر بتاريخ: 30/05/2013 ( آخر تحديث: 30/05/2013 الساعة: 15:00 )
بئر السبع- تقرير خاص معا - أعلنت جمعيات إسرائيلية، مدعومة من قبل حكومة إسرائيل، أمس الأول الثلاثاء، عن تجندها التام والكامل من أجل "مهمة توسيع الاستيطان" في النقب، من خلال "مركز الاستيطان في النقب"، هذا في الوقت الذي يتشاجر فيه العرب في البلاد على الوحدة والشعارات والخطابات والظهور أمام كاميرات التلفزيون.

وكان شارك في الاجتماع الذي عقد في البلدة القديمة في مدينة بئر السبع وزير الطاقة والمياه الإسرائيلي، سيلفان شالوم، الذي يحمل أيضا حقيبة "وزارة تطوير النقب والجليل"، الذي أكّد أنه "كعضو في المجلس الوزاري المصغّر لشؤون الإسكان، فإنني سأعمل على تحسين المساكن للإيجار في النقب والجليل، من أجل جلب عائلات شابة إلى هاتين المنطقتين".

وعلم مراسل معا أنّ كلا من وزارة تطوير النقب والجليل، والكيرن كييمت لإسرائيل (ككال)، وسلطة تطوير النقب، أعلنوا عن تجندهم من أجل المهمة مع حركة "أور" الاستيطانية التي بادرت إلى إقامة هذا المركز.
|221354|
وكان هذا المركز يعمل في إطار جمع التبرعات، حيث يقول القائمون عليه إنّ هذا التعاون سيؤدي في نهاية المطاف إلى "تقوية نشاطات الاستيطان، ومرافقة العائلات التي تريد أن تستوطن في النقب". وتعمل هذه الحركة على إحضار 300 ألف عائلة يهودية إلى النقب حتى العام 2020. وأكدت الحركة أنّ "هذا التعاون سيؤدي إلى تحقيق الهدف النهائي".

وانضم إلى الجوقة مدير عام "الككال"، أيفي شتانتسلر، وهي مؤسسة مسؤولة عن تحريش الأراضي في إطار "محافظة الدولة على أراضيها من الغزاة البدو" حسب مبادئها، حيث قال إنّه "علينا تغيير سلم الأولويات ومنح المستوطنين الجدد في النقب أفضلية.. على جميع المكاتب الحكومية التجنّد من أجل الاستيطان في النقب".

أما مدير عام حركة "أور" الاستيطانية، روني بلمار، فقد قال: "نحن بصدد ستارت-أب استيطاني، هدفه توجيه العائلات للسكن. أنا سعيد لهذا التعاون الذي يؤكد أن حكومة إسرائيل تريد أن تحقق حلم بن غوريون بتوسيع الاستيطان في النقب.

وقال مدير عام سلطة "تطوير النقب"، نتان جيبلي: "هذا التعاون سيؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق الهدف – تقوية الاستيطان في النقب.

وانضم إلى المباركين على هذه الخطوة كذلك رئيس بلدية بئر السبع، روبيك دنيلوفيتش، الذي قال: "حكومة تقوم ببناء 150 ألف وحدة سكنية في منطقة تل أبيب، تتنازل عن النقب والجليل ولن نوافقها على ذلك. لا يمكن أن نتحدث عن حلم بن غوريون وأن نقوم بشيء آخر. معا سنحوّل النقب إلى منطقة سكنية جذّابة".

تجدر الإشارة إلى أنّ "مركز الاستيطان في النقب" أقيم قبل عشر سنوات بواسطة حركة "أور" التي تكني نفسها "جسم قومي (يهودي) لتشجيع الاستيطان". وتقول الحركة الاستيطانية إنها رافقت 30 ألف عائلة حتى اليوم، بينها 6000 عائلة انتقلت للسكن بالفعل في الجليل والنقب.

وفي المقابل، تم الثلاثاء وضع مشروع قانون "برافر" التهجيري ضد بدو النقب على طاولة الكنيست، ليتم اقراره كقانون وتهجير نحو 30 ألف بدوي من أراضيهم.

"ساحة حرب"

وينضم ذلك إلى تصريحات وزير الرفاه الاجتماعي الإسرائيلي، مئير كوهن التحريضية أن "إسرائيل فشلت في كل ما يتعلق بسيطرة البدو على أراضي الدولة، والنقب سيتحوّل على ساحة حرب".

وأضاف كوهن من حزب "يوجد مستقبل" بزعامة يئير لابيد، والذي شغل منصب رئيس بلدية "ديمونا" حتى العام الأخير: "هناك 190 ألف بدوي في النقب، من بينهم 90 ألفا غير منظمين. في كل سنة يتم بناء 2000 بيت غير قانوني. هناك نظام قوانين لدولة داخل دولة، وبالتالي فإن النقب سيتحول إلى ساحة حرب إذا لم يتم علاج قضية البدو".
|221352* جانب من اعضاء الكنيست العرب المشاركين في المظاهرة|
وأدعى وزير الرفاه الاجتماعي الذي انتقل إلى حزبه الجديد من حزب "يسرائيل بيتنا" اليميني في العام الأخير فقط - في ندوة "سبت ثقافة" في مدينة حولون أنّه "حتى الشرطة تتخوف من الدخول إلى هناك، فالوضع هو كما في الغرب المتوحش.. لا يوجد لديهم ما يكفي من القوى، ومن هنا الفشل الذي حدث في عراد"، وهو يقصد "الفشل" في عدم قيام شرطة عراد بعلاج شكوى عبير دنديس ضد زوجها، ما أدى إلى مقتل ابنتيها المرحومتين رماس وإسناد – اللتين تم دفنهما الجمعة في العيزرية، وفقا لطلب الوالدة.

شجار على الوحدة والشعارات

ويأتي هذا التحرك الرسمي القوي من قبل الحكومة الإسرائيلية، ورفع وتيرة التحريض الرسمي، في الوقت الذي يتشاجر فيه قادة عرب الداخل على الخطابات والشعارات التي يجب ترديدها في المظاهرات، وفي البيانات التي يتم ارسالها إلى وسائل الإعلام – علما أنه لم يكن هناك بيان واحد عن المظاهرة، بل كل حزب وإطار قام بإرسال بيان وكأن قادته لوحدهم كانوا المشاركين في المظاهرة، حتى وصلت البيانات إلى أكثر من عدد المشاركين.

وقد شملت البيانات اقتباسات الخطباء وادعاء بمشاركة "جمهور غفير" من أهالي النقب وأعضاء كنيست وحركات سياسية ولجنة التوجيه العليا أمام الكنيست في تظاهرة جماهيرية واسعة، دعت إليها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية ضد مخطط "برافر" الخطير الذي تنوي حكومة نتنياهو تشريعه كقانون، في صلبه ترحيل أهالي عشرات القرى العربية غير المعترف بها في النقب ومصادرة عشرات ألوف الدونمات من الأراضي العربية. هذا، وهتف المتظاهرون الهتافات المنددة بمخطط برافر العنصري وإصرار سكان النقب أصحاب الأرض الشرعيين وتمسكهم ببيوتهم وأراضيهم ومواجهة المخطط بكل الوسائل.
|221353|
وكان "الجمهور الغفير" الذي شارك في المظاهرة لم يتعدّ الـ150 شخصا، ما أدى إلى دعوات من قياديين بالعمل على إعادة تركيبة لجنة التوجيه لعرب النقب، أو حتى حلها وإعادة المسؤولية للجنة المتابعة للجماهير الفلسطينية في الداخل.

وبالرغم من وجود نحو 150 متظاهرا، إلا أنّ هذه المظاهرة القطرية تحوّلت إلى مظاهرتين منفصلتين كل "يغني على ليلاه" فيها، وذلك بعد حضور العشرات من الشبان والشّابات، وانفصالهم عن المظاهرة الأم، بينهم ناشطين عن التجمع والجبهة، احتجوا على ما أسموه "تظاهرة الخطابات"، بالرغم من مشاركة أعضاء في الجبهة في الخطابات أمام وسائل الإعلام.

"سفاهة"

وقال الشيخ كمال خطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي)، في حديث خاص بوكالة "معا": "قررنا في اجتماع لجنة المتابعة العليا في رهط الخميس الماضي اقرار نشاطات لجنة التوجيه لعرب النقب، منها تظاهرة أولية أمام الكنيست يوم الاثنين من هذا الأسبوع وسلسلة فعاليات حتى الإعلان عن إضراب شامل ضد مخطط "برافر". والمفاجأة كانت أنه بعد المظاهرة التي اتفقنا فيها على عريف واحد وصوت واحد، وصلت مجموعة من الشبّان مع مكبر صوت وخرجت عن الاجماع بشعارات خاصة ومصطلحات خاصة، تناقض الاجماع في ساحة الاعتصام".

وردا على سؤال لمراسلنا فيما إذا كان أغضبه شعار "الشب بجنب الصبية" و"ما بدنا خطابات"، وقد كان أحد هؤلاء الذين ألقوا كلمة في المظاهرة، قال الشيخ خطيب: "طبعا... للأسف أن هذه المجموعة لم تصغِ إلى نداء الأخ سعيد الخرومي والأخوة الآخرين بالالتزام بالصوت الوحدوي، حيث كانت المفاجأة انضمام النائب باسل غطّاس (التجمع) ويوسف العطاونة (من قادة الجبهة وابن النقب). لم تغضبني شعارات "الشب بجنب الصبية" بأكثر من أنها سفاهة وعبارات ليس في وقتها وعديمة المسؤولية. نحن لسنا بصدد قناعات فكرية ولا أخلاقية، بل بصدد مخطط تهجير ضد الأخوة في النقب. ما أزعجني أن هؤلاء الشبان لفتوا انتباه الإعلام العبري الذي بدأ يصور مشهدين اثنين في مظاهرة واحدة. لقد عبرت عن اشمئزازي وعدم الرضى من هذا التصرف".
|221361* ابناء الحركة الاسلامية يقومون باعادة بناء احد البيوت في قرية عتير|
ورفض النائب عن التجمع في الكنيست الإسرائيلي، باسل غطاس، في حديث لـ "معا" التعقيب مباشرة على تصريحات الشيخ خطيب "لأنني لم أسمعها منه" على حد قوله، ولكنه أكد ضرورة التوقف عن الخطابات والخروج إلى العمل. وأضاف: "لقد سئم الشبان هذه الخطابات والشعارات، وهم في "فورة الدم" يريدون العمل. ليس المسؤولين من يقوموا بالعمل في الميدان، بل هؤلاء الشباب والصبايا. في النهاية، الشبان هم الذين ينتفضوا ضد الظلم ووظيفتنا نحن كقيادة، أو كنواب في الكنيست، هي حشد وتعبئة وتجنيد الجماهير، بالإضافة إلى ما يقوم به التجمع حاليا من توجه إلى السفراء في تل أبيب، حيث سيقوم كل من سفير هولندا وسفير النمسا بزيارة لفهم خطورة هذا المخطط التهجيري لعرب النقب". وأردف قائلا: "لقد وقفت إلى جانب الشباب لأقول امنحوهم فرصة التمرد والانطلاق".

أما يوسف العطاونة، القيادي في الجبهة، فقد رفض التعقيب على أقوال الشيخ خطيب واكتفى بالقول: "في هذا الظرف يجب أن لا نطرح هذه القضية بتاتا، في حين مطلب الساعة هو التحدي التام والكامل – لكل القوى والتيارات العاملة – لمخطط "برافر" التهجيري".

"الحشد مُحبِط للغاية"

وحول عدد المتظاهرين قال الشيخ خطيب: "نحن بصدد مظاهرة أولية وأعلم أن بعض القيادات جاءت بشخصها إلى المظاهرة، واعتقد أن هناك تقصيرا في تجنيد الجماهير".

أما النائب غطّاس، فقال: "وصول 150 شخصا على الأكثر إلى ما سميناها مظاهرة قطرية، هي رسالة ضعف من قبل القيادة للسلطات الإسرائيلية، وكأننا نقول إننا أضعف من أن نواجه هذا المخطط، ونتشاطر من منا يتكلم أمام الميكروفونات والكاميرات. لهذا السبب رفضنا الخطابات واقترحنا ان يتكلم أحد النواب العرب (ابن النقب طلب أبو عرار) ضد المخطط وكفى. لم يكن في التظاهرة لا زخم ولا تجند وهذا الأمر محبط ودليل على مستقبل غير جيد".

وأضاف غطّاس أن القضية لا يمكن أن تحل بالخطابات والشعارات مضيفا: "إذا لم تفهم الأحزاب خطورة اللحظة والظرف بأن قضية النقب هي قضية وطنية من أعلى الجليل حتى جنوب النقب، فالقضية محسومة للأسف لصالح المخطط. يجب النزول إلى الشوارع والتصدي لهذا المخطط".

من جانبه حاول مركّز لجنة التوجيه، سعيد الخرومي المسؤول في الحركة الإسلامية (الجناح الجنوبي)، بلباقة دبلوماسية عدم الإشارة مباشرة إلى فشل لجنة التوجيه في مهمتها، حيث قال لمراسلنا: "مظاهرة الاثنين لم يكن الهدف منها جمع الآلاف، وحضر المئات لتوصيل رسالة وهي رسالة جيدة ونأمل أنه في الأسابيع القادمة سيتم تجنيد الجماهير".

إعادة التركيبة

وارتفعت خلال الأيام القليلة الماضية أصواتا كثيرة تدعو إلى حل "لجنة التوجيه لعرب النقب" المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا لعرب 48، أو على الأقل إعادة تركيبتها لفشلها الذريع في تجنيد المواطنين، وبروزها خاصة في مجال البيانات الصحفية واللقاءات غير المجدية. وانتقدت النائبة حنين زعبي (التجمع) لجنة التوجيه وطالبت بحلها، ولكنها رفضت التعقيب بعد توجهنا إليها في هذا المجال.

أما زميلها في الحزب النائب غطاس فقد اعترف بوجود مشكلة في "لجنة التوجيه لعرب النقب"، حيث قال: "الفشل في حشد الجماهير هو كبير، وإذا استمر الأمر على ما هو عليه فلتتنحى اللجنة وتعيد القضية إلى لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، لأن قضية النقب ليست قضية أفراد بل هي قضية وطنية".

وقال الشيخ خطيب: "بالنسبة لتشكيلة لجنة التوجيه، الأخوة في الحركة في النقب هم الذين يقولون فيها رأيهم، ولنا كامل الثقة والدعم لهم، ولهم كامل المسؤولية في العمل".

واعترف جمعة الزبارقة، عضو لجنة التوجيه عن التجمع، في حديث لمراسلناـ ضمنا بفشل لجنة التوجيه في تجنيد المواطنين، حيث قال: "القضية أن علينا أن نصمد ضد مخطط "برافر"، وعلينا أن نحضر الآلاف لمثل هذه المظاهرة وليس 150 شخصا فقط"...

من جانبه لخص الخرومي ما سيتم في لجنة التوجيه بالقول: "سنناقش هذه القضية في جلسة لجنة التوجيه القادمة".