|
مخيم جباليا تاريخ حافل ومستجدات مؤلمة
نشر بتاريخ: 31/05/2013 ( آخر تحديث: 31/05/2013 الساعة: 21:46 )
جباليا -معا- يوسف حماد - عندما تدخل أزقة مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال قطاع غزة ، تعرف انك في اكثر بقعة سكنية في العالم اكتظاظا ليس بالرجال والنساء والشبان والاطفال فقط، بل زد على ذلك بانهم أناس يجعلون من ويلات القهر والألم جرعات لإطالة مدى الصبر والتحمل بنظرة مبتسمة الى واقع مستقبلي اجمل في كافة مناحي الحياة.
جباليا يقدر بربع هكتار ويقطنه حسب اخر احصائية "للاونروا" 120 الف نسمة ، مخيم داخله مخيمات واحياء سكنية تتقاسم معه كل شيء، يغلب عليه الشباب والفتية، تلاحظ ذلك عندما توزع نظراتك على ضفاف الاحياء الملاصقة لبعضها البعض، وكنأهم (..) يعرضون انفسهم للشمس والهواء ، من ضيق المكان وضجر الحال وقلة التأمل في هواء ليس بالطلق ولا بالعليل .. هناك بحث عن وجهة جميلة حسنة مبتسمة لواقع مشرق وغدا يميز سواد الايام والسنين على أمل أن يتحسن هذا الواقع الصعب، ولكن الضنك المعاش من الشُحِ وفكرة ان يغيره زائر بقلم وكاميرا (لايمكن) .."ابتلت اوراقنا بروايات وقصص مشبعة باهات وذكريات لا تنهيها الذكرى الـ( 65) للنكبة الفلسطينية التي حلت قبل ايام"...يقول احدهم مشهد متجدد في سوق المخيم.. كسرة خبز في يد طفل يتربع على موقد نار في شارع رئيس وسط مخيم جباليا، مشهد لا يحرك أيا من المارة او حتى بعض ذويه ..فالحاجة اشد فتكا من رؤية طفل يلتحم بالأرض لساعات طويلة لبيع حبات الذرة على نار اقسى من ان يتحملها شاب كبير. طفلة على شكل زهرة ذابلة من سطوع الشمس في وجهها منذ نسمات الصباح، تجدها تبيع الفجل وسط سوق مركزي في المخيم..لا دراسة ولا مدرسة تقيها ذروة حر ولا قساوة وجودوها وهي في ربيعها الـ (11) ..انها ضراوة الحياة الصعبة التي تحياها الطفلة سارة غراب لتلبية حاجة كبارها الهرمين في سرير المرض .. لا يعترك الشباب والفتية في حي الجرن احد اكبر الاحياء السكنية في مخيم جباليا مناحي الحياة القاسية، فالسياسية يعتبرونها حكرا لأصحابها والحال الاقتصادي لا يعرفون من معاناه الا الحروف فقط...فهم يخرجون من منازلهم ما بعد وقت الظهيرة وفي ساعات الغروب للعب، أو للبحث عن منطقة خضراء يرون فيها ألوانا تريح اعينهم من مشاهد لربما تكون مضاعفة لأحزانهم الواقعية ، فيفرغوا ما ساء في يومهم بل مدخر ايامهم بلعبة كرة طائرة ومقص ومخرز وابرة. ترويض الواقع بلعبة والمكان لا يساعد.. يأتون من كل فج وشِعب بالمخيم الى ساحة صغيرة (كبيرة) بطموحاتهم واحلامهم، تجسد رغبتهم في النهوض بلعبة يرون فيها مستقبلهم وإن غاب الامل لسنين ولكن الكلام بسيط وسهل. يلهون بلعب كرة الطائرة وكأنهم في مضمار دولي وليس في مكان يحيط به الأذى ولا يصلح للمرور من جانبه حتى.... هي ساحة تلقى فيها القمامة والرائحة تغني عن موضوع تعبير وبجوارها اسطبل للحيوانات وبركة ماء تأذت منها مدرسة مجاورة سلفا قبل وجودهم ولعبتهم الجميلة ، ويقول الفتى محمود علي (14 عاما) .."يأتي هنا بعض المتفرجين حبا في تطوير اعينهم بشيء جميل بمشاهدة اللعبة.." طارق حمد ( 16عاما) احد لاعبي كرة الطائرة، عضو في نادي محلي لم يوفر له ادنى متطلبات لعبته المفضلة، مقر تدريبه ساحة رمل تملؤها قطع الزجاج والحصيات (الحصى) الصغيرة " التي تصيبنا بالأذى في اقدامنا". يقول يضيف طارق "انا اسكن مخيم للاجئين صحيح ولكن احلم وانا اعلم ان الحلم مفقود.. وانا بحب ألعب كرة الطائرة حتى في هذا المكان غير المشجع ولكن هذا الموجود لن نستسلم وسوف نواصل اللعب حتى نخرج ونحترف خارج البلاد". ويكمل حديثه بحرارة " النوادي هنا لا توفر ادنى الاحتياجات للاعبين خاصة في لعبة غير شهيرة مثل كرة الطائرة ولا يعرفون تدريب المبتدئ، يريدون منه أن يكون جاهزا وهذا صعب بالنسبة لمن يسكن قرب ساحة كلها رمال لا تصلح الا لسقوط القذائف عليها من الاحتلال الاسرائيلي كما يحدث كل حرب".. اخر الطريق.. هذه المشاهد والحكايات في مخيم جباليا، انتهت بطفل زاهد في بيعه باليوم الاول من اجازته السنوية، يعرض مثلجات حتى يبتاع هاتف نقال في يوم مولد والدته. لم يتقهقر الطفل فؤاد سمير صاحب الـ( 9 سنوات) من نداءات السخرية التي يردها اقرانه في البقاء 6 ساعات طويلة عرضية ذات مشقة حتى يخرج بـ 4 دولارات امريكية باليوم الواحد، وهو مستمر كما يقول حتى الوصول الى 26 دولارا ليجلب ما طمح في الوصول اليه ليزرع ابتسامة في وجنتي امه. |