وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الخلايلة وأهل الشمال والابنوسة البيضاء

نشر بتاريخ: 13/06/2013 ( آخر تحديث: 16/06/2013 الساعة: 15:18 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
في سنوات السجن كانت لدينا عادة المطالعة ، بل حمّى المطالعة وقراءة الكتب ، لم يكن في سجون الاحتلال تلفزيون - ولا حتى في بيوتنا - ولم يكن هاتف ذكي ولا جوجل ولا اقمار اصطناعية . وكان الرفاق يتحدثون بكل شغف عن مؤلفات الكاتب الكبير حنا مينا وبينها كتاب الابنوسة البيضاء ، وخجلت حينها ان اسأل ما معنى أبنوسة ؟
وقرأت الكتاب وكان ممتعا ومفيدا وهو مجموعة قصصية راقية للمؤلف ، وانهيت قراءته دون ان اعرف معنى عنوانه ، وفي يوم من الايام تجرأت وسألت الاخوة والرفاق عن معنى ابنوسة ؟ فاكتشفت ان جميع من معي في الزنازين لا يعرفون معنى أبنوسة ، واستمر الحال هكذا ، واستمتعنا بالكتاب دون ان نعرف معنى عنوانه .

اعتقد ان موضوع الابنوسة يتكرر في قصة السلطة ، فجميعنا نشارك وندخل في لعبة السلطة دون ان نعرف معنى السلطة ؟ وما معنى حكومة السلطة ؟ وما هي اهدافها ؟ وهل انتهت الثورة ام لا ؟ هل نحن دولة ام لا ؟ هل نواصل بناء الدولة ام نواصل الثورة ؟

وحين دخلت حماس اللعبة عام 2006 اعتقدنا ان الامور ستصبح اوضح ، وان تعريف السلطة والحكم الذاتي سيكون أسهل . لكن الامور اصبحت اصعب ، وصار لدينا حكومتان و49 وزيرا ورئيسا حكومة بمجموع 160 وزير منذ نشوء السلطة .

في مدينة الخليل شعروا بغضاضة ان نسبة تمثيلهم في حكومة الحمد الله لا ترقى لمستوى حجمهم ، وان اهل الشمال استفادوا اكثر من هذه الحكومة !! كما ان هناك بلدات في الشمال ترى ان من حقها ان تتمثل بمنصب وزير وهذا ما ورد على صفحات الفيس بوك في قباطيا مثلا .

والحقيقة ان الحكومة تحتاج الى الخليل وليس العكس ، والحكومة بأمس الحاجة الى نابلس وليس العكس ، وفي أصل الاشياء ان الخليل ونابلس تملكان مقومات البقاء اكثر مما تملك حكومة الثلاثة اشهر . كما ان مدينة اريحا عمرها عشرة الاف سنة فيما ان العمر الافتراضي لاية حكومة لا يزيد عن خمس سنوات .

ولانني احب الخليل كثيرا ، بل انني مازحتهم قبل ايام في جامعة الخليل وطلبت ان يمنحوني " جنسية خليلي " ، ولان شمال الضفة هو الزخم الحقيقي للثورة او للسلام ولا انتفاضة ولا سلام من دون شمال الضفة . فان مقياس الحضور لم ولم يكن داخل الحكومات او خارجها ، بل داخل البرلمان او خارجه .

وحتى لا يكون الكلام نفاقا فان حماس فازت اكثر من منظمة التحرير في الانتخابات السابقة ، ولو ان الحمساويين في الخليل طالبوا بعدد وزراء اكثر في حكومة هنية لكان الامر منطقيا ، اما في الخليل وغزة ونابلس وكبرى المدن ، فقد فشل مرشحو منظمة التحرير في نيل ثقة الجمهور ، بل ان الرموز الكبيرة التي نشاهدها كل يوم على شاشات التلفاز فشلت في انتخابات البرلمان في الخليل ولم تحظ بثقة الجمهور . والجدير بكل منطقة او مدينة او مخيم او بلدة ان تفكر في اثبات حضورها في البرلمان قبل ان تطالب بحضورها في الوزرات .

وبكل حال من الاحوال ، انا ارى ان الحكومات تحتاج الى شهادة حسن سلوك من الخليل ونابلس وغيرها من المناطق . وليس العكس .