وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

شخصيات تحذر من السلام الاقتصادي والمصري يتنصل من مبادرة كسر الجمود

نشر بتاريخ: 16/06/2013 ( آخر تحديث: 16/06/2013 الساعة: 21:02 )
رام الله - معا - قال منيب المصري، رئيس التجمع الوطني للشخصيات المستقلة، في ختام ورشة عمل حول "السلام الاقتصادي" وخطة كيري، أنه في حلٍ من مبادرة كسر الجمود.

وقال المصري : "إن هذه المبادرة لا تمثلني"، مؤكدًا أن رجال الأعمال الإسرائيليين رفضوا بعد عدد كبير من اللقاءات الإشارة في النداء المشترك الصادر عن المبادرة إلى ضرورة إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على الأراضي المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس، وحق اللاجئين في العودة، وغير ذلك من حقوق فلسطينية مشروعة.

وأوضح المصري أنه جدد تأكيد تمسكه بهذه الحقوق خلال المؤتمر الصحافي للإعلان عن المبادرة في قمة دافوس، منوها إلى رفضه الاستمرار في أي مبادرة لا تقوم على أساس الإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني، إضافة إلى تمسكه برفض جميع أشكال التطبيع. كما أكد عزمه إصدار بيان يعبر عن موقفه هذا.

وكانت الورشة شهدت آراء متعددة غلب عليها توجيه انتقادات حادة لهذه المبادرة التي أطلقها رجال أعمال فلسطينيون وإسرائيليون أثناء المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" بالأردن في شهر أيار الماضي، لاسيما أنها لم تتضمن أي إشارة إلى ضرورة إنهاء الاحتلال والاستيطان وضمان الحقوق الفلسطينية المشروعة، وساوت بين الضحية والجلاد، وهبطت حتى بسقف الموقف الرسمي لتفتح المجال أمام مزيد من التطبيع مع الاحتلال.

وحذر المشاركون في الورشة من تداعيات "السلام الاقتصادي" وخطة كيري على مستقبل القضية الفلسطينية، وما يرافقهما من محاولات للتطبيع والشراكات الاقتصادية مع الإسرائيليين، ولفت الأنظار عما يجري على الأرض من وقائع احتلالية واستيطانية وخطوات تعمل على تحسين حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال. وطالبوا باعتماد إستراتيجية جديدة تضع على سلم أولوياتها إنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال وما تتضمنه أيضًا من بناء اقتصاد مقاوم، يعمل على تحسين الأداء بما يسهم في تحسين مستوى المعيشة وتقليل الفقر والبطالة.
|224077|
وأكدوا أن رجال الأعمال الإسرائيليين المشاركين في مبادرة كسر الجمود برفضهم الإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني، وبحقيقة أن إسرائيل هي دولة محتلة وتتحمل عبر سياسات الاستيطان والتهويد مسؤولية إفشال أي مفاوضات يمكن أن تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة، إنما هم شركاء في استمرار هذه السياسات، وفي توظيف أي مبادرات مشتركة مع شخصيات فلسطينية اقتصادية أو سياسية لخدمة موقف حكومة نتنياهو المتطرف، وزيادة الضغوط على الجانب الفلسطيني لتقديم المزيد من التنازلات، وفتح المزيد من الأبواب أمام التطبيع.

ونظم الورشة المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجيّة – مسارات، في مقره بمدينة البيرة، بحضور عشرات الشخصيات السياسيّة والأكاديميّة والاقتصاديّة، وكرست لمناقشة ورقة تقدير موقف بعنوان "قراءة نقدية لطروحات السلام الاقتصادي وخطة كيري"، أعدها الدكتور نصر عبد الكريم، الأكاديمي والمحلل الاقتصادي، فيما عقب عليها الدكتور طارق دعنا، أستاذ العلوم السياسة في جامعة الخليل.

وافتتح الورشة هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، الذي قدم توصيفًا للواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، انطلاقًا من حقيقة الصراع مع الاحتلال، وأننا نعيش في ذروة الصراع معه، ولا توجد في الأفق إمكانية للتوصل إلى تسوية عادلة تحقق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية. وأضاف إن هذه المرحلة بحاجة إلى سياسات وأدوات عمل وأشكال نضال تناسبها، من أجل تغيير موازين القوى، وأن إسرائيل ومن يدعمها يروجون إلى أن الصراع قابل للحل وأنّ الهوة صغيرة يمكن جسرها بين الجانبين عبر السياسة والديبلوماسية والمفاوضات والتطبيع وكسر الحواجز النفسية وبناء الثقة ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وقال المصري إن هناك محاولات لطمس طبيعة الصراع من خلال الحديث عن "السلام الاقتصادي"، الذي يقوم في جوهره على التعايش مع الأمر الراهن وتحسين شروط الحياة تحت الاحتلال، وكذلك الأمر عند الحديث عن الدولة ذات الحدود المؤقتة، والكونفدرالية الثنائية، والثلاثية مع الأردن، وأيضًا مبادرة كسر الجمود التي هبطت بسقف المطالب الفلسطينية، وتمهد لتطبيق خطة كيري الاقتصادية، التي هي في الأساس نسخة عن "السلام الاقتصادي" الذي يروج له نتنياهو منذ فترة. واختتم حديثه بدعوة الشخصيات الفلسطينية التي شاركت في إطلاق مبادرة كسر الجمود إلى تصحيح هذا الخطأ وعدم المضي في مبادرة تخدم الموقف الأميركي الإسرائيلي الذي يضغط على القيادة الفلسطينية للعودة إلى طاولة المفاوضات دون أي "شروط مسبقة".

وقدم نصر عبد الكريم عرضًا لورقة تقدير الموقف التي أشار فيها إلى أن إسرائيل لن تسمح للاقتصاد الفلسطيني بأن ينمو ويتطور بشكل طبيعي، وبما يمكن الشعب الفلسطيني من التحرر من التبعية لها، ومن ابتزازها السياسي. وهذا الأمر يفرض على الفلسطينيين تغيير المسار الاقتصادي من خلال الاستناد إلى تغيير قواعد وأسس العلاقات السياسية والأمنية الراهنة مع إسرائيل أولاً؛ لأن أي مبادرة لتطوير الاقتصاد الفلسطيني في إطار الوضع السياسي والأمني القائم لن تتوفر لها فرصة للنجاح والديمومة.

وهدفت الورقة إلى تقديم صورة للمشهديْن السياسي والاقتصادي الراهنيْن في الأراضي الفلسطينية، وتقديم قراءة نقدية لما أصبح يُعرف بـ"السلام الاقتصادي" الذي قد يكون أحد منطلقات خطة كيري الاقتصادية التي أعلن عنها مؤخرًا، وكذلك تقديم مقترحات لمواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني على طريق الحرية والاستقلال وبناء الدولة دون الخضوع لاشتراطات سياسية.

وبين عبد الكريم أن هناك عدة عوامل تحكمت في أداء الاقتصاد الفلسطيني تمثلت في اتفاقات المرحلة الانتقالية الموقعة مع إسرائيل؛ وسطوة الاحتلال الإسرائيلي والأمر الواقع الذي خلفه على الأرض؛ ومنسوب وطبيعة المساعدات الدولية؛ والمنهج والسياسات التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة في إدارة الاقتصاد الوطني. ولإحداث تطور جوهري ومستدام في الاقتصاد الفلسطيني، لا بَّد من إحداث تغيير ملحوظ في واحد من هذه العوامل بدءًا من قواعد وأسس العلاقات السياسية والأمنية مع إسرائيل. وأضاف أن هناك عددًا من التحديات التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني، تتجسد في النمو المتذبذب وغير التنموي أو المستدام في ظل الفقر والبطالة اللذين تزداد معدلاتهما باستمرار، وفي اختلال التوازن الداخلي والعجز المزمن في الموازنة العامة؛ واختلال العلاقة بين الادخار والاستثمار؛ وتعاظم سيطرة قطاعات الخدمات والتجارة على حساب قطاعات الإنتاج السلعي، وعجز متزايد في الميزان التجاري السلعي والخدمي.

وأضاف عبد الكريم أن نتنياهو اتخذ من "السلام الاقتصادي" إستراتيجية له في التعامل مع الجانب الفلسطيني، وقد وجد لها بعض التأييد والتفهم في أوساط اللجنة الرباعية، ولم ينفك في الترويج لها وحشد الدعم لها منذ العام 2007، ويمكن أن نجد تعبيرات كثيرة لدعم اللجنة الرباعية لهذا "السلام" من خلال الجهد الحثيث الذي بذله مبعوثها ولا يزال في البحث عن سبل لتطوير الاقتصاد الفلسطيني في إطار الوضع السياسي القائم.

وقال: إن كيري من خلال جولاته المكوكية إلى المنطقة قام بوضع تصورات أولية للخروج من مأزق انسداد أفق التسوية، لتكون أقرب إلى منهح "السلام الاقتصادي"، مع التأكيد على أن هذه التصورات لا ترقى إلى خطة كما يروق للبعض تسميتها، وتشير الملامح الأولية لهذه "الخطة" إلى حشد ما يقارب 4 مليارات دولار وضخها في الاقتصاد الفلسطيني في السنوات الثلاث القادمة من خلال مشاريع استثمارية وتطويرية مختلفة، وبالشراكة بين القطاعين الخاص والعام. ولم تتضح بعد مصادر هذه الأموال، وهل ستكون عبارة عن منح وهبات أم قروض. وتتوقع هذه الخطة في حال تنفيذها أن تؤدي الى تحقيق الاقتصاد الفلسطيني لمعدل نمو يصل الى 50%، وإلى تخفيض معدل البطالة إلى 8%، وإلى زيادة متوسط الأجور إلى حوالي 40%. وأشارت الخطة، ولو بشكل خجول وضبابي، إلى ضرورة تلازم تنفيذها مع التقدم على المسار السياسي حتى تحقق أهدافها"، مشككا في صحة كل ذلك.

وعقب دعنا على ورقة تقدير الموقف بالقول إن فكرة "السلام الاقتصادي" ليست جديدة، وكانت قد طُرحت للمرة الأولى من قبل شمعون بيرس بعد توقيع اتفاق أوسلو، وأن ما يجري الحديث عنه من "السلام الاقتصادي" وخطة كيري ومبادرة كسر الجمود ما هي إلا تجاوب مع السياسة التي انتهجها سلام فياض أو في سياق ما يعرف بـ"الفياضية" أو "الطريق الثالث"، والتي تقوم على بناء المؤسسات وإثبات الجدارة والجهوزية لإقامة الدولة، خصوصًا بعد فشل مسار المفاوضات الثنائية.
|224079|