|
"الثقوب السوداء" في ميزانية الأمن الإسرائيلي تبتلع مليارات الشواقل
نشر بتاريخ: 18/06/2013 ( آخر تحديث: 19/06/2013 الساعة: 01:08 )
بيت لحم- معا - تحاول الصحف الإسرائيلية وملاحقها الاقتصادية حل لغز ميزانية الجيش الإسرائيلي التي وصفت بالأضخم والأكبر في تاريخ إسرائيل بواقع 51 مليار شيكل، لكن هذا الرقم الذي تريد الحكومة الإسرائيلية أن يعرفه الجمهور دون ان تطلعه على ما يحتويه من "ثقوب سوداء" تبتلع عشرات مليارات الشواقل الإضافية سنويا، حسب تعبير ملحق "يديعوت احرونوت" الاقتصادي "كلكليست" الذي نشره اليوم الثلاثاء تحقيقا حول الموضوع محاولا الوقوف على حقيقة "الثقوب السوداء" التي تبتلع ميزانية الجيش دون حسيب أو رقيب.
وكشف الموقع عن أحد "الثقوب السوداء" الذي يبتلع سنويا 180 مليون شيكل وهو "ثقب" موفد المشتريات العسكرية والممثليات العسكرية الخارجية تلك الممثليات ووفود المشتريات التي لم تعد قائمة ولم يعد حاجة لها في عالم منفتح يتبادل الرسائل الالكترونية ومحادثات الفيديو تلك التجهيزات التي حولت ممثليات الجيش الإسرائيلي الخارجية إلى مواقع عمل إضافية يستفيد منها أبناء المقربين من المؤسسة العسكرية الذين يخرجون في رحلات سياحية خارجية بعد انتهاء خدمتهم العسكرية. 8 مليارات شيكل للرواتب التقاعدية وقبل قضية وفود المشتريات هناك ميزانيات ضخمة يتم تخصيصها وتوجيهها لأهداف أخرى غير تلك المخصصة لها، ويعتبر بند رواتب المتقاعدين اكبر بنود الميزانية الأمنية حيث من المتوقع أن يصل العام القادم إلى 6:8 مليار شيكل تشكل 12% من مجمل الميزانية العسكرية ويدور الحديث عن رواتب تقاعدية لأشخاص انهوا الخدمة الدائمة في سن الأربعين أو ما يقارب ذلك وسيتمتعون بهذه الرواتب السخية طيلة أيام حياتهم دون أن يكلفوا أنفسهم عناء الادخار. وتعتبر قيمة فاتورة الرواتب التقاعدية مبلغا ضخما جدا يواصل ارتفاعه السنوي، وإضافة لبند التقاعد من المقرر أن ينفق الجيش العام القادم مبلغ 5 مليارات شيكل على قسم إعادة التأهيل الذي لم تعد أعماله مقتصرة على إعادة تأهيل المعاقين والمقعدين العسكريين، بل يمنح اموالا لجنود أصيبوا بإمراض مختلفة أثناء خدمتهم العسكرية أو أصيبوا أثناء الإجازات، وتذهب 75% من ميزانيته لتغطية هذا البند تحديدا. وأوضح الجيش الإسرائيلي ردا على التقارير المتواترة بأنه وباستثناء موضوع القوى العاملة التي يعتبر تغيير احتياجاتها وأفضليتها موضوعا سياسيا من صميم عمل السياسيين وليس الجنرالات، فإن مبالغ كبيرة جدا يتم تحويلها لصالح وجود جيش العمل الجاري بواقع "22:5 مليار شيكل سنويا ويشمل هذا البند عمليات التدريب والعمل الميداني وشراء تجهيزات عسكرية جديدة وصيانة التجهيزات القائمة ودفع رواتب، ويعتبر جيش المهام الجارية البناء الأساسي في الجيش والمس به يضر بكل تأكيد بالأمن الإسرائيلي، لهذا نعود لموضوع إرساليات ووفود الشراء بوصفها الخانة الأكثر احتمالا لتقليصات حيث يمكن للجيش في حال قرر وقف جميع وفود وإرساليات الشراء مرة واحدة توفير مبلغ 200 مليون شيكل سنويا تعتبر نقطة في بحر الميزانية الإجمالية التي تلامس حدود الـ 60 مليار شيكل، لكن هذه النقطة وفي ظل سياسة التقليصات يمكنها أن تحدث فرقا، حسب تعبير الملحق الاقتصادي "كلكليست". نزهات ورحلات ما بعد الخدمة العسكرية من خلال الممثليات العسكرية يحتفظ الجيش الإسرائيلي بـ 26 ممثلية عسكرية خارجية منتشرة في أرجاء العالم أكبرها يقع في مدينة نيويورك وتضم 47 موفدا "شخصا" يمثل وزارة الجيش و27 ضابطا عسكريا و132 موظفا إسرائيليا محليا غالبيتهم بمحض الصدفة من أبناء عائلات تربطها علاقات صداقة مع شخصيات في وزارة الجيش تواجدوا خارج إسرائيل بكل بساطة للقيام برحلة ما بعد الخدمة العسكرية او بهدف التعليم، وتحدثت "كلكليست" مع كثيرين منهم أكدوا انتشار هذه الظاهرة لكنهم رفضوا التصريح بأسمائهم الحقيقية. يدعي الجيش أنه حاول زيادة نجاعته في هذا المجال وهذا الأمر قد يبدو صحيحا حيث نجحت عملية رفع النجاعة خلال السنوات الثلاث الماضية بتقليص 9 وظائف لموفدين عسكريين في ممثلية نيويورك، و40 بندا يتعلق بالموظفين الإسرائيليين المحليين، وسيتم تقليص بند آخر العام القادم لتقليص حجم ممثلية نيويورك المتورمة، علما أن موفدي المؤسسة العسكرية بكل فروعها وكذلك موفدي الحكومة الإسرائيلية يتمتعون بحق تمويل إقامتهم في الخارج، وهي تغطيات كبيرة جدا حيث يكلف كل موفد رسمي الميزانية الإسرائيلية بالمتوسط مليون شيكل سنويا. وتشمل هذه التكلفة بنودا كثيرة مثل علاج طبي كامل، وبدل شقة مستأجرة وصيانة هذه الشقة التي يشترط بها أن تكون في منطقة ذات طلب مرتفع، بمعنى منطقة ذات أسعار عالية "فاخرة" وكذلك يحق له تلقي تمويلا كاملا لدراسة أطفاله وأبناء عائلته حتى وإن تعلق الأمر بمدرسة خاصة تكلف 100 ألف دولار سنويا حيث لا يوجد سقف لعملية تمويل التعليم والدراسة. ميزانية في طريق مسدود اختتم موقع" كلكليست" تقريره بالجزم أن ميزانية الأمن والجيش باتت على مفترق طرق حيث تضخم حجمها بشكل باتت تشكل فيه عبئا كبيرا على ميزانية "الدولة" برمتها وعبئا على الجيش نفسه. إن الإنفاق على بند القوى البشرية مرتفع للغاية بواقع يتراوح ما بين نصف وثلثي الميزانية العسكرية حسب من يقوم بالعملية الحسابية "الجيش أم وزارة الجيش" فحتى قبل أن ينفق الجيش شيكل واحد على الأمن وحماية الأمن ينفق 27 مليار شيكل على القوى البشرية 10 مليارات منها تذهب للتقاعد وإعادة التأهيل. في زمن الصحوة الاجتماعية وزمن إدراك الجمهور أن أموال الضرائب التي يدفعها تذهب لتمويل جدول أعمال يومي قديم وبالي يجب أن يتغير شيئا في هذه المعادلة بأي طريقة كانت، ولا يمكن لميزانية الجيش ان تواصل نموها مثلا لتصبح 100 مليار شيكل سنويا تماما كما لا يمكن لأسعار البنزين أن تصل إلى 10 شيكل للتر الواحد دون أن يحدث شيء ما، بكل بساطة لا يمكن الاستمرار هكذا الجمهور لن يتحمل أو يصمد أمام هذا الوضع. يتوجب على شخص ما أن يهب ليغير هذا الاتجاه ويجب أن يبدأ هذا التغيير أولا وقبل كل شيء من السياسيين أنفسهم ومن ممثلي الشعب المنتخبين فإذا اختاروا أن ينظروا إلى بنود الميزانية ببساطة والمرور عنها هكذا وكأنها قضاء وقدرا فإنهم سيبدون كمن اختلس وظيفته خاصة وأنهم يمتلكون الأدوات والوسائل لتغيير الواقع بشكل عميق تغييرا ستظهر ثماره بعد عدة سنوات. |