وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

رثاء الأسير أحمد لقمره طارق الحبيب القريب والغائب الذي لا يغيب

نشر بتاريخ: 25/06/2013 ( آخر تحديث: 25/06/2013 الساعة: 09:09 )
بقلم الأسير المحرر رأفت حمدونة مدير مركز الأسرى للدراسات

لم يتخيل أحمد السكنى ولو للحظة أنه سيسمع خبر وفاة وحيده طارق بهذه السرعة ، نعم سقط مغشياً عليه حال اخباره بتلك الفاجعة ، التف الأسرى حول الأسير أحمد لمواساته فانهمر بالبكاء حناناً ليس سخطاً لقضاء الله بل حباً وتوقاً لحبيبه على الأقل بقبلة وداع قبل مواراة التراب .

ثم بدأ يرثى قمره لزملاءه الذى غاب قبل الأوان ، وتمتم بصوت خافت وكأنه يحاكى نفسه قائلاً " رحل عنى مبكراً ، كنت أتمنى أن أعيش معه ولو ليوم واحد ، كنت أتمنى اصطحابه لشراء ملابس العيد كباقى الأطفال ، الاحتلال منعنى طوال اعتقالى أن أشم رائحة جسده لأتذكرها ، كل ما أملك من طارق صورة دخلت إلى عبر السجان وكلمة شوق ترن في أذنى عند أول لقاء لم يتكرر إلا مرة واحدة طوال 9 سنوات ، طارق ملاكى الوحيد يا أحباب ، طارق الحبيب القريب والبعيد ، والغائب الذى لا يغيب ، ورغم أن الدهر أكل من حياتى إلا أنى كنت فى غمرة الفرح وأنا أحمل صورته لكم لأعرفكم عليه ، كنت أقول طفلى طارق أجمل مخلوق على وجه الأرض ، وأشعر به كنسمة الربيع الرقيقة برحيق عطره وخفته ، فهو بسمتى البريئة الجميلة وسط العذابات ، والكلمة الرقيقة بين الآهات ، وطلعة بدر في ظلام حالك ، وزهرة رقيقة بين الأشواك ، وأهون علي أن أحمل كل المرض وأمضى عمرى فى السجون على أن لا يمسه سوء فكيف بخبر موت وإلى الأبد ، طارق وحيدى وأملى ومستقبلى وحامى بيتى وسند أمه في غيابى وسجنى، وكنت أحلم بلحظة الافراج عنى لضمه بين ذراعي وحضنه بين أضلعى وتقبيله .

وبحشرجات فى صوت أحمد تنهد وقال لزملاءه :

ما أثقل هذا اليوم يا أحبة هذه فاجعة لم أتصورها ولم أتوقعها ،فمنذ سماع الخبر وأنا أشعر بدوخان فى رأسى وأتذكر كل جزئيات ملامح ابنى ، كشريط مر كفيلم من الذكريات فى ثوانى معدودة .

سقطت الدموع من عيني أحمد كحبات المطر من السماء على الأرض وصمت كمن توقف الزمن فى حياته بلا روح ولا طموح حاملا كل الهموم وصبرواحتسب وتمتم ثانية :

- الحمد لله ... لله ما أعطى ولله ما أخذ .. حسبى الله ونعم الوكيل ... إنا لله وإنا اليه راجعون .

بكى أحمد على فراق ابنه الوحيد القريب الحبيب ، وبكى الرجال الرجال على رحيل الطفل طارق ، وبقى أحمد يتذكر كلمات ابنه طارق على إذاعة الأسرى فى برنامج على جناح الطير " سأحضنك يا والدى عند حريتك ولن انفك عنك حتى أشبع منك - فإلى لقاء قريب " .

انهمرت دموع الأسير أحمد وقال " متى يوم اللقاء يا طارق ؟؟ كنت مثلك أتصور كيف سأحضنك يوم حريتى وأول لقاء خارج السجن بك ، ولكن حقيقة لا يعرف العشاق أين سيلتقون ، أتمنى أن يكون في مقعد صدق عند مليك مقتدر ..... آمين