وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ورشة حوارية بجنين حول تأثير الاوضاع الاقتصادية على الحريات

نشر بتاريخ: 30/06/2013 ( آخر تحديث: 30/06/2013 الساعة: 17:46 )
جنين - معا - نظمت جبهة العمل النقابي التقدمية بالشراكة مع الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين فرع جنين اليوم الأحد ورشة حوارية حول تأثيرات الاوضاع الاقتصادية على حرية الرأي والتعبير في فلسطين، وذلك في مقر الاتحاد العام في مدينة جنين، وبحضور ممثلين عن قطاعات العمال والمرأة والقوى السياسية ونقابة الموظفين العموميين ووزارة العمل وناشطين اجتماعيين وسياسيين وحقوقيين.

وافتتح الورشة وادارها الناشط النقابي عصام نواف حماد بالتنويه الى اهمية نقاش القضايا التي تهم الشعب الفلسطيني وتمس العمال على وجه الخصوص، مشيراً الى اهمية هذا اللقاء الحواري المفتوح، وضرورة استمرار المبادرات من قبل الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في هذا الاتجاه.

من جهته، فقد تحدث رياض كميل سكرتير المجلس العمالي في الاتحاد حول اهمية الشراكة مع جبهة العمل النقابي التقدمية في تنظيم هذه الورشة، وذلك لنقاش الوضع الاقتصادي وتأثيراته على الحالة الفلسطينية وخاصة الطبقة العاملة، مشيراً الى ان فلسطين ما زالت تحت الاحتلال وان الجهود المتعلقة بحرية الرأي والتعبير مكفولة بما يراعي محاولة الكيان الفلسطيني للحصول على سيادة قانونية تتيح له من خلالها ممارسة الحقوق المدنية والسياسية للمواطن الفلسطيني، ولا يمكن انكار تدهور الوضع الاقتصادي، مشيرا ان هناك خلافا دائما مع السلطة الفلسطينية للوصول لمستويات معيشية جيدة.
|226207|
في حين قال محمد جوابرة سكرتير جبهة العمل النقابي التقدمية انه يجب الاتفاق بداية على تعميق الحياة الديمقراطية من خلال استمرار النقاش والحوار، والمجتمع الديمقراطي بالحديث عن مجتمع حر يعكس حجم التطور في مستوى الحرية اي ان تعبر عن احتياجات الناس وهمومهم في ظل الحديث عن الاولويات الاساسية المطالبة بتحقيق الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والسعي لتنفيذ القوانين في صالح المواطن، في ظل تردي الثقافة المجتمعية حول ابجديات الاحتجاجات والاضرابات.

وعن الوضع الاقتصادي اوضح جوابرة انه لابد من التركيز على اهمية ادارة الثروات المادية لنحو يمكن المجتمع من استثمارها بشكل يوفر الاحتياجات للمواطن بما يمكنه من القيام بدور فاعل ومؤثر بدلاً من ان يكون عالة عليه.

وعن الواقع الاقتصادي الفلسطيني فقال جوابره انه مرتبط بجملة العوامل والاوضاع السياسية المحيطة به من نكبة 1948 (بالسيطرة على الارض وتهجير السكان) وصولاً الى الاحتلال الكامل للاراضي الفلسطينية عام 1967، مما جعل الاولوية لدى الشعب الفلسطيني متمثلة بالخلاص من الاحتلال والاستقلال، اما بعد قيام السلطة الفلسطينية فاصبحت المسألة الاقتصادية تحتل مكاناً واسعاً من اهتمامات القيادة السياسية والمواطن، ولكنها بالمقابل لم تستطع ان تؤسس لاقتصاد مستقل ومقاوم، حيث عززت التبعية لاقتصاد الاحتلال عبر تكريس وترسيخ اتفاقية باريس التجارية، وعمدت الى زيادة الخصخصة ومحدودية تدخل السلطة، والاعتماد على السوق الحر بدلاً من المختلط (الحر/الموجه)، فيما تراجع الاهتمام بمعالجة مشكلات الفقر والبطالة حيث ندرة العمل وقلة فرص العمل، في وقت يستمر فيه الانقسام وتعطل المؤسسة التشريعية، وتحرم قطاعات واسعة من المطالبة بحقوقها الاقتصادية وترتفع انتهاكات حقوق حرية الرأي والتعبير.
|226209|
وتحدث مدير وزارة العمل في جنين موفق قبها على اهمية الشراكة بين مختلف الجهات لتحقيق التنمية مشيرا الى وجوب سعي القوى السياسية والمؤسسات المدنية للحفاظ على الحريات مضيفا انه لا وجود لتنمية بوجود اقتصاد غير مستقل ولا امكانية لاقتصاد مستقل بوجود الاحتلال.

اما الناشط العمالي سفيان ستيتي فاشار الى اهمية التنويه للاحتلال كونه مسيطر على مفاصل الاقتصاد الوطني في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما تقوم السلطتان باستخدام الاحتلال كذريعة للحد من الحريات، والانقسام ايضاً يلقي بظلاله حول حرية الحركة العمالية في التعبير عن ارائها، ولا بد من الاقرار ان السلطة نفسها لا تملك القدرة في التعبير عن تطلعات شعبها كونها مرتهنة للقرار الاسرائيلي القادر على منع ايصال الموارد المالية للسلطة والتي مطلوب منها ان تعمل على تلبية متطلبات واحتياجات الجماهير.

من جهتها، فقد اشارت عبير عيسى مسؤولة اتحاد لجان المرأة الفلسطينية في جنين ان الوضع الاقتصادي سيء ويعود بالضرر على كافة طبقات المجتمع الفلسطيني عدا رؤوس الاموال والتي تتحمل مسؤولية تردي الاوضاع، فيما يعاب على السلطة انها ترسم السياسات الاقتصادية بطريقة تخدم القطاع الخاص، متسائلة عن دور المؤسسات المدنية في التوعية حيث ان التعبيرات التي يظهرها المجتمع بشكل عام تعبر عن اختلالات في المفاهيم.

ايمان نزال من طاقم شؤون المرأة اشارت الى ضرورة معرفة الامكانيات والمتحكم بالموارد، في ظل غلاء المعيشة والارتفاع في الضرائب، منادية بتأطير احتجاجات الناس من قبل مؤسسات المجتمع المدني وذلك بهدف التعبير الصحيح عن اراء ومواقف الناس.
|226210|
فيما قالت وفاء زكارنة رئيسة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في جنين ان هناك غياب فعلي لمفهوم الشراكة لتحقيق تنمية اقتصادية وسياسية في المجتمع الفلسطيني، يضاف اليه تردي في القيم الوطنية الناظمة.

ناريمان بعجاوي سكرتيرة نقابة العاملين في الخدمات العامة والاعمال الحرة خلصت الى ارقام حتى عام 2011 حيث يبلغ عدد العاملين في القطاع الحكومي (185 ألف) في حكومة رام الله و(42 ألف) في حكومة غزة، فيما يدخل سوق العمل سنوياً (40 ألف) شاب، في وقت لا تزيد القدرة الاستيعابية للسوق الفلسطيني عن (5 آلاف) فقط، ويبلغ الحد الادنى للاجور (1450) شيكل شهرياً بمعدل (65) شيكل يومياً و(8.5) شيكل للساعة، فيما يبلغ خط الفقر المدقع (1832) شيكل شهرياً، وخط الفقر المتوسط (2800) شيكل شهرياً، في وقت تصل فيه نسبة البطالة الى 24% (221 ألف) عاطل عن عن العمل.

وختم الورشة الحوارية الناشط الشبابي مصطفى شتا بالقول انه لا بد من الاشارة الى ان الوضع الاقتصادي يلعب دوراً مزدوجاً في تأسيس مجتمع حر، والحريات في النظام الاقتصادي هي جزء من الحرية، والحرية الاقتصادية لا يستغنى عنها في سبيل تحقيق الحرية السياسية، والحرية جزء من الديمقراطية التي تنشد العدالة والمساوة ايضاً، وفي الحالة الفلسطينية فيعتبر الاقتصاد الفلسطيني ضعيف ومتردي ويتبع مجبراً باقتصاد الاحتلال ارتباطاً ببروتوكول باريس التجاري، وهذه التبعية تعني استمرار الاوضاع الاقتصادية الصعبة والمربكة والتي تظهر نتائجها بتأخر الرواتب وارتفاع الضرائب وتنوعها، وهذا ما يقابل عادة بالاضرابات النقابية والاحتجاجات الشعبية كما حدث في نابلس والخليل وما رافق مؤتمر المقاطعة (BDS) من اشكالات بين وزير الاقتصاد وناشطين شباب، وهذا ما تطلب احداث حالة نقاش عن ذلك الربط بين الاوضاع الاقتصادية والحريات، وذلك خوفاً من تطور الاحتجاجات لتصبح أكثر عنفاً بما يضر على السلم الاهلي، وهنا يبرز التركيز على مدنية وحضرية الاحتجاج، مع تفهم الامكانيات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية والتي تبدو عاجزة عن تلبية الاحتياجات بعيداً عن الاستدانة والقروض والمنح من الدول الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية والبنك الدولي والتي عادة تتبع تلك الاعانات بشروط سياسية لا تتلائم بالغالب مع رؤى وتطلعات الشعب الفلسطيني مما يشكل ارباك في سياق التنمية، الامر الذي قد يؤثر على شكل وماهية الحريات المتاحة من قبل السلطة الفلسطينية، التي ربما لا تقبل باستمرار حالة النقد الشعبي والجماهيري.
|226211|
وخلص المجتمعون الى ان حرية الرأي والتعبير هي تعبير عن قدرة الافراد والجماعات على اختلافها في التعبير عن مطالبها وارائها المختلفة بشكل حر ودون قيود او مخاوف او ضغوط، وانتهت الورشة بتوصيات من المجتمعين تمثلت في انهاء الانقسام ضرورة لتحقيق تقدم على مستوى الاقتصاد الوطني، وصياغة استراتيجيات وطنية موحدة وجمعية تحققق حالة الشراكة، وفتح ملف اتفاقية باريس التجارية والاتفاق على ضرورة الخلاص منها، وان تركز السياسات الاقتصادية الفلسطينية على تعزيز صمود المواطن الفلسطيني، وضمان الحريات العامة واشاعتها للمساهمة المجتمعية في ايجاد وخلق الحلول للوضع الاقتصادي، وان العدالة الاجتماعية ضرورة اساسية في بناء المجتمع الفلسطيني واستمرار تطوره وتقدمه.