وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المجتمع الإسرائيلي بين "ميدان التحرير وميدان السبت"

نشر بتاريخ: 04/07/2013 ( آخر تحديث: 06/07/2013 الساعة: 09:06 )
بيت لحم - خاص معا - المشاهد الواردة من مصر تشكل إشارة تحذير قوية للمجتمع الإسرائيلي إذ لا يوجد مجال واحد في حياتنا بعيد عن لهيب الصراع بين المتدينين والعلمانيين وما يبدو الان كحرب صامتة من شأنها أن تتفجر يوما ما غضبا.. لقد حان وقت إعادة الثقة ويجب علينا ان ننظر إلى مرسي والى أنفسنا قالت الكاتبة الصحفية اليهودية المتدينة صاحبة الزاوية اليومية على موقع "يديعوت احرونوت" الالكتروني "طالي فركش" في زاويتها المنشورة اليوم "الخميس" تحت عنوان "بين ميدان التحرير وميدان السبت".

وأضافت "فركش" مثل جميع الإسرائيليين تابعت بعناية وانتباه شديدين وتمسمرت أمام شاشة التلفاز للاستماع لبيان الجنرال عبد الفتاح السيسي وهو يعلن عزل مرسي السياسي الاسلامي الملتحي واضعا حدا لما عرف بـ"ثورة الإسلام السياسي السني" وصبغ وجه الدولة المصرية الرابضة على ضفتي النيل بلون الإسلام السياسي.

لا شك بأننا لسنا بمصر واستطاعت ديمقراطيتنا أن تؤسس عبر الزمن الكثير من الاستقرار وحتى النشطاء الذين غطوا ميدان رابين وروتشيلد فيما عرف بالاحتجاجات الاجتماعية لا يقارنون من حيث العدد بمن أم ميادين مصر، ومع ذلك فان الشعور الإسرائيلي بالرضى والطمأنينة فيما يتعلق بالحرب الداخلية الدائرة في ارض الجيران شعورا خطرا... فان مشاهد التحرير والحرب الدائرة في مصر بين الدين وحرية العبادة ما هي إلا إشارة إنذار خاصة وان جذور هذا الصراع متأصلة أيضا عندنا وعلى ارض الديمقراطية الإسرائيلية الهشة تنمو مجموعتان كبيرتان ذات مصالح متعارضة مجموعة مؤمنة وأخرى غير مؤمنة.

كيف يمكن للإسرائيليين أن يستقبلوا رئيس وزراء من "الحريديم"؟
إن هذه المواجهة تقف لنا مترصدة على الزاوية القريبة تنتظرنا بكل هدوء وصبر انطلاقا من الصراع الأبدي الذي تفجر منذ إقامة الدولة وحتى هذه اللحظة بل بات أكثر حدة والوضع القائم الذي جاء انعكاسا لتسوية أسطورية اخذ يبدو كل يوم كخط وقف إطلاق النار المؤقت خطا لا ينوي احد الحفاظ عليه فهو وصفة مفهومة مسبقا للمواجهة القادمة.

حاليا تمسك القوى العلمانية بتلابيب السلطة والقيادة في إسرائيل وتعبر عن وجهة نظرها من خلال الحكومات فيما لا زال الطرف الثاني يقف متفرجا يتفحص أين أصبحت خطوط الجبهة الجديدة وعلى ماذا يمكن شن الحرب ومتى؟ لا يمكننا تجاهل السيناريو الذي لم يعد دربا من الخيال والمتمثل بوحدة الأحزاب المتدنية "الحريديم" مع الاحزاب الدينية القومية وتشكل جبهة مؤمنة كبيرة وهامة جدا مع جدول أعمال ديني واضح مع سيطرة ثابتة على مؤسسات الحكم والسلطة ربما يتحقق هذا السيناريو في الانتخابات القادمة وربما بعد 50 عاما.

السؤال كيف سيستقبل الإسرائيليون رئيسا للوزراء ينتمي للحريديم؟ كيف ستكون ردة فعلهم على تعيين مستوطن وزيرا "للدفاع"؟ السؤال الكبير هل سيحل الوقت الذي ينقسم فيه المجتمع الإسرائيلي إلى معسكرين متدين وآخر علماني بدلا من يساريين ويمينيين؟ هل سيحين وقت تمزيق قناع الأدب وتغيير قواعد اللعبة لصالح صراع عنيف بين المعسكرين؟ هذه أسئلة لا يمكن لأحد الهروب منها وتجاهلها رغم ان الصور القادمة من ميدان التحرير تجعل هذا الأمر بعيدا ومريحا.

حرب صامتة على نار هادئة
عمليا لا يوجد مجال من مجالات الحياة الإسرائيلية بعيدا عن نار هذا الصراع العميق من قضايا الأمن "العبء المتساوي" وصولا إلى السياسات الاقتصادية مرورا بقضايا العمل والتشغيل والدراسة العليا وانتهاء بقضية المخصصات الاجتماعية والسياسة التربوية والتعليمية التي تحاول فرض تعليم المواد العلمية الأساسية على المدارس الدينية، كما هو الحال ايضا على الساحة الثقافية حيث تقف المسارح والمتاحف مقابل دروس التوراة وحتى داخل النظام الصحي من سلة الأدوية حتى قضية التبرع بالأعضاء بكل بساطة أين ما نولي وجوهنا فهناك بصمات الصراع تحاول إخفاء نفسها بذكاء وحنكة.

ما نعيشه اليوم كحرب صامتة بين القطاعات والتيارات سينفجر يوما ما غضبا يغطي الشوارع غضبا يعبر عن كل من يستطيع تنظيم تظاهرات واسعة ضد المساس بهويته الثقافية والإيمانية فيما لا زال نصل "التجنيد" وقضية السبت او علمنة القطاع العام مسلطا على الرقاب.

قد تشكل أصوات الثورة القادمة من الجنوب دافعا لنا للتوحد بكل أطيافنا ودعوة لمعالجة جدية لكافة القضايا والصعاب والإخفاقات التي تهدد بتقسيمنا لطوائف وقبائل متصارعة وقد تشكل الثورة من الجنوب "المصرية" صرخة تذكرنا بضرورة إعادة بناء الثقة بشكل يسمح بعيش المعسكرين جنبا الى جنب وعلى طول الزمان انها فرصة ان ننظر الى ما حل بمرسي لننظر الى انفسنا ونتفحص ذاتنا.