وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

وزير الاعلام يدعو الى استنهاض التضامن مع الشعب الفلسطيني ونشر روايته وتجنيد الاعلام العربي والدولي الى جانبه

نشر بتاريخ: 30/04/2007 ( آخر تحديث: 30/04/2007 الساعة: 19:33 )
دمشق-معا- اكد وزير الاعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة الدكتور مصطفى البرغوثي أنه ما من قضية تعرضت للتشويه الإعلامي الممنهج والمنظم مثل القضية الفلسطينية، مع أنه ما من قضية تتسم بالعدالة الواضحة مثل القضية الفلسطينية.

وقال البرغوثي في كلمة القاها في المؤتمر الدولي للاعلام العربي والاسلامي لدعم الشعب الفلسطيني الذي افتتحه نائب الرئيس السوري فاروق الشرع بحضور وزير الاعلام السوري محسن بلال ان المشاركة في المؤتمر ترمي الى لفت الانظار الى حقيقة المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني جراء الحصار والعدوان الاسرائيلي في وقت اكمل فيه الاحتلال عامه الاربعين كاطول احتلال في العصر الحديث.

واعرب البرغوثي في مستهل كلمته "عن شكره وتقديره الكبيرين لسوريا الشقيقة لكل ما قدمته من دعم واستضافة لإنجاح أعمال هذا المؤتمر، راجين نقل أسمى تحياتنا لفخامة الرئيس بشار الأسد على رعايته الطيبة لهذا المؤتمر، وأن أشكر كذلك كل المشاركين الذين منحونا وقتهم وخبرتهم ومعارفهم لتجنيد الدعم لقضية شعبنا الفلسطيني العادلة، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه لهذا الدعم."

وقال البرغوثي "اننا جئنا الى هذا المؤتمر الهام من اجل استنهاض التضامن مع شعبنا الفلسطيني ومن اجل نشر الرواية الفلسطينية الحقيقية مشيرا الى ان هدفنا هو تجنيد الاعلام العربي والدولي الى جانب قضيتنا الفلسطينية العادلة ونضال شعبنا العادل".

ودعا وزير الاعلام البرغوثي الى تنظيم حملة تضامن واسعة من اجل الافراج عن الاسرى والاسيرات في سجون الاحتلال.

واضاف وزير الاعلام " انه إذا كنا نعيش في عصر يمكن وصفه بأنه عصر العولمة الهوجاء، كما يمكن أيضا وصفه بأنه عصر تدفق المعلومات دون حدود ولا قيود، فإن كسب الساحة الإعلامية والرأي العام يمثل ثلاثة أرباع المعركة".

واشار البرغوثي الى اننا في عصر يمكن فيه للقوة العسكرية أن تربح المعارك وتخسر الحروب، ونحن في عصر يمكن أيضا للقوة الأضعف عسكريا أن تكسب الصراع بحسن الإدارة ووحدة البنيان الداخلي وقوة التنظيم والإعلام المؤثر".

وقال البرغوثي ان مفهوم القوة بالمعنى الاستراتيجي قد تغير، ولسنا بحاجة لأن نبحث بعيدا عن أدلة على ذلك فما جرى في جنوب لبنان من فشل ماحق للجيش الإسرائيلي وما يشهده العراق وما حققته الانتفاضة الفلسطينية الأولى خير شواهد على ذلك.

واكد البرغوثي ان التركيز على أن قضية فلسطين وانتصار نضال شعبنا لتحقيق الحرية والاستقلال والعودة، يعتمد كثيرا على نقطة محددة، وهي تقديم الرواية الحقيقية والصحيحة لما يجري، أولا لأنفسنا وثانيا لأشقائنا وثالثا للعالم أجمع.

واوضح البرغوثي ان الرواية والرؤية الإسرائيلية هيمنت طويلا على الإعلام العالمي، بل وتسللت إلى الإعلام العربي، وتحاول دون هوادة التسلل إلى وعينا وإدراكنا ونفسيتنا وهي رواية بنيت على ثلاثة عناصر هي نزع إنسانية الفلسطينيين وقضيتهم ونزع شرعية نضالهم العادل والادعاء المتكرر بصلافة وإصرار بأن إسرائيل هي الضحية في هذا الصراع وفي أحسن الأحوال، وعند انفضاح القمع الإسرائيلي، الادعاء بأن النزاع هو مجرد نزاع بين طرفين متماثلين في الأخطاء والمسؤولية.

وقال البرغوثي" ان كل ذلك يحصل مع تشويه لا يعقل، من خلال المعلومات المضللة، حتى وصل الامر إلى حد أن 50% من سكان الولايات المتحدة يعتقدوا بأن الفلسطينيين هم الذين يحتلون الإسرائيليين، وأن كل فلسطيني هو بالضرورة "إرهابي" حتى يثبت العكس".

واضاف البرغوثي "إننا لا نستطيع تقديم رؤيتنا وروايتنا دون أن نتفق مع أنفسنا على مفهوم موحد محدد وواضح،وان نقطة الانطلاق هنا، أن قضية الشعب الفلسطيني ليست قضية نزاع بين طرفين أو دينين أو بلدين، بل هي قضية تحرر وطني لشعب تعرض لأبشع استعمار استيطاني في القرن العشرين، ويعيش احتلالا أصبح الأطول في تاريخ البشرية الحديث ببلوغه أربعين عاما، ويضطهد بنظام فصل عنصري (أبارتهايد) هو بكلمات الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، أسوأ من نظام الفصل العنصري الذي ساد في جنوب إفريقيا."

واستعرض البرغوثي المعاناة الطويلة للشعب الفلسطيني الذي هجر جزء كبير منه من وطنه بقوة المجازر والترحيل القسري بكلمات بن غوريون، والتطهير العرقي بكلمات ايلان بابي المؤرخ الإسرائيلي الفذ والذي أصدر كتابا، عنوانه "التطهير العرقي للشعب الفلسطيني" وأقترح على الجميع قراءته لأنه يكشف عبر الوثائق الإسرائيلية الرسمية حقيقة ما جرى خلال الربيع الأسود لعام 1948

واكد البرغوثي" ان قضيتنا هي قضية مماثلة لما خاضه شعب الجزائر من أجل التحرر من الاستعمار، وما خاضه شعب الهند من أجل الاستقلال، وما خاضه شعب جنوب إفريقيا من أجل التحرر من الفصل العنصري".

ودعا البرغوثي الى وضع القضية الفلسطينية "في إطار لا يحتمل المساواة بين الجلاد والضحية، ولا يضلل بالظن أن إدارة الصراع هي مجرد عملية تفاوضية، ولا ينفعل من حجم التشويه فيغرق في ردود أفعال عاطفية مستثارة تحقق هدف الاستفزاز الذي نتعرض له"

واضاف " وإذا كان الإعلام وحده لا يكفي كي نحقق النصر في نضالنا فإننا لن نستطيع أن ننتصر دون أن نكسب عقول وقلوب المجتمع الدولي لصالح قضيتنا العادلة، ولن نستطيع أن نكسب قلوبهم وعقولهم إن لم نقدم خطابا إعلاميا إنسانيا وعصريا متسما بالحداثة، عبر خطاب قادر على استخدام تقنيات ووسائل العصر الحديثة، وقادر على تجنيد، كما يفعل اللوبي الصهيوني، عشرات ألاف المتطوعين عبر أرجاء المعمورة،خطاب يفهم العبارة العميقة لفرجينيا وولف :بأن شيئا لم يحدث ما لم يتم وصفه"

واضاف البرغوثي "أنه في عصر الرقميات، يمكن لإعلام موجه أن يجعل أشياء تحدث في عقول الناس دون أن تكون قد حدثت على أرض الواقع، فتصبح مبررا ومستندا لأفعال هائلة، وقضية أسلحة الدمار الشامل في العراق دليل على ذلك".

وقال" إن حمل مسؤولية الإعلام أمر خطر وكبير، ولكنه يمثل تحديا رائعا أن استطعنا إدارته".

واكد وزير الاعلام الفلسطيني "أننا نخاطب العالم لكي نؤثر فيه وليس كي نفرج عن كربنا وضيقنا، وبالتالي فان خطابنا بأسلوبه وأدواته وموضوعيته يجب أن يصمم بحيث يحقق أكبر تأثير ممكن، وإن الإعلام حتى ينتصر ويؤثر، يجب أن يكون إعلاما مكافحا، لا إعلاما مسايرا، مكافحا في ألفاظه، مكافحا في رؤيته، ومكافحا في مضمونه وأهدافه".

واعرب البرغوثي عن شكره لنائب الرئيس السوري فاروق الشرع ممثلا عن الرئيس بشار الاسد ووزير الاعلام السوري محسن بلال وكافة الحضور على دعمهم لقضية شعبنا الذي حقق انجازا كبيرا ببناء أول حكومة وحدة وطنية في تاريخه، وحمى نظامه الديمقراطي، ويسعى جاهدا لفك الحصار الظالم ودعم صموده الوطني وإعلاء راية الحرية والاستقلال والكرامة فوق أرضه وفي إطار دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس وحمايـة حق لاجئيه في العودة الى ديارهم.

وقال البرغوثي" اننا أفشلنا المؤامرات لجر الشعب الفلسطيني الى حرب نزاعات داخلية، ونقولها اليوم بكل القوة والاصرار، ان شعبنا الذي قبض على الجمر لقرن من الزمان لن يقبل ولن نقبل أن نكون عبيدا للاحتلال والفصل العنصري أو لفخ آخر من أفخاخ الحلول الجزئية والانتقالية، (والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين)".

وأقترح البرغوثي عنوانا للكفاح الاعلامي المشترك في هذه المرحلة، ليكون فك الحصار فورا وفضح وتعرية ونزع شرعية فكرة الدولة ذات الحدود المؤقتة التي تجعل من جدار الفصل العنصري حدودا لمعازل وكانتونات وسجون، والتي تستبدل فكرة الدولة المستقلة بحكم ذاتي هزيل على السكان دون السيادة على الأرض، وتحاول الالتفاف على المبادرة العربية - بالتطبيع دون انهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية والعربية ودون حل القضية الفلسطينية.

وقال "لقد قدم العالم العربي مبادرته وقدمنا مبادرتنا وما زال الرد الاسرائيلي لا شيئ، لأن الواقع الذي يجب نشره وتعميمه أنه لايوجد الآن شريك اسرائيلي للسلام" وأن حكومة أولمرت تغطي ضعفها وعجزها بتصعيد العدوان العسكري والاغتيالات ضد الشعب الفلسطيني".

واضاف البرغوثي "اننا نتطلع إلى تعلم الكثير عبر أعمال هذا المؤتمر وهذه المشاركة الغنية لنخبة مميزة من المبدعين، ونشكر مرة أخرى سوريا الشقيقة لضيافتها ودعمها العربي الحر الأصيل".

ودعا البرغوثي باسم شعبنا الفلسطيني المشاركين والمنظمين الى عقد المؤتمر الدولي القادم لدعم الشعب الفلسطيني في فلسطين وعلى أرض فلسطين، أرض النضال والعطاء والكرامة وارادة الحرية والتضامن.

هذا وعقد لقاء بين الدكتور البرغوثي ونظيره السوري محسن بلال حيث جرى البحث في تعزير التعاون المشترك بين البلدين.