|
خارطة المصالح: لماذا تحتاج الولايات المتحدة مصر ؟
نشر بتاريخ: 19/08/2013 ( آخر تحديث: 21/08/2013 الساعة: 09:29 )
بيت لحم- معا- يعمل الرئيس الأمريكي باراك اوباما ببطء شديد وعمل القليل فيما يتعلق بالموضوع المصري ووقف المساعدة الأمريكية لمصر أو تجميدها قد يلحق الضرر بعلاقات أمريكا مع صديقة مهمة وهامة هي مصر التي تتيح لحاملات الطائرات الأمريكية حرية الحركة وتعيد الدولارات إلى السوق الأمريكية عبر شراء الطائرات والدبابات لكن الكونغرس الأمريكي لا يحب مشاهدة الصور الواردة من القاهرة فيما يتربص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الزاوية انتظارا للحظة المناسبة ومستعد تمام الاستعداد لتعبئة الفراغ .
بهذه المقدمة المختصرة والمكثفة افتتح المتخصص بالشؤون الأمريكية و المحلل المعتمد من قبل صحيفة " يديعوت احرونوت" لهذه الشؤون " يتسحاق بن حورين " تحقيقه المطول المنشور اليوم " الأحد " تحت عنوان " خارطة المصالح ، لماذا يحتاج باراك اوباما الجنرال السيسي ؟. " ينهي الرئيس الأمريكي باراك اوباما اليوم إجازته فيما تواصل الأحداث المصرية التي لاحقته إلى ملعب الغولف ملاحقته على الأقل طيلة الأسبوع القادم أثناء محاولته طرح قضية داخلية تهم الجمهور الأمريكي لكنه وجد نفسه مجبرا على الاهتمام بالشأن المصري ومتابعة سلسلة طويلة من المصالح الأمريكية الخارجية . إن اوباما يفعل ما يريده الجمهور الأمريكي أن يفعله ويبذل جهودا كبيرا لتطوير الموضوع والوضع الاقتصادي وتشير استطلاعات الرأي الأمريكية الجديدة إلى عدم رغبة الغالبية الأمريكية الساحقة بأي تدخل أمريكي بالشأن المصري تماما كما لا يرغب بالتدخل بالوضع السوري لذلك أصبحت مصر كالعظمة في حلق الرئيس الأمريكي فهو لا يمكنه القول علنا بأنه يريد من الجيش المصري صديق واشنطن لعشرات السنين ان يهزم الإخوان المسلمين تلك الحركة التي خرج من ثناياها من دواخلها الكثير من الإرهابيين مثل زعيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري ويحقق نصرا عليهم لذلك امتنع عن توصيف ما حدث في مصر بالانقلاب ويشدد على الأخطاء التي ارتكبها محمد مرسي في إدارة البلاد رغم انه رئيسا منتخبا بطريقة ديمقراطية خاصة وانه أدار مصر وفقا لمصالح جماعة الإخوان المسلمين وليس تحقيقا لمصالح عموم الشعب المصري " اضاف يتسحاق بن حورين. لتبحر السفن وتحلق الطائرات لم يخف الرئيس الأمريكي في ظهوره الأول الخميس الماضي حقيقة الصداقة القائمة مع الجيش المصري منذ عشرات السنين هذه الصداقة ملازمة لمصالح أمريكية واضحة مثل الحفاظ على قناة السويس مفتوحة ، مسار جوي لوجيستي تستخدمه الطائرات الأمريكية ، الحفاظ على اتفاقية السلام مع إسرائيل ، محاربة " الإرهاب " في سيناء وغزة . صحيفة "نيويورك تايمز" أشارت إلى حاجة الولايات المتحدة لأسابيع عدة للحصول على تصريح للتحليق في أجواء بعض الدول الحليفة لكن مصر تسمح لها بالتحليق الحر تقريبا وفقدان هذا المسار الجوي سيطيل بشكل كبير زمن الرحلات الجوية الأمريكية في المنطقة وفقا لتحذيرات أوردتها مصادر عسكرية أمريكية . وتتمتع السفن الحربية الأمريكية بتعامل تفضيلي في أوقات الطوارئ ويسمح لها بتجاوز السفن المنتظرة على مدخل القناة ودون المساعدة المصرية ستطول فترة العمليات الأمريكية في المنطقة . وقال الجنرال الأمريكي الذي شغل حتى وقت قريب قائد القيادة المركزية الأمريكية " المسئولة عن منطقة الشرق الأوسط وجنوب أسيا وإسرائيل " " جيمس ماتيس " في إحدى المقابلات الصحفية " نحن بحاجة لهم بسبب قناة السويس واتفاقية السلام مع إسرائيل نحن بحاجة لهم حتى نتمكن من الطيران والتحليق في الأجواء المصرية ونحتاجهم لتستمر الحرب ضد الإرهابيين والمتطرفين الذي يشكلون خطرا على الانتقال الديمقراطي ". بطاقة اعتماد أمريكية: تحتل مصر منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 المرتبة الثانية من حيث تلقي المساعدات الأمريكية بعد إسرائيل التي تحتل المرتبة الأولى وتشير دراسة أجرتها خدمات البحث والتحقيق التابعة للكونغرس الأمريكي إلى تلقي مصر منذ عام 1948 - 2011 من واشنطن "71:6" مليار دولار ووصلت قيمة المساعدات الأمريكية السنوية المقدمة لمصر في السنوات الأخيرة إلى 1:55 مليار دولار بينها 1:3 مليار على شكل مساعدات عسكرية تعود إلى الولايات المتحدة عبر المشتريات العسكرية المصرية على شكل طائرات ودبابات من إنتاج المصانع الأمريكية . وبهذا سيلحق الكثير من الضرر في الشركات الامريكية فيما لو قررت ادارة اوباما وقف المساعدات المقدمة لمصر حيث تقدم امريكا لمصر تمويلا يسمح لها بشراء السلاح استنادا لقيمة المساعدات المستقبلية مع امكانية الدفع بالتقسيط ما يشبه نوعا من بطاقة الاعتماد " الفيزا " وقد تم فعلا توقيع عقود بعيدة المدى مع جداول زمنية تتعلق بمواعيد الدفع الذي سيستمر لسنوات حيث وقعت مصر مع شركات امريكية عقود حتى 2017 حيث التزمت عملاق صناعة الطائرات الامريكية " لوكهيد مارتين " بتسليم مصر طائرات من طراز F-16 في صفقة وصلت قيمتها الى 776 مليون دولار تسلمت مصر 14 طائرة منها حتى شهر حزيران الماضي لذلك فان اغلاق مسار الأموال والمساعدات المتجه نحو ارض النيل سيؤدي الى فصل عمال وفقدان وظائف في اوهايو حيث تقع شركة " جينورال ديينميكس " حيث يتم تجديد وتطوير الدبابات المصرية وكذلك ستتضرر الشركات الأصغر والتي ستجد نفسها مضطرة للبحث عن زبائن آخرين . ماذا يمكن لشرطي العالم ان يفعل؟ ادعى المختص الإسرائيلي بالشؤون الأمريكية بن حيرون بان الرئيس الأمريكي لا يمكنه المرور مرور الكرام على ما يجري في القاهرة ومصر لذلك يتصف رد فعل اوباما بالبطء والتردد حتى لا يكسر قواعد اللعبة مع الجيش المصري الموصوف بالجيش الصديق والحقيقي للولايات المتحدة . تكمن المصلحة الأمريكية في تحقيق تسوية وطنية مصرية تؤدي إلى وقف المظاهرات العنيفة التي يبادر لها الإخوان المسلمين وتعيد الجيش المصري إلى ثكناته لذلك أرسلت خلال الأسبوعيين الماضيين الى العاصمة المصرية نائب وزير خارجيتها " بيل برنس" الذي حاول التوصل إلى اتفاق يضمن نقل سريعا للسلطة وتسليمها لمدنيين ما يعني إقامة انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة مع قناعة الجميع بان الجيش سيبقى صاحب الكلمة من خلف الكواليس . لكن " برينس" الذي كان واثقا بأنه قاب قوسين أو ادني من تحقيق الاتفاق عاد إلى واشنطن بخفي حنين وكذلك الامر مع السيناتور الجمهوري "جون ميكن" و " ليندزي غرهام " اللذان وصلا القاهرة موفدان من قبل الرئيس الأمريكي بهدف محاولة التوضيح للجيش المصري بان استمرار العنف سيلزم الكونغرس وقف المساعدات . اكتشف السيناتوران فور وصولهما العاصمة المصرية بان الجنرال عبد الفتاح السيسي ورفاقه لا يهتمان مطلقا بالموقف الأمريكي وبقيت السفيرة الأمريكية لدى القاهرة الدبلوماسية الأكثر خبرة وتجربة " ان باترسون " عاجزة حتى عن تقديم النصيحة وبقيت قناة الاتصال الوحيدة المفتوحة تلك القائمة بين وزير الدفاع الأمريكي " تشاك هيغل" ونظيره المصري الجنرال السيسي وذلك على شكل محادثات هاتفية حاول خلالها الوزير الأمريكي تليين مواقف نظيره المصري الذي أوضح أكثر من مرة بان الرئيس الأمريكي لا يفهم الخطر الذي يشكله الإخوان المسلمين على مصر وبالتالي أصر على مواقفه المبدئية . على الرئيس الأمريكي أن يهتم بشؤون بلاده الداخلية وقد عاد السيناتور مكين ورفيقة محبطان من القاهرة ويطالبان بتجميد المساعدات المقدمة لمصر مضافا إليهما السيناتور الجمهوري " رند بول" الذي يعارض من حيث المبدأ المساعدات الخارجية ويطالب أمريكا بالانسحاب والانكفاء من الشرق الأوسط وعلى الأقل التوقف عن تزويد الجيش" الذي يطلق النيران على مدنييه ومواطنيه " بالسلاح وانضم للحملة أعضاء كونغرس ديمقراطيين مثل " باتريك ليهي" و رئيس اللجنة الفرعية للمخصصات الخارجية اللذان طالبا بوقف المساعدات لمصر فيما حافظ أعضاء كونغرس آخرون على صمتهم وهم يرددون في داخلهم ما قاله السفير السابق في الأمم المتحدة " جون بولتين " علنا حين قال " يجب مساعدة صديق أمريكا وهو الجيش ". وأخيرا من الصعب جدا رؤية اوباما وهو يعلن عن وقف المساعدات المقدمة لمصر وهناك سابقة أمريكية حين رفضت الولايات المتحدة تجميد المساعدات المقدمة لباكستان بعد انقلاب " بارفيز مشرف " لكن موضوع المساعدة ليس بالموضوع الذي يقلق حاليا الجيش المصري المشغول بحرب الوجود وفي النهاية إذا توفرت للولايات المتحدة إمكانية وفرصة الحديث من جنرالات مصر فالفضل يعود في ذلك للمساعدات المقدمة فإذا قررت وقفها فالروس ينتظرون على زاوية الطريق لتعبئة الفراغ الناتج. لذلك يعمل اوباما بصورة متأنية وبطيئة وقرر بعد عزل مرسي تجميد تسليم أربع طائرات F-16 من بين ستة طائرات من المفترض تسليمها للجيش المصري وهذه الخطوة يمكن للطرفيين التعايش معها كذلك أعلن اوباما قرار إلغاء مناورات مشتركة في سيناء وأيضا مع هذه الحقيقة يمكن للمصريين ان يعيشوا ويتعايشوا خاصة وان جنودهم مشغولين في هذه المرحلة بالسيطرة على العنف الذي يضرب المدن المصرية والحرب ضد الإرهاب الدائرة في شبه جزيرة سيناء . ويمكن أن تتخذ الولايات المتحدة في المرحلة القادمة خطوة صغيرة اخرى بهدف كسب الوقت تتمثل بتجميد قرار تسليم مروحيات قتالية من طراز اباتشي حيث قالت صحيفة "واشنطن بوست " إن الإدارة الأمريكية تدرس إمكانية تجميد تسليم مصر 12 مروحية هي جزء من صفقة تم توقيعها عام 2009 . |