وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مقال الرئيس الروسي كاملا عن الازمة السورية

نشر بتاريخ: 14/09/2013 ( آخر تحديث: 15/09/2013 الساعة: 09:46 )
بيت لحم- معا - لقد دفعتني الاحداث الاخيرة المحيطة في سوريا الى التحدث مباشرة مع الشعب الأميركي و قادته السياسيين في الوقت الذي تقل به الاتصالات بين مجتمعاتنا.

لقد مرت العلاقات بيننا بمراحل مختلفة.، وقفنا ضد بعضنا البعض خلال الحرب الباردة الا اننا كنا حلفاء لمرة واحدة في السابق هزمنا فيها النازيين معاً، ثم انشئت المنظمة الدولية العالمية - الأمم المتحدة لمنع مثل هذا الدمار من الحدوث مرة أخرى

لقد فهم مؤسسو الأمم المتحدة انذاك أن القرارات التي تؤثر في الحرب والسلم يجب أن لا تتخذ إلا من خلال توافق الآراء. وقد كرست الولايات المتحدة حق النقض" فيتو" في مجلس الامن من جانب الاعضاء الدائمين وذلك ضمن ميثاق الأمم المتحدة، وهذا ما وطد العلاقات الدولية على مدى عقود.

لا احد يريد ان يكون مصير الامم المتحدة ما كان مصير عصبة الأمم ، التي انهارت لأنها تفتقر إلى النفوذ الحقيقي ، الا ان هذا المصير ممكن ان نصل اليه اذا ما تجاوزت الدول الكبرى الأمم المتحدة و قررت القيام بعمل عسكري دون تفويض من مجلس الأمن

لذا فإن توجيه ضربة محتملة من قبل الولايات المتحدة على سوريا- على الرغم من المعارضة الشديدة من الكثير من البلدان و الزعماء السياسيين والدينيين الرئيسية، بما في ذلك البابا - يؤدي إلى مزيد من الضحايا الأبرياء والتصعيد المستمر، وربما ينتشر الصراع إلى ما هو أبعد الحدود السورية . فمن شأن هذه الضربة زيادة العنف و إطلاق العنان لموجة جديدة من الإرهاب كما يمكن أن تقوض الجهود المتعددة لكافة الأطراف في حل المشكلة النووية الايرانية والصراع الاسرائيلي- الفلسطيني بالإضافة الى المزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهذا ما يمكن أن يدمر النظام بأكمله ويخل من توازن القانون والنظام الدولي.

سوريا لا تشهد معركة من أجل الديمقراطية ، ولكنها تشهد نزاع مسلح بين الحكومة والمعارضة في بلد متعدد الديانات، فأبطال الديمقراطية الحقيقية في سوريا هم بأعداد قليلة جداً ،اذ يوجد هناك أكثر من ما يكفي من مقاتلي القاعدة والمتطرفين من كل المشارب الذين يقاتلون النظام . وقد وجهت وزارة الخارجية الاميركية جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام للقتال مع المعارضة والمنظمات الإرهابية . فهذا الصراع الداخلي الذي تغذيه الأسلحة الأجنبية الموردة للمعارضة ، هو واحد من اكثر الصراعات الدموية في العالم .

المقاتلون هناك هم مرتزقة الدول العربية ومن المتشددين الموجودين في الدول الغربية وحتى الروسية، وهذا ما يستدعي القلق العميق لأنهم قد يعودون الى بلداننا مع الخبرة المكتسبة في سوريا ، وليبيا ابرز مثال فبعد كل شيء حدث هناك انتقل المتطرفون الى مالي ..وهذا ما يهدد الجميع.

منذ البداية ، دعت روسيا الى الحوار السلمي لتمكين السوريون من وضع خطة توفيقية لمستقبلهم . نحن لا تحمي الحكومة السورية ، ولكننا نحمي القانون الدولي . نحن بحاجة إلى استخدام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ، ونعتقد أن الحفاظ على القانون والنظام في عالمنا اليوم المعقد والمضطرب هي واحدة من الطرق القليلة للحفاظ على العلاقات الدولية من الانزلاق إلى الفوضى . القانون لا يزال هو القانون ، ويجب علينا متابعته سواء أحببنا ذلك أم لا . وبموجب القانون الدولي الحالي فإنه من غير المسموح استخدام القوة إلا للدفاع عن النفس أو عن طريق قرار من مجلس الأمن . أي شيء آخر هو أمر غير مقبول بموجب ميثاق الأمم المتحدة و يشكل عملا من أعمال العدوان .

لا أحد يشك في أنه تم استخدام الغاز السام في سوريا ، ولكن هناك ما يثير الشك بأن هذا السلاح استخدم ليس من قبل الجيش السوري ، ولكن من قبل قوى المعارضة ، لإثارة تدخل خارجي من قبل أسيادهم الأجنبية القوية .التقارير تشير الى ان المسلحين يستعدون لهجوم آخر - وهذه المرة ضد إسرائيل - وهذا ما لا يمكن تجاهله.

المقلق في الموضوع أن التدخل العسكري في النزاعات الداخلية في الدول الأجنبية قد يصبح أمرا مألوفا بالنسبة للولايات المتحدة . هل هذا في مصلحة أميركا على المدى الطويل ؟ أنا أشك في ذلك . الملايين في جميع أنحاء العالم يرون بشكل متزايد أميركا ليس بوصفها نموذجا للديمقراطية ولكن كقوة غاشمة يمكن الاعتماد عليها و إقامة تحالفات معها تحت شعار "أنت إما معنا أو ضدنا ".

القوة أثبتت عدم فاعليتها وانها بغير جدوى . أفغانستان الان تتأرجح ، ولا أحد يستطيع أن يقول ماذا سيحدث بعد انسحاب القوات الدولية. ليبيا منقسمة إلى قبائل وعشائر،وفي العراق لا تزال الحرب الأهلية مستمرة ، مع مقتل العشرات كل يوم .في الولايات المتحدة العديد من أوجه التشابه بين العراق وسوريا ، و السؤال المطروح لماذا حكومتهم تريد تكرار الأخطاء الأخيرة.

مهما كانت الضربات قوية وهادفة ومهما كانت الاسلحة متطورة فسقوط ضحايا من المدنيين أمر لا مفر منه ، بما في ذلك كبار السن والأطفال ، الذي من المفترض ان هذه الضربات يجب حمايتهم وليس قتلهم .

العالم الان يتسأل : إذا كنت لا تستطيع الاعتماد على القانون الدولي ، اذا يجب عليك البحث عن طرق أخرى لضمان الأمان، وبالتالي فإن عددا متزايدا من البلدان تسعى إلى امتلاك أسلحة الدمار الشامل وهذا أمر منطقي : إذا كان لديك قنبلة ، لا أحد يلمسك . نحن مع الحديث عن الحاجة إلى تعزيز منع الانتشار النووي ،الا ان الحقيقة هذه تتاكل الان

علينا التوقف عن استخدام لغة القوة والعودة إلى مسار التسوية الدبلوماسية والسياسية المتحضرة . فقد ظهرت فرصة جديدة لتجنب عمل عسكري في الأيام القليلة الماضية .

يجب على الولايات المتحدة وروسيا و جميع أعضاء المجتمع الدولي الاستفادة من استعداد الحكومة السورية لوضع الترسانة الكيميائية في ظل رقابة دولية لتدميرها فيما بعد . الولايات المتحدة ترى هذا البديل الانسب للحل العسكري وفقاً لتصريحات الرئيس اوباما الاخيرة

انا ارحب بإهتمام الرئيس في مواصلة الحوار مع روسيا بشأن سوريا . يجب علينا أن نعمل معا للحفاظ على ابقاء هذا الأمل حيا ، وهذا ما اتفقنا عليه في اجتماع مجموعة ال 8 في ايرلندا الشمالية في شهر يونيو الماضي، وبتوجيه النقاش نحو العودة الى المفاوضات .

اذا كنا نستطيع تجنب استخدام القوة ضد سوريا ، سيؤدي ذلك إلى تحسين الجو في الشؤون الدولية و تعزيز الثقة المتبادلة وسيكون هذا النجاح مشترك بيننا وبابا للتعاون بشأن القضايا الهامة الأخرى.

علاقتي مع الرئيس أوباما العملية والشخصية هي علامة الثقة المتنامية فيما بيننا ،وأنا أقدر ذلك.

لقد درست بعناية خطابه إلى الأمة يوم الثلاثاء الفائت واختلف معه مع التصريح الذي أدلى به عن الاستثنائية الأميركية الذي اشار فيها إلى أن سياسة الولايات المتحدة هي ما الذي يجعل من أميركا مختلفة واستثنائية . "إنه أمر خطير للغاية لتشجيع الناس على رؤية أنفسهم استثنائياً ، مهما كانت الدوافع. هناك دول كبيرة ودول صغيرة ، غنية وفقيرة ، مع تلك التقاليد الديمقراطية الطويلة تلك التي لا تزال تجد طريقها إلى الديمقراطية . سياساتهم تختلف ونحن جميعا مختلفون، ولكن عندما نسأل عن النعم الربانية ، يجب علينا ألا ننسى أن الله خلقنا على قدم المساواة.