وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

كاتب امريكي: الحرب والدمار والتهجير طريق الدولة الواحدة

نشر بتاريخ: 21/09/2013 ( آخر تحديث: 22/09/2013 الساعة: 09:35 )
بيت لحم - معا - نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالة في باب أقلام وآراء شكلت لائحة اتهام شديدة ونقدية ضد فكرة الدولتين ورغم ان الحديث يدور عن مجرد مقالة رأي إلا أن موقفها الحاسم والقاطع والنهاية التي وصلت اليها فعلت فعلها وأثارت المقالة الكثير من الأمواج وردود الفعل لكن هذه الردود لم تكن كبيرة في إسرائيل ذاتها.

وأضاف مراسل وموفد " معاريف" الخاص في العاصمة الأمريكية واشنطن ومراسلها في أوروبا " نداف ايل " في تلخيصه المنشور اليوم " السبت " للمقالة " وافق الأسد هذا الأسبوع على تجريد نفسه من أسلحته الكيماوية فيما اقتربت إيران من كسر الجمود التاريخي في علاقتها مع أمريكا لكن بقي المقال المنشور من وجهة نظري أهم تطور شهده الأسبوع الحالي وهو عبارة عن غراب اسود حلق في سمائنا مبشر بالسوء ويريد السوء ويعدنا بالسوء ".

لا يعتبر كاتب المقال "ايان لوستيكي" من محبي إسرائيل وهو ليس متمكنا أو راسخا تماما في صناعة الرأي العام هنا وهو يحب دائما رسم السيناريوهات غير المنطقية أو واقعية الحدوث لكنها مريحة لفرضياته وأطروحاته.

ودشن "لوستيكي "مقالته المعنونة " أوهام حل الدولتين بهجوم عنيف ومركز مشبها موت فكرة الدولتين بنزاع الجنرال الاسباني" فرانكو " الطويل والممتد وقال" تماما كما كانت تعلق الصحف ووسائل الإعلام كل ليلة بان الجنرال فرانكو قد مات يتمسك بعض الساسة من كل الأطراف بأهداب فكرة ماتت منذ زمن طويل".

وأضاف " ان فرصة إقامة دولة فلسطينية إسلامية متزمتة هي اكبر من فرصة إقامة دولة فلسطينية علمانية صغيرة كما يريد ويرغب العالم تشبه فرصة انتهاء إسرائيل كمشروع صهيوني عبر الحرب والإعياء الثقافي أو الانهيار الديموغرافي وهذه الفرصة منطقية وحقيقية كفرصة إخلاء نصف مليون إسرائيلي يعيشون خارج حدود الخط الأخضر.

وانتقل الكاتب بعد النبوءة السابقة للحديث عن "صناعة السلام " وهو مصطلح من إنتاج واختراع اليمين الإسرائيلي المتطرف إضافة للنخبة الفلسطينية والإسرائيلية والأمريكية "عليت " التي تواصل لأسبابها الخاصة الدفع والتمسك بفكرة لم يعد لها أي امل في الوجود .

وهنا تدخل المراسل الإسرائيلي قائلا " حتى الان باستثناء الملاحظة الصغيرة حول تصفية دولة إسرائيل يمكن لرئيس البيت اليهودي" بينت " وداني دنون وزئيف الكين أن يبصموا بالعشرة على كل كلمة وردة في المقالة وهنا يعود " لوستيكي " لإدمانه المعادي للصهيونية ليكشف قائلا بان أكثر المصطلحات السياسية رواجا في ساحة الجدل السياسي الإسرائيلي يتمثل بمقولة " لو فعلنا هكذا او لم نفعل هكذا " فان الدولة لن تنجو .

ورافقت إسرائيل منذ إقامتها مخاوف تتعلق بوجودها لكن هذه المخاوف لا تنبع من حالة ضعف وجودية بل من تهديدات وجودية قال " لوتيسكي" الذي لا يزال يحلم بانهيار إسرائيل على ذاتها والى ذاتها حسب تعبير مراسل " معاريف " في واشنطن.

وقال "اوتيسكي " على من يؤمنون ويفترضون استمرار وجود إسرائيل كمشروع صهيوني ان يدرسوا كم كان الانهيار السوفيتي والإيراني ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا ونظام البعث في سوريا والعراق وانهيار الدولة اليوغوسلافية سريعا وكم كانت إشارات التحذير من هذا الانهيار التي رصدها المراقبون أصحاب الرؤية الحادة قليلة ".

وهنا استرسل الكاتب بسلسلة طويلة من المقارنات التاريخية والمعطيات التاريخية المشتركة أو المشابه في محاولة منه لإثبات وجهة نظره حول انهيار إسرائيل على ذاتها ولذاتها .

ووصل الكاتب إلى نتيجة أساسية تتمثل بكون الدبلوماسية القائمة على فكرة حل الدولتين بعيدة عن كونها مسارا للحل بل عقبة بحد ذاتها معتبرا المفاوضات بحد ذاتها مزيفه وهنا كشف " لوتيسكي" عن هدف مقالته الحقيقي والمتمثل بحل الدولة الواحدة او إتحاد كونفدرالي لان الموضوع لم يعد يتعلق بشد الحبل اكثر بل يتعلق بالمساواة بالحقوق السياسية حسب وجهة نظره وذلك عبر تصفية الخط الأخضر كخط فصل يفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين ما يوسم إسرائيل كلها بوصمة عار في حال استمر الخط الفاصل .

وعلق المراسل الإسرائيلي قائلا "ان هذا بالضبط الهدف الكبير الذي يسعى إليه الكاتب " لوتيسكي" وأصدقائه حول العالم وأجزاء واسعة من الشعب الفلسطيني الساعين وعبر فقدان الأمل بفكرة حل الدولتين الى تحويل إسرائيل كلها الى جسم مجذوب ومصاب بالجذام جسما حقيرا منبوذا يواصل اعتماد الخط الأخضر كخط فاصل يفصل بين الشعبيين.

وهنا وصل الكاتب " لوتيسكي" الى ما اسماه بالسيناريو المتفائل والقائم على فكرة " النية السيئة قد تؤدي في النهاية إلى نتيجة جيدة "ويتحدث عن تحول إسرائيل إلى صاحبة السيطرة المطلقة على الأراضي الفلسطينية بعد انهيار السلطة الفلسطينية ما سيفسح المجال ويخلي الساحة الى عملية قمع غير مسبوقة واندلاع مواجهات واحداث عنف وحشية تتضمن اعمال إرهابية وهجرة " تهجير " يهودية وعربية وموجات عالية من الإدانة الدولية ضد إسرائيل التي سيتم تجريدها في النهاية من أسلحتها النووية وسيتم دفع " تعويض" سخي للفلسطينيين وستتحرر إسرائيل من الصهيونية السياسية وقد يجد اليهود الذين قدموا من الدول العربية أسبابا كثيرة تجعلهم يفكرون في أنفسهم ليس كيهود شرقيين بل كعرب وذلك في ظل شرق أوسط سريع التغير".

وأضاف الكاتب" إن صناعة السلام وبناء الدولة الديمقراطية تحتاج إلى الدماء والسحر والسؤال ليس هل يخفي المستقبل عنفا اتجاه " إسرائيل- فلسطين " لأنه فعلا يخفي العنف والسؤال لم يعد هل نستطيع أو هل هناك إمكانية لمنع انفجار الصراع ؟ لان هذا الأمر لم يعد ممكنا ".

وعودة لتعليق المراسل الإسرائيلي الذي يفضل الرد على كل فقرة هامة اقتبسها من مقال الكاتب " لوتيسكي " حين قرأت ما كتبه عن " الدم والسحر " أدركت بان " لوتيسكي" يصور لنفسه الحرب لكن من عاش وتربى في هذه المنطقة من الفلسطينيين والإسرائيليين يعلم تماما بانه لا سحر في الدم وان الحديث عن السحر والدم من الصعب ان نفهمه خاصة وانه خارج من جامعة " بنسيلفينا " من حيث يقوم الكاتب بمهمة التدريس وان الانجازات التي تحققت هنا " في المنطقة " لم تتحقق بالسحر والدم بل بالمفاوضات الصعبة والقاسية والمباشرة والواقعية والاستعداد للوصول الى تسويات وحلول وسطية .

وأخيرا يهتم الكاتب " لوتيسكي " كثيرا بفكرة انهيار إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية أو كدولة قومية يهودية لصالح فكرة دولة ثنائية القومية او دولة واحدة لا يفصلها خطا اخضرا او غير اخضر .

وأفردت صحيفة " نيويورك تايمز " مكانا محترما جدا للمقالة وهي على حق لان فكرة ووجهة نظر الكاتب لم تعد فكرة هامشية على إطراف الساحة الفكرية والسياسية الأمريكية والفلسطينية والإسرائيلية .

واختتم المراسل الاسرائيلي بالتعليق " اهتممت بالمقالة لان الغربان السود تعتبر تحذيرا تقليديا يسبق العواصف الكبيرة وان من يسعى ويريد موت فكرة الدولتين هم الخصوم التقليدين للصهيونية العملية والتقليدية والبراغماتية التي يتمسك بها غالبية الإسرائيليين حتى الان.

من يريد موت فكرة الدولتين يتصور في نفسه انقساما عميقا وعنيفا ينتهي بنهاية أي تصنيف أو وصف قومي يهودي وتحول الفكرة الصهيونية الرافضة لحكم وسيطرة الغرباء إلى صراح وتعايش مع وضع كانتونات صعب وعقد.

نوقف الاناء على نهاية فكرة الدولتين التي ستصبح بعد فترة بسيطة فكرة من الماضي وفقا لما يتوقعه القائلين بموت هذه الفكرة وأنا لا أقول بان هذه الفكرة لن تموت لكن حين تموت سنجد أنفسنا مجبرين على البحث عن أفكار غير صحيفة مثل أفكار " لوستيكي " لأنه لن يبقى لنا أية فكرة أخرى لأننا سبق وان قتلنا بأيدينا وعدم اكتراثنا أكثر الأفكار واقعية وإمكانية للتحقيق .