وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مؤسسة ميزان تلتمس للعليا ضد وزارة المعارف حول سياسة تعيين المعلمين

نشر بتاريخ: 03/10/2013 ( آخر تحديث: 03/10/2013 الساعة: 11:11 )
الناصرة -معا- قدمت مؤسسة ميزان لحقوق الانسان – الناصرة اليوم الخميس التماسا للمحكمة العليا في القدس بواسطة المحامي محمد سليمان اغبارية بهدف الزام وزارة المعارف الاسرائيلية بتحديد اجراءات ومسارات التوظيفات والتعيينات للمعلمين والمعلمات في وزارة المعارف بشكل واضح وجليّ.

وقدم الالتماس باسم كل من ياسمين محاجنة وليندا محاميد من مدينة ام الفحم والقائم بأعمال رئيس بلدية ام الفحم المحامي مصطفى سهيل. بالإضافة الى انضمام مؤسسة ميزان للالتماس كجسم جماهيري.

وشمل الالتماس عددا من الاسئلة والاستفسارات التي لم تجب عليها الوزارة منذ عشرات السنين حول آلية تعيين المعلمين والتوظيف في الوزارة وما هي المعايير والمقاييس التي بحسبها يتم ذلك. لماذا لا يتم مراقبة ومتابعة معايير التوظيف في استيعاب المعلمين في الوسط العربي بشكل نزيه وشفاف؟ لماذا لا يتم تعيين ممثل جمهور في لجنة اختيار المعلمين العرب؟ ولماذا لا تسلم السلطة المحلية قائمة بأسماء المعلمين الذين تم تعيينهم في مناطق نفوذها مع النقاط والشهادات حتى تتيقن السلطة المحلية ان المعلمين المعينين تم استيعابهم هم أصحاب الكفاءة وحسب معايير واضحة ومتساوية مع الجميع.

واوردت مؤسسة ميزان في الالتماس عددا من الحالات التي تعبر عن جوهر المشكلة التي يواجهها المئات ان لم يكن الآلاف من خريجي وخريجات الوسط العربي من الجامعات والكليات ودور المعلمين ورغم أنهم يملكون كافة المؤهلات المطلوبة للتوظيف في المدارس الابتدائية او الاعدادية إلا أن هؤلاء يصطدمون بواقع مرير، يؤكد أن التعيينات في وزارة المعارف تتم بناء على معايير ومقاييس ليس لها أي علاقة بالتربية او التعليم او المعارف، انما هي معايير "القرابة" و"الواسطة" والعلاقة مع فلان المسؤول في الوزارة.

الحالة الاولى التي اوردتها مؤسسة ميزان في التماسها هي ياسمين محاجنة والتي انهت تعلميها في العام 2004 في موضوع "الطفولة المبكرة" في كلية بيت بيرل، والثانية ليندا محاميد حاصلة على قلب اول من الجامعة المفتوحة تخصص تاريخ ولقب أول "طفولة مبكرة" من كلية بيت بيرل.

ياسمين وليندا قدمتا طلباً لوزارة المعارف الاسرائيلية للحصول على وظيفة تدريس. مفتشو الوزارة اخبروهما ان القبول للعمل والتوظيف في الوزارة يتم وفقاً لقوائم محوسبة الكترونياً ولا حاجة لمناقصة او لجنة قبول وامتحان للمتقدمين للوظائف او مقابلات شخصية او امتحانات قدرات للمرشح، والمتبع هو طريقة النقاط التي يتم بناء عليها قبول وتوظيف مقدمة الطلب، وما عليهما سوى تعبئة النموذج وسيتم حساب عدد النقاط لمقدم الطلب بناء على مقاييس ومعايير ثابتة، وفي اللحظة التي يأتي فيها "دور" المرشح او مقدم الوظيفة للقبول سيتم قبوله في جهاز التربية والتعليم بشكل فوري.

ورغم مرور عدة سنوات الا ان ياسمين وليندا لم تحصلا على تعيين رسمي الى الآن وما زالتا تعملان كمعلمة بديلة وتسدان مكان المعلمات الغائبات لأسباب مرضية أو إجازات الولادة. وفي مطلع كل عام كانتا تراجعان المسؤولين حول عدم توظيفهما فتكون الاجابة أنهما لم تجمعا بعد عدد النقاط المطلوبة ليؤهلهما للتوظيف. وقد أخبرتا بأن عملهما كمعلمة بديلة لمعلمة اخرى خرجت لإجازة ولادة لا يعني انهما مؤهلتان للحصول على نقاط مقابل ذلك ولا يؤهلهما أيضا لتسجيل ذلك كسنوات أسبقية. ولكي يحسب عملهما هذا ويضاف لسجّل نقاطهما عليهما ان تعملا في سنة دراسية واحدة مكان إجازتي ولادة، أي ان تعمل كل واحدة منهما مكان معلمتين خرجتا لإجازة ولادة في نفس السنة الدراسية.

مرت السنين ورأت ياسمين وليندا ان زميلات لهن في الدراسة وأخريات بدأن التعليم الاكاديمي وانهين بعدهن بسنوات تم توظيفهن في مهنة التدريس وفي نفس الموضوع. ولم تجدن إجابات شافية كيف حصل ذلك من قبل المسؤولين في وزارة المعارف.

ويتضح ان مفتاح الحل واللغز في التعيين يكمن في "الواسطة والعلاقات الشخصية" ومن يملك هذه المؤهلات ويكون مقرباً من أصحاب القرار في الوزارة يتم توظيفه سريعا وقبل تلك التي ليس لها "واسطة ثقيلة". كما جاء في الالتماس.

وحسب الالتماس المقدم فإن الملتمسات رأين أن الكثيرات يتم توظيفهن رغم أنهن يملكن نقاطاً اقل مما تملكه كل واحدة منهن، حسب منشور الوزارة الصادر في عام 2011، والذي بحسبه يتم حساب النقاط كما تقول الوزارة، وفي احدى الحالات رفضت ليندا قبول العمل كمعلمة بديلة لمعلمة اخرى خرجت لإجازة ولادة، فكان جواب مفتش المعارف أنها إذا رفضت ذلك فستسجل كـ"رافضة للعمل" واسمها سيحذف من قائمة المرشحات للقبول في المعارف حسب ترتيب قائمة النقاط، الأمر الذي يعني خسارتها للوظيفة لصالح المرشحة التي تليها في الدور في قائمة النقاط.

ولما سَألت ليندا مفتش المعارف، في حال حصولها على وظيفة رسمية في الوزارة بنفس وظيفتها، وذلك خلال عملها كمعلمة بديلة لمعلمة أخرى خرجت لإجازة ولادة لمدة ثلاثة اشهر، فهل يتم قبولها ونقلها وتعيينها رسمياً خلال هذه الثلاثة اشهر، فكان الجواب واضحا لها: بما أنك تعملين الآن كمعلمة بديلة فليس من المنطق تعيينك في الوظيفة الرسمية واحضار معلمة بديلة لتكمل الثلاثة أشهر بدلا منك، أي أن عليها البقاء كمعلمة بديلة وفي نفس الوقت يتم تعيين خريجة أخرى بشكل رسمي في الوظيفة التي أعلن عنها وتحصل عليها تلك التي تأتي بالدور بعد ليندا.

وهكذا وجدت ليندا نفسها بين المطرقة والسندان، إذا وافقت على العمل بدل معلمة في اجازة ولادة وأعلنت الوزارة عن حاجتها لمعلمة لنفس الموضوع لا تستطيع الحصول عليها، وإذا رفضت العمل كمعلمة بديلة لمعلمة خرجت لإجازة ولادة ستسجل كرافضة عمل وتخسر التعيين الرسمي.

وهو الأمر الذي حصل مع ياسمين عندما قبلت العمل في مدرسة كمعلمة بديلة لأخرى خرجت في اجازة ولادة، وبقدرة قادر تم تعيين خريجة أخرى تعييناً رسمياً من الوزارة تأتي بعدها في الدور مباشرة في قائمة النقاط، والغريب أن هذه المعلمة تبين أن لها قرابةً قويةً جدا لأحد مديري المدارس او المفتشين او المقربين من الوزارة، وطبعاً هذه المعلمة التي تم تعيينها وبشكل فوري تم رفع عدد النقاط في سجلها من 2000 الى 4000 الأمر الذي يعني الكثير ويرفع من رصيدها أكثر عند وزارة المعارف.

وذكرت مؤسسة ميزان في الالتماس ان وزارة المعارف الاسرائيلية نشرت في عام 2011 ولأول مرة معايير وطريقة دمج المعلمين في الوسط العربي، والذي يفتقر لأدنى مقومّات الشفافية والوضوح في مقاييس ومعايير التعيينات في الوزارة، بل على العكس ما نشر في منشور المعارف من اجراءات يرسّخ المشكلة القائمة في توظيف وتعيين المعلمين ويعمّق الفساد الموجود في هذه الوزارة ويدل على وجود ثغرات كبيرة في طريقة التعيينات كلها في الوزارة، الأمر الذي يعطي حرية التلاعب والفساد في التعيينات من قبل مسؤولي الوزارة بشكل فضفاض وبدون قيود او حدود او لوائح محاسبة ومراقبة.

اما الملتمس الثالث فهو المحامي مصطفى سهيل – القائم بأعمال ونائب رئيس بلدية ام الفحم منذ العام 2003 حتى 2013 ومنذ العام 1998 حتى 2003 كان يشغل نائب رئيس بلدية ام الفحم ومسؤول ملف المعارف في البلدية. وبحكم وظيفته فقد واكب التعيينات والتوظيفات في جهاز التعليم في مدارس مدينة ام الفحم، وخاصة المدارس الابتدائية والاعدادية التي تقع مسؤولية التعيينات فيها على وزارة المعارف. وخلال فترة عمله هذه وصلته عشرات الشكاوى من خريجي جامعات وكليات دور معلمين تقدموا لوظائف في المعارف ولم يحصلوا عليها مقابل آخرين حصلوا على وظائف نتيجة قربهم وعلاقتهم بالمفتش الفلاني والمدير العلاني في الوزارة.

وقد حاول كذلك خلال السنوات الاولى لعمله فهم واستيعاب طريقة التعيينات في الوزارة من خلال الاحتكاك بمسؤولي الوزارة ومفتشيها، وكان الجواب دائما أن ذلك يتم حسب طريقة النقاط ودور المرشح للوظيفة في القائمة، وانه ليس هناك إمكانية عمل مقابلات شخصية للمرشحين نتيجة الكم الهائل من المتسجّلين لوظائف وضغط الوقت كذلك، خاصة مع انتهاء السنة الدراسية والتحضير لبداية سنة جديدة، ولذلك فطريقة حساب النقاط توفر الكثير من الوقت والجهد وهي طريقة محوسبة وتفرز اسم المرشح الذي له الحق بالحصول على الوظيفة – حسبما يدعي مسؤولو الوزارة. وفي بداية الأمر كان المحامي مصطفى سهيل واثقاً مما تقوله الوزارة بشان التعيينات. لكن رويداً رويداً ونتيجة للتجربة الطويلة في العمل والقدرة على تحليل واقع الامور، بدأت الأمور تتبيّن وتتكشّف وتتضّح الصورة، بأنه ليس هناك طريقة منظمّة ومدارَة بصورة سليمة وحتى المفتش نفسه لم يتمكن من شرح طريقة النقاط. وعند سؤاله لهم في الوزارة عن طريقة تسجيل النقاط لمئات وآلاف الخريجين من الجامعات والكليات ودور المعلمين كيف يتم تسجيل نقاط كل واحد منهم ؟! كانت الإجابة أن الأمر متعلق بمكان السكن والزواج والخبرة والتجربة التي اكتسبها المرشح في التدريس، بدون التطرق للتحصيلات العلمية ومن أي مؤسسة اكاديمية حصل على الشهادة او أي مقياس آخر. وأن النقاط للخريج الجديد يتم بناء على عدد الساعات التي يدرسّها كمعلم بديل لمعلم آخر.

ويضيف المحامي مصطفى سهيل في الالتماس أنه حاول وعلى مدار ثلاث سنوات الحصول على قائمة من وزارة المعارف بأسماء المعلمين الذين تم تعيينهم في مدينة أم الفحم خلال السنوات الخمس الاخيرة، إلا أنه كان دائما يقابل بالرفض بحجة قانون منع كشف الخصوصية. ولمّا واكب أسماء المعلمين والمعلمات الذين تم تعيينهم وفحص ودقق من تكون هذه الأسماء تبين له أن هناك ثلاث مجموعات: الاولى مجموعة خريجين وخريجات أنهوا دراستهم الاكاديمية منذ سنوات ولم يتم تعيينهم ولا حتى اعطاؤهم ساعات كمعلم بديل في أي مدرسة. والمجموعة الثانية هم خريجون وخريجات أنهوا دراستهم الاكاديمية مثل مقدمّات الالتماس ليندا وياسمين، هؤلاء يتم اعطاؤهن طوال الوقت ساعات عمل كمعلمّات بديلات لمعلمّات أخريات غائبات أو في إجازة ولادة ولا يتم تعيينهن رسمياً. والمجموعة الثالثة خريجات تم اعطاؤهن ساعات عمل كمعلمّات بديلات لمعلمّات في إجازة ولادة وأحياناً لمرتين في نفس السنة او إعطاؤهن مئات الساعات التدريسية بشكل متعاقب ومتتالٍ وهؤلاء تم تعيينهن بصورة رسميّة دون تأخير. وبفحص بسيط لهذه المجموعة الثالثة تبين أن غالبيتهم لهم قرابة عائلية او علاقة شخصية مع مدير مدرسة أو مفتش معارف أو مسؤول في الوزارة، أي أن ذلك يتم بطريقة "صديق يأتي بصديق" كما جاء في الالتماس. ليس هذا فحسب، بل إنه اكتشف أيضا أن خريجة مقربّة من مدير مدرسة "أ" حصلت على توظيف كمعلمة بديلة وبساعات كثيرة ومكثفة في المدرسة "ب" والمقربّة من مدير مدرسة "ب" حصلت على ساعات مكثفة كمعلمة بديلة في المدرسة "أ"، كتبادل مصالح حتى لا يتم تعيين أقارب للمدير في نفس المدرسة، وكان هو نفسه شاهداً لحالتين من هذا النوع.

وفي إحدى المرات توجه المحامي مصطفى سهيل لمفتش المعارف وسأله: كيف تمّ قبول المعلم "س" لجهاز التعليم سنوات قبل المعلم "ص" رغم أن الاثنين أنهيا دراستهم في نفس السنة مع معدل علامات متشابه ونفس علامة امتحان اللغة العربية. فكانت الاجابة أن "س" جمع 4000 نقطة بينما "ص" جمع 2000 فقط. ولمّا استفسر كيف تم استيعاب "س" منذ سنتين في جهاز التربية بينما "ص" لم يستوعب حتى الآن نهائياً رغم ان الاثنين يحملان نفس المقاييس، لم تكن هناك اجابة.

ماذا يعني 2000 نقطة وماذا يعني 4000 في وزارة المعارف؟!

طرح الالتماس سؤالاً مركزياً مهماً استند عليه الملتمسون في جميع المراسلات التي تمت وزارة المعارف: كيف ينتقل خريج كلية او دار معلمين او جامعة، ينوي العمل كمدرس، من درجة "مرشح للتدريس" في بند "ح" في مجموعة منشور الوزارة 2011-2012 المشمولة في بند "ز" (2012-2013) والذي يعطي 2000 نقطة حسب سلم النقاط إلى درجة "عامل تدريس" في بند "ز" في مجموعة منشور الوزارة 2011-2012 المشمولة في بند "هـ" (2012-2013) والذي يعطي 4000 نقطة حسب سلم النقاط؟!

وناقش الالتماس مسألة كيف يمكن الدخول لجهاز التربية والتربية وتجميع تجربة سنتين، وان يكون في نهاية السنة الثانية مع تقييم ايجابي؟! كيف يمكن وضع القدم على الدرجة الاولى حتى يبدأ المعلم بالتجربة ويتقدم من 2000 نقطة الى 4000 نقطة؟!

وطرح الالتماس أسئلة محددة حول موضوع النقاط كانت كالتالي: هل فترة التدريب –الستاج- تضيف نقاطاً لصاحبها؟ ماهي معايير القبول للفترة التدريبية؟ هل على المرشحة للتدريس تقديم طلب التوظيف لمنطقة معينة؟ لمدينة معينة؟ لمدرسة معينة؟ هل تقديم طلب من قبل مواطنة تسكن في اللواء يسري على جميع مدارس اللواء؟ لماذا لا يوجد في المقاييس لسلم النقاط زيادة نقاط للأقدمية في الشهادة؟

هذه الاسئلة والتساؤلات لم يتم الاجابة عليها والقسم الذي تم الاجابة عليه كان الجواب غامضاً ويفتقر للشفافية.