وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

شخصيات فلسطينية تقترح تصورات لمواجهة التحديات وإعادة بناء الوحدة

نشر بتاريخ: 09/10/2013 ( آخر تحديث: 09/10/2013 الساعة: 19:44 )
المغرب - معا - أوصت شخصيات سياسية وأكاديمية ومجتمعية من داخل فلسطين وخارجها في ختام ورشة عمل نظمت في المغرب، بالشروع في حوار فلسطيني إستراتيجي يهدف إلى التوافق على إستراتيجية وطنية شاملة للتعامل مع التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية؛ في ضوء المنحى المتصاعد في السياسة الإسرائيلية القائمة على فرض الوقائع على الأرض الفلسطينية بقوة السلاح والاستيطان والتهويد، وفي ظل المتغيرات العاصفة التي تشهدها المنطقة العربية.

ودعوا إلى التركيز على إحباط أهداف السياسة الإسرائيلية، باعتبار أن مخططات تعميق الاحتلال والاستيطان ومصادرة الأراضي والتهويد والتمييز العنصري هي التحدي الأول الذي يواجهه الشعب الفلسطيني، ويحول دون تمكينه من ممارسة حقه في تقرير المصير بصفته حقا جماعيا للفلسطينيين في أماكن تواجدهم كافة. وهو الأمر الذي يتطلب إعادة الاعتبار لوحدة الشعب والقضية والكيان التمثيلي والبرنامج الوطني، مع مراعاة خصائص واحتياجات وأولويات التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، كشرط للنجاح في مواجهة مخططات تعميق التجزئة والتفتيت التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، بما في ذلك محاولات فرض الرؤية الإسرائيلية للحل التصفوي للحقوق الفلسطينية داخل غرف المفاوضات وعلى أرض الواقع، عبر السعي الحثيث لفرض تسوية انتقالية طويلة الأمد، وتشمل إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود مؤقتة في بقايا الضفة الغربية، دون القدس والأغوار، وتعميق الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وكان المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية- مسارات نظم الورشة، بالتعاون مع مؤسسة دعم فلسطين الدولية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في مدينة المحمدية في المغرب، خلال يومي 3 و4 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بهدف مناقشة التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية واقتراح السياسات والمبادرات ذات الأولوية في العمل الكفاحي والسياسي الفلسطيني خلال المرحلة الراهنة، إلى جانب الاطلاع على تجربة المغرب في مجال المصالحة المجتمعية والعدالة الانتقالية من حيث الدروس التي يمكن الاستفادة منها في سياق إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي وتحقيق المصالحة الوطنية.

وافتتحت الورشة بكلمة ألقاها الدكتور الياس العماري رئيس مؤسسة دعم فلسطين الدولية، وأكد فيها على دعم المغرب على كافة المستويات لنضال الشعب الفلسطيني وإعادة بناء الوحدة الوطنية، كما ألقى الدكتور أمين أبو حصيرة، سفير دولة فلسطين بالمغرب، كلمة قدم فيها الشكر للمغرب وتمنى للمشاركين في الورشة النجاح في بلورة تصورات واقتراحات تخدم النهوض الوطني الفلسطيني في مواجهة التحديات وتحقيق المصالحة. وألقى هاني المصري، مدير عام مركز مسارات كلمة أعرب فيها عن التقدير لدور المغرب ومؤسسة دعم فلسطين الدولية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، إضافة إلى استضافة الورشة وتوفير متطلبات نجاحها. كما تحدث في جلسة الافتتاح محمد نشناش، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، ومسؤولون من المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووكالة بيت مال القدس الشريف بالمغرب، ومنظمات حقوقية مغربية.

وناقش المشاركون في الورشة على مدى يومين أبر التحديات والمخاطر التي تواجهها القضية الفلسطينية في ظل المتغيرات العاصفة التي تشهدها المنطقة، والافتقار إلى إستراتيجية وطنية شاملة للتحرر الوطني تستند إلى وحدة التمثيل الوطني والقيادة الموحدة والبرنامج الواحد. وتوقفوا أمام النتائج التي ترتبت على مسار أوسلو والعودة إلى المفاوضات في غياب المرجعيات والأسس الواضحة والتوافق وطني، وانسداد أفق التوصل إلى حل وطني يكفل إقامة دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي المحتلة منذ العام 1967، ومخاطر السعي الإسرائيلي الأميركي لاستدراج الجانب الفلسطيني إلى "السلام الاقتصادي" ودفعه للتعامل مع الحل الانتقالي القائم على إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود مؤقتة باعتباره الخيار الوحيد المقبول إسرائيليا. كما دعوا إلى التفكير جديا في توفير متطلبات التحول باتجاه إستراتيجية فلسطينية فعالة في اليوم التالي لانتهاء فترة المفاوضات الثنائية الحالية وما قد يترتب عليها من سيناريوهات.

وقدم المشاركون عددا من الاقتراحات والتصورات بشأن القضايا والمتطلبات الواجب توفيرها لمواجهة التحديات الراهنة، بدءا بالحاجة إلى إطلاق حوار فلسطيني إستراتيجي حول الخيارات والبدائل الواقعية المتاحة أمام الشعب الفلسطيني، ومرتكزات البرنامج السياسي التوافقي، والأسس اللازمة لإعادة بناء الوحدة الوطنية.

وتوقفوا أمام اتجاهات السلوك السياسي والدبلوماسي الفلسطيني في ظل المتغيرات على المستويات العربية والإقليمية والدولية، مؤكدين أهمية الانفتاح في العلاقات الفلسطينية مع المحيط العربي والإقليمي بما يضمن توفير الدعم للشعب الفلسطيني والخيارات الإستراتيجية الفلسطينية، وإطلاق مبادرات لإعادة بناء وتعزيز العلاقات مع عدد من البلدان، على المستويات الرسمية والشعبية، وعلى مستوى المجتمع المدني، وفي المجالات الاقتصادية والإعلامية والثقافية وغيرها، وبخاصة مع مصر ما بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين، وعلى قاعدة إعادة الاعتبار لموقع القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمامات العربية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية، وكذلك عدم التدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية.

واستحوذ الخروج من حالة الانقسام الداخلي على قسط واسع من نقاشات المشاركين، الذين أكدوا على ضرورة التعامل مع أية اقتراحات او مبادرات لتعزيز التنسيق بين السلطتين في الضفة والقطاع في بعض المجالات الخدمية في سياق رؤية شاملة لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية في إطار الكيان التمثيلي الواحد معبرا عنه في منظمة التحرير، وكذلك توحيد المؤسسات المدنية والأمنية للسلطة الفلسطينية. وناقش المشاركون اقتراحات محددة تتعلق بمبادرات تدعم تحقيق المصالحة والعمل الفلسطيني المشترك من خلال تفعيل دور المجتمع المدني والأطر الجماهيرية، وكذلك مبادرات تسعى لاعادة بناء الثقة بين الفلسطينيين في الوطن والشتات على مختلف المستويات، من قوى سياسية، ومؤسسات مجتمعية، واتحادات شعبية ونقابات مهنية وغير ذلك، بما في ذلك الحاجة إلى مؤتمرات وطنية وشعبية وحملات ضغط من قبل المجتمع المدني والفاعلين المؤثرين في الرأي العام وفي مختلف المجالات باتجاه إعادة بناء الوحدة الوطنية. كما ناقشوا مبادرات تتعلق بصيانة الحريات العامة، على مستوى حرية العمل السياسي، وحرية الرأي والتعبير، ووقف الاعتقال السياسي، والحريات النقابية، وحرية العمل الطلابي والنشاط الأكاديمي في الجامعات بعيدا عن أي تدخلات.

من جهة أخرى، اطلع المشاركون على التجربة المغربية في مجال المصالحة والعدالة الانتقالية، حيث نظمت جلسة خاصة حول هذا الموضوع تحدث خلالها إلى جانب الدكتور الياس العماري، كل من مصطفى الريسوني، عضو هيئة الإنصاف والمصالحة سابقا، ومصطفى الناوي، المستشار لدى رئاسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان. كما التقى المشاركون للغاية ذاتها مسؤولين في كل من المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان في الرباط، واطلعوا على السياق العام لعملية المصالحة والعدالة الانتقالية في المغرب، بما في ذلك مسار الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية منذ بداية التسعينيات، وصولا إلى تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة ودورها في معالجة ملف انتهاكات حقوق الإنسان والتعويض وجبر الأضرار التي لحقت بالضحايا والإدماج الاجتماعي والتأهيل النفسي والصحي، ومحو آثار الانتهاكات وضمان عدم تكرارها.