وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حبل الصرة

نشر بتاريخ: 12/10/2013 ( آخر تحديث: 16/10/2013 الساعة: 12:27 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
انتهت فترة الحضانة بين الحكومات العربية والشعوب ، والحقيقة انها أنظمة وليست حكومات ، فهي نمط حياة اكثر منها جسم اداري منتخب لادارة عملية ما ، انها انظمة قامت بعد الحرب العالمية الثانية فوضعت نظما سياسية ودينية ومذهبية واجبرت الناس على العيش بموجبها ، ومن كان حظه ان يولد في العراق اصبح بعثيا بنكهة صدامية ، ومن كان في سوريا اصبح بعثيا بنكهة أسدية ، ومن كان في الخليج اصبح اوتوقراطيا ومن كان في لبنان اصبح طائفيا ومن كان في مصر أصبح ناصريا . بل ان الفلسطينيين انفسهم صاروا يحملون غالبا صفات المواطنة في البلد الذي نشأوا فيه وتحت الحكم الذي بسط سيطرته عليهم . ولا شك انك لن تجد حزب البعث العراقي ينجح في مصر ولا حزب الوهابية يفوز في تونس .

الربيع العربي ، سواء كان نعمة ام نقمة . قطع حبل السرة بين الانظمة والجماهير ( يقول علماء اللغة : حبل السرة نسبة للحبل السري ، ويقول العامة الصرة نسبة لشكلها مثل العقدة ) . وقد يبدو المشهد قاسيا ومؤلما ويشبه الضياع . لكن فترة الفطام دائما صعبة ، فالمولود الجديد الذي يترك رحم امه يبدأ بالصراخ بأعلى صوته ويولد باكيا ويعيش شاكيا . وهكذا هو المجتمع العربي ، بدأ يصيح بكل قوة ويصرخ على ترك الرحم الذي اعتاد عليه ، ولا يخطرن ببال احد ان يسأل عن هذا الرحم ، واذا كان رحم الام البيولوجية هنا هو رحم امرأة ماجدة او رحم امراة ساقطة ، فالامر يبدو بيولوجيا اكثر منه ثيوقراطيا او ارستقراطيا .

ويتوقع لهذه الفترة ان تستمر عشر سنوات ، وتشمل بطريقة او اخرى جميع المجتمعات العربية والمجتمعات الشبيهة بها والقريبة منها مثل شمال افريقيا وتركيا وايران وحتى افغانستان .

ان ما يحدث في المجتمعات العربية الان يشبه ورشة هدم كبيرة، كبيرة جدا . وسيستمر الهدم لعدة سنوات قادمة قبل ان يبدأ البناء الجديد ... وان العرب قرروا ان يهدموا بيوتهم بايديهم، على أمل ان يبنوا بيوتا افضل واكثر حداثة بعد ان فشل الترميم .

والجميع الان يهدم ويهدم ، ولكن السؤال : هل هناك من يبني ؟ او حتى يرسم خرائط البناء الجديد ؟ وعند اي مكتب هندسي ؟

والخازوق الكبير هنا ، ان يهدم العرب بيوتهم ولم يستعدوا بناء بيت جديد !!! او انهم يعودوا للاختباء في ما تبقى من جدران البيوت المهدومة !!! وليس هناك اكثر غباء من انسان يهدم بيته ولم يستعد لبناء منزل اجمل .