|
ورطة نتنياهو الكبرى: انهيار إستراتيجيته الإيرانية وأزمة المفاوضات
نشر بتاريخ: 19/10/2013 ( آخر تحديث: 20/10/2013 الساعة: 08:23 )
بيت لحم - ترجمة خاصة بـ معا - انهارت إستراتيجيته لمواجهة إيران وتركه الأمريكان لينضموا إلى هجوم الابتسامات في جنيف فيما دخلت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أزمة حادة فور افتتاحها. فكيف يفكر نتنياهو وكيف سيخرج من هذه العقدة المتشابكة؟ سؤال طرحه المحلل السياسي في صحيفة " معاريف "العبرية" شالوم يروشالمي" في مقالته التي حملت عنوان يقول "نتنياهو في اكبر ضائقة وأزمة منذ ولايته الأولى في رئاسة الحكومة ".
صعد رئيس الحكومة الاثنين الماضي وبخطوات متثاقلة على منصة الخطابة في قاعة الكنيست وعكف حتى اللحظة الأخيرة على دراسة الخطاب وتعديل كلمة هنا وأخرى هناك وبالتشاور مع جاره على مقاعد الكنيست وزير الجيش" بوغي يعلون" الذي يعتبر الركيزة الهامة الوحيدة تقريبا المتبقية لنتنياهو داخل حكومته. كعادته ألقى نتنياهو من على منصة الكنيست خطابا هجوميا فيما يتعلق بالموضوع الإيراني مواصلا عمليا الخط العنيف الذي سبقه إليه " تساحي هنغبي" عبر مقالات نشرها الأسبوع الماضي تحت عنوان " إسرائيل قادرة ويجب عليها مهاجمة إيران " . وعرج نتنياهو نهاية خطابه على الموضوع الفلسطيني مرددا هنا أيضا رسائل هجومية وعنيفة بشكل خاص لدرجة إنها نالت مديح وثناء رئيس الائتلاف الحكومي "يريف ليفين" الذي يعتبر من صقور الليكود . وأضاف "يروشلمي" في مقالته التحليلية " الحقيقة البسيطة تقول ان نتنياهو وجد نفسه وسط ضائقة لم يعرف مثلها منذ فترة رئاسته الأولى وأحداث النفق عام 1996 . نتنياهو لا يعاني الوحدة فقط بل هو معزول ومنعزل, فقد تركه الجانب الأمريكي الذي انضم لاحتفال الابتسامات في جنيف فيما بات هجوم عسكري أمريكي أبعد ما يكون فيما دخلت المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في أزمة حادة منذ اللحظة الأولى لانطلاقها وباتت المحادثات تواجه خطر الانهيار والانفجار ونتنياهو يدرك تماما هذه الحقيقة واخذ يبحث لها عن نقطة يتشبث بها لهذا يمكن اعتبار خطابه أمام الكنيست بالنداء اليائس لزملائه في حزب الليكود " انوي العودة للبيت الرجاء استقبلوني". ووفقا لما نشرته " معاريف" الثلاثاء" الماضي يخوض الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي مفاوضات تتعلق بالقضايا الرئيسية مثل الحدود والقدس واللاجئين والمستوطنات وغيرها من القضايا النهائية فيما حصل موضوع الحدود سريعا على الزخم الأكبر خلال المفاوضات وبدأ الأمر حين طلب الفلسطينيون من إسرائيل عرض خارطة الدولة الفلسطينية المستقبلية الأمر الذي رفضه الإسرائيليون مطالبين قبل هذا اجراء مفاوضات تتعلق بطرق وأساليب الدفاع عن هذه الحدود قبل أن يتم رسمها وبالتالي التوصل لاتفاق حول الترتيبات الأمنية التي تطالب بها إسرائيل. بداية النقاش طالب الإسرائيليون بنشر قوات من الجيش الإسرائيلي على طول الحدود مع الأردن وبشكل دائم فيما طالب الفلسطينيون بتولي قواتهم فقط مهمة المرابطة في منطقة الأغوار وعلى طول خط الحدود مع الأردن تماما كما تفعل كل دولة مستقلة من اجل حماية حدودها والحفاظ عليها لكن الإسرائيليين رفضوا ذلك بشدة وقالوا للفلسطينيين "نحن مستعدون لنحكم دولة منزوعة السلاح الأمر الذي أثار غضب الفلسطينيين الذين ردوا " ماذا تعني دولة منزوعة السلاح؟ قفص؟ سنكون محاصرون من الغرب والشرق دون مجال جوي ودون ميناء بحري عميق تحت رقابتكم اليومية نحن نفضل الوضع القائم حاليا على ما تقترحونه علينا". ورفضت إسرائيل نهائيا وبشكل قاطع محاولة الطرف الأمريكي الحديث عن نشر قوات دولية حيث أوضح نتنياهو في خطابه الاثنين الماضي أمام الكنيست موقفه من هذه القضية قائلا "في كل اتفاق ستتمكن إسرائيل من الدفاع عن نفسها بنفسها وبقواها الذاتية ولن تعتمد على اي قوات أجنبية ليعود "الأربعاء" الماضي وفي كلمة له بمناسبة اغتيال "رابين" ليذكر بالأهمية القصوى التي كان يوليها "رابين" لمنطقة غور الأردن. وفي مرحلة معينة من النقاشات ألقى الإسرائيليون بورقة مفاجئة تقول بأنهم مستعدون لاستئجار منطقة الأغوار لعشرات السنين على ان يتم الاستئجار عبر عقد يوقع مع السلطة على غرار عقد الإيجار الموقع مع الأردن, حيث استأجرت إسرائيل بمقتضى الاتفاق الموقع عام 1994 من الأردن مساحة 400 كم مربع تقع بين "نهاريم" والعربة لكن الفلسطينيين رفضوا اقتراح تأجير المنطقة. وفي سياق محاولاته الخروج من الأزمة فكر نتنياهو خلال الفترة الأخيرة بتفكيك حزب الليكود والمضي قدما ضمن إطار سياسي جديد وقد طرحت هذه الفكرة على عدد من وزراء الليكود ليتضح له بان تفكيك المفاعل النووي الإيراني في "نتانز" أسهل عليه من تفكيك الليكود إن عددا قليلا جدا سيخرج معه في حال اقدم على هذه الخطوة وان عددا قليلا سيدعمه في حال قرر السير على خطى شارون "المعتدلة" . ويجب أن نتذكر محاولة نتنياهو التنافس على رئاسة حزب الليكود أمام نائب الوزير" دني دنون " لكنه تراجع وانسحب حين أدرك استحالة فوزه بل وإمكانية أهانته بهزيمة ساحقة لكن هذه الخطوات أشعلت ارض الليكود ضد نتنياهو وأصبحت مؤسسات الحزب الهامة والكبرى تحت سيطرة ثلاثة من اشد المعارضين لاي اتفاق مع الفلسطينيين وهم الوزير يسرائيل كاتس ونواب الوزراء زئيف الكين، ونائب الوزير دنون ووضع الثلاثة بالتعاون مع آخرين أمام نتنياهو حدود مناورة ضيقة جدا. شكلت عملية إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين منتصف آب الماضي مقابل استئناف المفاوضات نقطة تحول كبرى لولاية نتنياهو الثانية, حيث شخّص الأمريكان استعداد نتنياهو تقديم تنازلات بعيدة المدى وفرصة لفصله عن اليمين لصالح المفاوضات مع الفلسطينيين لكن نتنياهو شعر وكأنه داخل مصيدة فهو غير مستعد لقبول المطالب الفلسطينية المتعلقة بمنطقة الأغوار وذلك قبل الشروع بالمفاوضات المتعلقة بحق العودة والقدس والمستوطنات بكثير, فيما رفض الفلسطينيون حتى مجرد فكرة استئجار المنطقة لهذا, ووفقا لمصدر سياسي إسرائيل يشعر نتنياهو بالندم الكبير على قرار إطلاق سراح الأسرى وباتت مشاعر اليأس من نتنياهو وإمكانية تقدمه تسيطر على الأمريكيين فيما يردد وزير المالية الإسرائيلي يائير لبيد الذي زار الولايات المتحدة يوم الأربعاء الماضي في كل محفل وجلسة يشارك فيها بان نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن قال له " ان الشخص القادم ". ولغياب أي أمل او أفق سياسي لا يريد نتنياهو المغامرة بخسارة القاعدة السياسية والحزبية فهو اليوم بحاجة ماسة لحزب الليكود كما لم يكن في حياته كلها, فهذه الأيام ليست تلك الأيام التي يمكنه فيها تمرير كل ائتلاف او تحالف سياسي يريده ويرغب به كما فعل مثلا عن حزب "غيشر" وحزب " تسومت" قبل انتخابات 1992 فنتنياهو يقع اليوم تحت تهديد افيغدور ليبرمان الذي هدد بتفكيك الائتلاف الحكومي إذا لم يتحول إلى جزء أصيل متكامل من حزب الليكود ويحاول نتنياهو ويرغب في فرض هذا التحالف على أعضاء الحزب لكن قبل هذا يتوجب عليه إجراء إصلاحات سياسية. ويصرح أعضاء الحزب الكبار " الكين، دنون، ليفي، بيلغين، وغيرهم بان من يتنازل ويقدم التنازلات سيكون خارج الحزب ونتنياهو لا يريد ان يكون في الخارج بل عميقا في داخل الحزب لذلك قد يشكل الفشل المتوقع في المفاوضات مع الفلسطينيين تذكرة عودة نتنياهو لحزبه الغاضب وعلينا انتظار خطاب نتنياهو أمام مؤتمر الحزب حيث سيقول" لم أتنازل عن حدود وأمن إسرائيل وبقيت مخلصا لمبادئ الليكود وهنا وبكل تأكيد سيطير سقف قاعة المؤتمرات وسيرتفع الى عنان السماء حاملا معه عملية السلام برمتها وكذلك العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لتصدق مقولة نتنياهو هذه المرة "إذا بقينا لوحدنا سنواجه الأمر وحدنا". |