|
الطيبي لصحيفة جزائرية: عدم قيام دولة فلسطين يعني نهاية اسرائيل
نشر بتاريخ: 21/10/2013 ( آخر تحديث: 21/10/2013 الساعة: 13:36 )
القدس- معا - قال النائب العربي في الكنيست الاسرائيلي د. احمد الطيبي ان بقاء الوضع في فلسطين على حاله سيفضي إلى زوال اسرائيل من الوجود.
وقال الطيبي في حوار حصري لصحيفة "الجمهورية" الجزائرية اجراه قايد عمر هواري ان مطلب الاعتراف بيهودية الدولة مستهجن وغير منطقي وان إسرائيل تحاول "تجميل" الاحتلال بدل "إنهائه" وان الراحل ياسر عرفات كان قائدا وزعيما لا يكرره التاريخ، عرفته متواضعا، متقشفا وحازما في قراراته وان للجزائر دور هام في إنهاء الاحتلال ونتمنى أن تكون شريكة لنا في احتفالات قيام دولة فلسطين. وأضاف د.الطيبي المستشار السياسي الأسبق للرئيس الراحل ياسر عرفات، "أن الوقت في الماضي كان يلعب لصالح إسرائيل، لكنه اليوم يلعب للجانب الفلسطيني"، مشيرا إلى أن انعدام أفق لحل الدولتين قد يرفع أصوات المطالبين بحل الدولة الواحدة من الطرفين، مؤكدا في سياق آخر أنه سيبقى يناضل دائما من أجل القضية الفلسطينية غير آبه بالتهديدات اليومية التي تصله من قبل الاسرائيليين، مشيدا بالمسار الرائد والطويل للزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وبالدور الجزائري في الدفاع عن المسائل العربية و الدولية العادلة، والتي من بينها القضية الفلسطينية. وقال إن مبادئ الحركة العربية للتغيير التي نرأسها هي الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان، ولذلك يقلقنا ما يحدث في العالم العربي ولا سيما الانقسام والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد تماماً كما ننادي بإنهاء الانقسام لدى الشعب الفلسطيني. مصر وسورية وفلسطين أعظم من فصائلها وأحزابها. وزهق الارواح من اطفال ونساء وشيوخ مناف لأخلاقنا وقيمنا الدينية والاجتماعية. نناشد بوقف هذا الاقتتال الداخلي في مصر وسورية لإنقاذ هذين البلدين وليعودا إلى دورهما الهام والريادي في حل القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال لإقامة دولة فلسطينية مستقلة أسوة بغيرها من الدول العربية. طالما كانت مصر راعية للمؤتمرات المصيرية في تاريخ الشعب الفلسطيني ، ونريد أن يبقى دورها هذا. والدم السوري أيضاً غالٍ علينا كعرب ونريد لهذا البلد أن يبقى معقلاً للوطنية والقومية مع تفهمنا ودعمنا الكامل لحق الشعب في الحرية والنضال ضد الاستبداد والفساد ولكن سوريا تهدمت وتكالبت عليها قوى خارجية لها أجندات غير ما يطالب به الشعب والسلاح يقتل السوريين من كل جانب . الجمهورية: أظهرت وفاة الحاخام المتطرف عوفاديا يوسف الذي سبق له و أن شبه العرب بالصراصير و الأفاعي ثلاث حقائق خطيرة، أولها عظم مكانة الحاخامات عند اليهود، ثانيا حجم التدين داخل المجتمع الإسرائيلي و ثالثا دينية الدولة اليهودية، لاسيما بعدما شارك رئيس الدولة، الحكومة و قيادات عليا في أعلى هرم الكيان الصهيوني في مراسم جنازة الحاخام عوفاديا، هذا الأمر يجعلنا نطرح عدة تساؤلات أهمها ما هي أسباب تراجع مكانة علماء الأمة الإسلامية في مجتمعاتنا، و لماذا صاروا عرضة للقتل و الاغتيال على غرار شهيد المحراب د. رمضان سعيد البوطي و آخرين ؟ د. الطيبي: الحاخامات ورجال الدين اليهود في إسرائيل لهم دور سياسي ملموس، من خلال أحزاب تمثلهم في الكنيست، أو تصريحات وممارسات سياسية. القادة اليهود يتوجهون إليهم لنيل تأييدهم، ولتبييض صفحتهم أمام ناخبيهم. يوجد حاخامات لديهم مواقف عنصرية مثل حاخامات مدينة صفد الذين أصدروا فتوى لعدم بيع أو تأجير منازل للعرب الذين يدرسون في الكلية في المدينة. موقف الحاخامات أن إسرائيل دولة يهودية، ولا يعنيهم كونها ديمقراطية أو لا. بالنسبة لعلماء الأمة الإسلامية لطالما كان لهم دور بارز وهام ومؤثر سياسياً أيضاً، ومكانتهم يجب أن تبقى محفوظة. تعرضهم للاغتيال كما حدث مع الشيخ الشهيد البوطي نستنكره بشدة، ومشهد القرآن الكريم الذي كان بين يديه عند اغتياله ملطخاً بالدماء يؤلم كل مسلم وكل مؤمن. ومع الأسف، بدل الرجوع إلى هؤلاء العلماء لطلب المشورة في كيفية حل النزاعات، نراهم يدفعون ثمن الصراعات السياسية والاقتتال بالسلاح بأرواحهم وهذا مؤسف ومؤلم. الجمهورية: المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، تجري في ظروف غامضة و سرية،إذ لحد اليوم لم يتم الإفصاح عن آخر التطورات التي حققها الطرفان المتفاوضان، لاسيما في ظل تعنت المسؤولين الاسرائيليين على ضرورة الاعتراف بيهودية الدولة كشرط أساسي لتحقيق السلام و تجريد الدولة الفلسطينية من الأسلحة، و الالتزام باتخاذ ترتيبات حازمة لحماية ما يسمى بأمن إسرائيل... في اعتقادكم، هل ستنجح هذه المفاوضات التي تتم برعاية أمريكية في تحقيق آمال الشعب الفلسطيني، و هل عودة الدور الإيراني إلى الواجهة الدولية و ونجاح النظام السوري في إفشال مخططات إسقاطه بإمكانهما تعزيز سقف المفاوض الفلسطيني أمام نظيره الإسرائيلي؟ د. الطيبي: نجاح أو عدم نجاح هذه المفاوضات يعتمد على عدة عوامل. بالنسبة لدور الجانب الفلسطيني فإنه متمسك بالثوابت الوطنية ويطالب بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، ولكن الجانب الإسرائيلي في ظل التركيبة الحكومية والائتلافية الحالية غير مستعد للتوصل الى تسوية تشمل إخلاء المستوطنات وإنهاء الاحتلال ، وزير الإسكان بنفسه مستوطن، وزير الاقتصاد يرفض الاعتراف بإقامة دولة فلسطينية، أما المطالبة بالاعتراف بيهودية الدولة فهو مطلب مستهجن وغير منطقي في العلوم السياسية أصلاً. الاعتراف بالدول يكون وفقاً للحدود والسيادة وليس وفقاً للدين. كما أن ذلك يمسّ بالمواطنين العرب فلسطينيي 48 الذين يعيشون داخل الخط الأخضر صامدين على أراضيهم. بالنسبة للدور الامريكي، نوايا وزير الخارجية الامريكي كيري غير كافية طالما الإدارة الامريكية معرضة للضغوطات من قبل اللوبي الصهيوني وأعضاء يهود في مجلس الشيوخ والكونغرس ، وهو دور يكاد يكون منعدماً من قبل الجاليات العربية والاسلامية التي تعيش في أمريكا رغم كبر عددها. أما الرئيس الإيراني حسن روحاني فلقد أعاد إيران إلى الواجهة من خلال حضوره في دورة الأمم المتحدة الأخيرة التي انعقدت، وبدأنا نرى رد الفعل الأمريكي والبريطاني لسياسته الجديدة بفتح قنوات دبلوماسية، وهذا يضعف الموقف الاسرائيلي الذي يريد للملف الإيراني أن يبقى في الصدارة ويهمّش الملف الفلسطيني. الجمهورية: حملت الكلمة الأخيرة لرئيس المكتب السياسي لحركة " حماس " خالد مشعل بمناسبة انعقاد ندوة اللجنة العالمية للقدس العديد من الرسائل لاسيما فيما يتعلق بالجانب الذي يخص الأزمة السورية، حيث أكد العديد من المراقبين أنها حملت مبادرة تصالحية غير مباشرة مع دمشق، عندما قال و بصريح العبارة " إنه من حق الشعوب الانتفاض من أجل حقوقها بوسائل سلمية، و أنه ضد العنف الطائفي، داعيا الجماعات التي تقاتل في سوريا أن توجه البندقية نحو المحتل الإسرائيلي في فلسطين..." كخبير بالوضع العربي و الفلسطيني، ما هي أسباب هذا التحول الاستراتيجي في مواقف قيادة حركة " حماس " و هل سترأب هذه الخطوة الصدع الذي أصاب العلاقات بين حركة حماس والنظام السوري ؟ د. الطيبي: المشهد السوري ما زال غير واضح، وهذا يلقي بظلاله على مواقف قيادات عديدة تجاه النظام السوري، ومن بينها حماس. دمشق احتضنت قيادة حماس على مدى أكثر من عشرين عاماً، قد يكون في هذه التصريحات بوادر لرأب الصدع بين الطرفين، ولكن لا يمكن أن نجزم في ذلك بعد. الجمهورية: وقفتكم الشهيرة في الكنيست الإسرائيلي و المتمثلة في انتقادكم الشديد لاستعمال الجيش الصهيوني كلابا مدربة تهاجم كل عربي يقول " الله أكبر " لا تزال إلى حد اليوم تلقى الإشادة و الثناء في أوساط الكثير من المتعاطفين مع القضية الفلسطينية ، حيث أكدت هذه الخطوة أنكم تحملون فعلا هموم الملايين من العرب الذين سئموا من تخاذل بعض الحكام غير القادرين حتى على التنديد بتجريد إمرأة فلسطينية من حجابها من قبل العساكر الاسرائيليين، من هو صاحب هذه الفكرة الصهيونية الشيطانية، و لماذا تبناها العسكر الإسرائيلي، و هل توقف ضباط " تساهل " عن استخدام هذه الكلاب المدربة أم لا ؟ د. الطيبي: أحدث الاحتلال وممارساته القمعية خلخلة وزعزعة في القيم الانسانية في المجتمع الاسرائيلي، إن ما كشفناه من استخدام الكلاب للهجوم على من ينادي " الله أكبر "هو جزء من منظومة كاملة من الاعتقالات، هدم البيوت، المعاناة على الحواجز العسكرية، اقتحام منازل الفلسطينيين في ساعات الليل للقبض على النشطاء السياسيين، كما كان استخدام الدروع البشرية الذي لاقى معارضة كبيرة من قبل المنظمات الحقوقية. طالما هناك احتلال، سيبقى نضال فلسطيني ضد هذا الاحتلال، وكل الممارسات القمعية من قبل الجيش لن تكسر عزيمة هذا الشعب. إن كشفنا لهذه الممارسات يُحرج اسرائيل دولياً خاصة وأنها تحاول " تجميل " الاحتلال بدلاً من " إنهائه ".وصوتنا سيبقى عاليا مجلجلا ضد الاحتلال والظلم حتى يسمع من لا يريد أن يسمع ! وأكرر لهؤلاء " الله اكبر عليكم"! الجمهورية: مزقتم مخطط " برافر " و سكبتم عليه الماء أمام نواب الكنيست الإسرائيلي وقلتم مقولتكم المدوية " بلّوه و اشربوه ميته " ثم اقتبستم قصيدة الشاعر محمود درويش " أيها المارون بين الكلمات العابرة ..."، هذه الخطوة الجريئة التي قمتم بها فاجأت الجميع بما فيهم النواب الاسرائيليين في الكنيست، هل تعتقدون أنكم قادرون على منع تطبيق هذا المشروع الذي يهدف إلى اقتطاع المزيد من الأراضي الفلسطينية في صحراء النقب ؟ و ما هي مخاطر مثل هذه التصرفات و المواقف على حياتكم و حياة عائلتكم ؟ د. الطيبي: التصدي لمخطط برافر ما زال مستمراً من قبلنا برلمانيا وشعبيا وجماهيريا وإعلاميا، فهو يعتبر نكبة ثانية أو حتى ثالثة لهؤلاء الفلسطينيين الذي تنوي الحكومة تهجيرهم من أراضيهم. سنواصل نضالنا هذا ولا بديل لنا عن ذلك. نحن دائماً ندفع ثمن مواقفنا هذه، ففي حالة سكب الماء على مخطط برافر تم إقصائي من منصبي نائب رئيس الكنيست عملياً لمدة شهر، وفي حالات سابقة من التصدي للعنصرية ولسياسة الحكومة قررت لجنة السلوك البرلمانية حرماننا من حق الخطابة أو المشاركة في جلسات الكنيست. أما التهديدات على حياتنا فحدّث ولا حرج، تصلنا رسائل تهديد بالبريد العادي والإلكتروني ، فتاوى يهودية تهدر دمنا تُسمى " بولسا دينورا "، صفحات الفيسبوك يستغلها المتطرفون لتوجيه التهديدات لنا والتحريض ضدنا، ولكن كل ذلك لا يثنينا عن مبادئنا ما دمنا مؤمنين بقضيتنا. الجمهورية: قلتم مؤخرا لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست الإسرائيلي خصصت ل " مبادرة الجامعة العربية " بصريح العبارة" إما إقامة دولة فلسطينية أو زوال إسرائيل " هل تؤمنون حقا بفكرة قيام دولة فلسطين كاملة السيادة وعلى حدود عام 1967 أم أن هذا المشروع سيبقى مجرد أضغاث أحلام لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع ؟ و ما هي المصاديق التي ارتكزتم عليها في حديثكم مع نتنياهو بأن عدم قيام فلسطين سيكون من نتائجه الحتمية زوال إسرائيل من الوجود ؟ د. الطيبي: قال شاعرنا محمود درويش " أن تكون فلسطينياً يعني أن تصاب بأمل لا شفاء منه " ، ونحن نعيش على هذا الأمل بإقامة دولة فلسطينية، ونبذل كل جهد مستطاع لتحقيقه. وما قلناه لنتنياهو في تلك الجلسة هو بالفعل النتيجة الحتمية في حال عدم إقامة دولة فلسطين ، وما نسمعه مؤخراً من البقاء على الوضع الراهن بدون حل سيفضي إلى ذلك. كان الوقت في الماضي يلعب لصالح اسرائيل، ولكنه حالياً يلعب لصالح الفلسطينيين، وانعدام أفق لحل الدولتين قد يرفع أصوات أولئك الذين يطالبون بحل الدولة الواحدة من الطرفين ... الجمهورية: شغلتم في السابق منصب مستشار سياسي للزعيم و القائد الفلسطيني الكبير الراحل ياسر عرفات، و الأكيد أنكم عايشتم في فترته الكثير من المواقف والقرارات السياسية التاريخية الشجاعة للرئيس أبو عمار، هل يمكن أن تكشف لنا بعضا من الجوانب الخفية لشخصية هذا الرجل القومي الفلسطيني، و كيف كان يتعامل مع مستشاريه، و هل فعلا كان ديكتاتورا في قراراته، و أين وصلت التحقيقات بخصوص قيام الموساد الإسرائيلي بتسميمه ؟ د. الطيبي: الرئيس الراحل ياسر عرفات كان قائداً وزعيماً لا يكرره التاريخ، كان متواضعاً متقشفاً ، شجاعاً جريئاً، وكان حنوناً معطاء في ذات الوقت. لن أنسى ذاك اللقاء الأول الذي جمعني به عندما قاسمني فطيرة متواضعة كان يأكلها ، فشعرت منذ اللحظة الأولى أنه بمثابة الأب. على صعيد العمل السياسي لا شك أنني عايشته في مرحلة تاريخية من حياة الشعب الفلسطيني، كان يتعامل معنا باحترام ومودة، ولكنه ايضاً كان حازماً في قراراته وهذه صفات القائد والرئيس. كان رحيله فاجعة مؤلمة، هو الزعيم الذي بكى شعبه على فراقه، ولكنه سيبقى رمزاً للشعب الفلسطيني. فيما يتعلق بالتحقيقات بخصوص ظروف وفاته وتسميمه ما زالت الفحوصات والتحقيقات جارية على العينات التي أخرجت من رفاته ولكن لم يصدر التقرير النهائي والرسمي بعد. الجمهورية: تاريخ 15 نوفمبر 1988 سيبقى خالدا و محفوظا في مخيلة الكثير من الفلسطينيين باعتبار أنه شهد و لأول مرة إعلان قيام دولة فلسطين المستقلة من الجزائر، ماذا تمثل أرض المليون و نصف المليون شهيد بالنسبة إليكم و هل توافقون أصحاب الرأي القائل " بأنه لو كانت حدود الجزائر إلى جانب فلسطين المحتلة لتم تحريرها منذ عقود من قيود الاسرائيليين؟ د. الطيبي: تجربة الجزائر هي مثال يحتذى به، شعب هذا البلد الشامخ الذي رفض الذل والاحتلال ودفع ثمناً باهظاً من أجل الحرية، وكون الجزائر شهدت هذا الحدث التاريخي بإعلان قيام دولة فلسطين لأول مرة فيه رمزية بالغة تجعل أرض المليون ونصف المليون شهيد شريكاً للشعب الفلسطيني في تحقيق حلمه بقيام دولته المستقلة. من هذا المنظور للجزائر دور هام في إنهاء الاحتلال، الذي يتطلب وقفة داعمة وفاعلة من جميع الدول العربية والمجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال الأخير الذي بقي في العالم في التاريخ المعاصر. ولا بد من توجيه كلمة شكر وتقدير للجزائر شعباً وقيادة على دعمهم ومساندتهم للشعب الفلسطيني في جميع مراحله التاريخية على أمل أن يكونوا شركاء أيضاً في احتفالات إقامة الدولة الفلسطينية، وستقوم ، عاجلاً أم آجلاً... لا بد أن تقوم وتحياتي للجزائريين من القدس. |