وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الغزيون بين نارين..رصاص الفوضى والاقتتال .. وقصف الطائرات والدبابات القادم من الشرق!!

نشر بتاريخ: 19/05/2007 ( آخر تحديث: 19/05/2007 الساعة: 18:30 )
خان يونس-معا- الأوضاع الأمنية التي يعيشها الفلسطينيون جعلت الكثير منهم يعيش حالة من الارتباك وعدم الوعي والإدراك لحقيقة ما يحدث حولهم ، فقد اختلطت عليهم المفاهيم والقيم الوطنية والإنسانية فالأشقاء يتقاتلون بشراسة وبدون هوادة في شوارع وطرقات غزة ، والاحتلال يمارس لعبة الموت المفضلة لدية من خلال قتل الفلسطينيين ، وبين القتل الاسرائيلي وقتل الفلسطينيين بعضهم بعضا يعيش المواطن حالة من غياب الوعي وعدم التركيز والإدراك .

فلأول مرة في تاريخ المشهد الفلسطيني نرى مشاهد اللامبالاة ترتسم على ملامح ووجوه المواطنين فلا احد بات يعنيه قصف موقع هنا أو مقر هناك ولم يعد أحد مهتماً بما تفعلة إسرائيل من استهداف للكوادر الفلسطينية على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم سوى في الضفة الغربية او قطاع غزة .

أو استمرار جرائمها من خلال مصادر الأراضي وتهويد القدس وبناء الجدار ، لا احد بات يسأل أو يستمع فالاولويات لدى المواطن اختلفت ، كما أنها اختلفت وتبدلت لدى المتناحرين في الشوارع والطرقات والمربعات الأمنية ، وأصبح كل واحد منهم يغني على ليلاه !!

اصابنى الجنون:

ويقول المواطن حسن صباح " أنا غير معني بما يحدث لان القتل انتشر في الشوارع وما تفعله إسرائيل بنا هو أفضل حالاً مما نفعله بأيدينا ، لقد أصابني الجنون مما يحدث فإسرائيل تضرب وتقتل بلا هوادة وبدون تمييز ، والفصليلان الكبيران يقتلون بعضهم بعضا ويدفع ثمن ذلك المواطن المسكين المغلوب على أمرة .

ويضيف صباح وعلامات الأسى والحزن بادية على وجه : لأول مرة تقوم إسرائيل بقصف مدنيين ومواقع ولا يكترث احد ، وكان الأمر يحدث في بلد آخر ، ولأول مرة نشاهد أبناءنا يقتلون على يد إسرائيل ولا تحركنا مشاعرنا الوطنية وكأننا راضون عما يحدث ، يموتون على يد إسرائيل أفضل ألف مرة من أن يقتلوا في معارك داخلية ".

لا يهمني شيئ سوى اولادي

ويضيف المواطن أبو عمر حسين 45 عام من سكان مدينة غزة ، بحسرة ومرارة لما يحدث فيقول "القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة لا يهمني على الإطلاق ولا اكترث له كثيراً ، لان من يقتل في هذه الحالة فهو شهيد ولا تتوقف الحياة عن هذا القتل بل يكون دافعاً لاستمرار فيها ولكن؛ الاقتتال الداخلي المستعر بين الخصوم أصبح يؤثر على كل بيت وطفل ومؤسسة فالحياة متوقفة كليا في غزة ، فلا مؤسسات أو مدارس أو أسواق في المناطق التي تشهد اقتتال" .

وأشار المواطن أبو عمر إلى أن المواطن لم يعد بمقدوره الخروج من بيته خوفا من طلق طائش أو قذيفة تائهة ، مضيفاً "أن الاقتتال الداخلي تسبب في انهيار النسيج الاجتماعي الفلسطيني فما يهمني ألان هو توفير احتياجات أولادي وعائلتي دون النظر إلى احد الأطراف من يقتل من ولكن الأهم أن يكون أبنائي بخير ، وهذا الشعور لم يكن موجوداً بالمطلق قبل عمليات الاقتتال الداخلي" .

ذهول وحيرة :

أما المواطن خليل بخيت فيقول : لقد أصبح شغلنا الشاغل هو البحث عن الأمن المفقود لأنفسنا ولابنائنا بعد أن سيطرت لغة القتل والسلاح والانفجارات على كافة الأطراف ، وأصبحت لغة التخاطب بين الفرقاء هو البارود والدم ، وكأننا انهينا صراعنا مع الاحتلال لنتفرغ لأنفسنا , ويضيف حزينا " أنا غير مدرك لما يحدث نقتل في أنفسنا وإسرائيل تقتلنا ومحاصرون من كل جانب وفي كل الاتجاهات ، لقد أصبحنا مذهولين وحيرانين مما يحدث ونحتاج على وقت كبير لنستوعب ما يحدث" .

مجانين يتحكمون بالبشر

من جانبه اعرب الاعلامي الفلسطيني سمير حمتو عن اعتقاده بان الأمور وصلت الى منحنى خطير جدا لا يمكن الاستمرار فيه او الصبر عليه والسكوت عنه ، فالذي يحدث في غزة فاق كل اشكال الجنون والحماقة وبات المجانين وحدهم يتحكمون في حياة 1.5 مليون فلسطيني يعيشون في بقعة صغيرة يحبسونهم داخل بيوتهم بحيث تعطلت كل اشكال الحياة الفلسطينية على مدار أسبوع كامل ووصلنا الى خراب شامل على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية وما من افاق تشير الى نهاية قريبة لهذا الجنون الذي يحكم غزة الان وما من دور للعقلاء وأصحاب الرأي .

الشعب يعيش حالة صدمة :

وعلق الإعلامي حمتو ، على الصمت وعدم المبالاة من قبل المواطنين قائلاً " ان شعبنا يعيش حالة الصدمة وعدم التصديق لما يجري فلم يكن يتخيل ان يرى في يوم من الأيام ان نصل لمرحلة يقتل فيها الشقيق شقيقه بهذه السهولة وبدم بارد" .

وقال حمتو :" لا ننسى ان شعبنا غريب الأطوار فهو يعيش منذ خمسين عاما على نفسية مشوهة تحتاج الى علاج طويل الأمد وهذا بفعل ممارسات الاحتلال وسياسات القمع التي تعرض لها حيث يحاول تقمص شخصية المحتل الذي يقمع ويقتل ويسجن ويوقف على الحواجز ويطلق النار هنا وهناك ناهيك عن ان العمل في اسرائيل لسنوات طويلة والذل على الحواجز افرز نفسيات مشوهة قائمة على الحقد والحسد والبغضاء .

وبين أن إسرائيل ساهمت في تدمير أجيال خلال وجودها وإنشاء أجيال قائمة على الحقد والكراهية والتمرد وهذا يحتاج الى عشرات السنين لإزالة آثاره .