وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

رجل في مهمة انتحارية

نشر بتاريخ: 05/11/2013 ( آخر تحديث: 05/11/2013 الساعة: 18:21 )
بقلم : اشرف محمود
اعلامي مصري
من بين عشرات القيادات الرياضية صاحبة الانجازات الكبيرة ، عبر التاريخ الرياضي العربي ، التي تستحق التوقف امامها يقفز اسم اللواء جبريل الرجوب رئيس اللجنة الاولمبية وريئس الاتحاد الفلسطيني كرة القدم ، فهو الى جانب منصبه في حركة فتح وتوليه مهمة الامن القومي لبلاده فترة طويلة ، ونضاله ضد الاحتلال الذي كلفه سبعة عشر عاما في غياهب السجون فاستحق لقب مناضل الذي يحلو لي ولكثيرين غيري ان ينادونه به .

فالرجل قدم خدمات جليلة للقضية الفلسطينية من البوابة الرياضية ، التي حولها الى انتفاضة صاخبة تجاوزت حدود فلسطين الى العالم كله ، وحقق اهدافا عديدة في مرمى المحتل ، الذي اجبر على تغيير طريقة تعاطيه مع الرياضة الفلسطينية التي ظلت لسنوات طويلة اسيرة محاصرة داخل الدولة مفككة الاوصال لا تتواصل مع بعضها البعض ، ويتعرض لاعبيها للاعتقال والقتل ، ولا تستطيع انديتهاومنتخباتها التدريب على ملاعبها بكامل عناصرها بين شطري الدولة الضفة الغربية وقطاع غزة ، وتحرم من لعب مبارياتها على ملاعبها مثل ماهو حاصل مع كل دول العالم .

فبعد تولي ابورامي مهمته الرياضية سخر خبراته السياسية في رسم استراتيجية محددة الاهداف سار عليها ، وجاب البلاد شرقا وغربا شمالا وجنوبا ، لم يدخر جهدا ولم يترك مناسبة الا واستغلها حتى المؤتمرات الرياضية والاعلامية العامة والمتخصصة على حد السواء حضرها ، ليضرب عصافير عدة بحجر الاصرار ، اهمها فرض القضية الفلسطينية على كل الاحداث وتذكير العالم بمعاناة الشعب الفلسطيني ليتحمل مسؤوليتة الاخلاقية تجاهها .

ورغم اشفاق المحيطين بالجنرال رجوب لم يعرف اليأس طريقا الي عزيمته التي لاتلين ، ولم تثنه عن هدفه العراقيل المتعددة التي تفننت سلطات الاحتلال في وضعها ، من شاكلة ازعاجه عند الدخول والخروج ، وايقاف لاعبين اخرهم محمد سعدي نمر لاعب نادي الخضر ببيت لحم وعمر خالد ابوريس حارس المنتخب الاولمبي وهما من السجناء السياسيين ، وحجز معدات وادوات رياضية مرسلة للسلطة الفلسطينية هدية من الاتحاد الاوروبي بعد زيارة قام بها الفرنسي ميشيل بلاتيني وعاين بعيني رأسه معاناة الرياضيين الفلسطينين.

واستمر الاحتجاز للمعدات خمسة عشر شهرا ولم تفرج عنها سلطات الاحتلال الا بعد سداد 3200 دولار رغم ان القيمة المالية للمعدات المرسلة كانت ثمانية الاف يورو ، واقتحام الملاعب بالجرافات وغيرها من المعوقات .

الا أن ابورامي ذو النزعة العسكرية ويصاحب الارادة الحديدة والخبرات التكتيكية التي صقلتها الايام التي جاور فيها ولازم المناضل الراحل الزعيم ياسرعرفات ، فنهل عنه الكثير حتى لقب تلميذ ابوعمار ، اعتبر نفسه في مهمة وطنية خاصة او عملية انتحارية تهدف الى كسر القبضة الحديدية لقوات الاحتلال التي تقف حجر عثرة ضد الانطلاقة الرياضية الفلسطينية .

واعتبر مهمتة الشرارة الاولى لتحقيق اهداف في مرمى المحتل من خلال القوة الناعمة الفلسطينية ليتواصل الجهاد على الصعد كلها معا سياسيا وجهاديا ورياضيا قبل ان ينضم اليهم اخيرا الفن متمثلا في فوز الفلسطيني محمد عساف بلقب عرب ايدول ، والذي احتضنه ابورامي ودعمه من خلال تقديمه في المناسبات الرياضية ، وكان عساف نجم مهرجان السلام الذي شارك فيه فريق برشلونة الذي تمكن ابورامي بدهائه في احضاره الى ملعب الدورة في قلب فلسطين قبل ان يذهب في اليوم التالي الى تل ابيب .

وكانت فكرة روسيل رئيس نادي برشلونة ان يلعب فريقه مباراة من اجل السلام ضد منتخب يضم لاعبين فلسطينين واسرائيلين لكن الداهية الفلسطيني نجح في تغيير الفكرة لتصبح مهرجانا للسلام في الدورة اولا مع الفلسطينين ثم يكرر الفريق الاسباني الامر مع الاخرين ، وهو ماكان وذهب الشو الاعلامي كله للفلسطينين الذين استقبلوا اكثر من اربعمائة اعلامي من شتى بقاع الارض واستقبلوا الفريق الاسباني بكامل نجومه في كنيسة المهد ببيت لحم واستضافهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابومازن في مقر الرئاسة وانتقلوا الى الدورة التي تبعد نحو ساعتين وقضوا مثلهما مع ناشئي ونجوم الكرة الفلسطينية في حضور جماهيري كبير ، ومر الامر كله بسلام وفي تنظيم ابهر الاسبان ، والعالم الذي تابع عبر الشاشات .

ولايزال ابورامي يصارع من اجل تثبيت ماحصل عليه من مكتسبات لبلاده اولها وضع حد للتعنت الاسرئيلي في استخراج التصاريح لزوار فلسطين ، فلها الحق في ان تستضيف من تشاء من فرق وشخصيات في اي وقت تشاء ، وهو ما اضطرت سلطات الاحتلال الى الاذعان له بعد التهديد بتعليق عضوية اسرائيل في الفيفا الذي قام بدوره بوضع ضابط اتصال بين الاتحادين الفلسطني والاسرائيلي يراقب تنفيذ مااقره الفيفا بعد تهديد ابورامي بعرض الامر على كونجرس الفيفا في موريشيوس ولايزال التهديد قائما اذا ما عادت سلطات الاحتلال الى عاداتها القديمة .

وهو ما اثمر عن زيارات عربية للاشقاء الفلسطينين الذي بح صوتهم في طلب الزيارة مؤكدين انها لهم وليست تطبيعا مع المحتل الذي يسعده قطع التواصل بين فلسطين وشقيقاتها والتحية هنا واجبة للامير علي بن الحسين والسيد محمد بن همام والمهندس هاني ابوريدة والسيد يوسف السركال وغيرهم كثيرون ممن لبوا دعوة فلسطين من رياضيين واعلاميين .

وهاهو اسبوع الشباب العربي يقام في رام الله ويشارك فيه جموع من شباب العرب ليتعرفوا على اشقاءهم عن قرب ويبثوا فيهم دعما معنويا لمواصلة النضال حتى يتحقق الحلم المنتظر فلسطين الحرة المستقلة ، وهنا وجب علينا جميعا ان نوجه التحية الى ابورامي ومعاونيه والرياضة الفلسطينية و نشد على عضد هم ونؤازهم في مهمتهم بكل مانملك من قوة وادوات اقلها الدعاء لهم بالتوفيق في مسعاهم لتحقيق الاهداف التي ترفع راية بلادهم في كل المحافل عالية خفاقة .