|
دافع الانتقام أقوى من دافع الحب, المستوطنون يبكون على بيوتهم وينهبوها ثم يتلذذون بهدمها
نشر بتاريخ: 23/08/2005 ( آخر تحديث: 23/08/2005 الساعة: 15:12 )
معا - اظهرت شاشات التلفزة مشاهد يصعب فهمها حول سلوك المستوطنين اليهود الذين ينتقلون من مرحلة الى اخرى بشكل هستيري, وحين طلب المذيع من المحررة الصحفية المسؤولة عن الشؤون الخارجية في التلفزيون الاسرائيلي "تاتيانا هوفمان" أن تفسر سلوك المستوطنين وكيف ينظر المشاهدون في العالم الى سلوكهم؟
قالت هوفمان: ان المستوطنين اليهود ظهروا أمام العالم كمن يطلق النار على رجليه, فهم اعتدوا على الجنود الذين كانوا يموتون من أجل حمايتهم وبالتالي يفقدون ما حصلوا عليه من تضامن في الايام الاولى للانسحاب. ولا شك ان "الطريقة الاميريكية" التي استخدمتها اسرائيل في تغطية أخبار الانسحاب من غزة, والمتمثلة في السماح للمراسلين الصحفيين من شتى أرجاء العالم بمرافقة الجيش أثناء عمليات الاخلاء, الى جانب فتح خيمة اعلامية مزودة بكافة وسائل الاتصال واستقبال الصور. وفي حقيقة الأمر فان المستوطنين قدموا آداء متميزا في الأيام الأربعة الأولى, ونجحوا في استدرار عطف الجمهور المحلي الاسرائيلي والعالمي, فصورة طفلة تبكي بحرقة فوق سريرها والجنود يخلعونها من بيتها كفيلة بتحريك قلب الصخر, كما ان صورة رجل دين يبكي فوق كتاب التوراة في كنيس لم تنفك أن دفعت بالجنود والضباط أنفسهم بالبكاء والاسراع في احتضان "الضحايا". وسائل الاعلام العربية والفلسطينية, لم تتمكن من تغييب المشهد تماماً, فتطرق اليه مراسلو الفضائيات العربية وعقّب عليه القادة الفلسطينيون والكتاب, وأمام البث المتواصل في موجات مفتوحة من قنوات التلفزة العبرية للدموع, راحت الصحف العبرية تغرق في وصف مشهد تراجيدي مؤثر, وبعض الصحف العبرية مثل معاريف اختارت العنوان الرئيسي بكلمة واحدة هي "بالدموع". ولكن اليوم الرابع للانسحاب قلب كل الصور, وظهر من بين المستوطنين ثلة من المتطرفين الذين طالما حذّر الفلسطينيون منهم, فاعتدوا على الجنود وأحرقوا المنازل والمزروعات , بالتزامن مع قيام مستوطن يهودي متطرف بقتل أربعة عمال فلسطينيين على بوابة مستوطنة شيلو. وانقلبت وسائل الاعلام العبرية ضد المستوطنين في اليوم الخامس, ومثلها أمهات الجنود اللواتي رفضن السماح للمستوطنين بصفع الجنود أو شتمهم .كما طالب جنود ومجندات من ضباط الجيش السماح لهم بحق الرد على المعتدين. وفي مستوطنة رفيح يام بث التلفزيون الاسرائيلي صورة مستوطن يدعى موتي يفراح وقد عاد بعد اخلائه وطلب من الجيش السماح له بالقاء نظرة اخيرة على منزله ، وفجأة طلب من الجيش مطلبا غريبا وهو اعطاءه حق ان يهدم منزله بيده فصعد الى الجرافة وقام بهدم منزله وهو يشعر بنشوة عارمة ويقول للكاميرا ( المهم ان لا يستفيد الفلسطينيون من المنزل) وطالب سائق الجرافة ان يخلع الاشجار واعشاب الارض وحتى حدائق الورود. وهؤلاء المستوطنون الذين كانوا يجهشون بالبكاء والعويل ويلطمون خدودهم ويضريون رؤوسهم هم انفسهم عادوا الى نفس المكان وسط نفس الجنود ليشعروا بلذة فائقة وهم يشاهدون منازلهم تهدم. وبلغة علم النفس ، اذا كان المستوطنون عاشوا مرحلة ( الانكار ) ثم ( الازاحة ) ثم (القبول والاستسلام ) فانهم انتقلوا وبسرعة خطيرة الى مرحلة ( الاسقاط ) وافرغوا مشاعرهم سلبيا على منازلهم ، فهم حين يتلذذون بهدم منازلهم انما - في حقيقة الامر - يتلذذون بالخروج من غزة ، ويخرجون مشاعر حقيقية طالما كان الوضع الاجتماعي والتعبئة الايديولوجية تمنع عليهم الاعتراف بوجودها داخلهم او البوح بها علنا . داني سيما رئيس بيت الصحافة الاسرائيلية وخلال حديثه عن الموضوع ومشاعر المستوطنين كان يتمثل ناطقا بلسان الجيش اكثر منه صحافيا لدرجة ان الصحافيين الذين يبحثون عن الحقيقة كانوا يفضلون الحديث مع الناطق بلسان الجيش على ان يتحدثوا معه . ومع ظاهرة الاعتداء على الجنود وتخريب وحرق سيارات ومعدات الجيش الاسرائيلي في حومش وصانور يفقد المستوطنون ما تبقى لهم من تضامن وسط المجتمع العبري. رسامو الكاريكاتير في الصحف العبرية وكتاب الاعمدة علقوا كثيرا على دموع المستوطنين ويمكن تلخيص تعليقاتهم بالقول انهم لا يصدقون هذه ( المسرحية). امنون رابينوفيتش المعلق السياسي في القناة الثانية عقب بالقول( ان معارضي شارون من امثال عوزي لنداو وبنيامين نتنياهو وحتى افي ايتام ينتقدون شارون بشدة لانسحابه من غزة ولكن لو يصبح ايا منهم رئيسا لوزراء اسرائيل فلن يفكر ابدا في اعادة احتلال المستوطنات فجميعهم يدركون ان غزة ليست لاسرائيل ولا يريدونها). وحول مستوطنات غزة يضيف رابينو فيش( لقد اقامت اسرائيل مستوطنات غزة كخط دفاع عسكري في وجه القوات المصرية ومع توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر واسرائيل لم يعد لوجودها اي مبرر ولا داعي للبكاء عليها لانها ستزول ان اجلا ام عاجلا). وعودة لدموع المستوطنين ينصح بعض الكتاب في الصحف العبرية التخفيف منها لانها لم تنجح في اقناع العالم وستزيد من شعور النصر والسعادة عند نشطاء حماس. |