وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مناقشة تقرير "العنف ضد النساء في المجتمع الفلسطيني"

نشر بتاريخ: 25/11/2013 ( آخر تحديث: 25/11/2013 الساعة: 23:33 )
رام الله- معا - لفت العنف المتصاعد ضد النساء في المجتمع الفلسطيني خلال السنوات القليلة الماضية اهتمام هيئات ومؤسسات فلسطينية، تأسيسا على معطيات وأرقام هي الأحدث فيما يتعلق بهذا العنف رصدتها المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية – مفتاح، ضمن واحد من أهم إصداراتها للعام الجاري 2013، مشتملا على دراسة تحليلية لنتائج مسح عن العنف في المجتمع الفلسطيني 2011، صدرت عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وتندرج ضمن " مشروع الحماية والمساواة من منظور النوع الاجتماعي الذي تنفذه "مفتاح" وصندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA.

وكشفت جلسة حوارية نظمتها "مفتاح" مؤخرا بالتنسيق مع منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة ووزارة العدل، وجرى خلالها عرض تحليلي لنتائج هذه الدراسة أعدها الأستاذ الدكتور محمد الحاج يحيي عن معطيات مذهلة عن هذا العنف، واستهدافه النساء على وجه الخصوص.
وفي مستهل الجلسة، لفتت نجوى ياغي، مديرة مشاريع في مفتاح، إلى أنه بناء على معطيات مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي ، فإن 27 حالة قتل للنساء على خلفية ما يسمى ب"الشرف" سجلت خلال العام الجاري وحتى الآن، ودعت للوقوف أمام هذه المعطيات وضرورة بحث وتقصي أسباب ارتفاع نسبة العنف والجريمة بشكل عام في المجتمع الفلسطيني، علما بأن إجمالي عدد حالات القتل بصفة عامة، من مختلف الفئات وصلت إلى 97 حالة، ما يستدعي وجود قانون عقوبات رادع.

فقد دل المسح، على أن العنف الجسدي، والجنسي والاقتصادي والاجتماعي ضد المرأة المتزوجة وغير المتزوجة كان يحدث بغض النظر عن اختلاف أعمارهن، ومستويات تعليمهن، ومستويات التعليم في المجتمع الفلسطيني.في حين أن مدى انتشار العنف ضد المرأة يختلف بين المجموعات الاجتماعية والديمغرافية المختلفة، كما أن ارتفاع نسبة العنف ضد المرأة على يد زوجها ترتبط وبشكل كبير مع ارتفاع معدل الضغوط الأسرية، والتعرض لعنف الاحتلال العسكري.

وفي هذا السياق عرض أشرف حمدان من جهاز الاحصاء المركزي خلال تلك الجلسة الحوارية، معطيات إحصائية عن هذا العنف، أظهرت أن 58,6% من النساء اللواتي سبق لهن الزواج (48,8% و 76,4% ) للزوجات من الضفة الغربية وقطاع غزة على التوالي تعرضن لحدث واحد من العنف النفسي على الأقل مرة واحدة خلال الإثني عشر السابقة للمسح . وأشارت 23,5% من النساء اللواتي سبق لهن الزواج إلى أنهن كن قد تعرضن لمرة واحدة على الأقل لأحد أحداث العنف الجسدي على يد أزواجهن خلال تلك الفترة الزمنية ( 17,4% و34,8% ) من النساء من الضفة الغربية وقطاع غزة على التوالي، فيما بينت 11,8%، من النساء و 55,1%، أنهن كن قد تعرضن لاعتداء أزواجهن عليهن جنسيا لمرة واحدة على الأقل، واعتدائهم عليهن اقتصاديا اعتداء واحدا على الأقل خلال تلك الفترة. بينما أوضحت 54,8% من النساء المتزوجات كن قد تعرضن إلى أحد أشكال العنف الاجتماعي على يد أزواجهن خلال تلك الفترة.

وكشفت النتائج أيضا، عن أن النساء اللواتي سبق لهن الزواج من قطاع غزة كن أكثر عرضة للعنف والإساءة من نظيراتهن من الضفة الغربية، وأن النساء اللواتي سبق لهن الزواج من المناطق الحضرية ومخيمات اللاجئين كن أكثر عرضة للعنف والإساءة من نظيراتهن من المناطق الريفية.

بدوره، عرض محمد الحاج يحيي توصيات الدراسة التفصيلية الموجهة إلى الجهاز القضائي، وجهاز الشرطة والمدعي العام، والقضاة والمجتمع المحلي بكافة هيئاته، وواجبات ومسؤوليات تلك الأجهزة والهيئات جميعا، ومن أبرزها : وجوب الاعتراف بمشكلة العنف ضد النساء على أنها مشكلة جنائية، ويجب أن ينطلق التعامل معها والرد عليها من ذلك الاعتراف. في حين أن قلة أو عدم تدخل الجهاز القضائي لمكافحة مشكلة العنف ضد النساء يبث رسالة للضحايا الزوجات وللمعتدين الأزواج على أنها ليست مشكلة مشكلة جنائية، هذا أصلا إذا تم الاعتراف بها على أنها مشكلة، وضرورة تطوير طاقم متعدد التخصصات المهنية للقيام بالعمليات الزمة لتقديم الشكوى ولمعالجة حالات العنف ضد النساء.

كما تضمنت الدراسة توصيات تستهدف إغناء خدمات الدعم للضحية، بما في ذلك، وجود مراكز للحياة الأسرية، وبرامج لعلاج الأزواج المعتدين، ومراكز للتدخل في حالات الأزمات والطوارئ ، وخدمات الحضانة، والعلاج البيتي، وبيوت الأمان والملاجيء ءن شبكة بيوت حاضنة انتقالية، وإقامة مركز معلومات وطني في وزارة العدل لبناء قاعدة معلومات مرجعية، وإنشاء مجالس تنسيقية من كل الوزارات وفي كل المحافظات. وحث المؤسسات غير الحكومية وعلى رأسها مؤسسات الحركة النسوية، ومؤسساات حقوق الإنسان والجمعيات الخيرية والتطوعية أن تنسق بينها وبين المؤسسات الحكومية في تقييم حاجيات النساء ضحايا العنف الأسري.

أما د. نجاة الأسطل عضو المجلس التشريعي عن دائرة خانيونس، والتي قدمت مداخلة بعنوان " دور المجلس التشريعي في تحقيق المصالح الفضلى للنساء المعنفات في ظل التحديات الحالية"، فدعت في مداخلتها إلى وجوب وضع آليات جديدة لتحسين وضع المرآة وتوفير الحماية لها في وجه العنف المتصاعد ضدها. وأشارت الأسطل لى وجود مشروعي قانون لعرضهما على المجلس التشريعي وإقرارهما بصورة نهائية، الأول بعنوان "حماية المرأة من العنف الأسرى والثاني "مشروع العقوبات". وأضاف كمجلس تشريعي أبدينا استعدادا لمناقشة مسودة المشروعين ورفعهما للرئيس، ونأمل أن يشكل هذان المشروعان سبيلا لمكافحة العنف ضد المرأة.

إلى ذلك دعت الأسطل إلى وجوب القيام بحملات توعية في المجتمع، تشمل وسائل الإعلام وجهاز التربية والتعليم، بما يشمل أيضا مواجهة العنف الالكتروني. وأضافت" أشرت إلى وجود فجوة يجب إغلاقها، من خلال مناهج التعليم.

من ناحيتها، دعت فاطمة دعنا من وزارة العدل، في مداخلة لها بعنوان " تجربة مشروع قانون العقوبات ، ودور النوع الاجتماعي في أركان العدالة"، إلى ضرورة توطين توصيات تقرير العنف ضد النساء في المجتمع الفلسطيني لا سيما التوصيات المتعلقة بالجهاز القضائي، ودوره في إنفاذ العدالة، وفي حماية المرأة من العنف الموجه ضدها. إضافة إلى ممارسة الضغوط باتجاه تطبيق نظام التحويل بهذا الشأن.

في حين دعت دارين صالحية، رئيس نيابة الاستئناف/مكتب النائب العام خلال مناقشة التوصيات المتعلقة بالنيابة العامة،إلى ضرورة وجود نيابة متخصصة، مهمتها المتابعة الشاملة لما يرد إليها من قضايا، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى بهذا الخصوص. وأبدت صالحية بعض الملاحظات على الدراسة،
مشيرة إلى أنها حصرت قضايا العنف ضد الزوجات والاقتراح انه كان يتوجب ان يكون العنف الاسري بشكل عام وليس ضد الزوجات فقط. كما تركزت مخاطبة الدراسة للنيابة العامة ممثلة بالمدعي العام، علما بأن قانون السلطة القضائية ادرج مصطلح وكيل النيابة العامة وليس المدعي العام. أما الملاحظة الخاصة الأخرى، فتتعلق بدور النيابة العامة، وبالتالي يترتب على ذلك بان النيابة العامة لا تملك حق التصرف بالدعوى لا قبل رفعها ولا بعد تحريكها.كما لا تملك حق الصلح بدعوى الحق العام لا قبل البدء بالمحاكمة ولا بعده الا في قضايا المخالفات. ولا تملك حق التنازل عن دعوى الحق العام. كما لا تملك قبول ما يقضى به والتنازل مقدما عن طرق الطعن المفتوحة امامها.

وأوردت صالحية جملة من التوصيات تتمثل بالعمل على تنظيم العديد من الانظمة التي تكفل مراعاة المصلحة الفضلى لضحايا العنف الاسري بشكل عام والعنف ضد الزوجات بشكل خاص وهي: نظام حماية الشهود الذي يكفل توفير حماية للشاهد الذي يدلي بمعلومات عن الدعوى. ونظام التحويل، ونظام التشبيك بين الوزارات المعنية، ونظام الحالات الحرجة والتدخل السريع لضحايا العنف، ونظام الابعاد، ونظام توثيق حالات العنف بشكل يضمن السرية العالية. وإقرار مشروع قانون العقوبات ليحل محل قانون العقوبات النافذ 16 لسنة 60 لقصوره عن تجريم العديد من اشكال العنف، والعمل على تدريب هيئات قضائية متخصصة للفصل في هذه القضايا، وذلك للحد من اصدار الحكم تبعا للموروث الثقافي للقاضي نفسه، وإيجاد قاضي مناوب ايام العطل تبعا للحساسية هذه القضايا، وكذلك إيجاد بنية تحتية مناسبة للنظر في هذه القضايا من حيث المباني التي تراعى فيها عدم اختلاط الاطراف بالعامة ، وإجراء فحص الطب الشرعي وسماع الضحية بشكل سريع، وإيجاد وتوفير طواقم في نقابة المحامين مدربة على هذه القضايا، وضرورة ايجاد نص يجرم عدم الادلاء بمعلومات عن حالات العنف التي تصل المدارس والمستشفيات تبعا لما تم الافصاح عنه من قبل جهاز الاحصاء المركزي والي ذكر ان 3% فقط من المعنفات الاتي وصلن الى العيادات والسبب في ذلك هو توثيق المعلومات والحالات ليس إلا، وتعديل المناهج الدراسية في المدارس والجامعات يهدف للتطوير الذات وثقة الفرد بنفسه.

أما سعادة القاضي فلسطين ابو رومي من محكمة بداية رام الله، فدعت الى تخصيص محامين وقضاة ومحاكم متخصصة للتعامل ومعالجة القضايا المتعلقة بالمرأة او التي تكون المرآة فيها ، وذلك لضمان نيلها لحقها. كما دعت الى ضرورة الاسراع في اعتماد مشروع قانون العقوبات وضرورة المصادقة عليه وتفعيله لما فيه من ردع لمن تسول له نفسه ارتكاب الجرائم ضد النساء وخاصة فيما يسمى بجرائم الشرف وتفعيل القوانين المرتبطة بذلك.