|
يوميات وزارة: "التدوير" حلاً للفساد والشللية في الحكومة
نشر بتاريخ: 26/11/2013 ( آخر تحديث: 26/11/2013 الساعة: 09:43 )
بقلم: بثينة حمدان
قريباً يوميات وزارة الاعلام كل ثلاثاء (https://www.facebook.com/wzaratna?ref=hl) حكاية موظف: استيقظ كل يوم قسراً، فقد سهرت كثيراً على أمل أن أنسى أنني موظف حكومي يعمل تحت إمرة "فلان". خمسة عشر عاماً مرت على تعييني اضطر خلالها يوميا أن ابتسم في وجه مسؤولي وأن أتحمل أوامره وأسلوبه ونمطيته وجهله وكلاسيكيته وروحه التي تطلب كل يوم التقاعد وتنقل إلي احباطها ومللها رغم أنني مازلت في ريعان العمر... أنا مضطر لأتحمل ظلمه أيضاً". هذا هو حال الموظف الحكومي الذي يحظى بمسؤول واحد مدى الحياة، فأنت مدير عام يعني أنك باق في مكانك للأبد فوق أنفاس من يحبك ومن لايحبك.. فماذا إذا كان هذا المدير العام قد احترف الظلم والفساد الإداري والمالي حتى أصبح الفساد أمراً عادياً بالنسبة إليه.. بل وصار حلالاً عليه! إن العمل بين أروقة الوزارات والمؤسسات الحكومية محكوم بنظام يتمثل بقانون الخدمة المدنية وبإدارة ترسخت منذ سبعة عشر عاماً، لاسيما مع بقاء المراكز القيادية في مناصبها بدون تغيير أو تعديل، وبالتالي لا يختلف العام الماضي عن العام الذي يليه رغم تشكيل خمسة عشر حكومة حتى الآن، يتغير رأس الهرم بينما تبقى القاعدة بكل الخلل والفساد الذي يشوبها متجذرة لا تتأثر بتغير الوزير. ماذا يفعل جيش الوزراء الذين مروا على الوزارات أمام جيوش الموظفين الذين اعتادوا نمط عمل من الصعب وربما من المستحيل تغييره؟ مع أن أسباب الاتجاه نحو التكنوقراط ينطلق من سياسة الإصلاح الحكومي التي فرضها الشارع بمطالبته إنهاء الفساد ومحاكمة الفاسدين. إن الواقع الموجود في الوزارات والمؤسسات الحكومية يبدو أنه رغم التعديل الحكومي وإحالة بعض المسؤولين لمحاكم الفساد وآخرين للتقاعد أو لديوان الموظفين العام مازال يرسخ للفساد وضعف العطاء والإنتاج، لأن المظلوم في ظل بقاء مسؤوله يبقى كذلك إلى أن يتقاعد المسؤول أو ينتقل إلى رحمته تعالى، يستمر الفساد وضعف الإنتاج نوعا وكماً مع بقاء الإدارة العليا للوزارات مشكلة "شلة" تحترف المحسوبية التي تراعي المصالح الذاتية والحزبية، والشلة هي صف واحد متماسك أمام الوزير التقني الجديد الذي يحتاج وقتاً ليدرك دهاليز العمل الحكومي وقوانينه وكيفية تطبيق هذه القوانين. نعم.. التدوير الوظيفي هو الحل لكل هذا، وإذا كانت حكومة الأكاديمي د. رامي الحمد الله تريد أن تغيير فعلاً هذا الواقع فعليها البدء بصياغة لائحة تنفيذية أو قانون للتدوير الوظيفي ينفذ على مراحل ويشمل كل المؤسسات التي تتبع ديوان الموظفين العام. التدوير يعني التطوير الوظيفي والتغيير التنظيمي، وقد تم اعتماده في العديد من دول العالم كأسلوب إداري حديث لممارسة أكثر من عمل منظم بإعطاء الفرصة لأكبر عدد من العاملين ممارسته في الأعمال الفنية أو الإدارية أو في مجال الإشراف أو الإدارة أو القيادة. لذا يجب أن يعهد للموظف بممارسة أعمال أخرى بشكل منظم ومجدول وفق خطة إدارية مدروسة وتحديد سنوات لممارسة العمل الجديد والتي قد تكون أربع أو خمس. التدوير الوظيفي أسلوب ذكي للاستثمار والاستفادة من الموارد البشرية في مستوياتها كافة وذلك للقضاء على البيروقراطية والروتين والرتابة في الأعمال الفنية والإدارية. إنه يكشف عن مزايا وقدرات وإبداعات الموظفين، ويتيح لهم فرصة للتعبير عن قدراتهم ومواهبهم وكوامنهم في وظائف ونشاطات أخرى مثل الوظائف الإشرافية والإدارية والقيادية، ويكشف للإدارة والقيادة في الوزارات والمؤسسات والشركات عن الفروق الفردية لموظفيها ومواردها البشرية. ويعد محفزاً قوياً للكفاءات ويمنحهم فرصاً للنمو والتطور. يهدف التدوير للوصول إلى مزيد من الشفافية والتقليل من المحسوبيات والشللية، والمزيد من الابداع والعطاء. ومن الأجدى أن يبدأ التدوير في حكومتنا بين من يحملون رتب مدير عام ووكيل مساعد ووكيل داخل الوزارات والمؤسسات الحكومية حيث لا يبقى الموظف في مؤسسته أكثر من 4 سنوات، ويستثنى أو يتم إيجاد آلية معينة للوظائف التخصصية. ومن الثابت علمياً أن أي موظف لا يستطيع الاستمرار في عطاءه أكثر من أربع سنوات وهو ما استطاع التدوير حله، كما أنه يمنح المسؤولين دافعاً للابداع واثبات قدراتهم والتنافس مع المسؤولين الذين كانوا مكانهم. وأخيراً فإن التدوير الوظيفي هو أحد أنواع التغيير الذي يحتاج إلى تهيئة من خلال تدريب الموارد البشرية على مهارات فنية أو إدارية جديدة والإقناع بأهميته لضمان دعم الموارد البشرية وتلافي مقاومة هذا التغيير من البعض وضمان تحقيق أهدافه. |