وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

أمطار في الخليج وجفاف ببلاد الشام... والسبب مرتفع صاد مانع

نشر بتاريخ: 28/11/2013 ( آخر تحديث: 29/11/2013 الساعة: 12:19 )
بيت لحم - تقرير معا - تنتظر مزروعات واشتال واشجار الفلاحين الفلسطينيين، غيث الشتاء الغائب عن فلسطين ومناطق شرق حوض البحر المتوسط بالرغم من مرور شهرين على فصل الخريف.. وهو الأمر الذي أبقى مساحات زراعية واسعة بلا زراعة بانتظار هطول الأمطار "المتأخرة"، وتتطلع أعين المواطنين بقلق إلى السماء بحثا عن غيمة أو أي مؤشر على قرب هطول الأمطار.

وفي هذا السياق، فسّر مدير دائرة الأرصاد الجوية الفلسطينية المهندس يوسف أبو اسعد تأخر الهطول المطري لهذا العام أنه بسبب تأثر منطقة شرق البحر المتوسط بما فيها فلسطين، بامتداد مرتفع جوي صاد "مانع" يؤدي إلى استقرار المناخ ويمنع وصول التيارات الهوائية الباردة من مناطق أوروبا إلى مناطق شرق حوض البحر المتوسط، ويمنع تقدم هذه المنخفضات الجوية وانحرافها إلى مناطق جنوب القارة الأوروبية.

الارتفاعات الجوية الصادة ظاهرة طبيعية نادرة
وأوضح أبو اسعد في حديث لـ معا أن الارتفاعات الجوية الصادة تعد بمثابة ظاهرة طبيعة نادرة التكرار والحدوث، وتكون أعمارها عادة ما بين 3-5 -7 أسابيع، حيث سبق أن ظهر هذا المرتفع الجوي الصاد عام 2006 في أواسط شهر تشرين الثاني وحتى بداية كانون الأول، وانقطع المطر آنذاك لفترة تزيد عن 45 يوماً.

وأضاف أن المرتفع الجوي الصاد يتميز بالاستقرار النسبي لدرجات الحرارة، فيكون الطقس مشمسا نهارا وباردا ليلا.
|252723|
انحسار المرتفع الجوي بداية الشهر المقبل
وقال أبو اسعد إن ظاهرة المرتفع الجوي الصاد ليس بالضرورة أن تكون ناتجة عن التغيرات المناخية لكنها مؤشر على حدوثها، وخاصة من حيث تأخر بدء فصل الشتاء وتأخر انتهائه، وأيضا النقص في عدد الأيام الماطرة.

وتوقع مدير الأرصاد الجوية الفلسطينية أن ينحسر المرتفع الجوي الصاد في نهاية الأسبوع الأول من شهر كانون الأول، ويحتمل تأثر البلاد ومنطقة شرق البحر المتوسط بشكل عام بمنخفض جوي ماطر خلال السادس والسابع من الشهر المقبل.

وبين أبو اسعد لـ معا أنه لوحظ في السنوات الأخيرة تأخر هطول الأمطار وموسم الشتاء وعدد الأيام الماطرة؛ حيث انحسر الشتاء في 3 أشهر، في حين كان سابقا يمتد إلى 5 أشهر ماطرة، موعزا ذلك لسببين: أن المناخ كل 40 عاما يعيد نفسه، وأن هذا التغير ناتج عن زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون والغازات في الجو ما يؤثر على الاحتباس الحراري.
|252722|
انحباس الأمطار يؤخر زراعة المزروعات الموسمية
ويتسبب تأخر الأمطار في هذه الأيام بتأثير سلبي على الإنتاج الزراعي وخاصة الزراعة البعلية، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، اضافة الى التأثير على المياه الجوفية والينابيع التي قد تتعرض للجفاف.

وفي هذا الخصوص، قال المهندس وليد عساف وزير الزراعة في حديث لـ معا إن الكثير من المزروعات تعتمد على الزراعة البعلية، فأكثر من 80% من الأراضي الزراعية تعتمد على مياه الأمطار وكذلك الأمر بالنسبة لقطاعي الزيتون والبستنة الذين يعتمدان على الأمطار.

ولفت إلى أن تأخر الأمطار يشكل خطراً على المحاصيل الحقلية والزراعة البعلية وأيضا على الثروة الحيوانية، حيث سيؤدي التأخر إلى ارتفاع كلفتها؛ لان ذلك سيترتب عليه ارتفاع سعر المياه وكلفة المحاصيل الزراعية والأعلاف.
|188444|
جودة الانتاح الزراعي تتأثر سلباً بتأخر الامطار
وفيما يتعلق بجودة الإنتاج والمحاصيل الزراعية، أوضح عساف لـ معا أنه إذا ما استمرت الأمطار إلى شهر نيسان فان ذلك يعني أن النباتات ستأخذ فترة نموها ونضوجها بشكل كامل، وهي أربعة أشهر، أما إذا أنحبس المطر في نهاية وبداية هذا الشهر، فان جودة المحاصيل ستتأثر سلبا وستكون اقل؛ نظراً لعدم اكتمال نموها.

وعن الاستيراد والتصدير للمنتجات الزراعية، أردف عساف لـ معا قائلا: "نستورد 65% من الأعلاف والحبوب وبالتالي تأخُر الأمطار يعني زيادة الاستيراد"، مؤكداً في الوقت ذاته انه ما زال هناك متسع من الوقت لهطول الأمطار ولم ينقطع الآمل بعد، ومازال الوقت مبكرا لإعلان هذا العام "عام محل".
|43123|
هل ستشهد السلع الغذائية ارتفاعا في الاسعار؟
وعادة ما يتسبب تأخر هطول الأمطار في نقص المواد الغذائية وارتفاع أسعارها، لذلك طرقت معا باب وزارة الاقتصاد وتحدثت مع مدير السياسات الاقتصادية في الوزارة عزمي عبد الرحمن، فقال لـ معا إن أسعار السلع في السوق الفلسطيني المستخدمة للاستهلاك الادامي أو الحيواني يتم استيرادها من الخارج، وبالتالي لن تتأثر بصورة مباشرة بالآثار المترتبة على تأخر هطول الأمطار.

وأشار إلى أن السلع الأساسية مثل الطحين والرز والسكر شهدت مؤخرا انخفاضا في أسعارها مقارنة مع الأعوام الماضية بنسبة لا تقل عن 5% وقد تزيد عن 20%، نظرا لتغير العوامل المناخية ولان الدول الكبرى والصناعية لم تستخدم الحبوب في إنتاج الطاقة البديلة.
|198228|
"تخضير فلسطين" يعتمد على مياه الامطار
وأضاف وزير الزراعة لـ معا أن المزارعين لم يبدأوا بالزراعة بعد، لان هناك انحباس للأمطار ما يسبب لهم تخوفا من تلف البذور في التربة.

وأشار إلى أن مشروع "تخضير فلسطين" سيتأثر سلبا في حال استمر انقطاع المطر، لأنه يعتمد على هطول الأمطار ويحتاج إلى نحو 100 ملم من الأمطار لإنجاح المشروع، حيث من المقر أن تبدأ عملية الزراعة في الخامس عشر من كانون أول.
|252727|
انتشار الامراض وتدهور بالصحة العامة
من جانبه مدير دائرة صحة البيئة في وزارة الصحة د.إبراهيم عطية أكد لـ معا أن هناك تأثيرات صحية مباشرة وغير مباشرة لتأخر هطول الأمطار على الصحة العامة، فارتفاع درجات الحرارة هذا الموسم يعمل على انتشار الأمراض من ناحية ونشاط الفيروسات والبكتيريا بشكل عام؛ مما يؤثر سلباً على الإنسان والحيوان والنبات.

ولفت عطية لـ معا إلى أنه وفي الآونة الأخيرة انتشرت عدة أمراض بين المواطنين منها الانفلونزا والرشح، نتيجة انتشار الفيروسات في الجو، داعيا الأطفال وكبار السن إلى أن يرتدوا ملابسا تناسب الجو البارد وتناسب فصل الشتاء وليس مع درجات الحرارة.

ومن الناحية العلمية، أوضح عطية أنه من المعروف عادة أن لكل فصل أمراضه التي تنتشر بين البشر نتيجة التغيرات المناخية، ولكن تكمن الخطورة في أن الأحياء الدقيقة من الممكن أن تولّد بعض البكتيريا المقاومة للتغيرات المناخية، فيكون القضاء عليها صعبا، خاصة إذا ما قاومت المضادات جينيا؛ نتيجة التغير المناخي.
|223060|
القطاع الحيواني يتضرر
وبين مدير السياسات الاقتصادية في وزارة الاقتصاد عزمي عبد الرحمن لـ معا أن اغلب اعتماد المزارعين الفلسطينيين في إنتاجهم يكون على السلع المستوردة والتي تكون مرتفعة أصلا ما يؤثر على إنتاج القطاع الحيواني نحو الارتفاع في الأسعار.

وأكد عبد الرحمن أن استمرار تأخر هطول الأمطار إلى جانب عدم دعم السلطة للمزارعين يهدد الموسم الزراعي، إلى جانب أن هوامش ربح المزارعين ستكون قليلة مقارنة بتكاليف الإنتاج، لافتا إلى أن ميزان السلطة التجاري يعاني من عجز يقدر بنحو 3.50 مليار دولار؛ نظرا لزيادة الواردات على حساب الصادرات.