|
الثوابت المتحركة- لا احد ينتصر في الحروب- اسرائيل لن تنتصر على غزة.. وغزة لن تهزم اسرائيل
نشر بتاريخ: 29/05/2007 ( آخر تحديث: 29/05/2007 الساعة: 13:50 )
كتب رئيس التحرير ناصر اللحام- لا يبدو ان اسرائيل تستطيع ان تنتصر سياسياً او عسكرياً في حربها على غزة, كما انها لا تستطيع ان تهزم اي تنظيم مهما صغر حجمه.
ولا يعود ذلك لضعفها العسكري او لقوة التنظيمات الفلسطينية, وانما يعود ذلك الى منطق الاشياء, وبالمقابل يبدو ان الاطراف الاخرى لا تنتصر بمعنى النصر الكلاسيكي, فالحروب المعاصرة لم تعد مبارزة بين فريقين تنتهي بانتصار طرف وخسارة الطرف الآخر, وانما اصبحت الحروب المعاصرة عبارة عن سلسلة من المعارك التي تحتسب بالنقاط, وكل طرف يعيش ويستمر على أمل ان يرفع من نقاطه في المعركة القادمة. الخاسر الدائم في الحروب هم الفقراء والمقاتلون والمدنيون والكاسب الدائم حسب قواعد اللعبة هم امراء الحروب والمقاومون ومحترفو الاستراتيجيات السياسية. واذا كان وزير الخارجية الامريكي في بداية السبعينيات هنري كيسنجر كتب في مذكراته عن الشرق الاوسط يقول " ان كل شيء مؤقت يتحول الى ثابت في هذه المنطقة". فها نحن اصبحنا في مرحلة جديدة عنوانها " الثوابت المتحركة" ومن يبدأ حرباً هنا لا يستطيع ان يصنع نهايتها, ولا ان يتحكم في حلفائه او اعدائه. فبريطانيا وفرنسا وضعتا خطة سايكس بيكو وهربتا من المنطقة قبل انضاجها, والعصابات الصهيونية شرعت في محاربة الفلاحين الفلسطينيين, وبعد مئة عام لم تنته المعركة بعد, وهجمت الجيوش العربية على اسرائيل لرميها في البحر فأهانتهم بهزيمة لم تضع النهاية بل كانت البداية. واستمر الحال عشرات السنين, وأصرّ الاسرائيليون على ان المستوطنات هي " ام المعارك" واضطروا لتفكيكها والهروب من غزة مثلما هربوا من جنوب لبنان ولكن غزة ظلت تعيش اسوأ ايامها. والجبهة الشعبية قادت حملة لاسقاط ياسر عرفات في بداية الثمانينات فترسخ زعيماً تاريخياً. وحزب الله شن غارته لأسر جنديين في صيف 2006 فاشتعلت حرب لا اول لها ولا آخر, فقامت اسرائيل بشن حربها على بيروت فخسرت هيبتها وكسرت انفها وظهرت لا تستيطع حماية حيفا. الزعيم الراحل ياسر عرفات شن انتفاضة لتحسين شروط كامب ديفيد عام 2000 فاستشهد وحيداً في مقاطعة رام الله بعد ان دمّر الاحتلال سلطته وأجهزته الأمنية. ابو مازن اصّر على الانتخابات واصرّ على اشراك الحركة الاسلامية في لعبة السلطة ففازت حماس, وأصرت حماس على اصلاح وتغيير كل شيء مرة واحدة فحوصرنا, وشن الاحتلال حرباً ضروساً عليها وعلينا. والقاعدة ضربت امريكا فهدمت امريكا افغانستان على رأسها, واحتلت امريكا العراق فغرقت في العراق ولكنها عاجزة عن النصر حتى اللحظة وتحول العالم الى رهينة بيد امراء الحروب. وبالتالي, لا نجد قائداً واحداً يستطيع الادعاء انه انتصر تماماً على عدوه: ( السودان- دارفور)، (الصومال- مقديشو), ( امريكا- القاعدة), (اسرائيل- الفلسطينيين), ( كوريا الشمالية- كوريا الجنوبية), (الصين- تايوان), (روسيا- الشيشان), ( تركيا- الاكراد), (السود- البيض), ( الفلبيين- ابو سياف), (الهند- كشمير), (اليونان- قبرص- تركيا),( المغرب- البوليساريو), ( الشيعة- السنة), ( الهندوس- الباكستان), ( المافيا- القانون), الرجل - المرأة),الخير- الشر)...... الخ. هل انتصر ريغان على الشيوعية؟ هل انتصر جيفارا على الامبريالية؟ هل انتصر اليهود على هتلر؟ هل انتصرت الحواجز العسكرية على العاشقين؟ هل انتصرت حماس ؟ هل انتصرت فتح؟ هل تعتقد اسرائيل انها ستنتصر؟ مسكين من لم يقرأ التاريخ, مسكين اولمرت, ونحن أيضا مساكين. ففلسطين قضية انسانية عظيمة وليست مجرد معركة عابرة. |