وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

كل ثلاثاء يوميات وزارة.... ثالثاً الإعلام ج1

نشر بتاريخ: 10/12/2013 ( آخر تحديث: 10/12/2013 الساعة: 10:26 )
تدرس اليوميات المكتوبة في أربعة أجزاء عمل وزارة الإعلام مابين2009-2013، بتحليل360 خبراً وقرارات مجلس الوزراء ومسودة قانون المجلس الأعلى للإعلام والموقع الإلكتروني للوزارة والاستراتيجية الوطنية للإعلام2011-2013، واستراتيجية نقابة الصحافيين، والإجابات التي وصلتني من الوزارة عن آدائها وخطتها والتي عادة ما أطلبها من كل وزارة أعد يومياتها.

وزارة بلا وزير/ة

كان الدكتور رياض المالكي آخر وزير إعلام في الحكومة الثانية عشرة حتى 19/5/2009، ثم قاد الوزارة الشاعر المتوكل طه بدرجة وكيل حتى نيسان 2012، ولم يعين بعده أحد بدرجة وكيل حسب بيانات مجلس الوزراء، ونسب رئيس الوزراء السابق سلام فياض قرار إلغاء الوزارة تمهيداً لإنشاء المجلس الأعلى للإعلام، كما أنشيء لاحقاً المركز الإعلامي الحكومي دائرة تابعة لرئيس الوزراء.

وزارة "بخيلة" إعلامياً

يعتمد تحليل اليوميات على الناتج الإعلامي لكل وزارة كونه يمثل ثمرة عمل المؤسسة وانجازها الذي تتفاخر وتتسابق المؤسسات والمسؤولين لإظهاره إعلامياً ومطابقة هذا مع استراتيجية الوزارة ومواد عديدة. ورغم أن جوهر عمل الوزارة هو "الإعلام" إلا أن عدد الأخبار الصادرة عنها كان شحيحاً مقارنة بوزارات أخرى بل هو الأقل! بل إن مائة منها ورد فيها اسم الوزارة على سبيل الحضور كأحد المدعويين.

الشمال مرة أخرى

استنتجت سابقاً تفوق مكاتب الشمال التابعة لوزارة الثقافة على مركزها، وهذه المرة برزت مكاتب الإعلام في الشمال على مدى أربعة سنوات لاسيما نابلس (35 خبر) لكن ليس على حساب المركز أي رام الله (64)، لاسيما وأن معظم المؤتمرات الصحفية للوزارات والمؤسسات الحكومية تنظم في مقر الوزارة برام الله، فيما حصلت خليل الرحمن على 17 خبراً فقط.

ويتمحور عمل الوزارة حسب هذه الأخبار ما بين اصدار بيانات صحفية (65 بيان) وتنظيم مؤتمرات صحفية ومواجهة مع مسؤولين وبعض الجولات الإعلامية والتي أعلم عنها في 39 خبراً فقط، وهي إجمالاً قلما تصل إلى مستوى التأثير والتغيير لأسباب تتعلق بضبابية الرؤيا وبإدارة هذه النشاطات.

وبالنظر إلى الواقع الإعلامي في فلسطين التي يجب أن تتسلح في مقاومتها للاحتلال بالإعلام فإنه مغيب وضعيف رغم تعدد المؤسسات الاعلامية من وزارة ومؤسسات اعلامية أو إدارات تابعة للرئاسة ورئاسة الوزراء ومنظمة التحرير وقد يكون التعدد هو السبب، رغم عن أن الإعلاميين الفلسطينيين يقودون مؤسسات إقليمية ويتمتعون بمناصب رفيعة دولياً، إلا أنه ليس لدينا إعلام معارض وناقد ولا حتى إعلام يتسابق لاستقطاب هذا الصحفي/ة أو ذاك. فهل وجدت الوزارة لتكون الرقيب على المؤسسات الإعلامية من خلال منحها الترخيص أو عدم منحه بالاعتماد على قانون المطبوعات والنشر لعام 1995 والذي لا يلبي وجود إعلام عصري حر؟ وهنا أذكر بصمت الوزارة أمام الاعتداء على الصحفي محمد جرادات رغم ابرازه بطاقة الصحافة الصادرة عن الوزارة.

لهذا كله على الحكومة إما أن تبقي على الوزارة، أو تلغيها كونها لم تستطع أن تحدث حراكاً محلياً أو دولياً نحو العديد من القضايا.

وزارة "الكلام"!
إن اصدار البيانات الصحفية وهو نشاط الوزارة الرئيس، لاسيما في المناسبات الوطنية بكلام إنشائي لا يميزه شيء ولا حتى مقاربة مع الواقع السياسي الراهن عدا عن الأخطاء اللغوية والتوصيف الكثير الذي يظهر وكأن هناك من يقول للجمهور أن هذا صحيح وذاك خاطيء، والقليل من التقارير التحليلية والاحصائية التي توفر الجهد والوقت على الصحفي وتقدم له معلومات كاملة عن قصة صحفية مقترحة، كما تشمل القليل من التقارير الدورية عن واقع الطفولة والأسرى والانتهاكات بحق المقدسات. هذا علماً أن جمع المعلومات الاحصائية أو كتابة بيان صحفي عن قضية ما ليس بالمهمة الشاقة التي تستلزم وجود وزارة من 133 موظف/ة (49 منهم من القطاع) وست مديريات في الضفة.

ليس تقليلاً من قيمة البيانات لكنها ستكون أكثر تأثيراً وجذباً للإعلام حين تعرض قصة انسانية عن أحد هؤلاء الأطفال: عائلته، أحلامه، هواياته، مقابلة مع صديقه أو والدته... وأن تنشر هذه التقارير بأكثر من لغة لاسيما الانجليزية والفرنسية والعبرية، فهل يعقل أن تنشيء السلطة وزارة ليس فيها ناطقين بأكثر من لغة، ودون أن تترجم بياناتها؟ لابد من رفع قضيتنا للعالم من خلال سفاراتنا وهنا استذكر مناشدة الأسيرة المحررة ميسر عطياني (2010) لوزارتي الإعلام والأسرى والتي طالبت "بالتوجه إلى الإعلام الدولي لفضح هذه الجرائم بحق أسرانا".

نريد مؤسسة "كلام" وليس أي كلام!

نعم نريد مؤسسة "كلام" والكلمة في حالتنا تساوي الموت. ولا نريد مجرد كلام، بل ما يصنع رأي عام، ولا يتعلق بمناسبة بل يرافق دماءنا النازفة، نداء أطفالنا، عويل أمهاتنا، كلام يتحدث عن حياة الاسرى يوماً بيوم، وعن قلب طفلة يرجف شوقاً لحضن والدها الشهيد الغائب دنيوياً، والحاضر بذكراه. فإذا لم يكن جسداً حكومياً إعلامياً هو من يستطيع "أنسنة" قضيتنا، وينظم نشاطات إعلامية بأكثر انسانية فمن يفعل؟ في حين أن مؤسسات المجتمع المدني محكومة بأجندات ممولة ومشروطة؟ فأي أجندة تحمل سلطتنا العتية؟

أبحث عن صوت الضحية في عمل الوزارة؟ أين البحث والاستقصاء عن معلومات تشحذ وطنيتنا وانتمائنا لعشر سنوات علماً أن اولويات شعبنا باتت تحسين الواقع المعيشي حسب استطلاعات الرأي وليس حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي!

إن كتابة بيانات الشجب والاستنكار والتذكير بالأحداث الوطنية قد يضيء قليلاً مواقف سياسية معينة لكنها في مجملها انشائية تجيدها معظم مؤسساتنا وقياداتنا إلى حد الملل. ومثال ذلك إدانة الوزارة موقف مجندة اسرائيلية التقطت صوراً مع أسرى فلسطينيين ووضعتها على حسابها على الفيسبوك، حيث لا يبدو اعلامياً أن الوزارة قامت بأي جهد آخر مثل مراسلة جهات حقوقية وقانونية وأجنبية ولا استقطبت الاعلام الخارجي لإحداث ضجة إعلامية مماثلة لما يقوم به الطرف الاسرائيلي عندما "يخدش" أحد مواطنيها!

وأخيراً.. إذا لم يكن دور الوزارة وطنياً في "سلطة وطنية" كما فعلت حين كتب وكيلها السابق الشاعر المتوكل طه عن حائط البراق بأن لا صلة له بالشعب اليهودي مستنداً إلى حقائق وأدلة تاريخية... فلماذا نريد بوقاً للحكومة؟

والسؤال المطروح هنا: إذا تم تحويل 9 مليون شيكل وهي ميزانية الوزارة سنوياً إلى مجلس أعلى بإعلاميين ذوي خبرة وناطقين بلغات متعددة.. ألا يمكن أن يحدثوا نقلة نوعية إعلامياً لصالح قضيتنا وأن يشكلوا رداً موجعاً على هجوم "الجزيرة" وغيرها في حملاتها ضد الفلسطينيين؟

في الحلقة القادمة: وزارة الإعلام: الرؤيا والأهداف حبر على ورق وهيكلية محشوة بالوظائف الوهمية/ المفرغة من العمل! وعن خطة الوزارة للمائة يوم لحكومة الحمد الله أم المائة عام من "العزلة"!
لمتابعة اليوميات وأخبارها انضموا إلى https://www.facebook.com/wzaratna?ref=hl