وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

العمليات العشوائية ... أعلى درجات التنظيم

نشر بتاريخ: 23/12/2013 ( آخر تحديث: 27/12/2013 الساعة: 16:58 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
تعتبر الخلايا العشوائية من أخطر الخلايا على امن الاحتلال الاسرائيلي، كما يعتبر "الثائر الغاضب" من اصعب الألغاز الامنية على اي جهاز مخابراتي في العالم، ولا يخاف اي جهاز امن في العالم بقدر ما يخاف من "الذئب الوحيد" الذي لا خلية له ولا تنظيم ولا مرجعية ولا أصدقاء ولا مسؤول ولا اتباع. فهو من اخطر المعادلات التي يصعب حلّها او تفكيكها. فالرقم واحد يقبل القسمة على واحد ولكن النتيجة تكون واحد ايضا.

ويعرف عن جهاز المخابرات الاسرائيلي عبارة شهيرة تقول ان 1+1=11 . اي ان اي فدائي يقول لصديقه عن عملية قام بها او سوف يقوم بها فإن هذا الواحد سيقول لصديقه وصديقه يقول لزوجته وزوجته تقول لاختها واختها تقول لزوجها وفجأة يصبح 11 واحد يعلمون بالسر.

وفي شهر اكتوبر الماضي قرأنا عن قناص الخليل الذي ضرب الجندي رصاصة واحدة فقط فقتله واختفى، او "ابو سكين" في رام الله الذي نفذ عملية بسجوت او قاتل جنرال جولاني في مستوطنة بالاغوار وغيرهم، ولغاية الان لا تعرف التنظيمات الفلسطينية اي شيء عنهم كما لا تملك المخابرات الاسرائيلية سوى التهديد، واجهزة الامن الفلسطينية حائرة مثل الجميع كما القيادة السياسية في تفسير ما يحدث وهل هو خلايا استكشافية للانتفاضة الثالثة ام مجرد صدفة؟

وقد نقل على لسان شاؤول موفاز زعيم حزب كاديما المعارض الان، بينما كان رئيس اركان الاحتلال مع بدء انتفاضة الاقصى عام 2000، انه قال حرفيا: ان الجيش الاسرائيلي لا يخشى سوى الرصاصة الاولى وهي التي تباغته، اما بعد ذلك فهو يهزم اي جيش في اية معركة.

طيب، وكيف سيكون الحال اذا كانت كل المعركة مجرد رصاصة واحدة فقط !! وقد حذر موفاز فور وقوع انفجار حافلة بات يام ( ومعناها بنت الشاطئ ) ان الذي يحدث هو انتفاضة ثالثة.

وليس اسرائيل فقط حائرة، وليس جنرالات الامن الاسرائيلي يكسرون رؤوسهم بحثا عن اجابات، وانما يبدو لي ان المثقف العربي والفلسطيني، ومثلنا معشر الصحفيين، لم نتمكن من استقراء الواقع في العام 2013، فالجميع توقّع انتفاضة ثالثة كلاسيكية وأن تخرج الجماهير في الشوارع ويكون ما في خيالنا.. ولكن الجماهير أظهرت عام 2013 انها أذكى من كل اجهزة الامن ومن جميع ضباط المخابرات والصحافيين والمراقبين والمحللين .. فالجماهير لم تخرج بتظاهرات كلاسيكية امام كاميرات التلفزيون. وكأنها تعرف ان الانتفاضات صارت تسرق وان القادة يسرعون الى شاشات التلفزيون ويعلنون تبنيها وتطير من بين اياديهم كما حدث في تونس ومصر وسوريا.

وكأنما الجماهير الفلسطينية "مذهلة".. قرأت الربيع العربي جيدا، وتعلّمت من ثورة 25 يناير المصرية وتابعتها كل ليلة على التلفزيون مباشرة، بل شربتها واستفادت من تجربتها، وكأن الجمهور الفلسطيني في غزة والضفة وفي داخل الخط الاخضر يقول للجميع. يقول للصديق وللعدو : قولوا ما تشاؤون وانا أفعل ما أشاء..