وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

لندن -ندوة تؤكد أهميّة دور الجاليات في عمليّة إعادة بناء منظمة التحرير

نشر بتاريخ: 29/12/2013 ( آخر تحديث: 29/12/2013 الساعة: 17:05 )
لندن - معا - أكدت مجموعة من الشخصيّات الفلسطينيّة المقيمة في أوروبا والخليج أهميّة دور الجاليات الفلسطينيّة في إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينيّة، وذلك لما تشكله المنظمة من ضرورة وطنيّة لإعادة الاعتبار للمشروع الوطني وللقضيّة الفلسطينيّة، وما يعنيه ذلك من التمسك بالحقوق والأهداف الفلسطينيّة.

وبينت أهميّة العمل على توفير مصادر تمويل لمنظمة التحرير من أجل إعادة بناء مؤسساتها وتحقيق الاستقلاليّة، مثل الاعتماد على مصادر فلسطينيّة أولًا وأساسًا، وعربيّة ثانيًا، وبعد ذلك من مصادر أخرى، ومن ذلك اقتطاع جزء من رواتب الموظفين في داخل فلسطين وخارجها للمساهمة في تمويل المنظمة وتغطية مصاريفها، كما كان الأمر في السابق.

وأولوا أهميّة لمسألة توحيد الجاليات الفلسطينيّة في أوروبا في إطار تمثيلي فلسطيني واحد يمثل فلسطينيي أوروبا في سياق إعادة بناء التمثيل الفلسطيني، والعمل إذا لزم الأمر على إجراء انتخابات لاختيار ممثلين عن فلسطينيي أوروربا تمهيدًا لإجراء انتخابات المجلس الوطني واختيار ممثلي الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده.

وطالبوا بالعمل على عقد المؤتمرات والندوات التي من شأنها الطعن في ديمقراطيّة إسرائيل، من خلال إطلاع الأوروبيين على سياسة اليمين الإسرائيلي المتطرف وقوانينه وممارساته العنصريّة بحق الفلسطينيين، والسعي لزيادة التضامن الأوروبي مع القضيّة الفلسطينيّة ونضاله من أجل الحصول على حقوقه بالاستناد إلى قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي.

جاء ذلك خلال ثلاث ندوات نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجيّة "مسارات" لنقاش وثيقة "إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينيّة"، عقدت الأولى في جامعة "ساواس" في لندن، والثانية في فندق "الإنتركونتيننتال" في برلين، فيما عقدت الندوة الثالثة في فندق "روتانا بيتش" في العاصمة الإماراتيّة أبو ظبي. وقد أدار الجلسات الثلاث سلطان ياسين، منسق مشروع دعم وتطوير مسار المصالحة الوطنيّة.

وقدم الباحث وعالم الاجتماع جميل هلال، معدّ المسودة الأولى للوثيقة، عرضًا سريعًا لها؛ بين فيه ضرورة إعادة بناء الكيان الوطني الجامع والموحد للنضال والحامي للحقوق والرواية التاريخيّة، وإلا فإن هذه التجمعات تواجه خطر الاستفراد بها والانكشاف التام من قبل القوى المتحكمة في واقعها بحكم غياب من يمثل ويدافع عن مصالحها وحقوقها. |257709|

وأشار إلى أن عمليّة إعادة مؤسسات منظمة التحرير بصفتها الكيان الوطني الجامع والموحد تتطلب الإسراع في بناء إطار تنظيمي جامع يستند إلى عمليات دمقرطة مكونات الحركة الوطنيّة السياسيّة (الأحزاب) والقطاعيّة من اتحادات ونقابات، وموقعيّة (لجان شعبيّة، مجالس بلديّة وبلديات) وإقليميّة أو مناطقيّة (السلطة بعد البت بعلاقتها بمنظمة التحرير كونها المنظمة الأم)؛ وعلى أن يترافق مع البدء في بناء الإطار التنظيمي الجامع صياغة مشروع وثيقة مرجعيّة يحظى بأوسع درجة من الإجماع الوطني والشعبي ليتم إقرارها من قبل المجلس الوطني المشكل ديمقراطيًا وعبر آليات أخرى إن برزت ضرورة لذلك.

وتحدث هلال عن أهميّة إعادة الاعتبار للمؤسسات الفلسطينيّة، حيث هي المكان المناسب لاتخاذ القرارات، ويجب أن تمثل هذه المؤسسات كل تجمعات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج. وبيّن أن الوضع الفلسطيني الحالي يمر بمنحنى محاط بالمخاطر، حيث اختزلت منظمة التحرير في اللجنة التنفيذيّة، واقتصرت حقوق الشعب الفلسطيني المتمثلة في العودة والاستقلال وتقرير المصير بإقامة الدولة، إضافة إلى أن الإستراتيجيّة الحاليّة إما "مفاوضات" أو "صواريخ".

ودعا إلى إعطاء الشعب دوره في تقرير المصير والنضال، وإلى أهميّة وعي مخاطر اختزال الديمقراطيّة إلى مجرد انتخابات دوريّة، كون مثل هذا الاختزال يلغي أبرز مرتكزات الديمقراطيّة القائمة على ترافق وتجادل قيم الحريّة والمساواة.

واستكمل هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، عرض الوثيقة، وأوضح أنّ تراجع دور المنظمة في فترة ما بعد "أوسلو" وشبه الشلل الذي اعترى مؤسساتها، وتزايد دور السلطة على حساب المنظمة؛ يستوجب إعادة بناء مؤسسات المنظمة والحفاظ عليها، لا سيما وأنها هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وفي ظل أن الفصائل الفلسطينيّة داخل المنظمة وخارجها لا تزال تمثل قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني، وطرح سؤالًا مفاده: هل الفلسطينيون بحاجة إلى منظمة تحرير جديدة أم بديلة، أم أن المنظمة بحاجة إلى إصلاح وتفعيل أم إعادة بناء لمؤسساتها؟

وأوضح المصري أهميّة الحفاظ على المنظمة لما تمثله من إنجاز تاريخي مهم، والعمل في نفس الوقت على تغييرها وتفعيلها وإعادة بنائها حتى تكون بمستوى التحديات والمخاطر التي تواجه القضيّة الفلسطينيّة.

وأشار إلى أهميّة إعادة القضيّة الفلسطينيّة إلى مكانتها، بوصفها قضيّة تحرر وطني، وإلى أهميّة إعادة تعريف المشروع الوطني، بحيث لا يقتصر على إقامة الدولة الفلسطينيّة على حدود 1967، وإنما يتضمن إنهاء الاحتلال والعودة وتقرير المصير والاستقلال الوطني والدفاع عن الحقوق الفرديّة والوطنيّة للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وفتح الباب أمام البدائل والخيارات الأخرى، خصوصاً مع الانسداد المتزايد لإمكانيّة قيام دولة فلسطينيّة والتوصل إلى حل وطني للقضيّة الفلسطينيّة؛ ما يعطي الأولويّة لإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينيّة، بحيث تضم الجميع وتكون قادرة على تحقيق الأهداف الوطنيّة.

وتحدث معين رباني، مدير الشرق الأوسط في مبادرة إدارة الأزمات الفنلنديّة CMI، عن أهميّة الوثيقة كونها تندرج في إطار برنامج يهدف إلى دعم وتطوير مسار المصالحة الوطنيّة، وبين أن الوثيقة هي نتاج جهد قامت به مجموعة دعم وتطوير مسار المصالحة الفلسطينيّة، وهي إطار وطني تعددي بمشاركة مختلف ألوان الطيف السياسي والاجتماعي، وأن الوثيقة استندت إلى مجموعة من الأوراق المرجعيّة التي عكست الأفكار والتصورات المتداولة في عدد من التجمعات الفلسطينيّة حول عمليّة إعادة بناء التمثيل الوطني، وإعادة القضيّة الفلسطينيّة إلى مكانتها.

ودعت الوثيقة إلى إعادة صياغة الميثاق الوطني، لغة وبنودًا، بالاستناد إلى الوثائق التي لقيت إجماعا، أو ما يقرب الإجماع، وبمشاركة القوى السياسيّة، وبما يحافظ على الحقوق الطبيعيّة والتاريخيّة والسياسيّة والقانونيّة للشعب الفلسطيني. وأكدت حاجة الحركة الوطنيّة الجديدة، كحركة تحرر وطني لشعب يقيم في كيانات سياسيّة دولانيّة متعددة الأوضاع والشروط والتكوينات، إلى إستراتيجيات مواجهة ونضال، تشترك في صياغتها وتحقيقها الفئات الاجتماعيّة الأوسع في كل تجمع بالاستناد إلى حاجات وطاقات وميزات كل تجمع.

وتنوعت آراء الحضور ما بين من دعم الوثيقة واعتبارها مجرد مشروع قابل للتطوير، وبين من تحفظ عليها، أو رفضها، أو تساءل عمن سيقوم بتجسيدها في ظل ترهل مؤسسات المنظمة والأزمة التي تعانيها الفصائل، سواء تلك التي داخل المنظمة أو خارجها، وعدم بروز قوى وحركات اجتماعيّة جديدة قادرة على قيادة الشعب الفلسطني في المرحلة الراهنة.

وأكد العديد من الحضور على أهميّة دور الجاليات في المساهمة في إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير من خلال اختيار ممثلي الجاليات في المجلس الوطني عبر الانتخابات، وخصوصًا في أوروبا والأماكن التي يمكن إجراء الانتخابات فيها، والعمل على تغيير الرأي العام والموقف الرسمي الأوروبي عن القضيّة الفلسطينيّة، بصفتها قضيّة تحرر وطني لشعب طرد من أرضه، إضافة إلى كشف زيف الدعاية الإسرائيليّة التي تتحدث عن ديمقراطيّة إسرائيل، لا سيما وأن وقائع الأمر الاحتلالي تفند ذلك، فالإجراءات الاحتلاليّة مستمرة في مصادرة الأراضي وتوسيع الاستيطان وبناء الجدار وحصار غزة ومصادرة الثروات والمياه، وأن مظاهر السياسات التسعفيّة والفصل العنصري والتمييز حاضرة بين فلسطينيي 48.

وأشاروا إلى أهميّة البحث عن مصادر تمويل للمنظمة ومؤسساتها تعزز استقلالية قرارها الوطني، والعمل على إيجاد وسائل فعّالة لذلك، مثل اقتطاع جزء من رواتب الموظفين في الداخل والخارج، وإنشاء صناديق ووقفيات لجمع التبرعات، وإقامة مشاريع استثماريّة لدعم موازنة مؤسسات منظمة التحرير، إضافة إلى إيجاد قنوات تمويل أخرى لسد حاجة المنظمة وعدم احتياجها إلى الدول المانحة؛ الأمر الذي يحقق استقلاليّة القرار الفلسطيني وعدم تبعيته لأي جهة أو تحالف.

وركّزوا على ضرورة إعادة بناء مؤسسات المنظمة وليس مجرد الإصلاح أو التفعيل أو الترميم، لاسيما أن المطلوب من عمليّة إعادة البناء العمل على أن تشرك المنظمة في مؤسساتها ونشاطاتها كل القوى والتيارات السياسيّة الفاعلة في الحقل السياسي الوطني، على قاعدة التمسك بالمنظمة بصفتها التمثيليّة للشعب الفلسطيني، ورفض تجاوزها لصالح التركيز على بناء كيان جديد.

ونوهوا إلى ضرورة التعامل مع عمليّة إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير في سياق إعادة صياغة المشروع الوطني، وبصورة يتم فيها إعادة الاعتبار للقضيّة الفلسطينيّة بوصفها قضيّة تحرر وطني لشعب يرزح تحت الاحتلال، ويسعى إلى تحقيق حريته وتقرير مصيره بإقامة الدولة والعودة والاستقلال الوطني، مع فتح الباب أمام البدائل والخيارات الأخرى، خصوصًا مع الانسداد المتزايد لإمكانيّة قيام دولة فلسطينيّة والتوصل إلى حل وطني للقضيّة الفلسطينيّة، الأمر الذي يؤكد الحاجة إلى إيجاد المؤسسة الجامعة والقيادة الموحدة، بالاستناد إلى برنامج سياسي يجسد القواسم المشتركة والحقوق والأهداف الفلسطينيّة، والتعامل مع مسار المصالحة وإنهاء الانقسام في سياق استعادة الوحدة الوطنيّة في إطار عمليّة إعادة بناء المشروع الوطني والحركة الوطنيّة ومنظمة التحرير.