وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ديوان الرقابة: المؤسسات الأهلية وغير الحكومية ليست فوق القانون

نشر بتاريخ: 30/12/2013 ( آخر تحديث: 30/12/2013 الساعة: 18:22 )
رام الله - معا - أصدر ديوان الرقابة المالية والإدارية تقريره الربعي الثالث للعام 2013م تحت عنوان "المخالفات الأكثر شيوعاً في المؤسسات الأهلية والمنظمات غير الحكومية"، وقام الديوان بتسليم نسخ من التقرير إلى الرئيس محمود عباس ورئيس مجلس الوزراء والمجلس التشريعي ووزير الداخلية.

جاء هذا التقرير انطلاقاً من مسؤولية الديوان في التأكد من مدى التزام المؤسسات الأهلية والمنظمات غير الحكومية بتطبيق مبادئ الشفافية والنزاهة وتنفيذ نشاطاتها وأعمالها وفقاً للقوانين المتبعة التي تحكم عمل هذه المؤسسات، وخاصة قانون الجمعيات الخيرية والهيئات المحلية رقم (1) لسنة 2000 ولائحته التنفيذية والأنظمة الداخلية التي تحكم عمل هذه المؤسسات، والتأكد من أن بياناتها المالية تعبر بصورة عادلة عن مركزها المالي وكشف أوجه الانحراف وشبهات الفساد إن وجدت.

وأجرى الديوان التدقيق على (27) مؤسسة أهلية ومنظمة حكومية خلال الأعوام 2012 و 2013 وذلك انطلاقاً من خطته السنوية ومتابعةً لبعض الشكاوى والبلاغات التي يتلقاها الديوان من المواطنين حول عمل هذه المؤسسات، بالإضافة إلى ملفات تم تحويلها من الجهات الرسمية لإجراء التدقيق المالية والإداري على هذه المؤسسات كونها تخضع لرقابة الديوان، حيث يخضع لرقابة الديوان الهيئات والمؤسسات العامة والأهلية والنقابات والجمعيات والاتحادات والمراكز والمنتديات والأندية بجميع أنواعها ومستوياتها ومن في حكمها.

وأظهرت نتائج التدقيق العديد من الملاحظات والمخالفات الجوهرية تمثلت في عدم قيام مجالس الإدارات والهيئات العامة بالمهام والواجبات المنوط بها حسب القانون، وتبين أن البيانات المالية لا تعبر بعدالة عن الوضع المالي لبعض الجمعيات وعن تدفقاتها النقدية للسنة المنتهية بذلك التاريخ، كما وأظهر التقرير ضعف النظام المالي والإداري وضعف إجراءات الرقابة والضبط الداخلي لبعض الجمعيات، وعدم التزام البعض منها بالقوانين والأنظمة والتعليمات النافذة كعدم الالتزام بإجراءات الشراء وإجراءات الرقابة الداخلية حسب الأصول، وعدم إرفاق كافة المعززات المؤيدة لعمليات الصرف، وكذلك ارتفاع نسبة الصرف على الرقابة والأجور من إجمالي مصروفات الهيئة أو المنظمة وعدم الدقة في احتسابها، وعدم الالتزام بالأنظمة والتعليمات وإجراءات الرقابة الداخلية في تسجيل الإيرادات والتصرف بها.

هذا وحوّل ديوان الرقابة (13) تقريراً من أصل (27) تقرير من التقارير المتعلقة بالمؤسسات الأهلية والمنظمات غير الحكومية إلى الجهات الرسمية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقها منها هيئة مكافحة الفساد.

فيما يتعلق بشبهات الفساد والتزوير وإساءة الائتمان في أعمال الهيئات والمنظمات؛ فقد نتج عن أعمال الرقابة والتدقيق التي أجراها الديوان اكتشافه لعدد من الحالات التي تندرج تحت جرم الفساد، هذا ومن أهم حالات شبهات الفساد المكتشفة قيام بعض الهيئات والمنظمات بعقد صفقات من الباطن من خلال الاتفاق مع موردين على زيادة مبالغ بعض الفواتير لإظهارها للمانح وتنفيذ مستند الصرف ومن ثم استعادة الفرق عبر التبرعات مما يعتبر احتيال، وتزوير المستندات الرسمية وتلفيق المعززات من خلال معاملات صرف لمستفيدين معينين، ولدى تتبع الديوان للمستفيد الأخير من عملية الصرف تبين أن المستفيدين هم أشخاص في الجمعيات، وكذلك صرف شيكات للمستفيدين مختومة بعبارة تصرف للمستفيد الأول من واقع سجلات الجمعية، ولدى تتبع النسخة الواردة من البنك من خلال كتب التأييد تبين أن المستفيد الأخير هم أشخاص آخرين خلافاً كما هو مثبت في السجلات.

كما وكشف تقرير الديوان قيام بعض الهيئات والمنظمات بتزويد الديوان بصور عن الشيكات الصادرة كمعزز أساسي لعمليات الصرف ، مع تواجد ختم كصرف للمستفيد الأول عليها ، غير انه ولدى مقارنة الصور مع أصل الشيك لدى البنك تبين عدم وجود هذا الختم ، حيث تبين أن الختم موجود على صورة الشيك وليس الأصل ، كما تبين فقدان عدد من دفاتر سندات الصرف المستخدمة (التي تم تحريرها وفق التسلسل الرقمي) في بعض الجمعيات ، ووجود شبهة بتزوير تقرير مدققي الحسابات الخاصة لبعض المشاريع بغرض استيفاء شروط المؤسسة من الحصول على المنحة وقيام الدائرة المالية في الهيئات والمنظمات بتقديم سندات صرف ومعززات وهمية لإغلاقها ، وخلط في الذمة المالية ما بين حسابات رئيس مجلس الإدارة وحسابات الجمعية نفسها على الرغم من استقلالية كل من الذمتين ، ووجود شبهات اختلاس وتعدي على أموال بعض الجمعيات من قبل إداراتها حيث تعتبر هذه الأموال أموال عامة ، كما وأظهر التقرير خلل في صحة التصرفات المالية داخل الجمعية وابتعادها عن مبدأ الفصل في المهام والصلاحيات ، وجود إقرارات من قبل بعض الأشخاص حيث تم إدراج أسماؤهم ضمن كشف المستفيدين من المساعدات من قبل الهيئات والمنظمات ولدى متابعة الديوان للأشخاص تبين عدم حصولهم واستلامهم للمبالغ وعدم قيامهم بالتوقيع على سندات الاستلام التي زودتها المؤسسات للديوان ، وكذلك قيام بعض المؤسسات بصرف المبلغ أكثر من مرة وتحميله على نفس المشروع وبمسميات مختلفة ، ووجود شبهات شراء فواتير ومعززات لإثبات عمليات صرف وهمية ، ووجود شبهات حول وهمية ورش العمل والدورات التدريبية وتلفيق بعض المعززات وتزوير بعض المستندات الخاصة بها ، وارتفاع في رواتب بعض مدراء الجمعيات حيث يفوق الراتب الشهري لبعض مدراء الجمعيات 6000 دولار ناهيك عن الامتيازات الأخرى ، وحصول العديد من موظفي الجمعيات على مبالغ مالية بدل تقديم خدمات للجمعية تدخل ضمن اختصاصاتهم ومهامهم الوظيفية بالإضافة إلى حصولهم على راتب شهري كامل دون وجود أي إثبات (نموذج عمل اضافي معتمد) كما ويتم إبرام عقود عمل مع موظفين في الهيئة والمؤسسة مع غياب وجود وصف وتوصيف وظيفي واضح في بعض الجمعيات ، وتقاضي أعضاء مجالس إدارة بعض الجمعيات رواتب شهرية خلافا للمادة (20) من قانون الجمعيات والهيئة العامة ، وتلقي بعض موظفي الجمعيات مبالغ مالية لحساباتهم الشخصية مستخدمين اسم المؤسسة التي يعملون فيها مما يدل على وجود تضارب مصالح وسوء استخدام السلطة ، وصرف بعض الجمعيات لمبالغ مالية بانتحال أسماء أشخاص لم يتعاملوا مع تلك المؤسسة ، وامتلاك بعض الجمعيات لأراضي وعقارات دون الإفصاح عنها في البيانات المالية ودون احتفاظ المؤسسة بنسخ عن سندات الملكية مما يدل على شبهة بتسجيل الأراضي والعقارات بأسماء شخصية واستخدام موظفي الجمعيات كمدربين ومستشارين وميسري ورش عمل وهذا انحراف عن مبادئ الشفافية والنزاهة في استخدام الموارد البشرية والازدواجية في صرف رواتب بعض الموظفين بطريقة غير قانونية واللجوء الى سد العجز في بعض الجمعيات من خلال اللجوء الى صندوق التوفير الخاص بالموظفين وتضخيم مصروف الرواتب .

هذا وبلغ مجموع الأثر المالي الذي ذهب هدراً على خزينة الدولة نتيجة عدم التزام المؤسسات والمنظمات غير الحكومية في تطبيق أحكام القوانين والأنظمة التي تنظم عملها مبلغ 21906406 شيقل و 10343 دولار ، كما وبلغت قيمة المبالغ التي ذهبت هدراً على خزينة المنظمات غير الحكومية مبلغ 437552 شيقل و 719151 دولار .

وعليه قام الديوان بإصدار العديد من التوصيات التي من شأنها وقف هذه المخالفات ومنع تكرارها وبالتالي تحسين أداء هذه المؤسسات منها :
ضرورة قيام وزارات الاختصاص بمتابعة عمل الجمعيات وفق للمهام والواجبات الموكلة إليها وان لا يتوقف دور الوزارات على المتابعة الشكلية لأداء هذه المؤسسات ، بل ضرورة متابعة الأنشطة والبرامج ووضع معايير ومؤشرات للشفافية والمساءلة فيها مع تكثيف الرقابة الشعبية على عمل هذه الجمعيات ولإبلاغ عن اية مخالفات أو شبهات فساد .

كما وأوصى الديوان بضرورة استكمال التحقيق في الهيئات والمؤسسات المحولة لهيئة مكافحة الفساد واسترداد كافة المبالغ التي تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة وضرورة بناء قاعدة بيانات لتتبع تدفق المساعدات للمؤسسات الأهلية لتكوين صورة شاملة للموارد المالية والمنح المقدمة باسم الشعب الفلسطيني من خلال هذه الهيئات والجمعيات .

وكذلك ضرورة تعديل قانون الجمعيات والهيئات المحلية لسنة 2000 بحيث يتضمن النص على العقوبات بخصوص المخالفات المرتكبة من إدارة هذه المؤسسات والنص على نشر البيانات المالية والإدارية والموازنات والتقارير المالية وحجم التمويل والمنح المقدمة لها والنص على تحديد فترة مجلس الإدارة والحد الأقصى للدورات التي يحق للعضو الترشح فيها ، وأوصى الديوان بأن تقوم الجمعيات والمؤسسات بالإبلاغ فوراً عن أية مخالفات أو وقائع اختلاس أو سرقة أو تبديد للأموال العامة فيها فور اكتشافها عملاً بأحكام قانون ديوان الرقابة المالية والإدارية رقم 15 لسنة 2004 . كما وأكد على ضرورة حوكمة عمل المؤسسات والمنظمات غير الحكومية وضرورة الفصل في الصلاحيات بين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية في المؤسسات وعدم تدخل مجالس الإدارة في الأعمال اليومية والتنفيذية ولا سيما في ظل وجود مدير عام أو مدير تنفيذي .

هذا وأشاد رئيس الديوان بالدور الذي لعبته الجمعيات في الانتفاضة الأولى في غياب مؤسسات السلطة مؤكدا ضرورة الاستفادة من التجارب العالمية والإقليمية والممارسات الفضلى في إدارة المنظمات غير الحكومية ، وأكد على ضرورة التصدي لحالات الفساد في هذه الجمعيات حتى لا تبتعد هذه الجمعيات عن الرسالة التي أنشئت من أجلها وكي لا تصبح المبادئ الأساسية والقيم الجوهرية التي تتغنى بها هذه المؤسسات مجرد حبر على ورق .