وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

استراتيجية شبابية لمكافحة الفساد قوامها نشطاء شباب فاعلون سياسيا

نشر بتاريخ: 20/01/2014 ( آخر تحديث: 20/01/2014 الساعة: 15:36 )
رام الله -معا- بات الآن بمقدور محمد النجار، ونجوان أبو نجم، وزينة رمضان من شبكة الشباب الفلسطيني الفاعل سياسيا ومجتمعيا المنبثقة عن المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح"، الانطلاق والعمل ضمن مجموعات شبابية أخرى، وضعت لنفسها هدفا وهو مكافحة الفساد بكافة أشكاله وأنواعه.

ونجح ثلاثتهم، ومعهم العديد من النشطاء الشباب من تلاوين سياسية ومجتمعية متنوعة أن يضعوا على مدى عدة شهور من التدريب والتثقيف والتوعية أولى الاستراتيجيات الشبابية لمكافحة الفساد، بعد أن تلقوا دعما كبيرا من مؤسسة "مفتاح"، ومن هيئة مكافحة الفساد، حيث وقعت الأخيرة مذكرة تفاهم وتعاون مع "مفتاح" لتقدمان سوية ما لزم النشطاء الشباب من عون وتدريب وتوعية، حتى صاغوا بأنفسهم استراتيجيتهم الخاصة بهم لمكافحة ظاهرة الفساد التي تقض مضاجع المجتمع الفلسطيني.

ولم يكن مستغربا أن ترى الاستراتيجية الشبابية التي رعتها "مفتاح" النور في زمن قياسي، حيث كان للناشط الشبابي شادي زيدات، منسق المشروع في "مفتاح" دور فاعل في الاعداد والمتابعة والإشراف على المجموعات الشبابية جنبا إلى جنب مع لميس الشعيبي، مديرة برنامج تعزيز المشاركة المجتمعية في "مفتاح"، والتي كانت على مدى شهور من التدريب لأعضاء شبكة الشباب الفلسطيني الفاعل سياسيا ومجتمعيا الموجه والمحرك، إلى جانب طاقم أكفاء من المدربين.

وترى الشعيبي، أن الشبكة تعتبر نموذجا متقدما للمجموعات الشبابية الفلسطينية، لما تحتويه من تنوع فكري ومجتمعي وحزبي وجغرافي، تمكنت على مدار العام الماضيين من بناء المساحات التشاركية الامنة والرؤى المشتركة فيما بينها، بحيث كانت توجهاتها وأهدافها واضحة ومحددة، اضافة الى وجودهم بشكل تطوعي كامل ايمانا منهم بضرورة المشاركة بعملية التغيير الايجابي المجتمعي الفلسطيني وبكافة المستويات.

بيد أن الأهم بالنسبة للشعيبي، دعوتها إلى ضرورة تفعيل دور الشباب ميدانيا، أو ما أطلقت عليه "مختبرا عمليا" يمكن هؤلاء الشباب من نقل مكتسباتهم المعرفية، وامتلاك الأدوات المؤثرة، ليستشعروا من خلال تجربتهم العملية قوتهم في التأثير ورفض الاملاءات والتمرد عليها، ومواجهة التحديات المجتمعية المختلفة، ونوهت بهذا الشأن إلى تجربة الشباب في مراحل النضال المحتلفة، حيث مثل الميدان مختبرا عمليا لهم في خوض النضال الانساني والمجتمعي بكافة أشكاله في تعبيرهم عن رفض الاحتلال، وإحداث التغيير المطلوب.

بينما يشير زيدات إلى أن مشروع تفعيل دور الشباب في مكافحة الفساد، ركز على تطوير فهم وادراك الفئة المستهدفة وزيادة وعيها بالفساد واشكاله وطرق التدخل الفعال لمكافحته، من خلال سلسلة ورش العمل التدريبية التي عقدت تحت قيادة مجموعة من المدربين من ذوي الكفاءة والمعرفة العالية، اضافة الى ورشة التخطيط الاستراتيجي بالمشاركة والتي اثمرت عن تطوير الاستراتيجية الشبابية الاولى من نوعها وطنيا لمكافحة الفساد.

وفي نظر أعضاء الشبكة، وكذلك "مفتاح"، وهيئة مكافحة الفساد، فإن الاعلان عن الاستراتيجية الشبابية لمكافحة الفساد في رام الله يوم الخميس الماضي الموافق السادس عشر من كانون الثاني الجاري يشكل حدثا نوعيا ومفصليا في جهود مكافحة الفساد، حيث سيسعى النشطاء الشباب أعضاء الشبكة إلى ترجمة ما صاغوه في استراتيجيتهم إلى واقع ملموس على الأرض، همهم الأول والأخير المساهمة إلى جانب مجموعات وائتلافات شبابية أخرى مكافحة ظاهرة الفساد والحد منها، يجمعهم هدف واحد، ولا تفرقهم انتماءاتهم واحتلافاتهم السياسية.

لهذا كان د. عزمي الشعيبي مفوض أمان لمكافحة الفساد، أكثر تعبيرا وهو يصف هذه المجموعة الشبابية في مداخلته أمام مؤتمر "اختتام مشروع تفعيل دور الشباب في مكافحة الفساد" الذي عقده برنامج تقوية القيادات الفلسطينية الشابة، وشبكة الشباب الفلسطيني الفاعل سياسيا ومجتمعيا في مفتاح.
في أول لقاء مع أعضاء الشبكة، - كما قال - توقف د. الشعيبي أمام مسماها ولماذا اختاروا لأنفسهم هذا المسمى الطويل.. لكن عندما التقاهم وقد طلبوا منه المساعدة في تمكين المجموعة لمحاربة الفساد، وبعد التعرف عليهم، أنه أمام مجموعة من الشباب الفاعلين المنحدرين من جذور سياسية ومجتمعية متنوعة، وهم بعد ذلك مشاركون في مشروع وطني. يضيف" وجدت في كل كلمة لمسمى الشبكة معنى يختزل الدور والواجبات والحقوق، وكذلك السعي إلى التغيير بحيث لن يضيع الفساد حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، وغيرها من حقوق أساسية".

بالنسبة للدكتور الشعيبي، فإن فكرة المشاركة في بلورة الاستراتيجية الوطنية من خلال رأي الشباب في شكل ومضمون الاستراتيجية مهمة جدا مستفيدين من التجربة الماضية، بحيث نبني على الانجازات، ونعالج الثغرات من خلال رؤية الشباب في الاستراتجية وتوجهاتها الرئيسية".

سؤال آخر توقف عنده مفوض أمان لمكافحة الفساد، ألا وهو: ما دور الشباب في الخطة الوطنية لمكافحة الفساد؟ عن ذلك يجيب بالقول" من حق هؤلاء الشباب المشاركة في صياغة الخطة الوطنية لمكافحة الفساد، وأن يشاركوا في مكافحته، والتقليل من مظاهره. يضيف" نواجه مشكلة كبيرة، وهو الافلات من العقاب، ومن حق الشباب القول "لا تسقط القضايا بالتقادم، ولا بد من أن التقاضي من أجل ردع وعقاب الفاسدين"، وللشباب في هذا دور كبير، ولا بد من تحديد الأولويات، وأن يفتح النقاش بشأنها لإحداث التغيير المطلوب، وتحديد الأولويات يجب أن يتم بين شبكة الشباب الفاعل سياسيا ومجتمعيا وسائر المجموعات الشبابية الأخرى، وذلك لأهمية العملية التشاركية بين الشباب وسائر الهيئات والمنظمات الفاعلة في هذا المجال.

وللسيد رفيق النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد رأي واضح وحاسم بالشباب وإيمان بدورهم في مكافحة الفساد، وهو دور طليعي وهام. حيث خاطب الشباب الذين حضروا المؤتمر وشاركوا في صياغة الاستراتيجية الشبابية لمكافحة الفساد باعتبارهم الأقدر على النهوض بالوعي المجتمعي في مكافحة الفساد، والمفسدين. وأضاف" نحن نعتبر الشباب اللبنة الأولى والأساسية في عملية البناء وصولا إلى مجتمع خال من الفساد.. وسلطة وطنية ديمقراطية، وفي هذا المقام نقدر عاليا الدور الكبير الذي تقوم به مؤسسة "مفتاح"، وكذلك الائتلاف من أجل المساءلة والشافية "أمان" في هذا الاتجاه، وهنا أؤكد أن الممارسة الحقيقية لدى كل منا يجب أن تتجسد فيما هو لنا وما هو علينا، وأن نكون صورة للإصلاح والصلاح في هذا المجتمع، لأن مجتمعنا أطهر من أن يكون مجموعة من الفاسدين، ولهذا نرى أننا في الهيئة، وكذلك في "مفتاح" و"أمان" نقف في خندق واحد أمام الفاسدين والمفسدين، وهو دور نفتخر بالقيام به".

وتتفق د. ليلي فيضي المدير التنفيذي للمبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح"، مع كل من د.عزمي الشعيبي مفوض أمان لمكافحة الفساد، والسيد رفيق النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد، بأهمية دور الشباب المجتمعي، وضرورة تعزيزه، ومساندته، للعمل على محاربة الفساد من خلال امتلاكهم للوعي والادوات اللازمة لذلك، وتمكين الشباب وسائر الفئات المجتمعية من اجل التصدي للفساد على المستويين الفردي والجماعي، مشيرة إلى أن نجاح برامج محاربة الفساد يعتمد بشكل رئيسي على قدرة هذه البرامج على بناء منظومة متكاملة لمناهضته على صعيد الفرد والمجتمع.

وتضيف د. ليلي:" ومن هنا جاء التوجه لاستهداف الشبكة التي شكلتها مفتاح قبل عامين، كخطوة الى الامام كونها فئة ممكنة مدربة واعية وتجمع في داخلها مزيجا من الانتماءات الحزبية والثقافات والتوجهات الفكرية والمجتمعية المتنوعة، ولكنها مجتمعة على رؤية وأهداف موحدة، وفي هذا الاطار، كانت توقعاتنا من خلال استهداف الشبكة في هذا المشروع المشترك في مكانها، واثبتوا لنا، ان ما استثمرناه بهم من تدريب وتمكين وبناء للقدرات على مدار عامين كاملين لم يذهب هباءً، وذلك من خلال تطويرهم للاستراتيجية الشبابية لمكافحة الفساد، والتي تعتبر الاولى من نوعها وطنياً، وتشكل ركيزة اساسية متكاملة لكافة الجهود الشبابية المناهضة للفساد بكافة اشكاله. والتي تتقاطع بدورها مع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.

في المؤتمر الختامي الذي نظمته "مفتاح" للإعلان عن استرااتجية شبكتها الشبابية لمكافحة الشباب، كان لأعضاء الشبكة أيضا كلمة ورأي لخصتها الناشطة الشبابية زينة رمضان في مداخلتها خلال المؤتمر. لم يفت زينة أن تتوجه ل"مفتاح" بالتحية والتقدير لما قدمته لأعضاء الشبكة من برامج تدريب وتمكين لأعضاء الشبكة على مدى شهور خلت، حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه من التعلم والوعي والتمكين في وسائل وأدوات مكافحة الفساد.

وتحدثت زينة أيضا عن برنامج عمل الشبكة خلال المستقبل المنظور، من خلال أنشطة وفعاليات ميدانية وحراك شبابي ما يتطلب تضافر جهود الجميع. كما لم تنس زينة أن تتوجه إلى إدارة "مفتاح" وإلى هيئة مكافحة الفساد ، ومؤسسة أمان بنداء مفاده" استثمروا فينا واعتمدوا علينا وابدءوا بالاعتماد علينا، تجدون مجتمعا شابا فتيا منتجا يضاهي الكثير من المجتمعات المتقدمة التي اولت الشباب اهتماما خاصا...."... نداء لخص ببلاغة كبيرة ما يطمح إليه الشباب، وما يسعون لبلوغه، وقد وضعوا أنفسهم أمام مسؤولية وطنية بامتياز وهي مكافحة الفساد ومحاربته.

وبدت همة الشباب العالية فيما عبرت عنه استراتيجيتهم الخاصة بمكافحة الفساد، وكان عرضا شيقا لهذه الاستراتيجية ما قام به الناشطان: نجوان أبو نجم، ومحمد أيوب النجار أمام من حضروا المؤتمر من جمهور المهتمين ومن إدارات أهم ثلاث مؤسسات تكافح الفساد، وتنشط في ميدان المساءلة والشفافية والنزاهة، وهي "مفتاح" وأمان" وهيئة مكافحة الفساد.

واستهل محمد – وهو طالب حقوق سنة ثالثة في جامعة بير زيت- عرضه للاستراتيجية بمعطيات عن نسب الشباب في المجتمع الفلسطيني والبالغة 41%، وما يمكن أن يقوم به هؤلاء من دور في مجتمعهم، لكن حجم هذه النسبة من الشباب لا تتناسب مع الدور المعطى لها حاليا والمأمول أن تقوم به.
أكد النجار أن "مفتاح" واحدة من أهم المؤسسات الفاعلة التي أولت الشباب مساحة مهمة من اهتمامها ورعايتها، عبر عديد من برامج التوعية والتدريب والتثقيف.

وهذا الرأي شاطرته فيه نجوان وهي طالبة جامعية، حيث استعرضت بداية التدريب الذي وفرته "مفتاح" لمجموعتين شبابيتين، أفضى تدريبهما إلى الخروج باستراتيجية شبابية لمكافحة الفساد.

وتتضمن الاستراتيجية - كما عرضتها نجوان والنجار، ووعدا بالعمل عليها كشبكة، وبالتعاون مع مجموعات شبابية مماثلة، وهيئات تعنى بالفساد ومكافحته – بنودا هامة تتلخص في أربع قضايا يمكن العمل عليها مستقبلا، وأهمها: تطوير منظومة قضائية مستجيبة للجهود الرامية لمكافحة الفساد، من خلال برنامج عمل تفصيلي يقوم على القيام ابحملات ضغط، وتوعية للجمهور، وتطوير بيئة تشريعية مساندة، وتنفيذ القوانين والاجراءات التي تساند مكافحة الفساد، والقيام بدراسات وأبحاث تناقش البيئة القانونية. بالإضافة إلى تطوير المهارات المعرفية والوعي المجتمعي المناهض للفساد، وتعزيز القيم المجتمعية النابذة للفساد، وخلق منظومة رقابية شبابية وصولا لتعددية حزبية في الحكومة، عبر قائمة طويلة من خطط العمل الميدانية، واعتمادا على عدد من مؤشرات القياس لكل قضية من القضايا الأربع آنفة الذكر.

ولا يخفي الناشطون أعضاء الشبكة حماستهم لتنفيذ ما وعدوا به في استراتيجيتهم الشبابية لمكافحة الفساد، وهم قادرون على تحقيقها، لأن عليها يتوقف مستقبلهم، فهم في المحصلة ينشدون مجتمعا خاليا من الفساد يمنحهم الفرصة مستقبلا لأن يحتل كل واحد منهم مكانه المناسب في الوظيفة والعمل والمكانة الاجتماعية، بعيد عن الواسطة والمحسوبية.

وبعض هؤلاء الشباب لا زالوا على مقاعد دراستهم الجامعية، وبعضهم تخرجوا حديثا.. ممتلئون بالحماسة، وجميعهم على درجة من الوعي بأدوارهم وأولوياتهم.. وهي فرصة وفرتها لها بالمقام الأول "مفتاح".. وشركاؤها : الائتلاف من أجل المساءلة والشفافية "أمان"، وهيئة مكافحة الفساد... وهم واثقون من النجاح.