وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

بعد مرور 47 عاما على استشهادهم- ما زالت قبورهم بلا شواهد

نشر بتاريخ: 29/01/2014 ( آخر تحديث: 29/01/2014 الساعة: 13:30 )
بيت لحم- معا - كانت البداية عندما توجه ثلاثة من الناشطين في مجال الاستكشاف خالد بركات، مخلص غرير ونزار العيسه إلى منطقة تقع بين بلدة بيت ساحور وقرية دار صلاح واللتين تقعان شرق بيت لحم، لقد توجهوا إلى هناك بعد سماعهم حكايا وقصص عن ثلاثة قبور لثلاثة من شهداء الجيش العربي الأردني الذين سقطوا في حرب العام 1967 نتيجة لهجمات وعمليات قصف مختلفة استهدفت تلك المنطقة ومناطق أخرى، ولكن أعضاء المجموعة فوجئوا بما شاهدوا. لقد كانت الأضرحة الثلاثة تشبه أي شيء إلا القبور.

فلم تكن سوى ثلاثة أشباه مستطيلات رسمتها حجارة مبعثرة تدحرج بعضها بعيداً فتشوهت حتى المستطيلات نتيجة لذلك. كذلك لم يحتو أي منها على شاهد، فهي جميعا بلا أسماء.
|263378|
في سعيهم إلى كشف حقيقة القبور ومن تحتويهم، بدأ أعضاء المجموعة عملية جمع شهادات موسعة شملت محيط القبور- قرية دار صلاح، العبيدية، قرية الخاص، قرية النعمان وبيت ساحور.

كانت الروايات مختلفة في كثير من التفاصيل وربما مرد ذلك إلى ما يقارب النصف قرن الذي أصبح يفصلنا عن لحظات استشهادهم. لكن كل الروايات على اختلافها أجمعت على أن القبور الثلاثة تحتضن رفات لثلاثة أبطال كانوا بعمر الورد لحظة ارتقاء أرواحهم الطاهرة إلى بارئها، لقد أكد الشهود أن جذور الشهداء تعود لمدن وقرى لم يتفقوا على أسمائها لكنهم أكدوا أنها تقع كلها شرقي النهر.

فقد روى يونس جدوع "أبو ناصر" من العبيدية وهو احد الشهود الذين عايشوا اللحظات الأخيرة لأحد الشهداء الثلاثة وما تلى ذلك. لقد روى أبو ناصر "كنا أربعة أشخاص نجلس في منزل يوسف الكويتي في منطقة رأس ألواد التي تشرف على منطقة رمات رحيل، ظهر فجأة أحد الجنود الأردنيين بسلاحه الشخصي قادماً صوبنا من مناطق الاشتباك. كان الرجل متعباً.
|263379|
سألناه إذا ما كان جائعاً فرد بالإيجاب" يصف الشاهد حالة الجندي الذي أنهكه القتال ثم يضيف "لم يكن قد تناول نصف ما قدم له من الطعام عندما مرت مركبة عسكرية للجيش العربي متجهة شرقاً . استأذن الجندي ولكن ليس قبل أن يخبرنا انه من الشوبك. صعد إليها وما أن بلغت بوابة دير ابن عبيد حتى تعرضت لغارة جوية " ثم يروي هذا الشاهد كيف توجهوا إلى موقع الغارة وكيف ووجدوا نفس الجندي الذي كان معهم قبل لحظات قد استشهد وأصبح جسده اشلاء.

شاهد آخر من قرية دار صلاح، علي أبو عمر، الذي لا يبعد منزله عن أضرحة الشهداء أكثر من 200متر قال:- "ما أن أصبحنا في اليوم الثاني او الثالث حتى كان الشيخ إسماعيل الجمل قد احضر جثامين لشهداء من الجيش العربي ودفنهم هناك (مكان القبور) وساعده أشخاص آخرون" لم يكن يونس وعلي الشاهدين الوحيدين، فالشهود كثر ويزدادون كل يوم. لكن لم يستطع احد حتى لحظة كتابه هذه السطور أن يقدم جواباً قطعياً للسؤال التالي : ما الذي يجب أن يكتب على شاهد كل قبر من قبور الشهداء الثلاثة؟؟
|263380|
قبل أن ينقضي الأسبوع الأول على اللقاء الأول بأضرحة الشهداء، كان أعضاء اللجنة قد وجهوا رسالة لسعادة السفير الأردني في رام الله خالد الشوابكة طالبين المساعدة في الكشف عن أسماء الشهداء الثلاث. كان الرد سريعا من خلال المخاطبات التي تمت بين مكتب التمثيل الأردني في رام الله ووزارة الخارجية الأردنية والقوات المسلحة.

وقد تم نشر خبر بتلك المخاطبات ورسالة اللجنة في صحيفة الدستور الأردنية. في رسالتهم أوضح أعضاء اللجنة أنهم معروفون لدى الناس كمجموعة استكشافية تهتم بتسليط الأضواء على كل ما هو تاريخي وجغرافي وبيئي في مختلف المناطق وأنهم يتواصلون مع وسائل الإعلام المختلفة لتحقيق أهدافهم تلك، وأكدوا "رغم أننا كأفراد ننتمي إلى مؤسسات مختلفة فمنا المدرس والموظف وحر العمل والعامل إلا أننا أمام قبور شهدائنا لم نكن سوا بشراً أقزاما ولن نكون إلا كذلك لأنهم حتى وهم تحت التراب يمثلون كبريائنا وكرامتنا الباقية، إنهم الأكرم منا جميعا".

والتقى أيضا أعضاء اللجنة بالوزير عبد الفتاح حمايل محافظ بيت لحم ونائبه محمد طه (أبو صهيب) وسلموه كتابا يتعلق بقبور الشهداء الثلاثة. من ناحيته أكد استعداد المحافظة لتقديم كل ما هو ممكن لتسهيل مهمة اللجنة.
|263381|
تجدر الإشارة إلى أن أعضاء من "لجنة صيانة قبور شهداء الجيش العربي الأردني في بيت لحم" قد التقوا ظهر يوم الثلاثاء 28-1-2014 في مكتب التمثيل الأردني في رام الله السفير الأردني لدى دولة فلسطين خالد عبد الله الشوابكة وبحضور نائبه محمد احمد الشبار. وقد مثل اللجنة كل من خالد بركات، مخلص غرير (أبو إبراهيم) ونزار العيسه.

وقد تم خلال اللقاء المطول التحدث في كثير من التفاصيل التي تتصل بقبور الشهداء الثلاثة والجهود المبذولة في سبيل الوصول إلى كل المعلومات التي تخص هؤلاء الشهداء وذلك تمهيدا لإقامة صرح يليق بهم كشهداء.

كما تم خلال اللقاء التأكيد على التعاون الوثيق والاتصال المستمر بين اللجنة والسفير وكذلك مع كل من قد يساعد في الوصول إلى أي معلومة تؤدي إلى معرفة أسماء الشهداء الثلاثة. وفي نهاية اللقاء تم الترتيب مع السفير لزيارة ميدانية لموقع الأضرحة الثلاثة خلال الأيام القليلة القادمة.